العملات المرتبطة بالدولار ستواجه أياما "عصيبة"

العملات المرتبطة بالدولار ستواجه أياما "عصيبة"
العملات المرتبطة بالدولار ستواجه أياما "عصيبة"

حذر اقتصاديون من أزمة وفقاعة جديدة يتوقع أن تعصف بالأسواق المالية العالمية تتمثل في مواجهة العملات المرتبطة بالدولار مأزقا صعبا جدا، خاصة في حال استمرار ارتباطها بالعملة الأمريكية التي يتوقع أن تسجل تراجعات كبيرة في المرحلة المقبلة.
وأكد الاقتصاديون خلال اللقاء الذي نظمته كلية الاقتصاد والإدارة بالتعاون مع مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي في جامعة الملك عبد العزيز انهيار الثقة بين المؤسسات المالية مع بعضها من جهة، وبينها وبين المستثمرين من جهة أخرى، موضحين أن نظام البنوك الاستثمارية في أمريكا اختفى تماماً وتحولت هذه البنوك إلى مؤسسات عادية تستقبل الودائع فقط.
وألمح الاقتصاديون إلى أن أثر الأزمة في الصناعة الإسلامية يأتي في سياق تأثر سائر الاقتصاد، وهو بقدر الاسترسال في المديونية، ومحاكاة الأدوات التقليدية في بعض البنوك الإسلامية، مشيرين إلى أن هناك فرصة ذهبية لإنشاء مؤسسات إسلامية للسلع ورأس المال يمكن أن تكسب ثقة الجمهور حول العالم.
وكشف خبراء اقتصاديون أن أمريكا تحولت إلى أكبر منتج للديون في القرن الـ 21، بعد أن كانت أكبر منتج للسلع، مشيرين إلى أن الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة الأزمة لا تعدو كونها تهتم بالمظهر متجاهلة الجوهر، كما يكتنف إدارتها كثير من الغموض ولها مضاعفات وأخطاء أهمها زيادة الديون، إلى تفاصيل اللقاء الذي أقيم أخيرا في جامعة الملك عبد العزيز في جدة:
أوضح عمار شطا الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب في شركة الخبير للاستثمارات المالية أن النظام الرأسمالي مبني على الموجات التصحيحية، عكس النظام الإسلامي الذي يقوم على الملكية الواضحة، ولذلك كانت الفقاعات تأتي لتصحيح أوضاع النظام المتراكمة. وتابع شطا "حدث أول انهيار للأسواق عام 1929م، والفرق بين الأمس واليوم في التعامل مع الأزمة أن وزير الخزانة الأمريكي في ذلك الوقت رفض أي تدخل للحكومة في إنقاذ السوق وتركه ليصحح نفسه بنفسه، ولهذا كانت هناك مجاعة وفقر وانتكاسات حدثت في ذلك الحين، أما اليوم كما نرى هناك توجه وتدخل قوي من قبل الحكومات لإنقاذ أسواقها".
وأكد شطا أن المؤسسات المالية في المنطقة ما زالت تعاني إشكالية عدم الإفصاح عن استثماراتها وماهيتها، لافتاً إلى أن بناء المدن الاقتصادية مسألة تحتاج إلى إعادة نظر في الوقت الراهن، فبدلاً من بنائها في ثلاث سنوات يمكن أن نقوم ببنائها في 15 سنة حتى نمتص الأزمة، إضافة إلى أن القطاع الخاص في الخليج يبني مشاريع عقارية حالياً بما يقارب 300 مليار دولار وهو رقم ضخم لا يمكن أن يصمد أمام الكارثة الاقتصادية.
بدوره تطرق الدكتور سامي بن إبراهيم السويلم الخبير الاقتصادي في البنك الإسلامي للتنمية إلى معالم الأزمة حيث أشار إلى أنها الأسوأ خلال 100 سنة، خسرت فيها أسواق رأس المال أكثر من 20 تريليون دولار منذ مطلع العام، كما فقدت المؤسسات المالية نحو ثلاثة تريليونات دولار منذ بداية الأزمة، وأدت إلى إفلاس كثير من مؤسسات القطاع الحقيقي.
وبالأرقام يفند السويلم معدلات النمو السنوية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1976 إلى 2007م حيث بلغ معدل الدين 36 في المائة، فيما الناتج المحلي 20 في المائة، والكتلة النقدية 17 في المائة، ويضيف الدكتور سامي "إذا ما حسبنا نسبة الدين إلى الناتج المحلي نجدها قد ارتفعت من 1.2 إلى 2.2 في المائة، ونسبة الدين إلى الكتلة النقدية ارتفعت من 2.2 إلى 4.2 في المائة".
وأكد السويلم أن المشتقات تشبه إلى حد كبير (أكبر كازينو في العالم) حسب وصف الأمريكيين أنفسهم لها، وتشترك هذه المشتقات مع الكازينو في غياب القيمة المضافة، لكن المشتقات أسوأ من خلال غياب التنظيم وترابط اللاعبين فيها، إضافة إلى استخدام أموال الآخرين في نشاطها، وهو ما تنتج عنه خسائر مضاعفة على الاقتصاد بشكل عام.
وأشار السويلم إلى أن التمويل الإسلامي يربط نمو المديونية بنمو الثروة، ويمنع المبادلات الصفرية، وهو ما يحول دون نشوء الهرم المقلوب، كما أن التمويل الإسلامي يتمتع بأثر اقتصادي أخلاقي يتمثل في (إنظار المعسر).
#2#
أما الدكتور خالد البسام الأستاذ المشارك في قسم الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في جدة والمستشار الاقتصادي في غرفة جدة فقد أوضح أن أهم تداعيات الأزمة المالية على الاقتصاد العالمي تتركز في تراجع التوقعات بشأن النمو الاقتصاد العالمي في العام الجاري 2008 ليصل إلى 1.5 في المائة وهو نمو مساو لنظيره في العام الماضي 2007، ولن يكون هناك نمو فعلي في 2008، ويضيف البسام "كما تعرض عديد من البنوك حول العالم خصوصاً في آسيا وأوروبا لخسائر بسبب الأزمة، وهو الأمر الذي أدى إلى انتشار مخاوف من الإقراض، وتراجع معدلات تقديم الائتمان حول العالم".
وأكد البسام أن الصين ليست بمنأى عن تأثير الأزمة العالمية، وذلك لأن الصين تصدر نحو 12 في المائة من صادراتها إلى الولايات المتحدة. وعن تأثير الأزمة في القطاع المصرفي السعودي، أعاد الدكتور خالد التأكيد على أن القطاع البنكي السعودي يتمتع بدرجة عالية من السيولة وهو ما تؤكده معايير السيولة للبنوك السعودية، الأمر الذي يجعلها من بين أكثر البنوك في العالم تمتعاً بمستوى عال من السيولة، وما يؤكد ذلك نمو القروض الممنوحة للقطاع الخاص بشكل مطرد، إضافة إلى تنامي موجودات البنوك السعودية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي.
وتابع البسام "الأمر الآخر الذي يؤكد عدم وجود تأثير مباشر في القطاع المصرفي السعودي هو أن نسبة الموجودات الأجنبية إلى إجمالي الموجودات للبنوك السعودية مجتمعة بلغت ما يقارب 12 في المائة في تموز (يوليو) 2008، كما أن نسبة استثمارات البنوك السعودية في الخارج إلى إجمالي موجوداتها المحلية بلغت 6 في المائة في تموز (يوليو) 2008، وهو ما يؤكد أن معظم الأنشطة المالية والاستثمارية للبنوك السعودية توجه إلى داخل المملكة لمواكبة النمو المتسارع للأنشطة الاقتصادية في الاقتصاد السعودي منذ بداية العقد الحالي".
ويواصل الدكتور خالد البسام "كذلك سيؤدي الركود الاقتصاد حتماً في سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى أو على الأقل بقاؤه عند مستويات متدنية لمدة طويلة، إلى أن ينعكس سلباً على سعر صرف الريال تجاه العملات الرئيسية (الذين يمثلون الشركاء التجاريين للمملكة) الأمر الذي يساهم في استمرار الضغوط التضخمية في الاقتصاد السعودي".
ولفت البسام إلى أن من التأثيرات غير المباشرة للأزمة في الاقتصاد السعودي أيضاً تراجع الصادرات السعودية (البترولية وغير البترولية) وانخفاض تدفق الاستثمارات الأجنبية للمملكة.
في غضون ذلك، كشف الدكتور أحمد بلوافي الباحث في مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي أن أمريكا تحولت إلى أكبر منتج للديون في مطلع القرن الـ 21 بعد أن كانت أكبر منتج للسلع، مشيراً إلى أن الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة الأزمة لا تعدو كونها تهتم بالمظهر متجاهلة الجوهر، كما يكتنف إدارتها الكثير من الغموض ولها مضاعفات وأخطاء أهمها زيادة الديون.
وفي ذات السياق، قال الدكتور بندر الحجار نائب رئيس مجلس الشورى إن المجلس ناقش الأزمة المالية العالمية، وتم تكوين لجنة خاصة لمتابعتها وإجراء الدراسات المتعلقة بآثارها، مثمناً في الوقت نفسه دور جامعة الملك عبد العزيز لعقد مثل هذه اللقاءات العلمية، متمنياً أن تستمر في هذا الدور المحوري.

المشاركون في الندوة
عمار شطا: الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب في شركة الخبير للاستثمارات المالية.
د. سامي بن إبراهيم السويلم: الخبير الاقتصادي في البنك الإسلامي للتنمية.
د. خالد البسام: الأستاذ المشارك في قسم الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز.
د. أحمد مهدي بلوافي: الباحث في مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي.

الأكثر قراءة