تنظيم واختصاص المحاكم

(أهمية القضاء وحقوق القضاة) كان هذا عنوان المقالة السابقة حيث أشرت إلى أهمية القضاء في حياة الشعوب جميعها وأنه إذا كان عادلاً ومستقلاً وذكياً فإن ذلك سيسهم إسهاما فاعلا في التنمية بل في نشر الأمن والسلام – حيث القضاء بعد الله تعالى – هو ملاذ المظلومين وكسر شوكة الظالمين، فما إن يُصيب الإنسان ظلم فإنه يهرع للقضاء فلا يلبث القضاء أن يأخذ حقه من الظالم ويرده إليه وبذلك تستقر الأوضاع ويشعر الناس بالاطمئنان وترتفع معنوياتهم ولكن لو حصل النقيض فإن الفساد والباطل سيزدادان وستهرب الأموال للخارج بحثاً عن الأمن وستتراجع التنمية، وذكرنا أن نبينا وقائدنا ومعلمنا الأول محمد صلى الله عليه وسلم كان يمارس القضاء بل كان يُعلم أصحابه كيف يعدلون ولا تأخذهم في الله لومة لائم، وكان عليه الصلاة والسلام يحرص على استتباب العدل والمساواة بين الناس في المدينة وخارجها فيرسل القضاة إليهم بعد أن يُحسن اختيار القضاة ويوجههم ويتابعهم، ثم سردنا أهم حقوق القضاة باعتبارهم صفوة مختارة من الرجال فيجب احترامهم وتقديرهم قولاً وعملاً ويجب الحرص على أمنهم وسلامتهم وعدم تدخل أصحاب السلطة والنفوذ في قضائهم، ثم أشرنا لأهمية تحليهم بالصبر والاستعداد للقضاء بدراسة القضايا وفهمها ثم الاستعانة بالله تعالى قبل أن يجلس للخصوم فيسهل عليه الأمر وينبلج نور الحق أمامه، كما أرغب في هذه المناسبة أن أُشير مرة أخـــرى لأهمية مساعدي القضاة من الكتاب الذين حول القاضي ليساعدوه في تلخيص ما ورد في الصكوك والوثائق ويساعدوا القاضي في فهم القضية في مدة أقصر وذلك بعمل ملخص مفيد ودقيق للقضية المطروحة أو وضع خطوط بالقلم الشفاف (الفسفوري) تحت الجمل المهمة باللون البرتقالي وباللون الأحمر للجمل الأهم في الصكوك والوثائق، وكل ذلك سيساعد القضاة على فهم واستيعاب القضايا بجانب قيام المساعدين بتحضير ملفات القضايا بشكل منظم ومرتب وتجهيز كل الإمكانات للجلسة ثم استدعاء الخصوم حسب دورهم، كل ذلك يشجع القاضي على سرعة البت في القضايا وإصدار حكمه العادل، لكن رغم أهمية التلخيص المشار إليه تظل المسؤولية على عاتق القضاة للتأكد من سلامة ودقة التلخيص.
والآن نعود لإكمال ما سبق أن كتبته عن نظام القضاء الجديد، ففي المقالة التي نشرت في يوم الأربعاء 27 المحرم الماضي بعنوان (نظام القضاء الجديد) ذكرت في نهاية المقالة أن النظام الجديد صدر بالمرسوم الملكي رقم 303 في 19/9/1428هـ ليكون بديلاً للنظام السابق الذي صدر بالمرسوم الملكي رقم 9/64 في 14/7/1395هـ وكان هدف الدولة تطوير وتحسين القضاء وأن يحافظ القضاء على استقلاله وأنه لا سلطان على القضاة في قضائهم إلا ما ورد في الكتاب والسنة مع تلافي سلبيات الجهاز القضائي السابق، ومن الأمور المهمة التي روعيت في النظام الجديد الحد والتقليل من الهيئات القضائية فقد اكتفي بأن تكون درجات التقاضي مقسمة إلى ثلاث درجات:
1- محاكم الدرجة الأولى 2 - محاكم الاستئناف 3 - المحكمة العليا، وتنقسم محاكم الدرجة الأولى بحسب اختصاصها النوعي إلـى (5) محاكم هي: أ- المحاكم العامة ب - المحاكم الجزائية ج - محاكم الأحوال الشخصية د - المحاكم التجارية هـ - المحاكم العمالية ، ومن أبرز ما تختص به المحاكم العامة الفصل في الدعاوى الناشئة عن حوادث السير وعن المخالفات المنصوص عليها في نظام المرور ولائحته التنفيذية، وحسبما ورد في محاضرة معالي الشيخ محمد عبد الله الأمين الشنقيطي رئيس ديوان المظالم السابق – التي ألقاها في خميسية الجاسر بالرياض في شهر صفر الماضي – ذكر فضيلته أن المادة (25) من نظام القضاء نصت على أنه ( دون إخلال بما يقضي به نظام ديوان المظالم ) تختص المحاكم بالفصل في جميع القضايا وفق قواعد اختصاص المحاكم المبينة في نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية، ثم أردف قائلاً إنه طبقاً للمادة (17) من النظام نفسه ( تتولى محاكم الاستئناف النظر في الأحكام القابلة للاستئناف الصادرة من محاكم الدرجة الأولى وتحكم بعد سماع أقوال الخصوم وفق الإجراءات المقررة في نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية). وفي الحلقة (110) القادمة نكمل ما تبقى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي