هل فتحت واشنطن صفحة جديدة تجاه العالم الإسلامي؟

لقد أرسل الرئيس الأمريكي الجديد؛ باراك أوباما عدداً من الإشارات الإيجابية تجاه العالم الإسلامي في يوم تنصيبه الرسمي. وبالطبع، لم تأت تلك الإشارات فقط من خلال إصراره على أن يدلي بالقسم باسمه الثلاثي الذي يحتوي على اسم حسين (باراك حسين أوباما)، أو من خلال إدراجه المسلمين في أمريكا بعد المسيحيين مباشرة؛ بل أتت كذلك من خلال توجيه حديثه المباشر – وغير المسبوق في هكذا مناسبة - إلى العالم الإسلامي عندما قال: "نريد أن نسلك - إلى الأمام - مسارا جديدا، يستند إلى المصالح المشتركة والاحترام المتبادل".
صحيح أن أوباما قد أكد أنه سوف يأتي بتغيير عن سابقه، وصحيح أنه كذلك يتحدر من أصول إسلامية، وصحيح أنه من أكثر الرؤساء الأمريكان المعاصرين حنكة وذكاء.. إلخ؛ ولكن صحيح الصحيح هو أنه أول رئيس أمريكي يدرك ويقر بأن واقع سياسة دولته مرتبط ارتباطا مباشراً بالعالم الإسلامي، وأن ذلك الأمر يتطلب تضمين حديث مباشر لذلك العالم في أول وأهم خطاب يلقيه في بداية عمله كرئيس للولايات المتحدة. فكيف لا، وأهم القضايا التي يريد أن يعالجها مرتبطة به؛ فباستثناء الاقتصاد والمناخ، فإن الملفات الأخرى المهمة مرتبطة بالعالم الإسلامي: العراق، أفغانستان، الملف النووي الإيراني، والصراع العربي- الإسرائيلي.
ينظر الكثيرون في العالم الإسلامي لإغلاق معتقل جوانتانامو- سيئ السمعة - كمؤشر إيجابي. وكذلك ينظرون ويترقبون الجوانب الإيجابية من تصريحات وأفعال الرئيس أوباما تجاه القضية الفلسطينية. فلقد نظر إيجابياً لاتصاله بالرئيس الفلسطيني؛ خصوصاً أنه كان أول اتصال يجريه بزعيم أجنبي. كذلك الحال بالنسبة لتصريح أوباما حول سعي إدارته "بنشاط وقوة من أجل سلام دائم في الشرق الأوسط"، وبدعوة إسرائيل إلى سحب قواتها وفتح المعابر مع قطاع غزة "لدخول المساعدات والسلع التجارية". الشيء نفسه يقال عن اتصالات أوباما بالقادة العرب التي كان أهمها اتصاله بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهي الاتصالات التي أكد فيها أوباما التزامه وسعيه لتفعيل عمليات السلام. يقال كل ذلك، دون إغفال إشادة أوباما بالمبادرة العربية كآلية فعالة للسلام.
أتى تعيين جورج ميتشل، كمبعوث أمريكي خاص إلى الشرق الأوسط، كأبرز المؤشرات الإيجابية على نية أوباما في تفعيل عمليات السلام. فميتشل الذي يتمتع بسمعة نزيهة وجيدة في المنطقة، يشاطر أوباما في إيجابيتين ـ قد كان الرئيس الأمريكي الجديد قد أقر بهما- تجاه القضية الفلسطينية وهما تحديدا: حل الدولتين، وتجميد المستوطنات.
الخلاصة؛ هي أنه لا يصعب على المراقب أن يلاحظ عدداً من المؤشرات الايجابية التي ترجح مقولات المتفائلين في بدايات جديدة لواشنطن تجاه المنطقة. ولكن على الرغم من كل ما قيل هنا، إلا أنه يجب ألا نرفع كثيراً من سقف التوقعات الإيجابية، خصوصا أنه بالإمكان استنتاج مؤشرات أخرى تصب في الجانب السلبي من المعادلة نفسها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي