أنظمة العقار .. طال الانتظار فهل الفرج قريب؟!
هناك تعثر ملموس في تقديم أنظمة العقار، التي تنظم جزءاً من النشاط العقاري، وعلى الأخص التمويل الذي كان مسرحاً لكثير من المخالفات، ولم يعد بالإمكان القبول باستمرار أوضاعه كما كانت. ومع الانتظار الطويل لإصدار مجموعة الأنظمة العقارية تتأهب السوق للتجاوب مع مواد هذه الأنظمة وبنودها، لكن حتى اليوم، فإن متابعة سير هذه الأنظمة في مجلس الشورى وما يجري حولها من دراسات وتباين في وجهات النظر بين الأعضاء في المجلس واللجان ذات العلاقة فيه تزيد المتابعين تأكيداً أن هذه المجموعة من الأنظمة لن ترى النور قريباً.
إن أي نشاط يخلو من التنظيم يفتح الباب على مصراعيه للكثير من المشكلات القانونية والمالية، التي تترتب عليها قضايا وخسائر وأضرار تلحق بالنشاط بأكمله، تؤدي إلى تعثر في المشاريع الاستثمارية، ما ينعكس على أهداف التنمية ويبطئ من دورة استثمار المال وتداوله والاستفادة من منافعه، كما أن مثل هذا الوضع غير المنظم تنمو فيه فرص الاحتيال والغش والوعود الوهمية لضعف الدور الرقابي للأجهزة الحكومية.
إن استمرار تباين وجهات النظر بين المستشارين في مجلس الوزراء والأعضاء في مجلس الشورى سيعرقل مشروع الأنظمة لمدة طويلة، وكان الأجدى أن يدعو مجلس الشورى من يمثل هيئة الخبراء في المجلس للمناقشة المفتوحة حول ما يجب تعديله أو إلغاؤه من مواد أو بنود، وذلك من أجل الإسراع في إصدار الأنظمة لتحريك السوق الراكدة، خصوصاً في التمويل العقاري.
لقد تمت صياغة أنظمة عدة، وهي كل متكامل لتنظيم السوق العقارية وفتح قنوات جديدة للتمويل والاستثمار الآمن، وهي نظام التمويل العقاري ونظام مراقبة شركات التمويل ونظام الإيجار التمويلي ونظام الرهن العقاري، وإذا كانت السوق العقارية والمستثمرون والمضاربون فيها لم يألفوا وجود أنظمة دقيقة يجب عليهم اتباعها، فإن دفع هذه المجموعة من الأنظمة دفعة واحدة إلى السوق قد يؤدي إلى مشكلات في التطبيق تبرر ما يورده البعض من ملاحظات حول الجانب العملي أو التطبيقي، كما أن وظيفة الدوائر الشرعية التوثيقية ستكون مكملة ولا يمكن إغفالها، ومع ذلك، فإن تجربة تقديم الأنظمة العدلية وهي نظام المرافعات ونظام الإجراءات ونظام المحاماة كانت متزامنة، ونجحت المحاكم والجهات المختصة في التطبيق بنسبة عالية، لأن كل جهاز سيتولى ما يخصه وعلى المتعاملين أن يتفهموا ما لهم وما عليهم من حقوق والتزامات في هذه الأنظمة أو الاستعانة ببيوت الخبرة.
ولعل كل من له علاقة بالسوق يلاحظ ذلك الانتظار من جانب البنوك لإطلاق برامج التمويل العقاري السكني، وهي برامج تشكل رديفاً قوياً لصندوق التنمية العقاري، كما أن ما أصاب سوق الأسهم من ضعف الإقبال على الاستثمار فيها، أدى إلى قفل قناة استثمارية للبنوك وهي تتطلع نحو سوق التمويل العقاري المنظمة قليلة المخاطر، وقد رصدت لذلك مبالغ مالية ضخمة في محفظة الاستثمار العقاري لكل بنك.
وإذا كان من المتعذر تقديم مجموعة الأنظمة العقارية دفعة واحدة، فإن البديل هو وضع برنامج زمني يتم فيه إصدار هذه الأنظمة تباعاً حسب الأسهل في التطبيق، بحيث يكون الانتقال تدريجياً، ما يساعد على استيعاب مضمون هذه الأنظمة وتحقيق أهدافها التنظيمية، كما أن من الملاحظ أن مجموعة الأنظمة العقارية في الواقع ذات صبغة إشرافية ورقابية، ويبدو فيها الدور الحكومي جلياً في ضرورة تحقيق الرقابة على الاستثمار العقاري، خصوصاً للمدخرات التي يتم فيها توظيف رؤوس الأموال سواء في المساهمات العقارية أو إنشاء الشركات المساهمة ونحوهما، مما يمس حقوق المواطنين ومصالحهم ممن يتم توظيف أموالهم في مشاريع استثمارية أو استهدافهم كعملاء للتمويل العقاري .. فهل سترى هذه المجموعة من الأنظمة النور قريباً أم ستظل حبيسة الجلسات الحوارية؟