بيانات الوظائف الأمريكية تدفع بالبورصات العالمية إلى الأدنى
بدأت الأسواق العالمية النصفَ الثاني من العالم وسط أجواء من التوتر بعد ظهور علامات تشير إلى أن التعافي الاقتصادي الذي تنبأ كثير من المحللين بأنه وشيك الحدوث، لا يزال بعيداً إلى حد ما.
جاء هذا التغير في المزاج العام في أعقاب تقرير الخميس عن الوظائف في القطاعات غير الزراعية في سوق العمل الأمريكية. أظهرت البيانات أن عدد الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم في حزيران (يونيو) الماضي كان 467 ألف شخص، وهو رقم يزيد كثيراً على العدد الذي كان متوقعاً ومقداره 350 ألف وظيفة. بعد عدد من الأشهر المتتالية التي تباطأ فيها معدل فقدان الوظائف، جاءت البيانات الأخيرة وسببت خيبة أمل كبيرة.
قال كريستيان لورنس، من مؤسسة آر بي سي كابيتال ماركتس RBC Capital Markets: «بيانات سوق العمل الضعيفة في القطاعات غير الزراعية جاءت كتذكرة أليمة حول الواقع الحقيقي للأمور بالنسبة إلى أولئك الذين كانوا يتوقعون أن يأتي التعافي على شكل الحرف V.» (أي التعافي الذي يأتي بعد فترة قصيرة من الركود الاقتصادي، أي النقطة أسفل الحرف V ثم يرتد إلى الأعلى مؤدياً إلى تحسن الأوضاع).
والواقع أن جميع المؤشرات الدالة على شهية المخاطرة، أي أسواق الأسهم وأسواق السلع والمشتقات الائتمانية، اتجهت نحو الأدنى في استجابة للبيانات المخيبة للآمال، في حين أن الملاذات الآمنة، أي الدولار والين والسندات الحكومية، كان أداؤها طيباً. قال أشرف العايدي من مؤسسة سي إم سي ماركتس CMC Markets: «تقرير الوظائف الأمريكية كان عاملاً مساعداً واضحاً في ارتداد الدولار إلى الأعلى والتراجع في أسواق الأسهم العالمية».
لكن معظم المحللين أشاروا إلى الحقيقة التي تقول إن الاتجاه العام الكامن في بيانات الوظائف الأمريكية لا يزال يشير إلى بعض التحسن.
وأضاف لورنس: «رغم أن سوق العمل الأمريكية ليست مطَمئِنة للصفوف المتزايدة من العاطلين عن العمل على الأجل الطويل، إلا أنها ستكون أقل اضطراباً وأكثر استقراراً في النصف الثاني من العام. هناك تعاف اقتصادي في سبيله إلينا، وإن كان ربما سيأتي على نحو مليء بالصعوبات».
كانت أسواق الأسهم في معظمها أدنى من ذي قبل على مدى الأسبوع. مؤشر فاينانشال تايمز 100، الذي ظل في وضع إيجابي بفعل أسهم البنوك وشركات التعدين، تفوق في أدائه على معظم المؤشرات الأوروبية، وخسر فقط 0.2 في المائة من قيمته. أما مؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا فقد هبط بنسبة 0.3 في المائة. الأسهم الأمريكية، التي شهدت تداولات على مدى أربعة أيام فقط، لأن «وول ستريت» كان مغلقاً يوم الجمعة بسبب عطلة عيد الاستقلال، عانى قدرا أكبر من الخسائر. هبط مؤشر داو جونز للشركات الصناعية بنسبة 1.9 في المائة على مدى الأسبوع، في حين أن مؤشر ستاندارد آند بورز 500 خسر 2.4 في المائة.
في آسيا هبط مؤشر نيكاي 225 في طوكيو بنسبة 0.6 في المائة، وهبط مؤشر هانج سينج في هونج كونج بنسبة 2.1 في المائة.
لكن مؤشر شنغهاي المركب أكد موقعه باعتباره من أفضل المؤشرات في العالم لأسواق الأسهم هذا العام، بعد أن أظهرت بيانات أن الاقتصاد الصيني ربما سيشهد تعافياً على نحو أسرع مما كان متوقعاً.
بيانات مديري المشتريات حول قطاع التصنيع أظهرت أن النشاط في القطاع توسع للشهر الرابع على التوالي. قال سيباستيان بارب من بنك كايلون الفرنسي: «إن تعافي قطاع التصنيع هو علامة أخرى تشير إلى أن الإجراءات التحفيزية للاقتصاد تكتسب زخماً بصورة سريعة».
وقد ارتفع المؤشر المركب بنسبة 5.5 في المائة على مدى الأسبوع ليصل إلى 3,088.37، وهو أعلى مستوى له منذ 13 شهراً. رغم أنه كانت هناك بعض الشهية للمخاطرة في مطلع الأسبوع، إلا أن التوتر سيطر على أعصاب المستثمرين بحلول يوم الأربعاء، حيث إن بيانات التوظيف كانت تخيم بظلالها وكان المتداولون الأمريكيون يُعِدُّون العدة للذهاب والاستمتاع بالعطلة.
وقد انعكس ذلك تماماً على أسواق العملات، حيث كان الدولار والين في حالة تراجع يومي الإثنين والثلاثاء، ولكنهما تحركا إلى الأعلى أثناء بقية الأسبوع، على مدى الأسبوع سجل الدولار ارتفاعاً بنسبة 0.8 في المائة مقابل الجنيه الاسترليني، وارتفاعاً بنسبة 0.3 في المائة في مقابل اليورو، لم يتلق اليورو مساندة تذكر من البنك المركزي الأوروبي، الذي أبقى أسعار الفائدة الرئيسية عند 1 في المائة يوم الخميس، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن من الممكن أن يضطر البنك إلى تخفيض أسعار الفائدة من جديد.
عملات بلدان الأسواق الناشئة، التي كان أداؤها قوياً في النصف الأول من الأسبوع، تأثرت سلباً بالارتفاع في العزوف عن المخاطر. عملة جنوب إفريقيا، الراند rand، التي ارتفعت بنسبة 2.1 في المائة خلال يومي الإثنين والثلاثاء، أقفلت الأسبوع بهبوط مقداره 0.2 في المائة.
أسواق الائتمان، التي شهدت تعافياً قوياً منذ نهاية الربع الأول من العام، كانت هي الأخرى رهينة البيانات الأمريكية وأقفلت تعاملات الأسبوع بمعدلات ثابتة نسبياً. مؤشر آي تراكس كروس أوفر iTraxx Crossover، الذي يتألف في معظمه من السندات الخطرة للشركات، تحرك إلى الأدنى بمقدار نقطة أساس واحدة فقط على مدى الأسبوع.
الدراما التي وقعت فصولها في أسواق السلع بفعل أحد المتداولين الذي عقد تداولات غير مصرح بها في عقود النفط، حيث راهن يوم الثلاثاء على عقد لنفط برنت الخام، أدت إلى رفع سعر النفط ليصل إلى 73.50 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى له لهذا العام.
لكن بعد ظهور بيانات المخزون النفطي الأمريكي يوم الأربعاء وبيانات الوظائف يوم الخميس، بدأ المستثمرون يشعرون بالتخوف من أن سعر النفط لا يناسب توقعات الطلب، بنهاية الأسبوع أقفل خام برنت عند 66 دولاراً للبرميل، أي بهبوط مقداره 4.3 في المائة على مدى الأيام الخمسة. هبط سعر النحاس بنسبة 1.5 في المائة على مدى الأسبوع، حيث كان من شأن البيانات الأمريكية وتراجع أسعار النفط وارتفاع الدولار أن ألقت بظلالها على العلامات التي كانت مشجعة من الاقتصاد الصيني.
أخفق الذهب في الاستفادة من تداولات الملاذ الآمن وهبط بنسبة 0.8 في المائة على مدى الأسبوع ليصل إلى 931.20 دولار للأونصة. العوائد على السندات الحكومية سجلت هبوطاً بصفة عامة، حيث استفادت من لجوء المستثمرين إلى الملاذ الآمن. هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بنسبة 2.7 نقطة أساس على مدى الأسبوع ليصل إلى 3.5 في المائة، في حين أن العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات هبط بمقدار 6.8 نقطة أساس ليصل إلى 3.34 في المائة. سندات الخزانة البريطانية قاومت الاتجاه العام، حيث ارتفعت العوائد ارتفاعاً يسيراً قبيل الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية في البنك المركزي البريطاني، الذي سيُعقَد في الأسبوع المقبل.