الإمارات توقف خدمات «بلاك بيري» لأسباب أمنية
أعلنت هيئة تنظيم الاتصالات في الإمارات العربية المتحدة، أمس، تعليق خدمات ''بلاك بيري،'' اعتبارا من 11 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل؛ بسبب ما وصفته بالمخاوف الأمنية.
وأعلنت وكالة أنباء الإمارات الرسمية، أمس، أن الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في الدولة ستعلق خدمات ''الماسنجر والبريد والتصفح الإلكتروني الخاصة بالبلاك بيري'' في الدولة اعتبارا من يوم 11 أكتوبر (تشرين الأول) 2010 .
ويأتي قرار التعليق نتيجة عدم إحراز أي تقدم في المحاولات التي بذلت بشكل متواصل لجعل خدمات ''البلاك بيري'' تتوافق مع التشريعات التي تنظم عمل قطاع الاتصالات في الدولة. وتم إبلاغ مشغلي خدمات الاتصالات في الدولة ''اتصالات'' و''دو'' بهذا القرار، أمس، مع تعليمات لتجنب حدوث أي تفاوت في مستوى الخدمات البديلة التي سيتم تقديمها للمشتركين. وكما هو معلوم فإن جميع خدمات ''البلاك بيري'' تخضع للأطر التشريعية التي طورتها الهيئة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إلا أنه بسبب الطبيعة التقنية لها فإن بعض خدمات ''البلاك بيري'' مثل المسنجر والبريد الإلكتروني وبرامج تصفح الإنترنت تبقى خارج نطاق تطبيق هذه التشريعات الوطنية. وتعد خدمات ''البلاك بيري'' الوحيدة التي تقوم من خلالها مؤسسة تجارية أجنبية بتصدير معلومات المستخدمين وبياناتهم مباشرة إلى خارج دولة الإمارات وإدارتها.
ويستند القرار الذي صدر، أمس، إلى كون بعض خدمات ''البلاك بيري'' نتيجة طبيعتها الحالية تتيح السبيل أمام بعض الأفراد لارتكاب تجاوزات بعيدا عن أي مساءلة قانونية؛ ما يترتب عليه عواقب خطيرة على الأمن الاجتماعي والقضائي والأمن الوطني.
وفي هذا الصدد، صرح محمد ناصر الغانم، مدير عام الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات: ''من أجل المصلحة العامة، أصدرنا قرارنا إلى مزودي خدمات الاتصالات في الدولة بتعليق خدمات الماسنجر والبريد والتصفح الإلكتروني الخاصة بـ''البلاك بيري'' اعتبارا من 11 أكتوبر 2010، وذلك حتى يتم التوصل إلى حل يتوافق مع الإطار التشريعي لقطاع الاتصالات في الدولة''. وأضاف ''إن تقديم عروض بديلة تكفل استمرارية خدمات الماسنجر والبريد والتصفح الإلكتروني للعملاء من أفراد وشركات، هو في صلب أولوياتنا؛ لذا تم إبلاغ كل من مؤسسة الإمارات للاتصالات ''اتصالات'' وشركة الإمارات للاتصالات المتكاملة ''دو'' بضرورة تأمين الحلول التي تحقق هذا الهدف''.
وختم قائلا: ''ترى هيئة تنظيم الاتصالات أن خدمات البلاك بيري تبدو متوافقة مع الأطر التشريعية المماثلة في دول أخرى؛ ما يجعل من عدم الاستجابة في هذه الحالة لتشريعات دولة الإمارات مصدرا للقلق وأمرا مخيّبا للآمال''.
وكشف تقرير بثته وكالة الأنباء الإماراتية، أمس، أن الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في الدولة تطالب شركة ريسيرش إن موشن ''آر آي إم'' المصنعة لأجهزة ''بلاك بيري'' الالتزام بمتطلبات توازي تلك المطبقة مسبقا في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وذلك يعني أن شركة ''ريسيرش إن موشن'' إما أنها لا تلتزم بأنظمة بريطانيا والولايات المتحدة، أو أنها تلتزم بها، لكنها ترفض الالتزام بمتطلبات دولة الإمارات، رغم مناقشات التعاون المستمرة منذ ثلاث سنوات.
وعملت كل من بريطانيا والولايات المتحدة على سن تشريعات تساعد على تطبيق القانون وتتيح للدولة اعتراض شركات الاتصالات لمساعدة الدولة على الوصول إلى خدماتها. وتستطيع الهيئة التنظيمية المعنية في كل من هاتين الدولتين ممارسة صلاحيات تشريعية لحماية المصلحة العامة. كما أن لها أيضا حقوقا تعاقدية إضافية بموجب شروط الترخيص الذي تصدره لمشغلي الشبكات المخولين.
وعلى سبيل المثال، تفرض الولايات المتحدة سيطرتها على خدمات وشبكات الاتصالات من خلال الهيئة الاتحادية للاتصالات والقانون الأساسي الذي يحكم هذه المسألة هو قانون الاتصالات للعام 1934 ''وتعديلاته''. وفي الولايات المتحدة وقبل السماح بملكية الشركات الأجنبية لشركات الاتصالات الراديوية المرخص لها بنسبة تجاوز 25 في المائة من رأس المال تطلب الهيئة الاتحادية للاتصالات بشكل روتيني من الشركة الأجنبية الأم التوقيع على اتفاقية أمن الشبكات مع كل من وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي ''وأحيانا مع وزارة الدفع''.
وتهدف هذه الإتفاقيات إلى حماية الأمن القومي الأمريكي بما في ذلك جدوى وتكامل وأمن نظام الاتصالات، والتأكد من إمكانية وصول الجهات المعنية بتطبيق القانون إلى بيانات المكالمات ومعلومات تحديد المكالمات من أجل أغراض حكومية قانونية.
وتفرض هذه الاتفاقيات التزامات عدة، منها أن تكون بنية الاتصالات التحتية المستخدمة لإيصال المكالمات إلى المشتركين الأمريكيين متواجدة ضمن أراضي الولايات المتحدة، وأن تتعاون الشركة الأجنبية المالكة مع الحكومة الأمريكية لتسهيل المراقبة الإلكترونية عند الحاجة، وأن توافق الشركة التابعة الأمريكية على توفير أي اتصالات مخزنة وبيانات المعاملات وبيانات المكالمات المتعلقة بالاتصالات المحلية ومعلومات المشترك وسجلات الفواتير إلى الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون؛ وذلك بموجب مذكرة صادرة عن المحكمة، إضافة إلى منع الشركة المالكة الأجنبية من إفشاء أي من بيانات المعاملات والبيانات المتعلقة بالمكالمات ومعلومات المشترك أو أي معلومات سرية وحساسة أخرى لأي حكومة أجنبية، من دون الحصول على الموافقة الخطية من الحكومة الأمريكية..
وبشأن المساهمة في تعزيز القدرة على تطبيق القوانين. يطلب ''قانون مساعدة الاتصالات في تطبيق القانون'' من مزودي الخدمات الحاصلين على ترخيص الهيئة الاتحادية للاتصالات. تصميم شبكاتهم بطريقة تمكنهم من تزويد السلطات الأمريكية المعنية بتطبيق القانون ببيانات المكالمات ومعلومات تحديد المكالمة في حال قامت السلطات بطلب مثل هذه المعلومات بشكل قانوني. وفي المملكة المتحدة بموجب البند رقم 132 من قانون الاتصالات البريطاني للعام 2003، يحق لوزير الدولة لشؤون الأعمال والإبداع والمهارات في حال توفرت لديه أسباب منطقية. القيام بحماية الشعب من أي خطر يهدد السلامة العامة أو الصحة العامة أو إصدار تعليمات لجهاز تنظيم الاتصالات لتوقيف''. إما بشكل عام أو بخصوص شبكات أو خدمات خاصة'' أو تقييد حق المزود بتزويد الشبكات أو الخدمات. ويمتلك جهاز تنظيم الإتصالات صلاحيات معينة لإيقاف أو تقييد حق المزود بتزويد الشبكات أوالخدمات بموجب الشروط العامة للاتصالات. ويتضمن ذلك صلاحية الجهاز إصدار إشعار تنفيذ في الحالات الطارئة على أخطار تتعلق بتهديد خطير للسلامة أو الصحة العامة أو الأمن القومي، إضافة إلى مشاكل اقتصادية أو تشغيلية خطيرة على مزودي خدمات الاتصالات أو الأشخاص الذين يوفرون التسهيلات ذات الصلة، ومشاكل اقتصادية أو تشغيلية خطيرة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يستخدمون مثل هذه الشبكات والخدمات والتسهيلات المرتبطة بها (البند 98 من قانون الاتصالات للعام 2003).
وتم تنظيم مسألة اعتراض الاتصالات على شبكات الاتصالات العامة في بريطانيا بشكل أساسي بواسطة ''قانون تنظيم صلاحيات التحقيق للعام 2000''، ويحدد هذا القانون الظروف المختلفة التي يمكن فيها اعتراض ومراقبة الاتصالات. ويحق لوزير الدولة لشؤون الأعمال والإبداع والمهارات بشكل خاص إصدار مذكرة بموجب الفقرة الخامسة لطلب أو السماح باعتراض ومراقبة الاتصالات عند الضرورة؛ وذلك للأغراض التالية: حماية الأمن القومي وكشف جريمة خطيرة أو الحيلولة دون وقوعها وحماية المصالح الاقتصادية للملكة المتحدة.
وإضافة إلى ذلك فإن أنظمة الاحتفاظ بالبيانات 2009 تفرض التزامات متنوعة على مشغلي الاتصالات العامة للاحتفاظ بالبيانات المتعلقة باتصالات شبكاتهم لمدة 12 شهرا من تاريخ إجراء الاتصال بحيث يمكن للسلطات الوصول إليها بموجب مذكرات خاصة. تفرض هذه الأنظمة الاحتفاظ بفئات مختلفة من المعلومات, لكنها لا تتضمن محتوى الاتصال.
من جانبها، هددت وزارة الداخلية في الهند بوقف خدمات ''بلاك بيري'' بسبب إحجام الشركة المصنعة عن تزويدها بمعلومات عن المستخدمين وتنظر حكومة الهند في أمر حظر هذه الخدمات بسبب التهديد الذي تشكله على الأمن القومي.
وأكد مسؤول رفيع في الحكومة الهندية، أن بلاده ستحظر خدمات ''البلاك بيري'' في حال رفضت الشركة المصنعة تزويدها بتفاصيل بيانات المستخدمين.
وتتصدر شركة ريسيرش إن موشن ''آر آي إم'' الكندية والمطورة لهواتف ''بلاك بيري الذكية'' الأخبار هذه الأيام بعد أن أثارت خدماتها تخوفات أمنية في عديد من الدول. ويتمثل أحد الأسباب الرئيسة لتك التخوفات في انتقال الرسائل والبيانات من تلك الهواتف عبر خوادم الشركة في مقرها الرئيس في كندا. وأبدت دول مثل الهند والإمارات مخاوفها حول المسائل الأمنية المرتبطة بخدمات شركة ''آر آي إم'' لهواتف ''البلاك بيري''.
وأرجعت أسباب المخاوف إلى أن خدمات الشركة تستضيفها كندا، وبالتالي هي خارج نطاق السلطات القانونية لتلك الدول، فيما يستخدم جهاز ''البلاك بيري'' تقنيتي التشفير الثلاثي والتشفير المتطور لتشفير البيانات، وبما أن خادم الشبكة موجود في كندا فإن البيانات والرسائل لا يمكن اختراقها. وتطالب الحكومة الهندية شركة ''آر آي إم'' بأن تنصب خادم الشبكة الخاص بها في الهند؛ وذلك لتسهيل متابعة البيانات من الناحية الأمنية.. إلا أن الشركة تعارض هذه الفكرة.
كما تطالب وزارة الداخلية الهندية بتقيد خدمات البريد الإلكتروني وتداول البيانات عبر ''البلاك بيري'' بالصيغ التي يمكن لأجهزة الأمن والاستخبارات متابعتها.
وفي الوقت الحالي، تقدم عديد من شركات الاتصالات الهندية، بما فيها الشركات المملوكة للحكومة، خدمات تداول البيانات عبر هواتف ''بلاك بيري الذكية''، ومن ضمنها شركات فودافون وبهارتي إيرتيل وريلايانس وتاتا و''بي إس إن إل '' و''إم تي إن إل''، وسيتوجب على ما يزيد على 400 ألف مستخدم لهواتف البلاك بيري في الهند أن ينتظروا ما ستفعله شركة ''آر آي إم'' بهذا الشأن. من جهتهما، أعلنت مؤسسة الإمارات للإتصالات ''اتصالات'' و شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة ''دو''، أمس، تلقيهما قرار هيئة تنظيم الاتصالات تعليق خدمات البلاك بيري ''البريد الإلكتروني وخدمة التراسل الفوري وخدمات الإنترنت والشبكات الاجتماعية'' اعتبارا من 11 أكتوبر ( تشرين الأول) المقبل وحتى يتم تطوير حل مقبول ويطبق يتوافق مع التشريعات التي تنظم قطاع الاتصالات في الدولة.
وقالت ''اتصالات'' في بيان لها: إن ''قرار الهيئة مهم'' وأنها ''تتفهم الأبعاد القانونية والاجتماعية للقرار''.. مؤكدة التزامها بقوانين وقرارات الهيئة وفي الوقت نفسه حرصها على توفير أفضل الخدمات لمشتركيها، خصوصا أن لديها حصة الأغلبية من مشتركي الهاتف المتحرك في دولة الإمارات، بما في ذلك خدمات ''البلاك بيري''. وستعلن ''اتصالات'' قريبا عن البدائل التي ستوفرها لعملائها من مشتركي ''بلاك بيري'' المعنيين بقرار تعليق بعض الخدمات، مؤكدة أن قرار الهيئة مهم وأنها ستركز في الوقت الحالي على ضمان استمرار خدمات المشتركين.. وذكرت شركة ''دو'' في بيان لها ''أنه سيستمر عملاء ''دو'' في استخدام أجهزة ''بلاك بيري''، التي يحملونها للاستفادة من الخدمات الصوتية والرسائل النصية القصيرة والرسائل متعددة الوسائط وتصفح الإنترنت، الذي لا يتم من خلال خدمة ''بلاك بيري''، كذلك لن تتأثر بهذا التعليق التطبيقات الأخرى التي لا تعتمد على خدمة ''إنترنت بلاك بيري''.