«الشورى» يفتح ملف المرضى النفسيين وحقوقهم
فتح مجلس الشورى بقوة هذا الأسبوع ملف الأمراض النفسية في البلاد بعد تصاعد عدد الحالات التي تراجع المستشفيات السعودية لهذا الأمر، وهو ما دفع المجلس إلى تبني مشروع نظام متكامل للصحة النفسية. وأخذت المناقشات التي جرت منحنى تحذيريا، حيث أكد أحد الأعضاء أن مراجعة 400 ألف حالة خلال عام ينذر بالخطر، بينما لفت آخرون إلى أهمية ضمان حقوق المريض الوظيفية والمعيشية خلال فترات العلاج بعد ملاحظة تأثير المرض في هذه الجوانب.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
دق أعضاء في مجلس الشورى ناقوس الخطر تجاه ما يعانيه المجتمع من التأثير الواضح للأمراض النفسية واتخاذها منحنى خطيرا تمثل في زيادة حالات الاضطرابات والمشكلات النفسية وقضايا الصحة النفسية، مع ضعف ملحوظ وقصور كبير في الخدمات العلاجية المقدمة في المنشآت الصحية. جاء ذلك خلال مناقشتهم مشروع نظام الصحة النفسية الواقع في 30 مادة المقدم من لجنة الشؤون الصحية والبيئة، والذي يستأنف المجلس الأسبوع المقبل استكمال مناقشة باقي مواده.
وأيد أغلبية الأعضاء توصية اللجنة المطالبة بضرورة التوسع في خدمات أقسام تنويم المرضى النفسيين في المستشفيات التابعة للقطاعات الطبية العامة والخاصة وزيادة طاقتها الاستيعابية بما فيها الطب البديل، وذلك لكثرة الأمراض النفسية التي لا تحصى في المجتمع ويعاني منها في صمت نظرا للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي حصلت وظروف الحياة العملية، وهو الأمر الذي يتطلب إيجاد تسهيلات إضافية وفتح مجالات للنظر في إمكانية التوسع في الخدمات العلاجية لتلك الحالات، متطلعين في الوقت ذاته أن تتبع وزارة الصحة ذلك بزيادة عدد الأطباء والإخصائيين النفسيين في مستشفياتها حتى يستطيعوا مساعدة هؤلاء المرضى.
فيما ذهب البعض في مطالبته إلى إعادة صياغة هذه التوصية بحيث تنص على التوسع في إنشاء مستشفيات الصحة النفسية في جميع المناطق، مستندين في ذلك لزيادة عدد الحالات المرضية التي تتردد على هذه الأقسام والتي بلغت خلال عام واحد نحو 400 ألف مراجع، إلى جانب ما يتطلبه العلاج النفسي وإيواء المرضى منشآت ذات مناخ وبيئة مناسبة ومرافق تمكن المريض من ممارسة بعض الأنشطة والهوايات التي تساعده على الشفاء. فيما حذر بعض الأعضاء من خطورة ما تعانيه عائلات المرضى المنومين في الكثير من الأحيان من عدم وجود أماكن لإيواء هؤلاء المرضى وربما أجبروا على تسلمهم وهم في حالة يحتاجون فيها إلى عناية متخصصة.
أمام ذلك، ترى لجنة الشؤون الصحية والبيئة مناسبة إصدار نظام للصحة النفسية لما من شأنه تعزيز الخدمات الصحية والنفسية والمساهمة في دعم متطلباتها على المستوى الوطني من خلال إنشاء مجلس أعلى للمراقبة العامة على الصحة النفسية تتبع له مجالس أخرى للمراقبة المحلية في كل منطقة، والتي حددت مواد النظام الجديد مكوناتهما واختصاصاتهما والتزاماتهما، إلى جانب مواد تعنى بالجوانب الوقائية والرعاية والتأهيل.
وهنا شدد أحد الأعضاء على أهمية تضمين مشروع النظام ما يضمن حقوق المريض الوظيفية والمعيشية خلال فترات العلاج وذلك بعد ملاحظة تأثير المرض على هذه الجوانب، إلى جانب أن ذلك أيضا قد يتسبب في تردد البعض ممن يعاني مرضاً نفسياً بسيطاً من تلقي العلاج حفاظاً على مصدر رزقهم أو وظائفهم.
وشددت العقوبات الواردة في مشروع نظام الصحة النفسية على المخالفين أحكامه وجعلت السجن بما لا يزيد على سنتين وغرامة مالية لا تتعدى 200 ألف ريال عقوبةً لكل ممارس في المنشأة الصحية أثبت عمداً في تقريره ما يخالف الواقع في شأن الحالة النفسية لشخص ما بقصد إدخاله المستشفى أو إخراجه منه، كما تطبق العقوبة نفسها على كل من حجز أو تسبب في حجز أحد الأشخاص بصفته مصاباً بأحد الأمراض النفسية في غير الأمكنة والأحوال المنصوص عليها في هذا النظام، ويجوز للقاضي رفع عقوبة السجن عن الحد الأعلى إذا ثبت أن المجني عليه قد احتجز لمدة أكثر من سنتين وبما لا يتجاوز المدة التي احتجز فيها المجني عليه.
ونص النظام على معاقبة المكلف بحراسة مريض نفسي أو علاجه أو تمريضه وأساء معاملته أو أهمله بطريقة تضره وتحدث له ألما، وذلك بالسجن سنة كاملة ويغرم 25 ألف ريال، وإذا ترتب على سوء المعاملة مرض أو إصابة في جسم المريض النفسي، فيتم حبس المكلف مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات. وجعل النظام عقوبة السجن لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر و50 ألفا غرامة مالية لكل من مكّن شخصاً خاضعاً لإجراءات الدخول أو العلاج الإلزامي من الهرب أو ساعده على ذلك، كما جعل العقوبة ذاتها لمن رفض إعطاء معلومات لمجالس المراقبة أو لمفتشيها أو حال دون التفتيش المخول لهذه المجالس، وحبس من أفشى أسرار مريض نفسي وتغريمه 50 ألف ريال. وحذر النظام من إعادة المريض النفسي إلى منزله حال تبين لفريق العلاج عدم مصلحته في العودة ونص على تحويله هو ومن لا مأوى له من المرضى النفسيين حال انتهاء مرحلة العلاج إلى إحدى دور الرعاية لناقهي الأمراض النفسية بحسب سنه وجنسه وظروفه النفسية والاجتماعية بشرط موافقة مجلس المراقبة المحلي للصحة النفسية، وأوكل النظام لهيئة التحقيق والادعاء العام مهمة التحقيق والادعاء أمام الجهات القضائية في المخالفات المنصوص عليها في نظام الصحة النفسية وتتولى المحكمة المختصة تطبيق العقوبات، وينظم وزير الصحة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة الإجراءات والضوابط التي تهدف إلى تعزيز الصحة النفسية والوقاية من الاضطرابات النفسية في المجتمع وقواعد وإجراءات ممارسة الطب النفسي في المنشآت العلاجية النفسية، وترك لمجلس المراقبة العام للصحة النفسية إصدار اللائحة التنفيذية لهذا النظام.