رمضان على الأبواب .. رشدوا من استهلاككم
تفصلنا أيام معدودة عن دخول شهر رمضان المبارك هذا العام، الذي عادة ما يشهد دخوله، ارتفاعا في مستوى أسعار المواد الاستهلاكية بشكل عام، وأسعار المواد الغذائية بشكل خاص، بالذات المواد الغذائية الشائعة الاستخدام في شهر رمضان، التي يزداد الطلب على استهلاكها في الأسواق المحلية خلال الشهر الكريم، مثل عبوات الدقيق المنزلية المختلفة، والأصناف متعددة من الشوربة، ومساحيق الجلي بأنواعها، والمعجنات، والمشروبات الرمضانية.
هذا الارتفاع في الأسعار الذي تشهده السلع الاستهلاكية بشكل عام والمواد الغذائية بشكل خاص خلال شهر رمضان المبارك، تعزى أسبابه إلى عاملين أساسيين، أولهما شراهة الاستهلاك الذي يمتاز ويتمتع به وللأسف الشديد المستهلك السعودي، وثانيهما استغلال عدد من التجار من ذوي ضعاف النفوس لحاجة المستهلك وإقباله المتزايد على شراء المواد الغذائية في شهر رمضان، في رفع الأسعار،ولا سيما بالنسبة لعدد من السلع والمواد الغذائية ذات الطبيعة الموسمية، التي يزداد عليها الطلب بشكل كبير في شهر رمضان، مثل المعجنات، وأنواع من الشوربة، والمشروبات الرمضانية، ومساحيق الجلي، ومستلزمات صناعة الحلوى.
جهود الجهات الحكومية المعنية، بمراقبة وضبط الأسعار في الأسواق السعودية، مثل الجهود التي تقوم بها وزارة التجارة والصناعة، ملحوظة وملموسة، بالذات في شهر رمضان المبارك، التي تركز من خلالها الوزارة حملاتها التفتيشية على الأسواق، بهدف التأكد من توافر المواد الغذائية في الأسواق من جهة، وضمان استقرار الأسعار من جهة أخرى، حيث قامت الوزارة في هذا الخصوص، بإجراء تحليل لمتوسط أسعار عدد من السلع الغذائية الرمضانية الشائعة الاستعمال، التي يزداد الطلب عليها في الأسواق المحلية في المملكة خلال شهر رمضان، وذلك برصد أسعارها خلال شهر شعبان من العام الجاري، ومقارنتها مع فترات مماثلة لأعوام ماضية، وبالتحديد للفترة (1426/1430هـ)، والذي أكدت الوزارة من خلاله، على وفرة المعروض من السلع وتعدد البدائل للسلعة الواحدة، وبالذات في ظل وجود منافسة حرة في الأسواق، واتساع قاعدة المنتجين والموردين وحرية الاستيراد للتجار المتعاملين بتلك السلع.
من بين جهود وزارة التجارة والصناعة أيضاً، الرامية إلى ضمان توافر المواد والسلع الغذائية في شهر رمضان المبارك هذا العام واستقرار أسعارها، إطلاقها لمؤشر خاص بأسعار السلع الرمضانية اعتبارا من يوم الأحد الموافق 20 شعبان 1431هـ وحتى نهاية آخر يوم في شهر رمضان المبارك، وذلك ضمن مؤشر السلع الاستهلاكية على موقع الوزارة الإلكتروني www.cpi.mci.gov.sa م، والذي يشتمل على عرض لأسعار عدد من أصناف السلع الرمضانية شائعة الاستهلاك بشكل يومي في (27) محافظة من محافظات المملكة، وذلك بهدف إطلاع المستهلك مسبقاً على أسعار المواد الغذائية المتاحة في الأسواق، بما في ذلك البدائل المتاحة، حيث يتمكن من إجراء المقارنات والمفاضلة بين الأسعار المختلفة، للاختيار من بين أفضلها وأحسنها، بما يتماشي ويتوافق مع رغباته واحتياجاته وإمكانياته المالية.
إن نجاح جهود وزارة التجارة والصناعة والجهات الأخرى المماثلة في السعودية المعنية بتوافر السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية في الأسواق المحلية، إضافة إلى ضبط الأسعار واستقرارها، يتطلب بكل تأكيد التفاعل معها من قبل المستهلك، من خلال ترشيد الإنفاق على وجه العموم، والرفع من مستوى وعي وثقافة الشراء على وجه الخصوص، ما يفرض الحاجة إلى المفاضلة بين البدائل المتاحة من السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية في الأسواق، والاختيار من بين أفضلها من حيث السعر والجودة والقيمة الغذائية، ولا سيما أن وزارة الصناعة والتجارة قد وفرت خلال شهر رمضان نوعين من مؤشر الأسعار، الأول يختص بعامة السلع الاستهلاكية والتموينية الأساسية، في حين يختص الآخر وكما أسلفت بأسعار السلع الرمضانية.
إن التزام المستهلك السعودي بمعايير وأساليب الشراء الواعي والمسؤول والمرشد، سيساعد إلى حد كبير في الحد من ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية في الأسواق بشكل عام، وأسعار المواد الغذائية بشكل خاص، بالذات في شهر رمضان، لكون أن ذلك سيحد من قدرة التجار على رفع الأسعار، ولا سيما في ظل المنافسة الشرسة التي تشهدها الأسواق المحلية بين التجار خلال هذه الأيام، إضافة إلى توافر السلع بكميات كبيرة، وتوافر البدائل العديدة للسلعة، ما يؤكده دخول أكثر من سوق سعودية متخصصة في بيع المواد الغذائية في منافسة محمومة قبل بداية شهر رمضان المبارك مع بعضها بعضا، بعد أن قدمت إحدى الشركات الكبرى في مجال بيع المواد الغذائية تخفيضات خاصة للمواد الغذائية تتجاوز 10 في المائة لجميع الأصناف الرمضانية.
خلاصة القول، إنه في ظل توافر السلع الغذائية بما في ذلك الاستهلاكية في الأسواق في شهر رمضان المبارك خلال هذا العام، وفقاً لتأكيدات وزارة التجارة والصناعة لذلك، فإنه يتوقع للأسواق أن تشهد استقراراً في مستويات الأسعار، وعدم ظهور حالات من الارتفاع المفاجئ غير المبرر،ولا سيما أن عددا من التجار قد بدأ يخوض منافسة شرسة لتخفيض الأسعار، ولكن لأن تأتي الجهود الحكومية أكلها، بالذات الرامية إلى استقرار الأسعار وضبطها في الأسواق، فإن الأمر يتطلب مساندة المستهلك المحلي لتلك الجهود، بترشيد وتقنين الاستهلاك، والتركيز على إشباع الحاجات الضرورية والأساسية، بعيداً عن الإفراط والمبالغة غير المبررة في الشراء في معظم الأحيان، ويحبذ أن نتبنى ثقافة الشراء بالوحدة أو بـالحبة كبديل عن الشراء بالكمية أو بالكرتون، وكما هو واقع الحال ومعمول به ومطبق في عدد كبير من الدول الغربية المتقدمة، وبالذات في حال الأسر الصغيرة ومحدودة العدد، حيث إن مثل هذا الأسلوب في الشراء، سيساعد إلى حد كبير، على تقنين الاستهلاك العام للمواد الغذائية، وسيعمل على توفير الأموال والتقليل من الهدر في استخدام المواد الغذائية، بما في ذلك في استقرار الأسعار، والله من وراء القصد.