ما حصل بين البنوك السعودية ومجموعة سعد ليس تسوية.. بل استدخال للأصول المرهونة
أكد الدكتور محمد بن سليمان الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، أن المؤسسة حريصة على أن يكون المقترض من البنك (العميل) على اطلاع تام بما سيدفعه عند الاقتراض، وقال المحافظ "نلزم البنوك بشرح تفاصيل القرض بشكل وافٍ لكل عميل. ونتيجة لذلك فإن المنافسة هي المحدد للعمولات التي من الواضح انخفاضها بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية".
جاء ذلك في سياق إجابة المحافظ عن سؤال ضمن حوار موسع أجرته معه "الاقتصادية" لصالح إصدار (الاقتصاد العالمي 2010)، حيث تساءلت "الاقتصادية" عن مسببات ارتفاع فائدة القروض حاليا لدى البنوك رغم خفض الفائدة الأساسية من قبل مؤسسة النقد. وتابع المحافظ يقول "إن العمولات على القروض الشخصية تحكمها ثلاثة عوامل رئيسة هي التكلفة والمخاطر والمنافسة، وفي ظل انفتاح الأسواق والمنافسة الشديدة بين البنوك في جذب العملاء فإن البنك يحدد العمولة على القروض التي يمنحها وفقاً لتلك العوامل الثلاثة. تجدر الإشارة إلى أن عمولة القروض الشخصية تحددها قوى السوق وأن المنافسة بين البنوك وتباين درجات مخاطر العملاء تؤدي إلى اختلاف العمولات على القروض".
وفي قضية أخرى تتعلق بالقطاع المالي السعودي ظهرت منتصف العام الماضي، وهي قضية تعثر مجموعتي سعد والقصيبي.. وفي سؤال للمحافظ حول معالجة القضية مع البنوك المحلية في حين أن هناك بنوكا أجنبية منكشفة على المجموعتين أبدت (ربما تذمرها) من تلك المعاملة التي لم تشملها، أكد الدكتور الجاسر أن "مؤسسة النقد تقوم بعملها وفقاً لما نص عليه نظامها الأساسي ونظام مراقبة البنوك من مهام شملت المحافظة على سلامة واستقرار النظام المصرفي المحلي وحماية أموال المودعين فيه. وكما تعلمون فإن مجموعتي سعد والقصيبي مؤسسات تجارية عائلية ليس لمؤسسة النقد سلطة إشرافية مباشرة أو غير مباشرة علي أي منهما، وقد علمنا من البنوك السعودية بأن ما حصل مع مجموعة سعد ليس تسوية بل عملية استدخال للأصول المرهونة وهو الأمر الذي قامت به البنوك الأجنبية نفسها منذ بداية الأزمة، ولكن لا تزال المشكلة قائمة بالنسبة لبقية المديونية للبنوك المحلية والأجنبية ولم يتم حسب علمنا أي تسويات".
تطرق حوار الدكتور الجاسر إلى قضايا عديدة تتعلق بالسياسة النقدية السعودية، خاصة مع انطلاق الاتحاد النقدي الخليجي وترقب تشكيل المجلس النقدي الذي سيأخذ على عاتقه إدارة الوحدة النقدية الخليجية. هنا تفاصيل الحوار وهو الأول على مستوى الصحافة المحلية والعربية منذ تسنم الجاسر منصب محافظ مؤسسة النقد بعد صدور الأمر الملكي بذلك في شباط (فبراير) 2009.
#2#
## لعبت السياسة النقدية السعودية دوراً محورياً في مواجهة التضخم عام 2007م وفي احتواء الأزمة عامي 2008 و2009 بخفض الفائدة والاحتياطي الإلزامي. ومع وجود مؤشرات للضغوط التضخمية حالياً هل نتوقع أن يتم تحرك في السياسة النقدية برفع الفائدة في الأمد القريب؟
في البداية يجب التسليم بأن التضخم جزء من الدورات الاقتصادية لاقتصادات السوق وبالتالي فليس هناك من طريقة لتفادي ظهور التضخم في كل الأحوال، المهم هو كيف يتم التعامل معه لخفض التكاليف على الاقتصاد عند ظهوره في فترات الفورات الاقتصادية. لا شك أن السياسة النقدية تلعب دوراً محورياً في مواجهة الضغوط التضخمية في أي بلد، ونحن في المملكة العربية السعودية نتعامل مع هذه الظاهرة وفقاً للتشخيص الدقيق لمنشئها وأسبابها ومن ثم تتخذ السياسات الاقتصادية المناسبة لاحتوائها. وشهدت المملكة ضغوطاً تضخمية ارتبطت بزيادة الإنفاق المحلي في بعض الفترات كان أولها خلال فترة خطة التنمية الأولى 1970-1975، ثم في فترة حرب تحرير الكويت في عامي 1990-1991، ثم في الأربع سنوات الماضية 2005-2009، وتم التعامل مع الضغوط التضخمية بنجاح في كل فترة زمنية حسب طبيعة كل ظاهرة وأسبابها. ومن الملاحظ أن الضغوط التضخمية في الآونة الأخيرة نشأت جزئياً من ارتفاع الأسعار في البلدان المصدرة للسوق السعودية أي من الشركاء التجاريين للمملكة، حيث تَمثّل في ارتفاع تكلفة السلع والخدمات المستوردة من خارج المملكة، وتمت مواجهة هذا النوع من التضخم وفقاً لمزيج من السياسات التجارية وسياسات دعم أسعار السلع الضرورية ودعم دخل الفئات المنخفضة الدخل. أما التضخم لأسباب محلية مثل تضخم إيجارات العقار نتيجة لارتفاع وتيرة الطلب المحلي فقد تم التعامل معه وفقاً لسياسة الائتمان المحلي، إضافة إلى التجاوب الإيجابي من جانب الطلب. وفيما يتعلق بالسياسة النقدية في عام 2010، فإن ذلك يعتمد على تحليل دقيق للأوضاع النقدية المحلية وتطورات الأسواق العالمية في حينها.
# فائدة القروض الشخصية
## رغم أن الفائدة الأساسية متدنية حالياً.. إلا أن البنوك ترفع فائدتها على القروض الشخصية والقصيرة الأجل إلى مستويات عالية، وهو ما يمثل تقاطعا من السياسة النقدية.. هل ترون ما يبرر هذا الرفع من قبل البنوك؟
العمولات على القروض الشخصية تحكمها ثلاثة عوامل رئيسة هي التكلفة والمخاطر والمنافسة، وفي ظل انفتاح الأسواق والمنافسة الشديدة بين البنوك في جذب العملاء فإن البنك يحدد العمولة على القروض التي يمنحها وفقاً لتلك العوامل الثلاثة. تجدر الإشارة إلى أن عمولة القروض الشخصية تحددها قوى السوق وأن المنافسة بين البنوك وتباين درجات مخاطر العملاء تؤدي إلى اختلاف العمولات على القروض. ونحن في المؤسسة نحرص على أن يكون العميل على اطلاع تام بما سيدفعه عند الاقتراض ونلزم البنوك بشرح تفاصيل القرض بشكل وافٍ لكل عميل. ونتيجة لذلك فإن المنافسة هي المحدد للعمولات التي من الواضح انخفاضها بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية.
# الائتمان والأزمة المالية
## خفضت مؤسسة النقد الاحتياطي الإلزامي للبنوك نهاية عام 2008 من 13 في المائة إلى 7 في المائة لتعزيز السيولة لدى البنوك، وهو قرار اعتبر من أكثر تحركات السياسة النقدية تأثيراً لمواجهة الأزمة العالمية، لكن البنوك في المقابل أحجمت عن التمويل، وهناك من يقترح أن تضع مؤسسة النقد ضوابط قد تكون إلزامية تدفع البنوك إلى تدوير جزء من هذه السيولة في الداخل .. هل ترون أن الأمر يستوجب ذلك؟
البنوك لديها سياسات لإدارة المخاطر وهي تتبع في ذلك الإجراءات والتعليمات التي تضمن لها المحافظة على أموال المودعين، وإدارة البنك مسؤولة أمام حملة الأسهم لتحقيق أرباح. ولا أعتقد أن انخفاض نمو الإقراض ناتج من جانب العرض وهو إحجام البنوك عن الإقراض فقط ولكن جانب الطلب تأثر أيضاً نتيجة للأزمة العالمية فبعد الأزمة العالمية التي أثرت في كثير من المؤسسات المالية العالمية، راجعت البنوك سياسات الإقراض لديها وأصبحت أكثر تحفظاً في إدارة المخاطر. ويتجانس سلوك البنوك المحلية مع مثيلاتها في دول أخرى من ناحية التحفظ في الإقراض فالمحافظة على رأس المال وعلى مراكز مالية متينة له الأولوية على البحث عن الزيادة في الربحية أخذاً في الاعتبار الأوضاع المالية العالمية. هذه السياسة التي تتعامل مع الدورات الاقتصادية هي التي نتبعها في سياستنا الإشرافية وقد أدت ولله الحمد إلى نتائج إيجابية وأضحت بنوكنا من أقل البنوك تأثراً بالأزمة العالمية. ودور مؤسسة النقد في هذا الشأن هو دور تنظيمي ورقابي. ولا يقل في هذا الإطار دور المستثمرين المقترضين في إعادة تقييم استثماراتهم وبالتالي تأخير بعض المشاريع والقروض المرتبطة بها. ويلزم التنويه هنا إلى أن نسبة الإقراض إلى الناتج المحلي للقطاع الخاص في ارتفاع مستمر مما يدل على الدور الإيجابي للإقراض المصرفي.
#3#
# لا تحول في نظام سعر الصرف
## في ظل توقعات بمواجهة الدولار مزيداً من الضعف في 2010 ومع تأكيداتكم الإبقاء على العملة المحلية مرتبطة بالعملة الأمريكية، هل نتوقع أن يتم إحداث تغيير في سعر الصرف لمواجهة التضخم المستورد؟
تأكيداتنا الإبقاء على العملة المحلية مرتبطة بالدولار الأمريكي تنطلق من كون نظام سعر الصرف الحالي خدم الاقتصاد الوطني بشكل ممتاز خلال العقدين الماضيين وهو يستند في ذلك إلى قاعدتها الاقتصادية ونمط تدفقات النقد الأجنبي فيها. علاوة على ذلك، فالمملكة إحدى دول مجلس التعاون ولدينا اتفاق على إبقاء الدولار عملة ربط حتى الدخول في الاتحاد النقدي الخليجي. ومن هذا المنطلق فليس هناك ما يبرر إجراء تحول في نظام سعر الصرف أو أي تعديلات على سعر صرف الريال السعودي مقابل الدولار الأمريكي بناءً على تقلبات سعر صرف الدولار الدورية في الأسواق الدولية، وهي ليست دائماً في اتجاه واحد.
## تعاني البنوك المحلية تقلص قنوات الاستثمار مع خفض الفائدة، ما دفعها إلى استثمار مزيد من أصولها في الخارج، هل ترون أن هذا الأمر يدعم تغيير سعر الفائدة محلياً؟
لا أتفق مع هذا الاستنتاج، حيث إن معظم استثمارات القطاع المصرفي مستثمرة محلياً في السوق السعودية، ولعله من المناسب هنا ما دام الحديث عن الاستثمار التنويه إلى أن المنشآت المالية الناضجة والناجحة تركز عند اتخاذ قراراتها الاستثمارية على الفرص الاستثمارية الآمنة وقليلة المخاطر بغض النظر عن مواقعها الجغرافية، وهذه المزايا، ولله الحمد، متوافرة في السوق المحلية، بل إن السوق السعودية وكما أثبتت تلك التقارير الدولية المتعددة تعد إحدى أكثر الأسواق جاذبية للاستثمار الخارجي ليس في المنطقة فحسب بل في العالم أجمع. ومما يدل على ذلك تجاوز إجمالي مطلوبات المصارف التجارية من القطاعين الخاص والعام نسبة 100 في المائة من إجمالي الودائع المصرفية في نهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2009.
# قضية «سعد» و«القصيبي»
## كيف تقيمون تأثيرات تعثر مجموعتي سعد والقصيبي في القطاع المالي السعودي؟
سبق أن أشرنا في أحاديث سابقة إلى أن التأثير سيكون فقط في ربحية بعض البنوك بسبب المخصصات التي سيتم تجنيبها خلال العام والتي تعكس السياسة التحفظية التي تتبعها البنوك لمقابلة الديون المشكوك في تحصيلها. ولكن ليس هناك أي تأثير من تعثر تلك المجموعتين على متانة وقوة، وملاءة القطاع المصرفي.
## عبرت بعض البنوك الأجنبية عن استيائها عند اتفاق مجموعة سعد مع عدد من البنوك المحلية على تسديد ديون قائمة لها، فما رد معاليكم على ذلك؟
أود بدايةً التأكيد على أن مؤسسة النقد تقوم بعملها وفقاً لما نص عليه نظامها الأساسي ونظام مراقبة البنوك من مهام شملت المحافظة على سلامة واستقرار النظام المصرفي المحلي وحماية أموال المودعين فيه. وكما تعلمون فإن مجموعتي سعد والقصيبي مؤسسات تجارية عائلية ليس لمؤسسة النقد سلطة إشرافية مباشرة أو غير مباشرة علي أي منهما. ومعلوم أن منح الائتمان هو من أساسيات عمل البنوك التجارية ولذلك فعليها اتخاذ الحيطة والحذر عند ممارسة نشاط الإقراض والتأكد من ملاءة العميل وتوافر الضمانات الكافية لمنح الائتمان. وهذا ما تؤكد عليه المؤسسة دائماً، كما أن من حق المصارف عند منح القروض الحصول على أصول ورهونات يسهل تسييلها لضمان استرداد حقها عند تعرض العميل للتعثر المالي. وهذا الحق ليس مقصوراً على البنوك السعودية فقط ولكنه عرف متبع في جميع دول العالم. وقد علمنا من البنوك السعودية بأن ما حصل مع مجموعة سعد ليس تسوية بل عملية استدخال للأصول المرهونة Set Off وهو الأمر الذي قامت به البنوك الأجنبية نفسها منذ بداية الأزمة. ولكن لا تزال المشكلة قائمة بالنسبة لبقية المديونية للبنوك المحلية والأجنبية ولم يتم حسب علمنا أي تسويات.
#4#
# لا للخلط بين الإفصاح والتشهير
## يرى بعض المحللين عدم وضوح وشفافية في إفصاح المؤسسة عن انكشاف البنوك المحلية لمجموعة من الدائنين مثل مجموعتي سعد والقصيبي وبعض الشركات في دولة الإمارات العربية المتحدة، وينادون بالإفصاح الشامل عن حجم تعثر كل بنك عن كل عميل على حدة، فما تعليق معاليكم على ذلك؟
يُعد الحفاظ على استقرار القطاع المصرفي أحد أهم أسس النمو الاقتصادي المستديم. ويلاحظ المتابع للقطاع المصرفي السعودي خلال السنوات الماضية الجهد المبذول للحفاظ على سلامة ومتانة وملاءة المصارف التجارية، وتوفير البيئة المناسبة التي تساعد على تسهيل فعالية عمليات وساطتها المالية، وتقديم أحدث الخدمات المصرفية. ومن المعلوم بأن عملية قبول الودائع ثم إعادة ضخها في الاقتصاد عن طريق الإقراض هي أساس عمل البنوك، وهي عملية ضخمة ومستمرة يكتنفها بعض المخاطر التي تحرص المؤسسة والبنوك على أن تكون في حدودها الدنيا. وإيماناً من المؤسسة بأهمية الشفافية في سلامة العمل المصرفي، اعتادت الإعلان عن مدى انكشاف القطاع المصرفي بشكل عام تجاه العملاء المتعثرين دون التطرق إلى كل مصرف أو مدين على حدة لأن ذلك يتجاوز مسألة الإفصاح إلى مسألة تسريب معلومات ائتمانية سرية بين العميل والبنك والتي يجب الالتزام بها حتى في حالات التعثر. وغالباً ما تؤدي إعلانات الانكشاف لكل مصرف وعميل إلى زيادة حدة مخاطر الانكشاف، كما أنها تنعكس سلباً على العميل نفسه، وقد تطول أنشطة أخرى له مما قد يفاقم الوضع إلى درجة عدم قدرته على الوفاء بالتزامات ليس لها علاقة بالانكشاف، إضافة إلى الأضرار التي قد تطول المصرف المقرض ومساهميه. وأخيراً، فأنا على يقين بأن الإعلان عن مديونية كل عميل متعثر في السداد على حدة قد يكون ضرباً من ضروب التشهير، ولا يمت للعمل الرقابي والإشرافي الفاعل بصلة، كما أنه ينعكس سلباً على النظام المصرفي والاقتصاد الكلي بشكل عام. إن الأمر الأهم وجود أنظمة وتعليمات وضوابط تلزم البنوك بأخذ المخصصات الكافية من أرباحها لتغطية أي قروض أو استثمارات متعثرة حماية لأموال المودعين ولسلامة القطاع المصرفي أجمعه والإفصاح عن ذلك بشكل صريح. وكما ذكرت آنفا، فإن تعثر بعض العملاء صفة ملازمة للعمل المصرفي في كل زمان ومكان، وبالتالي فإن الخلط بين الإفصاح والتشهير سيؤدي إلى نشر صفحات في الصحف اليومية عن كل حالة تعثر لحامل بطاقة ائتمان أو قرض شخصي أو قرض مؤسسي. ولا أعتقد أن هذا أمر حصيف من الناحية المصرفية أو الناحية الاجتماعية بل وأعتقد جازماً أن هذا قد يقود إلى تقويض الاستقرار المالي للمؤسسات المالية والنظام المالي. ولذلك ننادي في مؤسسة النقد العربي السعودي إلى مزيد من الشفافية والإفصاح والابتعاد عن التشهير وتوطيد أطر الحوكمة الفاعلة وإدارة المخاطر حماية لأموال المودعين والمساهمين وفوق ذلك توطيد الاستقرار المالي الوطني. كما عمدت المؤسسة إلى التأكد من اتباع البنوك أفضل الممارسات العالمية بما في ذلك تطبيق المعايير المحاسبية الدولية، ما يعزز من الشفافية في القوائم المالية.
# الاتحاد النقدي الخليجي
## انطلقت هذا العام الوحدة النقدية الخليجية ممثلة في تأسيس المجلس النقدي الذي سيضع ترتيبات البنك المركزي والعملة الموحدة. كيف تقيمون الاقتصاد الخليجي مع هذه الوحدة؟
يعني إقرار اتفاقية الاتحاد النقدي من قادة دول المجلس والمصادقة عليها من الدول الأربع الأعضاء في الاتحاد النقدي قيام المجلس النقدي. وكما تعلمون فإن حجم اقتصاد الاتحاد النقدي بعد انطلاقه سيصبح نحو 751 مليار دولار، وسيجلب عديدا من المنافع للدول الأعضاء، سواءً على المدى القصير أو المدى الطويل، حيث إن الاتحاد النقدي سيقلل مخاطر سعر صرف العملات والتكاليف المرتبطة بها وسيؤدي إلى وضوح وتقارب سياسات التسعير، إضافة إلى تعزيز دور الدول الأعضاء ككتلة اقتصادية واحدة. من جانب آخر سيؤدي قيام الاتحاد النقدي إلى تعزيز التجارة البينية ويسهل عملية التبادل التجاري بين الدول الأعضاء، والمؤمل أن يساعد على تطوير وتكامل الأسواق المالية للدول الأعضاء، إضافة إلى مزيد من التنسيق في السياسات الاقتصادية التي ستؤثر إيجاباً في الاستثمار في الدول الأعضاء.
## يتساءل بعضهم كيف ستتم المواءمة بين السياسة النقدية المحلية والخليجية إلى حين ظهور العملة الموحدة؟
في البداية تجدر الإشارة إلى أن السياسات النقدية الوطنية للدول الأعضاء متقاربة ومتسقة بشكل كبير نظراً لاستخدامها للدولار الأمريكي مثبتاً مشتركاً لعملاتها الوطنية باستثناء دولة الكويت التي أبدت التزامها بالاتحاد النقدي. أما فيما يتعلق بمواءمة وتنسيق السياسات النقدية المحلية للدول الأعضاء فإنها من مهام المجلس النقدي المزمع قيامه قريباً، فهو المسؤول عن تهيئة وتنسيق السياسات النقدية وسياسات أسعار الصرف للعملات الوطنية إلى حين إنشاء البنك المركزي.
# دور المملكة في الاستقرار المالي العالمي
## أصبحت المملكة بفضل سياستها النقدية عضواً في مجلس الاستقرار المالي.. كيف تصفون دور المملكة في هذا المجلس؟
دور المملكة في هذا المجلس سيكون من واقع تجربتها الحصيفة في الإدارة الاقتصادية ومنهجها الإشرافي المتين ومحافظتها على استقرار نظامها المصرفي المحلي الذي جنّب المملكة الوقوع في أخطاء قد تكون نتائجها قاسية على اقتصاد المملكة، ما أهلها للانضمام لمجلس الاستقرار المالي. والمملكة عضو فاعل في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التسويات الدولية ولجنة بازل للإشراف المصرفي. ومثل أي عضو في مجلس الاستقرار المالي، فإن دور المملكة يكمن في المحافظة على الاستقرار المالي، والحفاظ على الانفتاح والشفافية في القطاع المالي، وتنفيذ المعايير الدولية ومتابعة تطبيقها، والتقييم الدوري للقطاع المالي مع دراسة ما يقدمه صندوقا النقد والبنك الدوليان من تقارير حول تقييم القطاع المالي. هذه المهام جميعها من الأمور الأساسية التي يجب أن يقوم بها كل عضو في مجلس الاستقرار المالي، ما يساعد المجلس على أداء مهامه الرئيسة المناطة به. وهذا الدور مرتبط بالدور الذي تمارسه المملكة كونها عضواً مؤسساً في مجموعة العشرين للاقتصادات الأهم في العالم.
## يؤدي محافظو البنوك المركزية في مجموعة العشرين دوراً كبيراً لإعادة صياغة النظام المصرفي العالمي، أين بلغت الجهود التي ترمي إلى عدم تكرار الأزمة المالية؟
تبنت مجموعة العشرين جملة من التدابير والقواعد والإصلاحات الضرورية لتلبية احتياجات الاقتصاد العالمي. وعملت المجموعة أيضاً على تحسين جودة وملاءة النظام المصرفي والحد من تأثره بالتقلبات الدورية. وبهذا الخصوص، اتفقت المجموعة على وضع قواعد دولية بنهاية عام 2010 لتحسين جودة وحجم رؤوس أموال المصارف ولمنع دوافع الإفراط في منح الائتمان، والاتفاق على تبني جميع المراكز المالية الرئيسة لإطار بازل 2 لرأس المال في عام 2011. ولتعزيز النظام المالي، يتولى مجلس الاستقرار المالي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي تصميم نظام للإنذار المبكر من المخاطر المالية ومخاطر الاقتصاد الكلي وتقديم الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه المخاطر. والمأمول أن تتمكن جميع الدول الأعضاء، خاصة الدول ذات القطاعات المالية الكبرى التي تأثرت بسبب ضعف الأنظمة الرقابية فيها، من سن التشريعات المطلوبة وتنفيذها.