البيئة القضائية الحديثة
اقترحت في المقالة السابقة تكوين لجنة عليا مستقلة مرتبطة رأساً بخادم الحرمين الشريفين حفظه الله ليكون هدفها معرفة مدى تفعيل نظام القضاء الجديد وما تحقق إنجازه وما لم يتحقق والأسباب وراء ذلك وتتكون اللجنة من نخبة مختارة من القضاة المتقاعدين والمحامين والحقوقيين والإداريين المتميزين ومن المختصين في تقنية المعلومات وهذه اللجنة أشبه ما تكون بالقوة الداعمة والعين البصيرة لاكتشاف نقاط القوة والضعف وتحللها ثم ترفع للمقام السامي بما يجب اتخاذه من دعم ومساندة وتوصيات جادة لزيادة تقوية جهاز القضاء لضمان استقلال القضاء وعدالته وقدرته على البت في القضايا بشكل سريع واحترافي وستكون اللجنة هذه عوناً بعد الله تعالى لرئاسة القضاء الأعلى لسد الثغرات وتأمين الطلبات اللازمة ويجب أن نتذكر أنه كلما كان القضاء عادلاً وحضارياً اطمأن الناس وازدادت عجلة التنمية في الحركة واستقرت الأموال في البلاد وعندما تقدم اللجنة تقاريرها وتوصياتها تتلقى التوجيهات السامية إما بالاستمرار لفترة معينة أو يسدل عليها الستار، كما أشرنا إلى أهمية مركز البحوث والدراسات التابع لتنظيم رئاسة مجلس القضاء الأعلى وأشرت للموضوعات القضائية التي يمكن دراستها من ذلك المركز، وأضيف هنا أهمية تصميم نموذج استفتائي يوزع على جميع المحاكم وكتابة العدل وديوان المظالم ويوضع داخل صناديق مناسبة وجميلة ليتم تعبئته من المواطنين والمقيمين ليكتبوا شكاواهم واقتراحاتهم بشكل واضح وصريح في تلك النماذج ويعيدوها لتلك الصناديق مع ذكر أسمائهم وعناوينهم وتعتبر تلك النماذج سرية ولا يطلع عليها سوى لجنة مختصة في كل محكمة ثم ترسل لمركز البحوث والدراسات للاستفادة منها ويمكن - وهذا أفضل - أن يطلع على تلك النماذج أو ملخصها - رئيس المحكمة للاستفادة ثم تأخذ طريقها لمركز البحوث ويجب أن يُشجع المواطنون والمقيمون على الاهتمام بتعبئة تلك النماذج بكل صدق ودون مبالغة، والآن مع مجموعة من التعاريف والمعلومات عن الجهاز القضائي في المملكة: العدالة والقضاء في المملكة يتألف من هيئات القضاء المكونة من القضاء العام وتسمى بالمحاكم الشرعية والآخر ديوان المظالم ويسمى بالمحاكم الإدارية وهما رأس الأنظمة العدلية وكذلك كتابة العدل وهيئة التحقيق والادعاء العام ولا تخضع له ولا إلى سلطانه وتسمى في أنظمة الدولة اللجان شبه القضائية وما في حكمها وأمثلة لها (البنوك، السوق المالية، القضايا الجمركية، هيئة فصل المنازعات العمالية، المحاكم العسكرية) وبالنسبة لمعالي وزير العدل في ظل نظام القضاء الجديد فهو ذو سلطة قضائية ويختص بالشئون الإدارية للقضاء في المحاكم الشرعية فقط، وأما ما يتعلق بالاختيار والنقل والإعفاء فمن صلاحيات معالي رئيس القضاء الأعلى الذي تمتد صلاحيته إلى النظر في شئون القضاء الوظيفي من تعيين وترقية وتأديب وندب وإعارة وتدريب ونقل وإجازة وإنهاء خدمة وغير ذلك وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة ذلك بما يضمن استقلال القضاء، إضافة إلى إصدار اللوائح المتعلقة بشئون القضاء الوظيفية بعد موافقة الملك عليها يضاف لذلك كله الاختصاصات الأخرى المبينة في نظام القضاء، ومن أهم الأمور التي يجب أن توضع في الاعتبار لزيادة تحسين وتطوير القضاء لدينا وإيجاد بيئة قضائية حديثة ما يلي:
* يجب زيادة الاهتمام بكوادر القضاء من قضاة ومساعديهم وكتاب الضبط والإداريين وذلك بزيادة أعدادهم ورفع مستوياتهم وزيادة تدريبهم وزيادة ثقافتهم ومعرفتهم بحقوق الإنسان وأهم ما يخص علم الاجتماع والاستمرار في الزيارات الميدانية لأفضل وأرقى المحاكم بالخارج.
* الاهتمام بتنفيذ الأنظمة القضائية وفهمها وعمل لوائح تنفيذية لتلك الأنظمة ليسهل معرفة الإجراءات المطلوبة.
* عمل نماذج سرية لتقييم منسوبي جهاز القضاء بجميع فئاتهم على أن يتم تعبئتها دوريا من رؤسائهم المباشرين ثم تصدق من المديرين العامين أو رؤساء المحاكم بعد وضع توصياتهم ثم تعرض على معالي رئيس مجلس القضاء الأعلى أو من يخوله ذلك للاطلاع وكتابة توجيهاته ومن المناسب أن تكون تلك التقارير وخاصة القضاة (مرة كل ستة أشهر) وبعد عامين تكون سنوية وفي الحلقة (113) نكمل بالحلقة الأخيرة آخر مقالة من سلسلة الشأن القضائي.