ذهول ورهبة.. رواية ساخرة تتغلغل في بيئة عمل الشركات الكبرى في اليابان
حافظت الكاتبة اليابانية الأصل إميلي نوتومب على حسها الأدبي الساخر الذي عرفت به ولكن بصورة واقعية هذه المرة في روايتها ذهول ورهبة والتي تروي فيها قصة شابة حائزة على ماجستير في اللغات اللاتينية وتعمل في شركة كبرى لكنها تتعرض لمواقف في عملها تعكس الكثير من المفارقات الموجودة داخل أوساط العمل اليابانية .
وتتشعب الرواية التي ترجمتها ثناء عباس وصدرت حديثا عن الهيئة العامة السورية للكتاب ضمن تقاليد العمل في اليابان فبعد أن تعينت الفتاة في أكبر شركات اليابان تكتشف شيئاً فشيئاً الإدارة الصارمة لنظام العمل هناك وفي الوقت نفسه تكتشف الأعراف التي تحكم ذلك البلد الشرقي والتي تبدو غريبة عجيبة لمن لا يعيش فيه.
ومن المفارقات التي تصادفها بطلة الرواية في عملها وتصورها الكاتبة بأسلوبها الساخر انتقالها من المستوى الوظيفي التي عينت فيه إلى مستويات أدنى نتيجة أخطاء مهنية بسيطة أو نتيجة ردات فعلها لتجد نفسها في النهاية عاملة تنظيف في حمامات الشركة.
ونلحظ من خلال السرد السلس لأحداث الرواية لهاثاً عبثياً يشبه كثيراً لهاث الحياة تصوره نوتومب ببراعة وقدرة عالية على السخرية من أبسط الأشياء ومن ذلك قولها وهي تصف أنف زميلتها في غرفة العمل.. ذلك الأنف الياباني الذي لا شبيه له بتاتا ذو الفتحات الصغيرة والذي يمكن التعرف عليه بين آلاف الأنوف.. لو كان لكليوباترا مثل هذا الأنف لأصاب جغرافية الأرض تغيير مهم.
ونتيجة هذه المقدرة على جعل كل شيء حول الشخصية الرئيسية في الرواية مهماً حازت ذهول ورهبة على نجاح منقطع النظير كما أهل الكاتبة ذات النفس الكافكاوي للحصول عام 1999 على الجائزة الكبرى للرواية التي تمنحها الأكاديمية الفرنسية حتى أنه تم إخراج فيلم مقتبس عنها نظراً لنجاحه الجماهيري الواسع.
منذ 2003 تواصل نوتومب إصدار رواية كل عام تلقى كل منها نجاحاً باهراً منها ما قبل كريستا 2003 و السيرة الذاتية للجوع 2004 و حامض كبريتي 2005 و مذكرات سنونو 2006 و لا من حواء ولا من آدم 2007 وتتصف عناوينها بالتجديد والخيال وكلماتها بالحساسية والعمق والصدق وأسلوبها بالأناقة والمرح .
ولعل أكثر ما اشتهرت به هذه الكاتبة هو انتقاؤها لكلمات وصور نادرة ومبتكرة تعكس غنى في اللغة وسعة في الثقافة وجرأة في الطرح .
يذكر أن إميلي نوتومب من مواليد مدينة كوب اليابان عام 1967 تنحدر من عائلة عريقة في مدينة بروكسل كان والدها سفير بلجيكا في روما وحملتها تنقلاته إلى الصين ونيويورك وجنوب شرق آسيا مخلفة في نفسها شعوراً لايمحى بالوحدة لكنها تعود إلى بلجيكا في السابعة عشرة من عمرها وتتابع تحصيلها في دراسة اللغات اليونانية اللاتينية .