البيوت الذكية طفرة معمارية مقبلة على مفهوم جديد للمسكن

البيوت الذكية طفرة معمارية مقبلة على مفهوم جديد للمسكن
البيوت الذكية طفرة معمارية مقبلة على مفهوم جديد للمسكن
البيوت الذكية طفرة معمارية مقبلة على مفهوم جديد للمسكن

شهدت الحقبة الأخيرة من القرن العشرين تطورات كبيرة في أنظمة الحاسب الآلي وتقنية وأنظمة المعلومات فيما عرف إجمالاً بالثورة الرقمية. وقد أثر ذلك في الأنشطة الحياتية داخل المسكن بجانب التطور في تقنيات تصميمه وبنائه والأنظمة المختلفة التي يتضمنها؛ فظهر المسكن الذكي ضمن نمط المباني الذكية، بالشكل الذي يمكن اعتباره بداية لتطورات كبيرة تنتظر عمارة المسكن في القرن الحادي والعشرين. #2# على أن قضية تيسير السكن يجب ألا ينظر إليها على أنها إمكانية تحقيق مسكن بأقل تكاليف ممكنة وفقط، ولكن الأمر يمتد ليشمل الأنشطة الحياتية داخل المسكن، بجانب توافقه مع البيئة، وقدرته على تلبية احتياجات مستخدميه المستمرة في حدود إمكاناتهم المادية ورغباتهم المتغيرة، وتحقيق الوفر في تكاليف الاستهلاك والصيانة. #3# كما يمكن القول إن المسكن بشكل عام يمثل أحد الاهتمامات الرئيسة للشركات العاملة في مجال الأنظمة الذكية بأجيالها المختلفة، وبالأخذ في الاعتبار أن ما يصعب الحصول عليه اليوم بسبب ارتفاع قيمته أو المشاكل المصاحبة له سيكون غدا متاحا بتكلفة قليلة وبمشاكل أقل، فإن كان المسكن الذكي اليوم ليس متاحا إلا لفئة محدودة جدا من البشر، فربما يأتي اليوم الذي ينتشر فيه بشكل كبير، بل تصبح بعض الأنظمة الذكية في المنزل تماما مثل التلفزيون أو الهاتف الذي يكاد لا يخلو منه بيت. #4# على صعيد مجتمعاتنا العربية يرى باحث متخصص في علم العمارة عبر دراسة حديثة له أن بعض الملاك يلجأون إلى التصاميم الجاهزة للبيوت والمنشورة في المجلات أو الكتب، أو يأخذون تصاميم لبيوت أقرباء أو أصدقاء بهدف التوفير في تكلفة التصميم المعماري. وعليهم أن يعلموا أن ذلك الأسلوب لن يحقق لهم ما يرمون إليه، إذ إن هذه البيوت مصممة لأسر باحتياجات خاصة، وحال تطبيقها على أسر أخرى فقد تجعل حجم البيت أكبر من اللازم مما يزيد من التكلفة أضعاف ما تحتاج إليه تكلفة التصاميم المعمارية، إضافة إلى ظهور عديد من المشكلات الخاصة باستعمال البيت بسبب كون حاجات الأسر تختلف كثيراً في بعض الأوجه فيما بينها. وأكد الباحث الدكتور نوبي محمد حسن، الخبير في الهندسة المعمارية ضمن محتويات إصداره المتخصص في علم العمارة بعنوان «تصميم البيت الحديث»، الذي صدر حديثاً عن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أنه يخطئ من يعتقد أن دور المعماري في عملية التصميم هو دور الموجه للمالك أو المترجم لرغباته ومتطلباته فقط، إلا أن دور المعماري في عملية تصميم البيت دور مؤثر وفاعل، إذ إن صياغة وترجمة متطلبات المالك في قالب تصميمي ومنتج نهائي تتطلب قدح العقل واستمطار الأفكار لمحاولة التوصل إلى الفكرة التصميمية المناسبة إن لم تكن المبتكرة، وهي مطلب كل مالك يبحث عن التميز لبيت المستقبل. وأكد الباحث الدكتور حسن أن هناك تعارضات ربما تحدث بين المعماري والمالك ويضطر المعماري معها إلى تكرار الحوار مع المالك من أجل الحصول على منتج جديد، وهو إنما يلجأ لذلك بسبب عدم قدرة كثير من الملاك إلى إدراك فحوى الرسومات المعمارية وإن كانت الوسائل التقنية العصرية قد ساعدت المعماري على تقديم أفكاره للمالك في شكل رسومات ثلاثية الأبعاد أي مقطع مرئي لتصميم تفاصيل منزله برسومات تفصيلية دقيقة تمكنه من تخيل شكل بيته وهي ما تسمى بالعمارة الافتراضية. ويظهر تأثير دور المعماري واضحاً من خلال قراءة الاختلافات التي تبدو واضحة لبيت قام بتصميمه عن تصميم معماري آخر فهناك التوجه الفكري للمعماري ورؤيته لعملية التصميم والمسلك الذي يلزم أن تتبعه بجانب التفضيلات الجمالية للخطوط والأسطح والأشكال والألوان، وكل ما يمكن أن يؤثر في هيئة البيت الداخلية والخارجية. ##إعداد البرنامج التنفيذي يحدد الدكتور حسن، الخبير المعماري من خلال بحثه المتخصص مرحلة ما قبل التصميم بأنها تنتهي بإعداد البرنامج المعماري للبيت فمن احتياجات المالك وخبرة المعماري تتبلور قائمة بمتطلبات التصميم وعناصر البيت ومكونات كل عنصر وأبعاده والعلاقات الوظيفية بين العناصر والفراغات، على سبيل المثال: مجلس الرجال يعد أحد الفراغات المهمة في تصميم البيت السعودي وهو في ذهن أي مالك، وعندما يعرضه كمتطلب في التصميم يتعرف المعماري من المالك على مجموعة أسئلة مهمة تتعلق به ومنها: كم من الأشخاص يتوقع أن يستخدموا فراغ مجلس الرجال في وقت واحد؟ في أي الأماكن يفضل المالك وضع فراغ المجلس؟ أي الفراغات الأخرى التي يرغب المالك في وضعها قريبة من مجلس الرجال؟ هل هناك متطلبات خاصة يرغب المالك في أن تتوافر في مجلس الرجال؟ هذا بجانب خبرة المعماري في التصميم التي تلقي بظلالها على متطلبات تصميم فراغ مجلس الرجال وهي: أبعاد كل شخص داخل فراغ مجلس الرجال؛ مساحة الحركة المريحة في المجلس؛ احتياجات فراغ المجلس من إنارة وتهوية طبيعية وصناعية؛ احتياجاته من الخصوصية؛ علاقته ببقية فراغات البيت وخصوصاً فراغ الطعام ودورة المياه الخاصة ومنطقة المغاسل وغيرها. وما ينطبق على فراغ مجلس الرجال يمكن أن ينطبق على بقية فراغات المسكن. وعموماً في نهاية هذه المرحلة الفرعية يتبلور لدى المعماري والمالك مقترح برنامج معماري متكامل يشمل: الفراغات المطلوبة في المسكن ومسطح كل فراغ؛ احتياجات كل فراغ من الإنارة والتهوية الطبيعية والصناعية وأية احتياجات أخرى خاصة (الهدوء والخصوصية لغرف النوم والمكتب) وهكذا؛ التوجه المناخي المفضل لكل فراغ؛ قائمة بعناصر الفرش التي سيحتويها كل فراغ فيما بعد التنفيذ؛ العلاقات الوظيفية بين المكونات (تحدد على أساسها درجة قرب وبعد الفراغات عن بعضها ووضعها في طوابق المبنى)؛ مواد البناء وطريقة البناء التي تستخدم في تنفيذ البيت؛ دراسة أولية للتكلفة المتوقعة لعناصر البيت المختلفة. ونوه الباحث من أنه لا بد للمعماري من أن يتحدث كثيراً مع المالك، وربما مع أفراد أسرته، للتعرف على احتياجاتهم بدقة وأسلوب معيشتهم ودقائق حياتهم العامة والخاصة حتى لا يعتمد في أفكاره على الفروض أو التخمينات. ومثل هذه الجلسات قد يتخللها أسئلة غريبة أو محرجة للمالك، لكن عليه أن يعلم أن الإجابة عنها أهمية كبيرة في عملية تصميم وبناء البيت. وفي هذه المرحلة يقوم المعماري بدراسة موقع البيت والتعرف على الظروف المحيطة به، إذ إن مدى التعمق والعناية بدراسة هذا الموقع له أبلغ الأثر على نجاح تصاميم البيت سلباً أو إيجابا. يجب ألا ينسى كل من المعماري والمالك أن نجاح البيت في تحقيق متطلبات ساكنيه الوظيفية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية، يتوقف بدرجة كبيرة على البرنامج المعماري للبيت، لذا فإن صياغة البرنامج المعماري بدقة عملية مهمة وحساسة. ##طرق تصميم البيت يقصد بطرق التصميم أكثر من معنى، ويقصد الباحث الدكتور حسن هنا طريقتين لتصميم البيت: التصميم المقفل والتصميم المفتوح. فالتصميم المقفل يعني توجيه البيت إلى الداخل حول فراغ داخلي وهو قرار يأخذه المصمم بناءً على احتياجات المالك وظروف الموقع وأسلوب التخطيط المتبع فيه وطبيعة المجتمع الذي يبني فيه. وبشكل عام فإن التصميم المعماري للبيت يحدد من خلاله مسطح الفناء (أو الأفنية) وكذا ارتفاعه، فهناك دراسات توصي بألا تقل النسبة بين البعد الأكبر للفناء في المسقط الأفقي إلى الارتفاع عن 1.4 متر في المناخ الصحراوي الجاف شديد الحرارة، حيث يحقق ذلك حماية الفناء من نفاذ الهواء الساخن بداخله وترسب الأتربة. وعن الفناء فيوضح البحث أنه يسهم في تحقيق الإضاءة النهارية داخل البيت، حيث إنها مفضلة عن الإضاءة الصناعية، وقد تبين من دراسة تجريبية أن وجود الفناء يزيد من كمية الضوء الداخلة إلى هذه الغرف التي تنفتح على هذا الفناء، وأن ارتفاع الفناء طابقين هو أفضل ارتفاع بالنسبة لكمية الضوء، ويستمر ذلك حتى أربعة طوابق حيث تقل كمية الضوء بعد هذا الارتفاع. ##الإضاءة النهارية والصناعية وتتميز الإضاءة النهارية عن الإضاءة الصناعية بأنها الأنسب للعين، كما أنها المصدر المرجعي لمقارنة ألوان المصادر الأخرى، وكانت دراسات في بعض أنحاء العالم قد أكدت أن استخدام ضوء النهار يزيد من إنتاجية الفرد؛ ففي دراسة تمت على 108 مخازن من مخازن إحدى الشركات في الولايات المتحدة المتخصصة في الأسواق المركزية Supermarket تبين أن المخازن المضاءة بضوء النهار تبيع بنحو 40 في المائة أكثر مقارنة بالأسواق التي تضاء بالإضاءة الصناعية. كما أن بعض الدراسات التي أجريت على نحو 21 ألف طالب، أظهرت أن طلاب المدارس المضاءة بضوء النهار قد حققوا نتائج أفضل مقارنة بطلاب المدارس المضاءة بالإضاءة الصناعية في الرياضيات وفي القراءة وسرعة الأداء. ومن الحلول البيئية للتصميم المقفل استخدام ملاقف الهواء، سواء في العمارة التقليدية، أو في النماذج الحديثة، وملقف الهواء عبارة عن فراغ رأسي يجلب الهواء لفراغات البيت ويتم وضعه في مناطق تحقق الاستفادة منه. كما يصمم بأبعاد في المسقط الأفقي والقطاع الرأسي بالشكل الذي يسمح بدخول الهواء من خلاله في حالة استخدامه لجلب الهواء البارد، وخروجه منه في حالة استخدامه كطارد للهواء الساخن. وللملقف الهوائي العديد من الفوائد والمزايا التي تعود بالفائدة على قاطني البيت متى ما أحسن المعماري اختيار التصميم المناسب وتنفيذه حسب المواصفات القياسية المقبولة. ##التصميم المفتوح التصميم المفتوح هو النمط الحديث من أنماط تصميم البيوت حيث يتم توجيه الفراغات إلى الخارج ويلغي تماماً الفناء الداخلي، أو في حالة وجوده لا يستفاد منه في توجيه الفراغات عليه وقد جاء نمط التصميم المفتوح إلى المجتمعات العربية والإسلامية، بسبب التأثير الغربي وتبادل الثقافات. وللتصميم المفتوح إيجابيات وسلبيات فمن أهم الإيجابيات المصاحبة لطريقة التصميم المفتوح تحقيق مطلات متنوعة للغرف وتحقيق مسطح كبير من الواجهات الخارجية التي يمكن أن تتنوع المطلات عليها، ولا يتحقق ذلك إلا في حالة وجود فراغات كبيرة محيطة حول البيت تتم زراعتها وتحقيق المطلات عليها. أما عن أهم السلبيات فتتلخص في صعوبة تحقيق الخصوصية، مما يدفع الملاك إلى عمل السور الخارجي بشكل مصمت يحجب رؤية المبنى، ليس هذا فحسب بل إن بعض الملاك يبالغون في زيادة ارتفاع السور الخارجي للبيت وعمل إضافات بواسطة المعدن أو الخشب، مما يشوه جماليات التصميم، ويضيف عبئا ماليا جديدا على التكلفة. هذا عدا التكلفة المادية التي تتراوح بين 15 و20 في المائة من تكلفة الإنشاء. ##الهندسة القيمية والتصميم يسهم تطبيق الدراسات القيمية في مرحلة تصميم البيت وقبل بنائه في تفادي العديد من السلبيات الشائعة، والتي من أهمها: عدم رضا الكثير من الملاك عن بيوتهم رغم إنفاق الكثير عليها في البناء والتجهيز؛ التركيز في التصميم أو في عمليات تطويره أو مراجعته على الناحية الوظيفية أو الجمالية وعدم إعطاء الاهتمام الكافي للناحية المالية المصاحبة؛ شدة التركيز على التكلفة الأولية المنظورة في مرحلة التصميم وإغفال التكلفة الكلية التي تشمل تكاليف غير منظورة، مثل تكلفة التشغيل والصيانة، مع العلم بأن التكاليف الأولية قد تراوح ما بين 6 و30 في المائة من التكلفة الكلية للمشروع. وقد أثبتت التجربة أن الدراسة القيمية يمكن أن تكون ذات أثر إيجابي عظيم إذا ما عملت في مرحلة أولية من التصميم بينما يقل ذلك الأثر تدريجياً مع تقدم مراحل المشروع إلى أن يصبح قليلاً جداً بعد دخول المشروع مرحلة التنفيذ. ومما يجعل البعض يحجم عن استخدام الدراسات القيمية الاعتقاد الخاطئ بأن هذه الدراسات تستغرق وقتاً طويلاً مما يؤخر تنفيذ المشروع، بينما الحقيقة أن هذه الدراسات قد لا تتعدى شهراً وغالباً ما تقدم بدائل تقلل من المدة الكلية اللازمة لتنفيذ المشروع. كما يلزم التنويه إلى أن هناك فرقاً كبيراً بين الهندسة القيمية وبين أسلوب خفض التكلفة المعتاد، حيث إن أسلوب خفض التكلفة مبني على تجزئة المشروع وإلغاء بعض هذه الأجزاء أو تأجيلها بينما الهندسة القيمية مبنية على تحليل وظائف المشروع، ومن ثم طرح بدائل تؤدي الغرض المطلوب وبتكلفة أقل، وقد تكون هذه البدائل مختلفة تماماً عما هو موجود في التصميم الأصلي. #5# ##أخطاء التصميم والبناء صنف الباحث أخطاء التصميم والبناء إلى نوعين هي: أخطاء مرحلة التصميم، وأخطاء مرحلة التنفيذ. وتعتبر مرحلة التصميم عرضة لحدوث الأخطاء أكثر من مرحلة التنفيذ، وذلك لأن التعامل مع البيت هنا يكون بشكل خيالي حتى بعد تحويل الفكرة إلى رسومات توضح عناصر البيت المختلفة. ولا تمثل أخطاء مرحلة التصميم أية مشكلة حال اكتشافها، حتى ولو استغرقت وقتاً في تصحيح الأخطاء. أو تكلفت بعض المال، لأن المشكلة الكبرى هي انتقال الخطاء من مرحلة التصميم إلى مرحلة التنفيذ، حيث يتحول الخطأ إلى كارثة للبيت في حال كون الخطأ مرتبطا بالتصميم الإنشائي للبيت. وبشكل عام فإن الأخطاء الخاصة بمرحلة التصميم تقترن بالأطراف المشاركة فيها وهما المعماري والمالك. وحسب تقديرات مؤسسة أبحاث البناء البريطانية، فإن 60 في المائة من المشاريع المدروسة في بريطانيا تحتوي على أخطاء تصميم، وهذا الخطأ يراوح ما بين خطأ وظيفي بسيط مثل خطأ في اتجاه أو مكان فتحة نافذة أو باب وخطأ إنشائي كبير، كما أن 90 في المائة من أخطاء تصميم البناء تنشأ بسبب فصل تطبيق المعلومات الموجودة، والأكثر من ذلك هو النقص والضعف في إدارة هذه المعلومات. ومن أبرز الأخطاء التي يمكن أن يتسبب فيها المالك سوء تقديره للاحتياجات الفعلية في البيت له ولأسرته، مما ينتج عنها أخطاء في البرنامج سواءً بزيادة العناصر والمكونات أو نقصها، وربما يكشف الخطأ أثناء التنفيذ ويؤدي إلى حدوث التعديلات التي تعطل سير العمل وتكون من أسباب النزاع وقد لا يكتشف إلا بعد تمام تنفيذ البيت. مرحلة التنفيذ لا تقل أهمية عن مرحلة التصميم، وهي الأخرى عرضة لحدوث الأخطاء ويظهر صعوبة هذه المرحلة حال عدم اكتشاف الخطأ إلا بعد تنفيذ الجزء مشتملاً على الخطأ، ولو كان الأمر يقتصر على الخطأ الفني فقد تكون المشكلة بسيطة، أما لو أن الخطأ في النواحي الإنشائية ربما سبب كارثة أثناء أو بعد التنفيذ. ##تطبيقات البيت الذكي تناول الباحث الدكتور حسن في هذا الجزء مفهوم البيت الذكي وفسر معناه بأنه المسكن المجهز بطريقة تقنية اكتسب بها القدرة على التفكير؛ من أجل تغيير سلوكه وفقاً لاحتياجات الساكن، بالتكيف مع الظروف الخارجية، أي أنه يعني القدرة على برمجة المسكن بطريقة إلكترونية بمجموعة من الاحتمالات الممكنة الحدوث التي تمكن مكوناته المختلفة من التكيف والتصرف وفقاً لما يقابله من ظروف ومتغيرات معروفة مسبقاً. ويمكن القول بأن درجة ذكاء المسكن تتوقف على مقدار ما يحقق، ومقدار ما يستخدم من تقنيات، ومقدار ما يحتوي من الاحتمالات التي يتصرف البيت في نطاقها، وعلى مدى اتساع المجال العمراني الذي يعمل في نطاقه ويتعامل مع مكوناته الأخرى من مبان وشبكات ومرافق. وتتنوع تطبيقات الأنظمة الذكية في البيوت ويتناول هذا الجزء فكرة مبسطة ومنها: الإنارة الآلية: حيث يتم ربط شبكة الكهرباء في البيت بجهاز التحكم الذكي، ويمكن ضبط أية وحدات لكي تعمل من تلقاء ذاتها، سواء بوقت محدد أو نتيجة لتأثيرات أخرى خارجية. الإنذار للحريق: تم تطوير أجهزة الكشف عن الدخان والتدخل الآلي للإطفاء من خلال ربط عناصر شبكة الإنذار ببعضها رقمياً ومن خلال ربطها بأنظمة التحكم في المنظومات متعددة الوظائف في البيت. التحكم في التكييف: يتيح ربط وحدات التكييف المختلفة داخل فراغات البيت، أو التكييف المركزي بالمنظومة الذكية داخل البيت إمكانية التحكم عن بعد في تشغيل الأجهزة أو إطفائها. التحكم في الأبواب والنوافذ: ارتبطت الأبواب والنوافذ بالمنظومة الذكية في البيت وقد أتاح ذلك التحكم في غلق أو فتح الباب أو النافذة وفقاً لرغبات أفراد الأسرة بل أصبح بالإمكان التحكم بها عبر الهاتف المحمول أو الإنترنت. الري الآلي: إن ربط المياه المستخدمة في ري النباتات بجهاز التحكم الرقمي في منظومات البيت الذكي أتاح إمكانية التحكم في كمية المياه، وكذا وقت الري المطلوب. التحكم في الأجهزة المنزلية: مع تطور الأنظمة الذكية في البيوت أمكن معها ربط الأجهزة المنزلية: مثل الثلاجة والموقد بنظام التحكم الآلي والغسالة. ##مستقبل الأنظمة الذكية أوضح الدكتور حسن بشأن هذا الموضوع أن التوقعات المستقبلية للأنظمة الذكية في البيوت السكنية تشير إلى أنها ستكون أكثر ذكاءً وتفاعلاً مع المستخدمين حيث يتمكن البيت من تحديد وقت غيابنا عنه بدقة. وحينئذ سيضع نفسه أتوماتياً في طور السكون dormant mode ويذهب في سبات عميق لحين عودتنا للمنزل، بعد أن يخفض من درجة حرارته للتقليل من تكاليف الطاقة أو أن يسدل ستائر النافذة في الصيف لتظل الغرفة أكثر برودة. وإذا ابتعدنا عن المنزل لفترة طويلة فإنه سيدرك ذلك بصورة تلقائية ويقوم بخفض التدفئة إلى درجة أقل مما لو كان غيابنا عن المنزل سيستمر لبضع ساعات. كذلك مع تكامل الأنظمة بشكل كبير، فإنه سيصبح بالإمكان توصيل كل جهاز داخل المنزل الذكي بشبكة الكهرباء مباشرة، وبدلاً من إرسال فاتورة بالاستهلاك الكلي للطاقة الكهربائية، فإن الشركة بإمكانها وضع قائمة مسلسلة تتضمن استهلاك كل جهاز على حدة، ما يسهل على المستهلكين التحكم في استغلال الطاقة على نحو أفضل، نظراً لاستيعابهم طرق الاستخدام المطورة. ويمكن لشركات الكهرباء أن تحيط أصحاب البيوت علماً بفرص التوفير الممكنة للطاقة، وذلك على نحو مباشر عبر شاشات التلفزيون؛ فمثلاً لو أن أحد أفراد المنزل قد قام بضبط الثيرموستات لتصل درجة الحرارة إلى 80 درجة فهرنهيت في إحدى ليالي الشتاء فستظهر على شاشة التلفزيون رسالة متحفظة تخبر صاحب المنزل بمقدار التوفير في الطاقة إذا ما تم خفض الحرارة إلى 72 درجة. وبهذا الأساس لا يمكن إغفال الدور الذي يمكن أن تلعبه المساكن الذكية في الدراسات التي تشمل إشكالية التيسير في المسكن المعاصر، فاليوم قد أصبح المستقبل أقرب بكثير مما كان عليه في الماضي. ولا يجب النظر إلى إشكالية التيسير في المسكن على أنها التوفير في عملية البناء وفقط، بل إن لها جوانب عديدة من أهمها - ما يرتبط بهذه الدراسة - تيسير الحياة على السكان، وتقليل فراغات المسكن وأثاثه، والوفر في استهلاك الطاقة، بجانب تسهيل عملية الصيانة، كل ذلك من خلال منظومة المسكن الذكي، وهو ما يمكن تحقيقه في المستقبل بشكل فاعل. ##دراسات شاملة واقعية وشدد الدكتور نوبي محمد حسن على أهمية توجيه البحث العلمي نحو دراسات شاملة لتجارب واقعية للمساكن الذكية ومعرفة مدى تأثيرها في الجوانب المختلفة (اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً) من حياة الأسرة. وختم الباحث هذا الجزء بمقولة «فرانك كليش» : صحيح أن هناك أشياء ما زال بيننا وبين تحقيقها بون شاسع مثل الأبواب الحساسة للأصوات، بينما نحن بالفعل أقرب ما نكون من تحقيق أشياء أخرى. إنه يمكن القول بشكل عام إن التطور نحو البيت الذكي يسير بخطى أسرع ما يعتقد غالبية الناس. إن البيوت التي سيشتريها أولادنا ستكون مختلفة عن البيوت التي نعيش فيها اليوم، وسيجثو أبناؤنا على ركبتيهم طالبين لنا أن نحكي لهم عما مضى قبل اختراع الأجهزة الذكية، وأنهم سيضحكون ملء أشداقهم عند سماعهم حكايات عن إدارة مفتاح الكهرباء وإغلاق النوافذ عند هطول الأمطار، ولن يصدقوا أبداً أن البيوت لم تكن تسمع أصواتنا وترد عليها. وإذا كان الآباء يجدون الآن أن أمور السباكة الداخلية وأعمال الكهرباء أمور مسلم بها، فإنهم لن ينشغلوا بمثل هذه الأمور ولكن ما سيشغلهم أمور أخرى مثل (استدعاء البيت هاتفياً). أو تهيئة جو الغرفة بما يتلاءم مع مزاج اللحظة في وقت من الأوقات؛ باختصار فكل شيء من أمر ذلك العالم القديم الطريف سيكون مصدراً لدهشتهم. بقدر دهشتنا لدى سماع ما كان يرويه لنا أجدادنا عن زمانهم الأكثر بدائية وبساطة.

الأكثر قراءة