ارتفاع أسعار الحديد.. من صنع التجار أم المصانع؟
مما لا شك فيه أن هذا العام يعد من أغرب الأعوام التي مرت على البشرية خلال هذا القرن، حيث تميز النصف الأول منه بثورة اقتصادية نادرة اتسمت بسرعة ارتفاع الأسعار لجميع المواد الأساسية وبشكل كبير جداً، حيث أصبح من المحال على كثير من البشر العيش في ضل هذه الأسعار. ولكن ما لبث أن انقلبت الأمور رأساً على عقب في النصف الثاني من العام إلى كساد كبير وبشكل مفاجأ لم يكن يتوقعها أكبر الخبراء بل وأكبر المنظمات الاقتصادية في العالم حيث انخفضت الأسعار للمواد الأساسية وكثير من الخدمات بأكثر من 70 في المائة. نعم هيمن كساد عظيم، حيث انخفضت قيمة كثير من الشركات في حدود 80 في المائة وتحولت التجارة العظيمة بين الدول إلى انعدام التجارة حتى أن تكاليف الشحن البحري لبعض المنتجات انخفضت بمقدار 98.8 في المائة. وانعكست الثقة الكبيرة في الاستثمار إلى تخوف واضح وأحجمت البنوك عن تمويل المشاريع بل انعدمت الثقة بين البنوك نفسها. كل هذه التحولات حصلت خلال ثلاثة أشهر فقط وما زلنا نشهد مزيدا من المفاجآت غير السارة المسبوقة ولا نعلم هل سنرى النور قريباً أم لا؟
ومن أهم السلع التي أشغلتنا في بلدنا الحبيب كان سعر الحديد حيث ارتفع سعر طن الحديد من 2400 ريال في بداية عام 2008 إلى ستة آلاف ريال للطن وخلال ستة أشهر فقط. وكشخص مطلع على أسواق الحديد المحلية والعالمية، عليه أرغب هنا بسرد ماذا حدث في النصف الأول والنصف الثاني من العام 2008 وأحاول التقدير لما سيحصل في بداية عام 2009.
ماذا حدث خلال النصف الأول من عام 2008؟
ابتدأ العام بسعر حديد التسليح في حدود 2400 ريال للطن وكان هذا السعر الرسمي لشركة سابك. ولكن وبسبب الطفرة الاقتصادية المحلية والعالمية ارتفع الطلب على الحديد محلياً وعالمياً. ومن الطبيعي أن ترتفع الأسعار نتيجة هذا الطلب ولكن مما زاد الطين بلة أن تكاليف المواد الخام المستخدمة في صناعة الحديد ارتفعت بشكل كبير (80 في المائة لتراب الحديد 300 في المائة لخردة الحديد)، وكذلك ارتفعت تكلفة عملية التصنيع، حيث تشكل الطاقة 30 في المائة من التكاليف والتي تضاعفت تقريباً. كما ارتفعت أسعار الشحن بما لا يقل عن 250 في المائة. كل هذه العوامل أدت لارتفاع أسعار الحديد بشكل غير مسبوق على الإطلاق. وكلما ارتفعت التكاليف ارتفعت الأسعار ومع تقبل السوق لهذه الأسعار (نتيجة الطفرة الاقتصادية العالمية) ترتفع التكاليف وترتفع الأسعار مرة أخرى إلى أن وصلت إلى مستويات جنونية جعلت كثير من المشاريع حول العالم غير مجدية ومن ثم تم تأجيلها أو إلغاؤها.
محلياً، اعتقد كثير من المستهلكين أن السبب وراء ارتفاع أسعار الحديد هو جشع المصانع المحلية والتجار. والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لم تعمل المصانع والتجار على رفع الأسعار في الأعوام الماضية ؟ لماذا ظهر هذا الجشع فجأة؟ ولماذا أصبح لديهم القدرة على رفع الأسعار بشكل جنوني هذا العام فقط؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة تكمن في أن جميعها مخالف للحقيقة. إن سبب ارتفاع الأسعار محليا وعالمياً هو: 1) الارتفاع الكبير في الطلب محلياً وعالمياً. 2) ارتفاع تكاليف المواد المستخدمة في صناعة الحديد وكذلك عملية التصنيع والشحن.
أما القول إن المصانع المحلية والتجار هم السبب في رفع الأسعار، فإن هذا الادعاء غير منطقي مع وجود بعض الملاحظات التي أسهم فيها بعض التجار برفع الأسعار وكذلك تأخر وزارة التجارة بوضع الآلية الكفيلة بالحد من ارتفاع الأسعار. فعندما بدأت الأسعار في الارتفاع، عمد بعض التجار لتخزين الحديد لديهم لأطول فترة أملاً في الحصول على أكبر قدر من الأرباح مما أسهم في رفع الأسعار. ولم يكن هذا التصرف من تجارنا فقط بل هذا ما عمد إليه تجار كثير من الدول حتى أن بعض الدول مثل الصين قد حدت من إجمالي مبالغ الإقراض لدى البنوك مما اضطر كثيرا من التجار لبيع مخزونهم من الحديد طلباً للسيولة وذلك بسبب عدم مقدرة البنوك عن إقراضهم مزيدا من الأموال مما أسهم في ثبات الأسعار ولو بشكل محدود.
والحقيقة أنه لم يكن للمصانع المحلية أي دور في رفع الأسعار، حيث إنه من المعروف أن الباب مفتوح لاستيراد الحديد لكائن من كان ودون رسوم جمركية وذلك منذ العام الماضي. بل الحقيقة أن شركة سابك ضحت بمئات الملايين من الريالات دعماً للسوق المحلية والعمل على الحد من ارتفاع الأسعار وهذه حقيقة يمكن إثباتها بالنظر إلى أسعار البيع الرسمية لشركة سابك في حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) كانت بسعر 4950 ريال للطن تقريباً، بينما كانت الأسعار في الدول المجاورة في حدود 5900 ريال. ويمكن الرجوع للمصادر المتخصصة للتحقق من هذه الحقيقة. نعم لقد ضحت شركة سابك مشكورة بمبلغ 800 ريال للطن، وحيث إن إجمالي إنتاج "سابك" شهرياً يقدر بـ 300 ألف طن فإن إجمالي ما ضحت به سابك لا يقل عن 240 مليون ريال شهرياً، دعماً للمواطن.
ولكن ما حصل أن تضحية شركة سابك كان لها انعكاسات سلبية، حيث إن سعر الطن كان أقل من مثيله في الدول المجاورة مما شجع بعض تجار الحديد، والمقاولين والأفراد على تصدير ما لديهم من حديد وبيعه في الأسواق المجاورة طمعاً في الأرباح المرتفعة. والنتيجة ليس فقط زيادة في أسعار الحديد، بل حتى عدم المقدرة على الحصول عليه حتى بأسعار مرتفعة مما خلق سوقا سوداء للحديد محلياً.
بدأ العمل على ثبات السوق في الشهر الخامس مع بدء وزارة التجارة بـ: 1) منع تصدير الحديد. 2) عمل زيارات ميدانية للمحال التجارية ومنع تكديس الحديد. 3) الإعلان عن الأسعار الرسمية للبيع ومراقبة تطبيقها لدى التجار. وكان لهذه العوامل الثلاث الأثر في ثبات السوق، وتعد بداية لحل أزمة شح الحديد في السوق المحلية التي أخذت في تقديره نحو ثلاثة أشهر إلى أن أصبح الحديد متوفراً في جميع مناطق المملكة.
ولكن هذه الإجراءات لم تحد من مشكلة ارتفاع الأسعار، حيث وكما ذكرنا سابقاً أن السبب الأساسي في ارتفاع الأسعار هو ارتفاع الأسعار العالمية، وعليه فقد ارتفعت الأسعار المحلية في حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) تماشياً مع الأسعار العالمية التي أكملت مسيرة الارتفاع حتى منتصف تموز (يوليو).
ماذا حدث خلال النصف الثاني من عام 2008؟
بداية انهيار الأسعار
بعد عزوف كثير من المستهلكين محلياً وعالمياً عن شراء الحديد نتيجة ارتفاع أسعارها ومع دخول فترة الصيف، بدأت الأسعار العالمية للحديد بالتذبذب في منتصف تموز (يوليو). ومع بداية آب (أغسطس) بدأت بالانخفاض الطفيف الذي زاد من حدته في أيلول (سبتمبر). ولكن بدأت الأسعار في التهاوي بشكل كبير جداً في تشرين الأول (أكتوبر) مع تكدس المخازن لدى التجار والمصانع بل وحتى الموانئ بالحديد. ومما زاد من حدة نزول الأسعار ظهور مشكلة الرهن العقاري وانتشار تأثيرها في المراكز المالية في جميع أنحاء العالم التي أحجمت عن إعطاء المزيد من القروض لمصانع الحديد، بل شددت على المصانع بسرعة تسديد ما عليها من التزامات مالية. وأمام الانخفاض الشديد في مبيعات الحديد من جهة ومطالبة البنوك للمصانع بضرورة تسديد ما عليها من مستحقات اضطر كثير من مصانع الحديد وكثير من التجار إلى بيع ما لديهم من مخزون مكدس وبأي سعر كان. أي أن سعر بيع الحديد لم يعد حسب الطلب أو التكلفة بل مدى حاجة المصنع/ التاجر للسيولة مما جعل سعر البيع غير منطقي تماماً ولا يمكن لأي فرد التنبؤ به.
نعم، انخفضت أسعار الحديد في تشرين الأول (أكتوبر) لدرجة أننا سمعنا عن عروض بيع للحديد واصل من موانئ الخليج بسعر 350 دولار. ومع الانخفاض الكبير في الأسعار وتكدس المخزون لدى جميع التجار محلياً وعالمياً (بل وحتى كثير من المقاولين) أصبح شراء الحديد من قبل التجار شبه معدوم. وعلى أثر انهيار الأسعار وانعدام الشراء، انهارت معها أسعار المواد الخام وتكلفة التصنيع والشحن. وكمثال على انهيار الأسعار، انخفضت أسعار الخردة عالميا من 720 دولارا للطن في تموز (يوليو) إلى 160 دولارا في تشرين الأول (أكتوبر). كما انخفضت تكاليف النقل البحري لخام الحديد بمقدار 98.8 في المائة. ومحلياً، انخفض سعر الخردة من 2200 ريال للطن إلى 300 ريال خلال الفترة نفسها.
ونتيجة لهذا الانقلاب الكبير في الطلب والأسعار، انهارت معها كثير من مصانع الحديد حول العالم وأفلست وأفلس معها كثير من التجار وشركات النقل البحري. أما من بقي على قيد الحياة من مصانع الحديد فقد اضطر إلى تخفيض إنتاجه إلى أن بلغ التخفيض لدى كثير من المصانع أكثر من 50 في المائة. بل ذكرت رابطة الحديد في الولايات المتحدة على سبيل المثال أن معدل تخفيض الإنتاج للمصانع في الولايات المتحدة خلال تشرين الثاني (نوفمبر) كان 57 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
أما محلياً فنتيجة لشح الحديد والارتفاع المضطرد للأسعار وفي النصف الأول من العام، فقد قامت المصانع المحلية بشراء خام وخردة الحديد بأسعار مرتفعة وبكميات كبيرة. بل وقامت شركة سابك بعمل غير مسبوق وهو استيراد كميات كبيرة من حديد التسليح رغبة في حل مشكلة شح الحديد. وكذلك قام كثير من التجار باستيراد كميات كبيرة من الحديد وبأسعار تزيد على 5100 ريال للطن. ولكن ومع دخول أشهر الصيف بدأ الطلب على الحديد يقل نسبياً. ومما زاد من شدة انخفاض الطلب دخول شهر رمضان المبارك مع إجازة الصيف حتى أن الطلب على الحديد انخفض بمقدار 80 في المائة تقريباً خلال شهر رمضان. وعليه فقد تكدست المخازن لدى المصانع والتجار بكميات كبيرة من الحديد مرتفع الأسعار. وشكل انخفاض الأسعار العالمية المفاجئ وبشكل غير مسبوق ضربة قوية للمصانع والتجار على حد سواء. ومما زاد الطين بلة، امتناع كثير من المستهلكين عن الشراء انتظارا للمزيد من الانخفاض في الأسعار حتى أنه بعد كل تخفيض في الأسعار يزداد الطلب ولكن ما يلبث أن يختفي تماماً مع ظهور شائعة تخفيض آخر للأسعار. بل أن بعض الصحف المحلية جعلت من صفحاتها مرتعاً لمن هب ودب للتصريح عن تخفيض جديد في الأسعار وآخر ما قرأناه هو أن هناك تخفيضا جديدا في الأسعار في حدود 600 ريال للطن مع بداية عام 2009 وأن هناك كمية 450 ألف طن من الحديد قادمة من تركيا وستباع بأسعار 1400 ريال. وهذه كلها مغالطات ليس لها أي أساس من الصحة ونتيجتها تضليل المستهلك وتحطيم للصورة المشرفة للصحف المحلية.
أما اليوم فتعاني المصانع المحلية والتجار خسائر فادحة نتيجة الانخفاض الكبير والمفاجئ في الأسعار.
ماذا يخبئ لنا المستقبل؟
تراوح أسعار الحديد العالمية اليوم في حدود 470 دولار واصل الموانئ الخليجية مع تذبذب في الأسعار في حدود 20 دولارا إلى 30 دولارا وفي مقياس الأعوام الماضية يعد هذا التذبذب كبيراً، أما في مقياس ما حدث ويحدث خلال هذه الفترة فيعتبر هذا التذبذب هامشياً. وبمقارنة هذا السعر بالسعر المحلي ولنأخذ على سبيل المثال سعر سابك (1950 ريالا/ طن)، فإننا نجد أن سعر "سابك" مساو لهذا السعر (1776 ريالا/ طن + 100 ريال موانئ ونقل وفتح اعتماد + 80 ريالا هامش ربح). علماً أن هناك فارقا كبيرا في الجودة، حيث يعد جودة حديد "سابك" من أفضل المنتجات على مستوى العالم. وكدليل على جودة حديد "سابك" العالمية، فقد وافقت إدارة مختبرات الجودة في دبي على استيراد حديد سابك حتى دون الحصول على شهادة الجودة التي تطلبها من جميع المصانع الموردة الأخرى. والسبب الرئيس لجودة حديد "سابك" هو استخدامها بنسبة 80 في المائة لخام الحديد في تصنيع منتجها، بينما تقوم معظم المصانع التركية بتصنيع منتجها باستخدام خردة الحديد 100 في المائة.
أما عن قراءتنا لأسعار الحديد في المستقبل القريب، فأود التنويه إلى أنه من الصعب جداً التنبأ بأسعار أي سلعة في هذه الأيام نتيجة التقلبات الكبيرة في اقتصاديات الدول وأوضاع الشركات بسبب الأزمة المالية العالمية. وعليه سأكتفي هنا بسرد العناصر المسببة لارتفاع الحديد في المستقبل القريب والعناصر المسببة لانخفاضه مع ذكر موجز ومتواضع لتقديرنا للأسعار خلال الفترة القريبة المقبلة.
مسببات ارتفاع الأسعار
مما لا شك فيه أن من أهم أسباب انخفاض الطلب على مواد البناء إجمالاً هو الارتفاع الجنوني في أسعارها. أما اليوم وقد انخفضت وبشكل كبير، فإن ذلك سيساعد على الطلب وبشكل كبير أيضا.
ثبوت الأسعار، يعطي الانطباع النفسي أن ما يمكن الحصول عليه قد حصل وقد انخفضت الأسعار بشكل كبير مما يوحي أنه ليس هناك احتمال مزيد من الانخفاض.
تبدأ كثير من المشاريع، منذ سنين عديدة، مع بداية العام الجديد مما يزيد الطلب مع بداية كل عام.
يعمد كثير من التجار على تأجيل مشترياتهم حتى بداية العام الجديد.
انخفض المخزون لدى كثير من التجار حول العالم بعد مرور عدة أشهر على بداية أزمة نزول أسعار الحديد، لذلك من المعتقد أن كثير منهم سيعمد على الشراء مع بداية العام الجديد.
قامت كثير من الدول بعمل ميزانيات إضافية لتحفيز الاقتصاد وقد انصبت معظم هذه المبالغ في البنية التحتية كالطرق الحديدية والمباني التعليمية والصحية والجسور السدود... إلخ. وعليه ستسهم هذه الميزانيات في ارتفاع الطلب على الحديد.
قرب دخول فصل الربيع الذي تبدأ معه عملية البناء في دول شمال الكرة الأرضية.
قامت كثير من المصانع العالمية بتخفيض الإنتاج بشكل الكبير وذلك لموازنة العرض مع الطلب.
تخفيض الفوائد على القروض مما يشجع على النمو الاقتصادي إجمالا ومن ثم الطلب على مواد البناء.
مسببات انخفاض الأسعار
استمرار الأزمة المالية العالمية سينعكس سلباً على الطلب ومن ثم الأسعار.
انخفاض تكاليف المواد الخام (مثل تراب الحديد والخردة) وانخفاض تكاليف التصنيع وأجور الشحن.
قيام كثير من المصانع بتخفيض الإنتاج لمحاولة رفع الأسعار من خلال تخفيض المعروض، ولكن ذلك يعني أيضاً أن الطلب على المواد الخام سيكون أقل، وهذا بدوره يزيد من انخفاض أسعار المواد الخام مما يعني انخفاضا أكبر لأسعار المواد النهائية.
هناك تعاقدات سنوية بين المصانع العالمية للحديد وشركات مناجم خام الحديد تبدأ هذه العقود في الأول من نيسان ( أبريل) لكل عام. من المعتقد أن تنخفض أسعار خام الحديد في تعاقدات هذا العام، مما يسهم في تخفيض التكاليف والأسعار النهائية لمنتجات الحديد.
كما ذكرت سابقاً، من الصعب على أي خبير أو منظمة التنبؤ بأسعار أي سلعة في ظل الظروف العالمية الراهنة. ولكن أرجو منكم السماح لي في سرد ما أتوقعه لأسعار الحديد في الفترة القليلة المقبلة.
لا أعتقد أن الطلب على الحديد عالمياً سيرتفع بشكل كبير وعليه أعتقد أن أسعار الحديد سترتفع قليلاً نتيجة الزيادة القليلة للطلب المتوقعة مع بداية العام الجديد ولكن لن يكون ارتفاع الأسعار كبيرا. أما بالنسبة للسوق المحلية فأعتقد أنه سيكون هناك طلب كبير جداً على الحديد خلال النصف الأول من عام 2009 وقد يؤثر هذا الطلب في أسعار الحديد المحلية ولكن التأثير سيكون قليلاً إن وجد أو لفترة وجيزة حيث، وكما ذكرنا سابقاً، أن أسعار الحديد العالمية هي التي تحدد أسعار الحديد المحلية. أنا على يقين بأن الأسعار ستكون ثابتة حتى نهاية كانون الثاني (يناير) محلياً مع احتمال ارتفاعها قليلاً (في حدود 100 إلى 300 ريال) في شباط ( فبراير) أو آذار (مارس) نتيجة اعتقادي أن الأسعار العالمية سترتفع قليلاً خلال كانون الثاني (يناير) أو شباط (فبراير).
من المهم جداً التذكير بأنه لا أحد يعلم مدى التأثير الذي ستحدثه الحوافز المالية والاقتصادية التي دفعت بها كثير من الحكومات. ويعد ما سينتج عنه من هذه المحفزات مهم جداً في التنبأ بالأسعار مستقبلاً لجميع السلع.
ما السياسة المطلوبة لدعم صناعة الحديد في المملكة وحماية المستهلك؟
الكل يعلم ما آلت إليه الأمور من عواقب وخيمة عندما كان المجال مفتوحاً لتصدير الحديد في ظل أزمة الحديد حيث تضرر المستهلك النهائي بشكل كبير. كما لا يخفى علينا الضرر الذي يمر به اليوم مصنعو الحديد نتيجة عدم السماح بتصدير الحديد. كنت أتمنى عند بدء الأزمة أن تبادر وزارة التجارة ليس بمنع التصدير بل بالحد من كمية الحديد المصدَّر كون الطاقة الإنتاجية المحلية تزيد قليلاً على الطلب المحلي. نعم، كنت أتمنى أن يصدر قرار منع التصدير لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد ومن ثم ينظر في أمر تمديده دون الحاجة إلى إصدار مرسوم ملكي جديد لفتح التصدير. كما أتمنى أن تقوم الوزارة اليوم بالآتي:
- تعريف المنتجات الخاصة بالموضوع بشكل واضح وخصوصاً بعد عرضها على المصانع والتجار لكي لا يترك المجال لتأويل مختصي الجمارك.
- فتح التصدير للمصانع فقط ومنع التصدير من قبل التجار.
- الاتفاق مع المصانع بتحديد الكمية المسموح تصديرها وذلك ضمن آلية تأخذ في الحسبان العناصر المعنية كالطاقة الإنتاجية على سبيل المثال.
أرجو أن أكون قد وفقت في شرح ما جرى من أحداث تخص منتج حديد التسليح، والله ولي التوفيق.