ماذا نتوقع من التعداد السكاني؟
يُجرى التعداد السكاني لأهداف مهمة وأغراض مفيدة، وإلا لما التزمت الحكومة، ممثلة في وزارة الاقتصاد والتخطيط ببذل الجهود العظيمة وإنفاق المبالغ الكبيرة لإنجازه.
إذاً ماذا نتوقع من التعداد السكاني القادم؟ إن التعداد السكاني من أهم، إن لم يكن، أهم مصادر البيانات السكانية التي تتمتع بفائدة عظيمة ومردود كبير على المجتمع. فالتخطيط بجميع أنواعه يعتمد اعتماداً كبيراً على بيانات التعداد، وإلا فكيف لنا أن نتخيل إعداد الخطط الخمسية لتحسين مستوى معيشة المواطن ورفع رفاهيته دون معرفة خصائصه وسماته! بعبارة أخرى، هل من المعقول أن نضع الخطط التنموية لخدمة الناس ورفع مستويات معيشتهم، دون أن نعرف خصائصهم الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية وأماكن استقرارهم وتركزهم؟
كذلك لا يمكن الاستغناء عن بيانات التعداد في التخطيط الحضري وحساب معدلات نمو المدن، ووضع الاستراتيجيات العمرانية والخطط المناسبة للتنمية الحضرية.
وأيضاً تلعب بيانات التعداد دوراً مهماً في تقويم الوضع العام للإسكان وتحديد المناطق التي يقل فيها العرض ويزداد الطلب، وتلك التي يزداد بها العرض من الوحدات السكنية. وبناء على بيانات التعداد يمكن التنبؤ بمستقبل الطلب على الإسكان ومن ثم إيجاد الإجراءات الاستباقية المناسبة والحلول الناجعة.
كما أن التخطيط للخدمات المختلفة، كإنشاء المدارس والمستشفيات يعتمد إلى درجة كبيرة على بيانات التعداد السكاني. ولا يقل عن ذلك أهمية التخطيط لتنمية القوى البشرية سواء من خلال التخطيط للتعليم العام والعالي أو من خلال تبني برامج تدريبية واقعية تتناسب مع متطلبات سوق العمل.
فلا يمكن تنمية القوى العاملة الوطنية دون الاعتماد على البيانات الدقيقة والشاملة التي يوفرها التعداد السكاني، مثل: خصائص القوى العاملة، وأعداد الداخلين لسوق العمل، وخصائصهم التعليمية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية.
وفي ضوء هذه الأهمية الكبيرة والدور المهم، يصف أحد الخبراء بيانات التعداد السكاني بأنها مرآة تعكس لنا خصائص المجتمع وسماته، لنكوّن من خلالها انطباعات واقعية عن مجتمعنا الذي نعيش فيه، بعيداً عن الاعتماد على التخمينات والإشاعات.
إذاً فإن تحقيق طموحاتنا الوطنية، وتكوين انطباعاتنا الدقيقة والواقعية يتطلب نجاح التعداد في تحقيق أهدافه التي تخدم الوطن وتعود بالنفع على المجتمع السعودي بمكوناته المختلفة ومناطق الجغرافية المتعددة.
إن التعداد السكاني مشروع وطني يتطلب تعاون الجميع مع العاملين في جمع البيانات (العدادين)، من أجل إيجاد الحلول المناسبة ووضع الخطط التنموية الفاعلة التي تسهم في صنع مستقبل مشرق لنا ولأسرنا ولأطفالنا.