خبراء: استحداث منتج تأميني سيحمي الصكوك والمستثمرين من خطر التعثر
تتساءل صناعة المال الإسلامية، وهي تستقبل السنة الميلادية الجديدة، فيما إذا كان بإمكانها إيجاد مشتقات إسلامية تعمل بمثابة «ضمانات» ضد المخاطر الناجمة من احتمالية التعثر في سداد مستحقات حمل الصكوك ، وذلك بعد أن خلفت السنة الماضية وراءها عشر حالات تعثر للمرة الأولى في تاريخها.
طالب مجموعة من المطلعين في صناعة الصيرفة الإسلامية بـ»تحالف» صناعة التكافل الإسلامية مع الصكوك، وذلك بغية مساعدة الأخيرة في تقديم «الوقاية» للمستثمرين من مخاطر خسارة أموالهم التي استثمروها في تلك الأدوات الإسلامية.
وازدادت حدة تلك المطالبات بعد أن سجلت أخيرا شركة أسمنت باكستانية (مابل ليف) نفسها كآخر شركة تتعثر في سنداتها الإسلامية التي تبلغ قيمتها ثمانية مليارات روبية.
واقترح الخبراء خلال حديثهم مع «الاقتصادية» على شركات التكافل إيجاد منتج تأميني جديد على الصكوك، يقدم الحماية لحملة الصكوك من خطر التعثر، وذلك بتقديم تعويض «جزئي» لهم في حالة التعثر.
و ترتكز حجة حملة الصكوك على أهمية وجود هذه المنتجات التي تقيهم من خسارة استثماراتهم، بعد انتشار مشتقات مالية معقدة تدعى Credit Default Swaps والتي تسهم في حماية حملة السندات التقليدية من مخاطر التعثر.
وحذر جميل حسن – مستشار ماليزي في المصرفية الإسلامية. من أن التغاضي عن إيجاد منتجات تحوط لمساندة الصكوك، سيسهم في ترك الأمر لقوى السوق، الأمر الذي سيؤدي إلى جعل المستثمرين يفضلون على الأرجح اختيار السندات التقليدية، نظراً لسهولة توفر منتجات التحوط (والمضاربات) لهذه الأدوات الاستثمارية في السوق التقليدية.
التوفيق بين حاجة الصكوك والمستثمرين
يقول بيتر هودجينز، وهو محام متخصص في التأمين الإسلامي لدى مؤسسة المحاماة كلايد آند كومباني، إن منتجات التأمين الإسلامي (أو التكافل) يمكن أن تساعد في التوفيق بين حاجة الصكوك إلى الالتزام بالأحكام الشرعية، وبين حاجة المستثمرين إلى التأمين ضد المخاطر.
في حين يقول رئيس قسم هيكلة الأدوات الإسلامية بأحد البنوك الأمريكية والذي فضل عدم ذكر اسمه: «إذا كنت تريد أن تتحمل مخاطر المشروع الحقيقية، وتريد أن تقلص مخاطر الخسارة إلى حد ما، فإن من المفروض أن تتوافر منتجات لهذا الغرض.
وبالتالي فحتى نتمكن من تأمين الحماية من مخاطر حقوق الملكية الفعلية في الصكوك، فإن استخدام التكافل (الذي هو بالتأكيد السبيل السليم للقيام بذلك) ينبغي أن يكون متوافراً بشكل أو بآخر».
منهجية عمل المنتج التكافلي
تفاوتت آراء الخبراء حول كيفية عمل المنتج الجديد الذي يقترحونه على شركات التأمين الإسلامي.
وهنا يقول لطفي زيري، خبير مختص بالمصرفية الإسلامية: «تقليص مخاطر الصكوك يمكن ترتيبه بحيث يكون مبنياً على مبدأ التكافل. لكن رسوم التكافل ينبغي أن تُدفع من قبل حاملي الصكوك، على اعتبار أنهم هم الطرف المؤمَّن عليه».
في حين يرى هودجينز أن شركات التكافل تستطيع تقديم التأمين لمستثمري الصكوك، بحيث تتولى شركة التأمين تقديم الدفعات السنوية الاسمية إلى حاملي الصكوك، في حال هبطت هذه الدفعات دون مبلغ معين يتم الاتفاق عليه. إلا أن حسن يرى أنه بالإمكان أن تكون دفعات التأمين الإسلامي جزءاً من سعر المساهمة في إصدار الصكوك، أو من الممكن شراؤها بصورة مستقلة. وأضاف «من الممكن كذلك أن يُطلَب من جهات الإصدار أن تشترك في برنامج تأمين على الصكوك، وتُحَمَّل التكلفة على جهة الإصدار. الواقع أن هناك كثيراً من السبل لتنظيم التكافل بهدف مساندة الصكوك».
جوانب ضعف المنتج
إلا أن المراقبين عادوا وأكدوا أن هذا المنتج التكافلي لن يكون قادرا على تقديم الضمان «كاملا» لبعض إصدارات الصكوك الضخمة التي يتعدى رأسمالها شركة التكافل نفسها. حيث يعلق حسن على ذلك بقوله:» بطبيعة الحال لا يرجح أن يساهم منتج التكافل على تغطية «التأمين على الصكوك»، على اعتبار أن تكلفة هذا الأمر ستكون مرتفعة للغاية. ليس الهدف من (منتج) التكافل تقديم تغطية بنسبة 100 في المائة (على إصدار الصكوك)، وإنما تقديم قدر معين من الحماية يتم من خلاله تقليص الخسائر بالنسبة للمستثمرين».
في السياق ذاته، كشف إسماعيل محبوب، كبير التنفيذيين لشركة إم إن آر بي لإعادة التكافل في ماليزيا، عن وجود بعض التحفظات الشرعية. حيث يقول «إنه ينبغي دراسة استخدام التكافل في الصكوك، في الوقت الذي يدور فيه خلافا شرعياً حول جواز، أو عدم جواز فرض رسوم مقابل الضمانة على العوائد».
وقال لـ «رويترز» عبد الرحمن تولفات، كبير الإداريين التنفيذيين في شركة أليانتز تكافل، إن الشركة طرحت منتَجاً للتأمين ضد التقصير في دفعات الحسابات الدائنة، لكن لم يتم استخدامها بعد في الصكوك.وتابع: «نحن نجري اتصالات وثيقة بالبنوك الاستثمارية الإسلامية حتى نقنعهم بتلك الفكرة في سبيل استخدامها في التأمين على الصكوك». وأضاف أن هذا المنتَج لن يؤَمِّن على الصكوك نفسها، وإنما على المقبوضات التي تقوم عليها، مثل حركة النقد من فواتير الهاتف أو إيرادات النفط.
يذكر انه في التأمين الإسلامي، يسهم العملاء في مجموعة من الأموال التي تُستخدَم لتعويض المشاركين الذين يعانون خسارة، في حين أنه في السندات التقليدية تتحمل شركة التأمين المخاطر مقابل رسم معين.
الخيار الثاني للتأمين على الصكوك
عندما بدأت أزمة ديون دبي تطفو على السطح، ارتفعت على الفور عقود مبادلة المخاطر على السندات التقليدية لدبي، وترك حملة صكوك نخيل من دون أية حماية لاستثماراتهم. وتسأل حملة الصكوك في وقتها في إذا ما كانت الصناعة قادرة على استنساخ «عقود تأمين على الصكوك ومتسائلين في الوقت نفسه عن سبب عدم قدرة المستثمرين من التحوط ضد مخاطر تعثر الصكوك التي استثمروا فيها، وذلك مقارنة بحملة السندات التقليدية.
وتتلخص طريقة عمل سوق مقايضة العجز عن سداد قروض الائتمان في التالي: يتم شراء وبيع الحماية ضد عجز الشركات عن سداد ديونها- وذلك عبر قيام المستثمر بشراء أحد عقود التأمين و الذي يتلقى على أثره حماية على السند، في حين أن الجهة التي تبيع التأمين المقابل تضمن الجدارة الائتمانية للمنتَج.
بهذه الطريقة يتم تحويل خطر التعثر في السداد ونقله من حامل السند (المستثمر) إلى بائع عقد التأمين (البنك أو شركة التأمين).
على سبيل المثال، المستثمر الذي يشتري عقد التأمين على السندات يحق له بموجب هذا العقد الحصول على القيمة الاسمية للسند من الجهة الذي باعه عقد التأمين، وذلك في حالة تعثر الشركة المصدرة للسند عن دفع التزاماتها المالية لحملة هذه السندات.
يذكر أن هذه العقود هي التي ساهمت في الإطاحة بالمجموعة الأمريكية للتأمين AIG. وذلك عندما فشلت (كشركة ضامنة) في تغطية قيمة السندات والديون المتعثرة إبان أزمة الائتمان العالمية.
وحول إذا ما كان بالإمكان استخدام عقود مبادلة المخاطر مع الصكوك، يقول مهاذير أحمد - مستشار أول في المصرفية الإسلامية، لدى مؤسسة هاي تك آي سوليوشنز: جوابي المختصر هو ’لا‘. عقود التأمين على الصكوك ليست هي السبيل لتقليص مخاطر التعثر على الصكوك. كتبت بحثاً أكاديمياً حول عقود التأمين على السندات قبل سنة، وتبين لي أن هذه العقود مخالفة للأحكام الفقهية الشرعية.