عندما رقص قلبي طربا

ما هي أشد اللحظات هولا تلك التي مرت عليك؟ هكذا جرت عادتي في الأسئلة مع كل إنسان مهم؟ التفت إلي وقد ترقرقت دمعة في عينيه حبسها بصعوبة؟ قال وهو يمسك تعبيراته وعبراته؟ كانت أيام الخليج في حربها الأولى صعبة، بعد أن أصبحنا نضرب بالصواريخ من أخينا وجارنا!!
وهنا تذكرت أنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لا يؤمن!! والله لا يؤمن!! قلنا يا رسول الله من هو الذي لا يؤمن؟ قال صلى الله عليه وسلم من لا يأمن جاره بوائقه؟ أي مصائبه وغدراته.
قال رجعت إلى مدينتي التي أحبها، وفيها عشت، وفيها تراث أعظم شخصية مرت على الكوكب.
قال وهو يتابع حديثه ثم دعاني أمير ينبع فذهبت وهناك كانت الاتصالات التلفونية تترى! فعرفت أن الأمر جد؟ فهل وصلت صواريخ صدام إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم؟
عندما وصلت المستشفى ودخلت قسم العناية المركزة؛ قال لي من حولي: تماسك أبو بدر فقد حصل المكروه وثلاثة من أبنائك في الحادث؟؟
قال: هرعت إلى المستشفى وواجهت في العناية المشددة اثنين من أبنائي؟
كان الأول في غيبوبة، وكان الثاني يتلوى بين جراحه وآلامه، ولكنه في وعيه حي يرزق؟
كانت الصدمة كبيرة ولكن تماسكت؟ وحدثني قلبي المفطور أن سلطان الصغير أصابه مكروه؟
صرخت أين سلطان؟ اقترب مني أحدهم وقال: يا طويل العمر سلطان ارتاح؟ قلت لا بد لي من رؤيته؟ قالوا هو جثة! قلت أريد أن أراه وهو جثة؟ ساقوني إلى البراد وسحبوا الجرار المعدني الكئيب؟ وكان هذا هو آخر عهدي بفلذة كبدي سلطان الصغير سلطان قلبي؟!
وهنا تذكرت قصة مدام كوري مع زوجها، الذي صدمته عربة حنطور أمام المختبر؛ فوضعت جثته أمام عينيها أياما وليالي لا تصدق قبل أن توسده التراب.
وكذلك مصابي في زوجتي حبيبة قلبي ليلى! وكيف ودعتها بقبلة أخيرة على جبينها في مونتريال.
وهنا حين وصل إلى هذه النقطة، كانت دمعة مني قد سالت على الخد، منعتني من رؤية تأثره.
التفت إلي وكانت مفاجأة قال: سألتني عن أعسر لحظة ألا تسألني عن أسعد لحظة؟
انتفضت فكل من مر علي وسألته لم يفعل هكذا؟
ذكرني بالقرآن الذي لا يترك مشهد نار وجحيم إلا وأردفها بجنة الخلد أعدت للمتقين؟
سعدت بتتابع الخبر قال هو قصة السويسري هيوبرت؟ كنت في البحرين في فندق طابت لي فيه السباحة فمررت على محل يبيع ملابس السباحة فراقني شكلها، وحين طلبتها كان معي أجنبي يرغب فيه؟ قلت له تفضل وخذه؟ اعتذر بلباقة وقال لا بل أنت من سبق؟ قلبت النظر في اللباس فلم يعجبني، ورجعت إلى صالة الفندق؛ وإذا بصاحبي السويسري جالس هناك.
دعاني إلى القهوة وأنا بدوري دعوته للعشاء ونشأت بيننا صداقة، وتبادلنا الحديث، ثم عرض علي أن نتقابل في بلده حين تسنح الفرصة؟
وفي يوم كنت هناك فدعوته إلى بيتي الريفي قرب جنيف؛ فسر جدا وبقي عندي ليلتان، ولكن بدأ الرجل يظهر عليه الكثير من التساؤلات؛ فيطرح ما يخطر في باله ويتعرف علي وعلى بلدي وعلى الإسلام، حتى كانت تلك اللحظة المفاجئة بعد عامين من التواصل أو يزيد، حين جاءني ـ وهو رجل العلم المخبري ـ يقول أريد أن أعلن إسلامي وأشهد الشهادتين؟
قال لي أبو بدر صاحب شركة سمامة الناجح الشيخ ناصر المطوع قال: في تلك اللحظة وهو يكرر أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله مر علي من موجات الفرح ما لم أشعر بها في حياتي كلها..
كان قلبي يرقص طربا..

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي