النفط يلامس مستويات الخطر ويقترب من 30 دولارا
سارت أسعار النفط في الأسواق العالمية في مسار هابط منذ تموز (يوليو) الماضي عندما بلغت مستوى تاريخيا لبيع برميل النفط الواحد بـ147 دولارا، حتى بلغت وفق تعاملات أمس دون مستوى 35 دولارا للبرميل وهي مستويات عام 2004، خاسر بذلك (سعر البرميل) 110 دولارات من قيمته، ومقتربا أيضا من مناطق الخطر للمنتجين في منظمة "أوبك" أو حتى من خارجها.
من جهته، أكد المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية أمس، أن السعودية ستواصل الاستثمار في مشاريع المنبع والمصب في قطاع الطاقة، وذلك رغم الأزمة الاقتصادية العالمية. وجدد النعيمي التأكيد أن السعودية ستمضي قدما في الاستثمار في مشاريع الطاقة لرفع إنتاجها إلى 12.5 مليون برميل يوميا بحلول العام المقبل غير متأثرين بالأوضاع الاقتصادية. وقال الوزير إن "هذه المشاريع تنطلق من الوفاء بالتزامنا بضمان إمدادات مستمرة للطاقة في العالم".
وذكر وزير البترول أن التراجع الحاد في أسعار النفط يلحق "دمارا" بخطط الاستثمار في الدول المنتجة للخام، مشيرا إلى أن تراجع الأسعار يعني تراجع الاستثمار في إنتاج النفط وتراجع المعروض في المستقبل.
وقال النعيمي إن كل مصادر الطاقة ذات الجدوى الاقتصادية بما في ذلك المصادر المتجددة لها دورها في تلبية الحاجات العالمية. كما أن المملكة تستثمر في الطاقة المتجددة لكن ثمة حاجة إلى الواقعية بشأن الدور المحتمل لمصادر الطاقة هذه في المزيج العالمي.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
سارت أسعار النفط في الأسواق العالمية في مسار هابط منذ تموز (يوليو) الماضي عندما بلغت مستوى تاريخيا لبيع برميل النفط الواحد بـ147 دولار، حتى بلغت وفق تعاملات أمس دون مستوى 35 دولارا للبرميل وهي مستويات عام 2004، خاسر بذلك سعر البرميل 110 دولارات من قيمته، ومقتربة أيضا من مناطق الخطر للمنتجين في منظمة "أوبك" أو حتى من خارجها.
ووفق اقتصاديين متخصصين في النفط فإن استمرار تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية رغم إجراءات تخفيض الإنتاج التاريخية التي اتخذها أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، خلال الأيام الأخيرة للموازنة بين العرض والطلب في السوق، يؤكد أن الطلب العالمي على النفط يتعرض لأسوأ مأزق مع غلبة تباطؤ الاقتصاد العالمي.
وتراجع سعر الخام الأمريكي الخفيف تسليم كانون الثاني (يناير كانون) 51 سنتا إلى 35.71 دولار للبرميل، وكان قد لامس في وقت سابق من المعاملات 35.62 دولار وهو أدنى مستوى منذ حزيران (يونيو) 2004، فيما هبط مزيج برنت في لندن 59 سنتا مسجلا 43.95 دولار، كما أن المؤشرات توحي بأن الأسعار تتجه صوب ثاني أكبر تراجع أسبوعي لها منذ عام2003.
إلى ذلك قال أمس لـ"رويترز" جوناثان كورنافل مدير شؤون آسيا لدى هودسون كابيتال انرجي " إلى أن يرى المتعاملون انحسارا مستداما في معدل انكسار الطلب ستجد السوق صعوبة في العثور على حد أدنى".
"من زاوية المصداقية .. لا خيار أمام "أوبك" سوى تحمل الألم بجلد في الشهور القليلة المقبلة".
ويواصل النفط تراجعه رغم تعهدات منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" هذا الأسبوع حجب 2.2 مليون برميل يوميا من معروضها وهو أكبر خفض تجريه المنظمة على الإطلاق.
وشملت الخسائر أسواق رئيسية أخرى في معاملات أمس، ويبدو الدولار بصدد أكبر تراجع أسبوعي له منذ 1985 وهبطت أسواق الأسهم العالمية لمخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي.
وهنا يؤكد لـ" الاقتصادية" الدكتور راشد أبانمي، خبير في شؤون النفط، أن أسعار النفط في هبوط، متوقعا أن تصل قبل نهاية العام الجاري إلى ما دون 30 دولارا للبرميل.
وأضاف" الكساد العالمي يضغط بقوة على الطلب على النفط ويزيد من تأثيره انتقال الأزمة العالمية إلى الاقتصادات الكلية ما يتراجع بالطلب أكثر فأكثر وبصورة متواترة، من هنا تكون قدرة "أوبك" أو حتى حلفائها من خارج "أوبك" مثل روسيا وأذربيجان، أضعف في السيطرة على الأسعار".
ويدعو الدكتور أبانمي الدول المصدرة للنفط للتكيف مع الأسعار الظرفية لبرميل النفط، مشيرا إلى أن الخفض مطلوب ولكن استهداف سعر معين خطأ على الجميع تجنبه في هذه المرحلة الدقيقة من عمر الاقتصاد العالمي.
وزاد" أن السعر العادل الذي تستهدفه السعودية ودول "أوبك" وفق تصريحات بعض المسئولين وهو عند مستوى 75 دولار يقصد به المحافظة على مشاريع الاستثمار في هذا القطاع، ولكن من الجيد عدم التمسك به في هذا الظرف الاستثنائي".
وأوضح خبير النفط السعودي أنه على العالم أن يتذكر أننا نمر بأسوأ أزمة اقتصادية في القرن الجديد، وأضاف" هناك من الخبراء من يعتقد أن يصل الكساد إلى القاع في عام 2009 وأن يبلغ سعر البرميل 20 دولارا، ذلك ليس في مصلحة المنتجين أو المستهلكين استهداف سعر معين، بل على الجميع حفز النمو رفع الطلب للموازنة بينه وبين العرض".
وحول تأثير أسعار النفط في ميزانيات دول الخليج أشار أبانمي إلى أن التأثير سيكون محدودا لأسباب مختلفة هو أن الأسعار الراهنة غير طبيعية وفي ظرف خاص يمكن أن تعاود نشاطها على المدى المتوسط، كما أن لدى دول الخليج فوائض واحتياطيات تمكنها من موازنة سعر النفط في ميزانيتها وفق المستويات التي ترغبها.
وتابع" من غير المنطقي أيضا ربط ميزانيات دول الخليج بسعر محدد للنفط لأن الأسعار مرهونة بحركة السوق والتي هي اليوم في ظروف غير طبيعية، ولكن يمكن تحديد مدى معين، ومن هنا يجب على دول الخليج الاستمرار في الإنفاق وهو ما أكده بعض قادتها ومنها المملكة من أنها ستواصل الإنفاق لحفز النمو".
من ناحيته، طرح الدكتور عبد العزيز الغدير، اقتصادي سعودي، سببا مرجحا لاستمرار تراجع أسعار النفط، وهو تخلي المضاربين عنه كسلعة مضاربية في أسواق السلع، بفعل تنامي النظرة التشاؤمية حيال مستقبل الطلب عليه على الأقل خلال العام المقبل في ظل تنامي الأنباء عن بقاء الاقتصاد العالمي في مرحلة ركود شديد أو كساد خلال عام 2009.
وأضاف الغدير" أسعار النفط تنخفض اليوم لسببين الأول هو ما يعانيه الاقتصاد العالمي من ركود ضرب كل مفاصله، والثاني نظرة تشاؤمية من قبل المضاربين والذي توقع بعضهم أن يبلغ مستوى 20 دولارا قبل أن يعود للاستقرار".
وتابع الدكتور الغدير أن هناك سببا آخر لا يقل أهمية ويمكن أن يضاعف من جراح أسعار النفط وهو تدهور سعر الدولار أمام بقية العملات، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يعود بمشكلة التضخم للبروز.
وفيما يتعلق بقدرة "أوبك" في السيطرة على المشكلة بين الغدير أن "أوبك" لم تكن تستطع وقف ارتفاع الأسعار عندما بلغت مستويات قياسية لأن المشكلة كانت في المضاربين، وليس حجم الإنتاج وحتى وهي ترفع من مستوياته، واليوم هي لن تستطيع وقف التدهور في الأسعار لأن السبب هم المضاربون أيضا ولكن بمساعدة سبب آخر هو كساد الاقتصاد العالمي.
وأضاف" "أوبك" كانت تسعى إلى الخفض الأخير للمحافظة على الأسعار الراهنة وليس رفعها".
وبين الدكتور الغدير أن حجم تأثير تراجع الأسعار والتي وصلت إلى مستويات خطرة بالنسبة للدول المنتجة ومنها الخليجية، لن يكون ملحوظا على الأقل خلال العام المقبل، بفعل اعتمادها على احتياطيات ضخمة.
وقال" دول الخليج والسعودية تعلم أن أسعار النفط تسير في دورات هبوط وصعود، لذلك فالخليجيون يعملون بالمثل القائل" 7 سنين سمان وسبع سنين عجاف"، وأتوقع أن تستمر السعودية ودول الخليج في الإنفاق الاستثماري خلال السنين العجاف معتمدة على ما جنته في السنين السمان، خصوصا أن المؤكد أن عنصر الندرة لسلعة النفط سيعود به قريبا إلى مستوياته القياسية عند 100 دولار فما فوق".