لمحة عن المرأة في المؤتمر السعودي الدولي الرابع

ضمن الأهداف التشجيعية النبيلة التي تميز بها المؤتمر السعودي الدولي الرابع في مانشستر في بريطانيا، والذي عقد من 29 إلى 31 في تموز (يوليو) 2010، بكل لجانه التنظيمية المتنوعة سواء الرجالية أو النسائية، وبرعاته وداعميه في السفارة السعودية والملحقية الثقافية وجامعة الإمام محمد بن سعود، أنه أظهر كثيرا من الأبحاث العلمية المهمة والمتنوعة التي يقوم بدراستها الطلبة السعوديون المبتعثون، فقد كانت أبوابه مفتوحة بلا حدود للمشاركة الواسعة من داخل بريطانيا وخارجها، ومسخرا الجهد للعمل على تسهيل وتوظيف الطاقات البشرية المتواجدة في بريطانيا لخدمة المشاركين وتوجيههم، وتمثيل وتشريف السعودية بأفضل تمثيل تمت مشاهدته ومعاينته عن قرب في الأعمال التنظيمية والمعرض المتكامل الذي صاحب المؤتمر بشهادة الحاضرين والإعلاميين.
ولعلنا من هنا نشيد بما ظهر من جوانب تنظيمية ناجحة ومشجعة ومشاهد حية حركتها وأدارتها وقادتها كوادر وطنية من الجنسين، فأسعدنا وشرفنا تحديدا ما هو متعلق أصلا بالمؤتمرات العلمية المعنية بالنتاج الإبداعي، وكان نموذجا علميا يفتخر به، تحقق في تلك الصورة المشرقة التي تميز بها بعض من المشاركين في أبحاثهم العلمية التي عرضت في أروقة المؤتمر، ونال البعض منهم براءات اختراع تم تكريمهم عليها خاصة في حفل تخريج ثلة من المبتعثين من الجنسين في لندن قبل المؤتمر بعدة أيام، وكانت الردود والتعليقات التي خرجت بعد مناقشة تلك المشاريع البحثية في المؤتمر من مهتمين ومختصين وباحثين، شدتهم المعلومات الواردة والمعروضة في تلك الأبحاث، موقع إثبات وتأكيد لجودة العمل البحثي المنفذ من قبل الطلبة السعوديين، بما لا يترك مجالا للشك أن التوجيهات السامية ماثلة ومتحققة ـ إن شاء الله ـ، سواء في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث العام أو غيره من المنح الدراسية من قبل الوزارات والشركات والكليات المهنية.
الملاحظ في المؤتمر والذي يضيف له رونقا وأعطاه بعدا مستقبليا مهما ليخفي الصورة النمطية الخاطئة والمعتمة عن المجتمع السعودي في الدول الغربية، الذي تسوق له الأيادي السوداء الحاقدة على المملكة، هو متانة العمل الجماعي والمنوع في الثقة التكاملية التكميلية ممثلا في وجود الكفاية النسائية في المؤتمر، وتحديدا في الدور المتميز الذي اتسمت به الطالبات المبتعثات في اللجنة التنظيمية، في المساهمة الفاعلة لإنجاح الفعاليات لهذا المؤتمر والحدث المهم، ونقل صورة مشرفة عن المرأة السعودية المحافظة والملتزمة بالقيم الأخلاقية الإسلامية، التي لا تقل عن الرجل السعودي في توظيف مهاراتها وطاقاتها لإخراج العمل الجماعي بالصورة الراقية والمتكاملة والمنظمة، مضافا إلى تواجدها في الحدث البحثي العلمي في مختلف التخصصات والدرجات العلمية، والتي يعيها الجميع بعدما سنحت لها الفرصة أن تنطلق مع الرجل، وتتفوق عليه أيضا في مناح متعددة، بالرغم من التحديات التي تواجهها ومن الصعوبات التي تشتمل عليها الحياة في دول الغرب، كونها تعمل في عدة محاور مشتركة «أسرية وتعليمية أيضا»، أي أنها قد تكون طالبة وربة منزل وأم لأطفال في الوقت نفسه.
وما يدعو للفخر والاعتزاز الذي يُحَفُّ ويُتَوَّجُ بالشكر والثناء بما يتمتع به المواطن السعودي من عناية ورعاية، هو الواقع الحقيقي الذي يقوم به خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين ونائبه الثاني ـ حفظهم الله ـ جميعا لدعم المسيرة التعليمية بكل ما أوتوا من قدرة وحكمة وسعة صدر، وما برحوا يولون اهتمامهم الشديد لرفعة وطننا الحبيب، بتهيئة الجيلين الحالي والقادم وتسليحهما بالعلم والمعرفة لخوض المسيرة التنموية والتطويرية للمملكة الغالية، ولمواكبة المتغيرات المتسارعة التي تمر على العالم في مناح متعددة مرتبطة بحياة الإنسان وأمنه واستقراره، التي لا يمكن اللحاق بها إلا بالعمل الجاد والخوض في أعماق العلوم وأسرارها.
المهم ما بعد المناسبات العلمية من حفلات تخرج ومؤتمرات ومعارض، والتي نعتز بها وبخروجها ناجحة فاعلة بتفاعل المشاركين والمساهمين والمنظمين والرعاة، ألا تنطفئ فرحة أبنائنا التي رُسِمت على وجوههم بعد عناء وجهد ومشقة، تكتموا عليها في قلوبهم من غربة ألمت بهم طواعية لطلب العلم، فتحدوها وتصدوا لكل معضلة واجهوها بقوة وصلابة، حتى يتحقق ما أرادوا وأرادت لهم بها بلدهم العزيزة بقيادتها الكريمة، ما نعنيه يتضمن مسؤولية كبرى داخل المؤسسات الحكومية والخاصة، في مشاركتهم العمل لإيجاد الحلول الجذرية الجريئة لمشكلات التوظيف وتنمية الموارد البشرية الوطنية، واستشعارهم الهم الذي تعانيه العمالة السعودية في صعوبة الحصول على مبتغاها من أعمال تناسب تخصصاتها ليكتمل إبداعها بعد ارتباطها بالوظائف، التي أحيانا كثيرة لا ترقى للمؤهلات التي تحصلوا عليها وتخصصوا فيها، فهي لا تفتقر إلى المقومات الضرورية كما يروج المتخاذلون ضدهم لمصالح شخصية في إحلال كثير من الوظائف التي يشغلها الأجانب، الذين يزداد وجودهم في كل سنة تلو الأخرى بأرقام كبيرة مقلقة، تخلق اهتزازا للاستراتيجيين والمخططين والمحللين لمستقبل الوطن، جراء تنامي البطالة في الجنسين على حد سواء، فهؤلاء الخريجون والمبدعون بما أثبتته الظروف ينتابهم القلق الذي لا يمكن إخفاؤه عن وجوههم، حينما يعودون لأوطانهم وتمضي الأيام والشهور والسنون أيضا وهم في حيرة من أمرهم، بعدما تغلق الأبواب أمام بعضهم ولا يجدون حلا ولا ملاذا يلوذون إليه، سوى الحسرة من فقدان المسرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي