قطاع العقار السعودي سيبقى عاجزا عن مواجهة الطلب على المساكن
كشف تقرير صدر أخيراً أن القطاع العقاري في السعودية لا يزال يحتفظ بجاذبيته حتى في ظل ظروف الكساد العالمي وتراجع أسواق الممتلكات العقاريّة، موضحا أن هذا راجع إلى توافر أساسيات الطلب المستمّر وليس مجرّد أنشطة المضاربة.
وبين التقرير الصادر من بيت الاستثمار العالمي ـ "جلوبل" ـ الكويت أن تنوع الأنشطة الاقتصادية في المملكة لعب دورا مهماً في قطاع العقار والذي يعد مهما في الاقتصاد غير النفطي.
وتوقع التقرير أن ترتفع مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي التي بلغت 6.8 في المائة في عام 2004، إلى 7.2 في المائة في عام 2009، مقدرا أن تنفذ المملكة العربية السعودية في العام الجاري مشاريع تتجاوز تكلفتها تريليوني ريال سعودي (500 مليار دولار)، ونظرا لكون المملكة العربية السعودية واحدة من كبار أسواق البناء والتشييد في منطقة الشرق الأوسط، فمن المقدّر أن يصل إجمالي استثماراتها في القطاع العقاري إلى نحو 300 مليار دولار، الذي يتوّقع أن يتجاوز حاجز 400 مليار دولار بحلول عام 2010.
وتوقع التقرير أن قطاع العقار سيبقى عاجزا عن مواجهة الطلب على المساكن في المستقبل القريب، الذي يتوقع أن ينمو بمعدّل سنوي قدره 5.8 في المائة خلال الفترة ما بين عام 2004 وعام 2009، اتجاهه الصعودي في المستقبل القريب ولكن بوتيرة أبطأ. ومن المتوّقع أن ترتفع أسعار الإيجار في المملكة بما يراوح بين 5 في المائة إلى 10 في المائة في عام 2009. ووفقا للتقديرات الرسمية، بلغ عدد الوحدات السكنية المشغولة في المملكة 4.3 مليون وحدة في عام 2007، منها نحو 50 في المائة مملوكة للأسر التي تقطن وحدات سكنية مملوكة في حين يقطن الآخرون وحدات سكنية يوفرها صاحب العمل أو وحدات سكنية مؤجرة. وتشهد المملكة العربية السعودية طلبا متزايدا من فئة الشباب ذوي الدخل المتوسط، لذلك تسعى المملكة إلى تلبية هذا الطلب وتحتاج إلى بناء 1.5 مليون مسكن جديد بحلول 2015، وبفضل المبادرات المختلفة التي اتّخذت لتلبية الطلب على الإسكان إلا أن التوقعات هي أن تستقر الأسعار عند مستويات أدنى.
ومن المتوقع أيضا أن تتصدّر المناطق ذات الكثافة السكانية الكبرى مثل منطقة مكة البالغ تعداد سكانها 6.1 مليون نسمة ومنطقة الرياض البالغ تعداد سكانها 5.9 مليون نسمة، المناطق السعودية من حيث الطلب على المساكن في الفترة ما بين عام 2005 وعام 2009 بنسبة 26.7 في المائة و24.7 في المائة على التوالي. ويبلغ حاليا عدد الوحدات السكنية التي لم يلب الطلب عليها في السعودية قرابة 250 ألف وحدة مع توقّعات بأن يأتي الطلب الأكبر من فئة ذوي الدخل المتوسّط. ويبلغ حاليا عدد الوحدات السكنية التي لم يلب الطلب عليها في المملكة العربية السعودية قرابة 250 ألف وحدة مع توقّعات أن يأتي الطلب الأكبر من فئة ذوي الدخل المتوسّط. ومن أجل تلبية الطلب المتنامي على المساكن، من المتوقّع أن توّفر الحكومة السعودية قطع أراض سكنية تبلغ مساحتها 300 مليون متر مربع في المناطق الحضرية.
وفي ظل تمتعها برؤية مستقبلية ما بين مستقرة إلى توسعية أظهرت المملكة العربية السعودية نموا في القطاع التجاري، قطاع التجزئة والقطاع الصناعي. ومن المتوقع أن تزداد مساحة الأرض الصناعية التي تقدّر حاليا بأكثر من 1,500 مليون متر مربع بنسبة تتجاوز 50 في المائة، إذ إنّه من المتوقع أن يتم تطوير المناطق الصناعية الواقعة في المدن الاقتصادية، ومناطق أخرى معيّنة خلال الأعوام الخمسة إلى العشرة المقبلة. ومن المتوقع أن يتم تطوير منطقة صناعية تبلغ مساحتها 17 مليون متر مربع في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في غضون العامين إلى الثلاثة المقبلة. كما ستتم إضافة مساحة تبلغ نحو 50 مليون متر مربع إلى هذه المدينة وحدها بحلول عام 2015.
ونظرا لكون قطاع التجزئة أحد أكثر القطاعات التجارية رواجا في المملكة، فمن المتوقّع أن يواصل نموه حتى في خلال ظروف التباطؤ الاقتصادي العالمي. ومن المتوقع أن تتم إضافة مساحة جديدة تبلغ أربعة ملايين متر إلى إحدى الأراضي المخصصة للتأجير التي تبلغ مساحتها الإجمالية 2.4 مليون متر مربع في غضون الأعوام الخمسة المقبلة. وحسب مصادر السوق، يتوقع أن ينمو قطاع التجزئة الذي يبلغ حجمه 90 مليار ريال بأكثر من 30 في المائة بحلول عام 2012.
يتوقّع أن تنمو مساحات المكاتب البالغة قرابة ثمانية ملايين متر في المملكة بنسبة 20 إلى 30 في المائة بحلول عام 2012. وباعتبار منطقة الرياض تضم أكبر المساحات المكتبية، فإنها لا تمتلك المعروض الكافي لتلبية طلبات جميع فئات الأعمال. وتحْمل مدينة الرياض قدرا كبيرا من التفاؤل بشأن توفير مساحات مكتبية ذات جودة عالمية المستوى من خلال تطوير مركز الملك عبد الله المالي في الرياض الذي يُـنظَر إليه باعتباره أكبر مركز مالي في منطقة الشرق الأوسط . وسوف يغطي مساحة تبلغ 1.6 مليون متر مربع يضم مساحة مبنية تبلغ نحو 3.3 مليون متر مربع
وباستخدام تكوين رأس المال الثابت الإجمالي بوصفه مقياسا للاستثمارات في البنى التحتية، أظهرت السعودية زيادة مُشجّعة خلال الفترة الممتدة من عام 2005 إلى عام 2007. مبينا تركيز الحكومة المستمر على القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية (والذي يتوقّع أن يكون قطاع العقار أحدها) استمرار نمو قطاع العقار حتى في أوقات الكساد العالمي.
ومع بلوغ عدد السكان المسلمين في العالم ما بين 1.5 إلى 2.0 مليار نسمة مسجلا نموا سنويا يتجاوز 2 في المائة، سوف يواصل عدد الزائرين المسلمين للأماكن المقدّسة في السعودية تسجيل اتجاه صعودي كلّ عام. ومن المتوقّع أن يساعد تزايد نشاط السياحة على استمرار نمو الاستثمارات في هذا القطاع. ووفقا لبحوث شركة خدمات الضيافة العالمية(Global Hospitality Services) HVS، ارتفع معدل الإيرادات للغرفة الواحدة المتاحة في الرياض بنسبة 35 في المائة تقريبا ليصل إلى 392 ريالا. وبحسب المصادر الرسمية، لا تكفي السعة سعودي في عام 2007 الاستيعابية الحالية للفنادق لاستضافة السائحين الذين يزورون المملكة سنوياً. وفي إطار استراتيجية تطوير قطاع السياحة والتي تبلغ تكلفتها 40 مليار دولار، تعتزم المملكة العربية السعودية تطوير مختلف المناطق السياحية في المملكة مثل المواقع الدينية والتاريخية وساحل البحر الأحمر. وتتوقّع الحكومة أن يصل إجمالي إيراداتها من السياحة المحلية إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2010. وبالتطلع إلى الأمام، يتوقع أن يؤدي إلغاء الحد الأقصى لأسعار الغرف إلى زيادة معدل الإيراد للغرفة الواحدة المتاحة حيث إنه سيدفع عديدا من الفنادق إلى إعادة النظر في أسعار غرفها.
وذكر التقرير أن غياب الرهن العقاري ترك ثغرة كبيرة لصالح المستثمرين في سوق العقار، فإن السلطات السعودية أحرزت تقدمّا سريعا في صياغة قانون عقاري أكثر وضوحا وشمولا. ووفقا للممارسات الحالية، يوفر سوق المساكن أنواعا مختلفة من خيارات التأجير طويل الأمد والتملّك، كما عدّل قانون الاستثمار الأجنبي الذي أقرّته المملكة في عام 2000، وقد مكّن قانون الأجانب من تملّك المشاريع بنسبة 100 في المائة. وعلى الرغم من القيود التي يفرضها هذا القانون وما ينصّ عليه من شروط للموافقة، فإنه يجب على أي مواطن غير سعودي، أو غير خليجي ينوي شراء العقارات أن يكون مقيما إقامة شرعية في المملكة كما يتعين عليه شراء العقار لاستعماله الشخصي . ويسمح القانون أيضا للمستثمرين الأجانب بتملّك العقارات في حدود الحاجة لمزاولة النشاط أو لغرض سكن العاملين فيها. وطُبقت استثناءات قانون الملكية الأجنبية في المُدن المقدّسة مثل مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة، حيث يمكن لغيّر المسلمين أن يختاروا الإيجار محدود المدة.
نظرة مستقبلية على قطاع العقار السعودي
بدأ زخم ارتفاع أسعار العقارات خلال أول عام 2008، يتباطأ مع اقتراب نهاية العام ومن المتوقع أن يستقر عند مستويات أدنى نسبيا في عام 2009. وعموما. نَتوقّع أن يواصل قطاع العقار في المملكة مسيرة نموه لينمو بمعدلّ سنوي يتراوح بين 5 إلى 7 في المائة حتى عام 2012. ويقدر أن ترتفع أسعار الإيجار ما بين 15 إلى 25 في المائة، في حين يتوقع أن ينمو قطاع التجزئة والمساحات المكتبية بنسبة تراوح بين 20 في المائة و30 في المائة بحلول عام 2012.
وفي سبيل تلبية الطلب المتزايد على العقارات، من المقدّر أن تحتاج المملكة إلى نحو 200 ألف وحدة سكنية سنويا خلال الأعوام الخمسة المقبلة. وحيث إن أقل من 50 في المائة من السكّان السعوديين يمتلكون مساكن، في حين أن 60 في المائة من السكّان تقل سنهم عن 30 عاما، إضافة إلى أن التدفق المستمر للقوى العاملة يشير إلى ارتفاع كبير في الطلب على المساكن في البلاد. وتتجه عمليات التطوير الأخيرة إلى توفير كل المرافق الأساسية. علاوة على ذلك، سوف يتم عرض هذه المرافق بأسعار متنوعة لتلبية الطلب عليها من جميع شرائح المجتمع.
محرّكات النمو الأساسية لقطاع العقار السعودي
- السكان والعوامل السكانية تفتح المملكة العربية السعودية التي قدّر عدد سكانها بـ 24.7 مليون نسمة في عام 2008 والتي تمتلك أسرع معدل نمو سكاني في بلدان المنطقة أمامها فرص نمو واسعة النطاق.
- على الرغم من أن معدّل النمو السنوي البالغ 4.1 في المائة خلال الفترة ما بين عامي 1975 و2004 يقدّر أن يهبط بنسبة 2.3 في المائة في الفترة من عام 2004 إلى 2015، فإنه ما زال يتوقّع أن يكون أعلى من معدل النمو في الدول العربية البالغ 2.0 في المائة و1.3 في المائة في الدول النامية خلال الفترة الممتدة من عام 2004 إلى عام 2015.
- نظرا لكون 60 في المائة من السكان في سن العمل ما بين 15 و 64 عاما يدل ذلك على ارتفاع الطلب في جميع فئات الأسر اليومية.
-
- عوامل جذابة للمستثمرين الأجانب و المحليين إضافة إلى تركيز المملكة على توفير المرافق الخدمية ذات النوعية الجيدة، عززت العوامل الأساسية للطلب على العقار جاذبيتها لكل من المستثمرين المحليين والأجانب.
- خلال عام 2007، استقطبت المملكة العربية السعودية تدفّقات داخلة بلغت قيمتها 24.3 مليار دولار. وأظهرت التدفّـقات الاستثمارية الداخلة كنسبة مئوية من تكوين رأس المال الثابت الإجمالي زيادة ثابتة في المملكة، مسجّلة ارتفاعا من 29.7 في المائة في عام 2006 إلى 30.1 في المائة في عام 2007.
- توفر التمويل منخفض التكلفة و في أعقاب الأزمة المالية العالمية، لم يكن من الممكن استبعاد قيود السيولة ولكنّ أسعار الفائدة الحقيقية السلبية والطلب المحلي المرتفع نسبيا ساعدا على استمرار النشاط في قطاع العقارات في المملكة.
- سجَّل الائتمان المصرفي الممنوح لقطاع البناء والتشييد نموا بمعدل سنوي مركب بلغت نسبته 15.7 في المائة في الأعوام الخمسة الممتدة من عام 2002 إلى عام 2007 مسجّلا 43.4 مليار ريال في عام 2007. ومع حلول الربع الثالث من عام 2008، بلغ الائتمان الممنوح لقطاع البناء والتشييد 53.6 مليار ريال ومن المتوقّع أن يواصل القطاع تحقيق نمو ثنائي الرقم في خلال الأعوام القادمة.
- تركيز الحكومة على مشاريع البنى التحتية أظهرت الموازنة السعودية لعام 2009 التزاما مستمرا من جانب المملكة تجاه المشاريع ذات الأولوية التي تضْمن تحقيق نمو اقتصادي مستمرّ ومتوازن. وكان إجمالي الميزانية الرأسمالية البالغ 225 مليار ريال في عام 2009 أعلى بنسبة 36.3 في المائة من الميزانية الرأسمالية لعام 2008.
- ومن المقدّر أيضا أن تتجاوز قيمة الاستثمارات المخططة التي سيجري تنفيذها في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص ومعظمها في قطاع البنية التحتية (خلال الفترة 2007-2012) 300 مليار دولار أمريكي.
- صدور قانون الرهن العقاري السعودي الجديد في أي وقت فور صدور قانون الرهن العقاري الجديد واللوائح التنظيمية لتمويل الرهن العقاري اللذين هما قيد النظر حالياً، سوف يتيحان فرصا أكبر لتملك العقارات في المملكة.
- ويعد هذا القانون مهما لأنه سَيُنظّم العلاقة بين أصحاب المصالح كما سيخلق بنية تحتية قانونية لتقديم قروض المساكن.
المصدر: مؤسسة النقد العربي السعودي، وبحوث جلوبل