دعوة للمحافظة على التراث المعماري الإسلامي لأهميته الاقتصادية والثقافة والاجتماعية
أعرب البيان الختامي للمؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني في الدول الإسلامية الذي اختتم أعماله أمس في الرياض عن بالغ الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، على رعايته هذه التظاهرة العالمية الكبرى الساعية إلى تركيز الاهتمام على قضية التراث العمراني العريق في الدول الإسلامية وإبراز دوره في التنمية الثقافية والاقتصادية للمجتمعات. كما قدم المشاركون شكرهم وتقديرهم للأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس اللجنة العليا المنظمة للمؤتمر رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، وجميع العاملين في لجان المؤتمر، على التنظيم الراقي والدقيق لهذا المؤتمر، والإشراف والإدارة المتميزة لبرامج المؤتمر وفعالياته العديدة في العاصمة الرياض وعدد من المدن والمحافظات في المملكة.
كما أعرب عن قلقه من المخاطر التي تتهدد التراث المعماري الإسلامي نتيجة للاعتداءات الجائرة عليه, لاسيما الاعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى ومدينة القدس وتغيير هويتها، وغيرها من الاعتداءات في أجزاء أخرى من البلدان الإسلامية.
وجدد البيان الدعوة للدول الإسلامية قاطبة، بمضاعفة الجهود للمحافظة على ما تبقى من تراث معماري في المناطق المتضررة، والعمل على كل ما من شأنه إزالة المخاطر عنه، وترميمه والمحافظة عليه وتوظيفه بشكل أمثل.
وأكد البيان على أن إقامة المؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني في الدول الإسلامية يعد مبادرة رائدة ومقدرة من حكومة المملكة، ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والآثار. وأشاد المشاركون في المؤتمر بالجهود الكبيرة التي قامت بها الهيئة العامة للسياحة والآثار في المملكة، بتنظيمها هذا المؤتمر الدولي بمهنية احترافية عالية، وإعدادها برنامجا ثريٍا بكثير من الفعاليات العلمية والعملية، شاملة تجارب عديدة تتصل بالتراث العمراني في بلدان العالم الإسلامي، وطرق التعامل معه من حيث التوثيق والصيانة والتوظيف العلمي والفني والاجتماعي والاقتصادي، وبما يحافظ على استدامته وبقاء هويته الوطنية والتاريخية الأصيلة.
وعبر المشاركون في المؤتمر عن تقديرهم المبادرات المميزة التي أطلقتها الهيئة العامة للسياحة والآثار، وتضمنها برنامج المؤتمر، والهادفة إلى خدمة التراث المعماري في المملكة وتنميته والمحافظة عليه، وكذلك المبادرات الأخرى المتميزة التي أطلقتها جهات مختلفة في الدول الإسلامية. كما يقدر المشاركون إتاحة الفرصة لهم للاطلاع على الخطوات الكبيرة والإنجازات الحضارية التي تشهدها المملكة في مجال المحافظة على التراث العمراني والبيئي في عدد من المناطق، والتخطيط العلمي والمنهجي لتحويله إلى تراث حي يشارك السكان المحليون في المحافظة عليه واستدامته واستمراره مورداً ثقافياً واقتصادياً حاضراً ومستقبلاً، ويشيدون بالجهود الكبيرة الجارية في تنفيذ مشاريع متعددة للمحافظة على التراث العمراني في عدد من مناطق المملكة.
ونوه البيان إلى اتفاق الدول المشاركة في المؤتمر على الالتزام الكامل بالاتفاقات الدولية المتصلة بالمحافظة على التراث العمراني في الدول الإسلامية وتطويره واستدامته، وذلك لأهميته الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وأكد البيان أهمية المحافظة على التراث المعماري الإسلامي كمصدر اعتزاز بالتاريخ الإسلامي المشرق، ومورد اقتصادي وثقافي واجتماعي حي، ودليلاً ملموساً على هذه الحضارة العظيمة، ومصدر إلهام للأجيال، يبرز للعالم مظاهر فنية ومعمارية راقية ومتصلة بحياة الناس الاجتماعية، ويشكل نسيجاً معمارياً متعدد العناصر في أصالته وجماليته وجذوره التاريخية ووظائفه المتنوعة، ويُعد شاهداً على الحضارة الإسلامية الزاهرة، ومصدر اعتزاز متجدد لشعوبها، وعنايتها بالعلم والتحضر، وشاهداً حياً على تميزها في مجالات الفنون والعمران، وأنه بالفعل لا يقتصر فقط على التراث الإسلامي النفيـس المتمثل في المساجـد والقصـور ذات التصمـيم الهندسي والفني الرائع. كما يدعو المؤتمرون إلى العمل على تنفيذ ميثاقي المحافظة على التراث العمراني في الدول العربية والإسلامية وتنميته، المعدان من قبل الهيئة العامة للسياحة والآثار في المملكة، المقران من المجلس الوزاري العربي للسياحة ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
وأشار البيان إلى أن التراث العمراني الإسلامي لا تبرز قيمته العالية في جماله وروعته فحسب، بل فيما يشتمل عليه من معان وأبعاد تربوية وتعليمية، مما يساعد على التعريف بروعة الدين الإسلامي وسماحته، ويقوي ارتباط الشعوب بتاريخهم وحضارتهم الأصيلة، وهو أمر يوجب استيعاب هذه المفاهيم وإدراجها في مناهج التعليم وبرامج التواصل الإعـلامي على نطاق أوسع، ويدعو المؤتمرون إلى تضافـر التعاون والبناء لتحقيـق هذا الهـدف بدعم وتشجيع من الجامعات ومؤسسات التربيـة والتعليم، ومراكز التدريب والبحوث المتخصصة.
وطالب البيان بتنسيق المواقف والجهود والعمل على تنفيذ مشاريع عملية متميزة في مختلف بلاد العالم الإسلامي، لإبراز التراث المعماري الحضري الأصيل وربطه بالسياحة المستدامة، مع أهمية التعاون على وضع خطة استراتيجية شاملة تتبناها الدول الإسلامية بهدف المحافظة على التراث العمراني في الأرياف والقرى وتنميته، وتشجيع المجتمعات على استخدامه وتوظيفه اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.
ونبه البيان إلى المخاطر التي تواجه المباني التاريخية الإسلامية، نتيجة لتوسع التنمية الحضرية، وخاصة في عدد من المدن في الدول الإسلامية، وما يؤديه النمو السكاني من تسارع لطمس الهوية التاريخية للتراث المعماري الإسلامي، باستحداث مشاريع حديثة بهدف الربح المادي. ولذا يرى المؤتمرون أهمية تحقيق المواءمة والتوازن في التخطيط والتحديث بتقديم خدمات ووسائل حديثة تضمن العيش الكريم للسكان، وفي الوقت نفسه تحافظ على الأصالة والهوية التراثية في البلدات والقرى.