وصايا عشر من عاطل إلى عادل

ليسمح لي معاليكم أن أقدم لكم هذه الرسالة من عاطل عن العمل أنهكه البحث عن وظيفة تكون له مصدر رزق وتساعده على تحمل المصروفات الأساسية في هذه الحياة, التي أعتقد جازماً أنني كعاطل وغيري من الزملاء والزميلات, أصبحنا ضحية أوضاع وأنظمة لا نملك أن نغير فيها شيئاً, فنحن ندفع ثمن أخطاء غيرنا, ونحن نحاسب اليوم على ذنوب غيرنا, وإذ أهنئك كعاطل على هذا التعيين الجديد, وأدعو الله لك أن يعينك على تحمل هذه المسؤولية, فإنني آمل منك أن تتقبل مني هذه النصائح, فهي بصوتي وصوت العاطلين والعاطلات في هذا الوطن.
- نسأل الله أولاً أن يغفر لمعالي وزير العمل الراحل الدكتور غازي القصيبي فقد حاول واجتهد وبذل ما في وسعه لمساعدتنا, وعلى الرغم من محاولاته ـــ رحمه الله ـــ إلا أن المعوقات كانت كبيرة, فنسأل الله أن يجزيه على ما قدم خير الجزاء.
- لم يصدر مثل هذا التعيين إلا ومن ورائه ثقة كبيرة وقفت سداً منيعاً في وجه كل من حاول التشكيك, ونحن كعاطلين نثق بهذه الثقة, فهي ثقة ولي الأمر, ونسأل الله أن يوفقك في أن تكون أهلاً لها ويعينك، فحسن الظن مبدأنا وهو سندنا بعد الله.
- نتمنى أن تتوقف الدراسات واللجان والتوصيات وغيرها من الأمور النظرية, فلا تكاد توجد قضية أشبعت بحثاً في قضايا وطننا مثل قضية البطالة, فالحلول معظمها معروفة, لكن تحتاج إلى تطبيق فوري وتنفيذ يشمل الجميع دون استثناء.
- كم نتمنى أن تجد حلا فوريا للغز العمالة الكبير الذي لم نجد له تفسيراً حتى اليوم, فنحن كعاطلين لا نزيد على 400 ألف في حين لدينا أكثر من سبعة ملايين وافد يعملون في مختلف مناطق المملكة, معظمهم لا يعرف شيئاً عن العمل الذي يقوم به.
- التأهيل وثقافة العمل من أهم الأشياء التي تنقصنا لرفع قيمتنا أمام أصحاب العمل, فهل نطمح في أن تتوافر لنا ومن خلال برنامج تأهيلي مركز يعوض ما لم نتمكن من العثور عليه طوال سنين التعليم في المدارس والجامعات؟
ـــــ كعاطلين لا نستنكف عن العمل ونقبل به, فمنا من يعمل كهربائيا ومنا من يعمل في إعداد المأكولات والضيافة وسائقا ورجل أمن وفي غسل الملابس وغيرها من المهن, مؤكدين لك قناعتنا بأن العمل ليس عيباً, لكن في المقابل يجب أن يكون هناك حد أدنى لعائد مادي يساعد على تأمين مستلزمات الحياة الأساسية.
- بوابة الاستقدام للقطاع الخاص مفتوحة على مصراعيها, خصوصا لمن يعرف كيف يعبر منها, ولا يخفى عليك أن هذه البوابة هي من أكثر الأسباب للحالة التي نحن فيها اليوم، ونحن لا نطلب وقف الاستقدام تماما ونعرف أهميته لرجال الأعمال, لكن نطلب أن يفعل ترشيده, خصوصا في المجالات التي نستطيع أن نعمل فيها, فنحن أحق وأولى من غيرنا, ومع ذلك فنحن كعاطلين نفاجأ بأن عدد التأشيرات في كل عام يزيد على العام الذي قبله.
- نتمنى أن يكون لدينا مرصد فرص العمل بحيث نعرف نحن العاطلين ما وضعنا وهل نحن في زيادة أم نقص؟ وما فرص العمل المتاحة, وأين موقعها؟ وما الشركات التي تشجع عمل أبناء الوطن وغيرها التي تعيش على العمالة الوافدة؟ وبمعنى آخر نحتاج إلى خريطة رقمية لفرص العمل في السعودية لنعرف تحديداً مكان الداء ليسهل علاجه.
- نحن نحب العمل ونحرص عليه, لكننا نفتقد من يدافع عن حقوقنا, فكثيرا ما نتعرض لمواقف تعسفية, فلا نعطى فرص العمل على الرغم من تأهيلنا, وإن قدمت لنا فلا تسلم لنا الرواتب في مواعيدها ونكلف بأعمال تفوق طاقتنا وقدراتنا وترتفع ساعات العمل لتتجاوز الساعات الثماني يوميا دون مقابل, وليس أمامنا إلا القبول أو الطرد, كل ذلك وغيره كثير من الحقوق أصبحت حلما بالنسبة لنا صعب المنال.
- هناك أخوات لنا عاطلات عن العمل اضطرتهن الظروف إلى البحث عن عمل لوفاة رب الأسرة أو ارتفاع تكاليف المعيشة, فهن في حاجة إلى أي مصدر دخل يسهم في إعانتهن وعلى الرغم من صدور العديد من القرارات التي تتيح لهن العمل إلا أنها مجمدة.
هذه وصايا عشر من عاطل لعادل لم تقدم من كبرى مكاتب الدراسات الاستشارية, بل قدمت من أفضل من ذلك بكثير، قدمت من دهاليز شركات القطاع الخاص وطوابير نوافذ التقديم للعمل وغرف المقابلات الشخصية، قدمت من عاطل يتذوق مرارة البطالة في كل دقيقة ويبيت يحمل همها في كل ليلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي