هل سوقنا واعدة .. للمسرطنات؟

كشفت تقارير لاتحاد المستهلكين العضويين الأمريكي، وهو من كبريات جماعات حماية المستهلك، عن وجود سلع أمريكية مسرطنة بكميات كبيرة يتم تداولها في أسواق الدول الخليجية. وأوضح التقرير أن مادة "ديوكسان – 104 " المسببة للسرطان تصل إلى خمسة أضعاف النسبة المسموح بها. وكشفت الحملات التي قامت بها صحة البيئة في أمانة مدينة الرياض أن مادة "البرومات" الخطرة الضارة بالصحة، التي يتوقع أنها أحد المسرطنات قد وجدت بكميات ضمن مكونات الخبز في العاصمة، وهناك تقارير أخرى تحذر من نقل الطعام والخبز والفول في أوان بلاستيكية خاصة إذا كانت حارة، وأن مواد كيماوية مسرطنة تدخل في صناعة تلك الأواني والأكياس تعد من المواد المسرطنة. وأخيرا وليس آخر ما رصدته هيئة الغذاء والدواء من وجود ثمانية أنواع من الشامبو الملوثة بمواد مسرطنة. وفي أبها والطائف وبعض المدن الأخرى تم الكشف عن وجود مساحات شاسعة من المزارع الورقية التي تسقى بمياه الصرف الصحي.
على صعيد آخر تشير الإحصاءات الصادرة من السجل الوطني للأورام تزايد حالات السرطان في المملكة، بينما أشارت إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن نسبة الإصابة بأمراض السرطان في دول الخليج ارتفعت خلال السنوات الخمس الماضية، بينما انخفضت معدلات الإصابة بالسرطان في الولايات المتحدة والدول الأوروبية بسبب الإجراءات التي طبقت للسيطرة على المواد المسرطنة في إعداد المواد الغذائية ومواد التجميل.
وفي ضوء ذلك فإن المملكة مرشحة لمزيد من الإصابات الناتجة عن استخدام المواد المسرطنة والأغذية الملوثة أو التي لا تلتزم بالمواصفات العالمية التي تراعي توخي الحذر من أجل صحة الإنسان، ما قد يكبد المملكة كثيرا من الأعباء المادية لعلاج هذه الحالات، إلى جانب فقدان العنصر البشري وتعطيله.
إن المشكلة تكمن في قصور بعض الأجهزة الرقابية في أداء دورها ابتداء من السماح لمثل تلك الأغذية والمكملات الغذائية بالدخول إلى المملكة إلى الرقابة المستمرة على الأسواق، إضافة إلى ضعف التنسيق والمتابعة بين وزارة التجارة والهيئة العامة للغذاء والدواء وإدارات صحة البيئة في الأمانات ووزارة الصحة وجمعية حماية المستهلك، ما بدد تلك الجهود وأتاح الفرصة لمزيد من الاختراقات وعرض تلك السلع والمواد للمستهلك. كما أن ضعف الإمكانات الميدانية والمخبرية للأجهزة، التي تقوم بعمليات الرقابة الميدانية أدى إلى إتاحة الفرصة لتجار التجزئة بعرض مزيد من تلك السلع المخفضة الأسعار أو التي تتميز بطعم وشكل يجذبان الزبون وبخاصة صغار السن لمزيد من الاستهلاك.
إن الحملات المحددة بأطر زمنية والإدارة الرقابية التي تقوم على الطوارئ لا تخدم عملية حماية المستهلك صحياَ في ظل عدم وجود آلية لمراقبة البضائع في منافذ الدخول، إضافة إلى الافتقار للموارد البشرية وانخفاض في مستوى وعي المستهلك مع وجود شركات أجنبية ومحلية تستغل انخفاض مستوى الوعي وضعف الرقابة وقوة شرائية هائلة إلى تمرير منتجاتها الفاقدة للمواصفات الغذائية عالية الجودة، التي عادة لا تستطيع تسويقها في بلدانها.
وفي ظل ضعف إمكانات جمعية حماية المستهلك وعدم وجود جمعيات أخرى لديها إمكانات بشرية وفنية للقيام بالتحاليل ومساندة المؤسسات الأخرى الحكومية يصبح الأمر أكثر خطورة.
كما أن عدم وجود قوانين وأنظمة رادعة ومحددة ومعلنة للجميع تقوم بعقاب وملاحقة المتاجرين بأرواح البشر يجعل من بيئة المملكة البيئة المناسبة لتسويق تلك المنتجات المضرة بصحة الإنسان.
إن هناك كثيرا من التعليمات والمواصفات والضوابط، التي لا تطبقها منافذ البيع والمحال التجارية، وهذا ما كشفته جولات صحة البيئة في أمانة الرياض، ما يؤكد الاستهتار وعدم الالتزام بالأنظمة وتحديها في ظل إدراك أولئك الباعة أن الرقابة لا تعدو كونها حملات لا تلبث أن تنتهي في غضون أيام أو أسابيع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي