أنا أكسب وأنت تكسب أو لا تعامل بيننا
المقاطعة الاجتماعية للمنتجات سواء الاستهلاكية أو غيرها بدأت تأخذ أشكالا مختلفة وتتشكل باختلاف وتنوع الظروف في المملكة وخارجها فمن الممكن أن تصنع شائعة لضرب منتج وتبث عبر الإنترنت لتجد صدى لها عبر رسائل الجوال بالمقاطعة ويتم ربطها بالقضايا المهمة عند العرب والمسلمين بحيث تجد القبول والتفاعل المباشر وأخذها بمسلماتها دون البحث أو السؤال عن مصادرها، وهذا من دون شك محاولة من المحاولات التقليدية لزعزعة اقتصاد البلدان من الداخل عن طريق إثارة الجوانب العاطفية للمجتمع بجرعات مختلفة ومستغلة لأي حدث طوال العام، إضافة إلى تعزيز ثقافة الـتفسيق والتبديع والتكفير وإساءة الظن التي ما إن تظهر في أي مجتمع حتى تؤدي به إلى الفتن والمزايدات والانقسامات وعدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
وفي المقابل نجد نفس السلوك ولكن بأشكال مختلفة ينمو بشكل متزايد مع نمو التضخم فأصبح المجتمع يتداول عبارات مثلاً "خليها تصدي" لمقاومة تجار السيارات من منطلق أن المقاطعة ستجبر التجار على تنزيل الأسعار، وهكذا ستجد المجتمع أمام خلق واستخدام كثير من آليات وأدوات الضغط مقابل حرية التجار والتجارة مما يجعل هناك فجوات وحروبا باردة بين التاجر والمستهلك وعنادا ومقاومة وتشكيكا في التجارة والتجار وفي آخر المطاف ما دام التفاعل بهذا الشكل فلن يكون هناك تقبل وتفاهم وتعاون واستفادة مشتركة ولن تنشط السيولة في البلد وتصبح العملية لعب أطفال وليست تجارة إذا لم يطبق مفهوم "أنا أكسب وأنت تكسب أو لا يكون بيننا تعامل" بين التاجر والمستهلك ويكشف التجار بشفافية عن أرباحهم للمجتمع ويكف التجار عن مقاومة المجتمع عبر التصريحات الصحفية وكأنهم في ميدان منافسة مع المستهلكين. المهم وبهذه الطريقة لن يربح أحد، ولن تكون هناك أرضية تجارية صحية بل قد يصبح التاجر الذي هو من أبناء هذا البلد مع الوقت كأنه شخص من كوكب آخر ومهما حاول أن يسهم اجتماعيا ويمحو الصورة من أذهان المجتمع سيواجه بالتشكيك والظن السيئ.
اليوم يجب أن يخرج التجار من عباءة "أبو ريالين" إلى التجارة المدروسة التي تتكيف مع المجتمع وتكسب وده وتفاعله وأن تستمد السياسة التسويقية والبيعية من المجتمع وليس من التاجر بمعزل عن مجتمعه، ويجب على التاجر أن يتفهم معاناة وظروف الناس ويتحاور معهم ويرفع مستوى الخدمة إذا كان يريد زيادة في المبيعات وتغير النظرة إلى منتجه.
أعتقد أن مقاومة أي مجتمع لأي تجاره أو منتج واستخدامه الأساليب المختلفة من المقاطعة تحول خطير في مفهوم التجارة وفلسفة التعامل والأخذ والعطاء والربح والخسارة وهي دليل واضح على عدم منهجية التجارة والأخذ بنظريات مستوردة في عمليات التسويق والبيع بعيداً عما يمكن أن يطلق عليه التجارة المحلية والمجتمعية التي تأخذ في عين الاعتبار ثقافة وأنماط تفكير وسلوك المجتمع.