موسكو توقف تسليم الغاز إلى أوكرانيا وتطمئن أوروبا

موسكو توقف تسليم الغاز إلى أوكرانيا وتطمئن أوروبا
موسكو توقف تسليم الغاز إلى أوكرانيا وتطمئن أوروبا

أعلنت روسيا أمس وقف تسليم الغاز إلى أوكرانيا بعد إخفاق المفاوضات الأربعاء الماضي بين شركتي الغاز في البلدين. لكن الجانبين طمأنا أوروبا إلى عدم تأثرها بهذا الأمر بحيث لا يتكرر السيناريو الذي حصل عام 2006.
وأوضح متحدث باسم شركة جازبروم المحتكرة لتصدير الغاز الروسي، أن الشركة أوقفت إمدادات الغاز بنسبة 100 في المائة أو 110 ملايين متر مكعب يوميا لأوكرانيا بعد فشل محادثات هدفت إلى التوصل لصفقة جديدة لعام 2009. لكن ممثل الشركة الروسية أكد استمرار تزويد الاتحاد الأوروبي بالغاز، علما أن 80 في المائة من هذه الكميات تعبر أوكرانيا. وقال "العبور إلى أوروبا يتواصل بمعدل 300 مليون متر مكعب يوميا".
ولاحقا، دعت "غازبروم" إلى مواصلة المفاوضات حول ملف الغاز مع أوكرانيا بعدما أدى إخفاقها الأربعاء الماضي إلى وقف إمداد هذا البلد بالغاز الروسي.
وقال سيرجي كوبرييانوف :"ليس هناك عقد ملزم الآن لتوصيل الغاز إلى أوكرانيا". كما أكد أن بلاده ملتزمة بتوصيل 326 مليون متر مكعب إلى عملائها الأوروبيين. وعلى الرغم من أن الأرقام التي أشار إليها كوبرييانوف تمثل زيادة عن الإمدادات المخصصة لأوروبا، إلا أنه لم يربط بينها وبين الوضع مع أوكرانيا.
ومن جانبه أكدت شركة "نافتوجاز" محتكرة الغاز في أوكرانيا، أنها ترصد تراجعا شديدا في ضغط الغاز في الأنابيب . وأوضح متحدث باسم الشركة أنها ستستخدم ما لديها من مخزون لتعويض الفارق. ويرى الخبراء أن أوكرانيا لديها من الغاز ما يكفي لفصل الشتاء، إلا أن "جازبروم" اتهمت نظيرتها الأوكرانية بـ "الابتزاز"، حيث قالت إنها هددتها خلال المحادثات باستقطاع كميات من الغاز المتجه إلى أوروبا.
وعرضت روسيا أمس الأول بيع الغاز بسعر 250 دولارا لكل ألف متر مكعب، وهذه زيادة كبيرة على السعر الحالي البالغ 179 دولارا، لكنه أقل كثيرا عن الأسعار الحالية في أوروبا التي تراوح بين 300 إلى 350 دولارا. وأبدت أوكرانيا أمس استعدادها لشراء الغاز بسعر 201 دولار لكل ألف متر مكعب.
#2#
وتستورد أوروبا نحو ربع احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا.
وكانت أوكرانيا قامت إبان قيام روسيا بقطع الغاز الطبيعي عنها في عام 2006، بسحب بعض الغاز الروسي المتجه إلى أوروبا، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار في عدد من الدول الأوروبية. وألحقت الفضيحة ضررا شديدا بصورة "جازبروم" بصفتها موردا للغاز يعتمد عليه، وأوكرانيا باعتبارها معبرا يعتمد عليه. ومنذ وقوع الحادث، تركز انتباه الاتحاد الأوروبي على إيجاد مصادر بديلة لإمدادات الغاز وطرق بديلة لنقله لتقليل اعتماد الاتحاد الأوروبي على أي من الطرفين.
وكانت شركة نفطوغاز الأوكرانية للطاقة قد أعلنت في وقت أمس لوكالة فرانس برس أنه تم تقليص عمليات تسليم الغاز إلى أوكرانيا مع تأكيدها استمرار عبور هذه المادة إلى أوروبا عبر أراضيها.
وقال فالنيتن زمليانسكي المتحدث باسم "نفطوغاز": أؤكد أن الضخ في شبكات نقل الغاز تراجع. وأضاف "نحترم التزاماتنا فيما يتصل بعبور الغاز إلى أوروبا. لم يحصل أي اقتطاع".
ويشكل الغاز الروسي ربع الغاز الذي يستهلكه الاتحاد الأوروبي ويمثل 40 في المائة من الواردات الأوروبية. لكن أوكرانيا ودول الاتحاد الأوروبي قالت إنها خزنت احتياطا كافيا للشتاء، ما يقلل من تأثير أي انقطاع فوري.
وكانت روسيا حذرت من وقف تسليم الغاز إذا لم تسدد كييف كامل ديونها الغازية في 31 كانون الأول (ديسمبر) تمهيدا لتوقيع عقد جديد للعام 2009.
وطالبت "غازبروم" بدفع أكثر من ملياري دولار من المبالغ المتأخرة قبل توقيع هذا العقد الجديد بالأحرف الأولى.
وأكد كوبرييانوف أن مجموعته تدعو إلى "مواصلة المفاوضات". وكانت أوكرانيا أعلنت قبل دقائق من منتصف ليل الأربعاء - الخميس أنها سلمت السفارة الروسية في كييف رسالة تدعو موسكو إلى "استئناف فوري" للمفاوضات، على أن يشارك فيها هذه المرة ممثلون للمفوضية الأوروبية.
وبحسب المجموعة الروسية، فإن متأخرات "نفطوغاز" تبلغ 805.8 ملايين دولار عن شحنات الغاز في تشرين الثاني (نوفمبر) و862.3 مليونا عن شحنات كانون الأول (ديسمبر) و450 مليونا غرامات تأخير.
لكن "نفطوغاز" قالت الأربعاء الماضي إنها لن تدفع أي مبلغ لـ"غازبروم" خلال 2008، معتبرة أن المليار ونصف المليار دولار التي سددتها الثلاثاء كافية، وهي تنتظر "تحكيما" حول قيمة الغرامات. ويشكل سعر الغاز الذي تطالب به روسيا للعام 2009 موضوع خلاف آخر بين موسكو وكييف.
وكان رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن أن "غازبروم" اقترحت تعرفة جديدة تبلغ 250 دولارا لكل ألف متر مكعب من الغاز في مقابل 197.5 دولار خلال 2008. لكن أوكرانيا رفضت هذا العرض رغم أنه أدنى من سعر السوق، مشترطة لزيادة السعر رفع تعرفة عبور الغاز الروسي لأراضيها.
وقال ممثل الرئاسة الأوكرانية لشؤون سلامة الطاقة بودغان سوكولوفسكي إن "اقتراح الجانب الروسي غير مقبول. من الواضح أن هذا السعر مبالغ فيه إذا بقيت تعرفة" العبور على حالها. وتؤكد أوكرانيا أنها تواجه صعوبات في تسديد متوجباتها المالية بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية التي أدت خصوصا إلى تدهور قيمة عملتها وتراجع صادراتها في شكل كبير. وتضفي روسيا طابعا تجاريا على مشكلة الغاز مع أوكرانيا، رغم أن علاقاتها السياسية مع كييف تشهد توترا منذ الثورة الموالية للغرب التي شهدتها جارتها مع نهاية 2004.

الأكثر قراءة