الحميدي: كتاب «ملة إبراهيم» استخدم طاقة الحب والبغض لتضليل الشباب السعودي
تطرق الشيخ الدكتور عبد العزيز بن أحمد بن محسن الحميدي الأستاذ المساعد في قسم العقيدة في كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة أم القرى، في الجزء الثالث من برنامج «همونا» الذي تبثه القناة الأولى إلى أن الأطروحات الفكرية تتخذ لبوساً إسلامياً، وتستدل بالشريعة الإسلامية وبالنص الشرعي من الآية والحديث، لكن الغاية منها أمر لا يظهر كثيرا للمجتمع وأفراده.
وأكد أن صاحب الطرح الفكري أو صاحب الفتنة إذا أراد أن يؤثر في المجتمع، يدخل عليه من المدخل الفكري، ويختار المنهجية التي يشترك في التأثر بها أفراد المجتمع، مشيراً إلى أن المجتمع في هذه البلاد متدين بطبعه ومحب للإسلام، وتأثره إما كثير أو قليل، فيدخل عليه دائماً من هذه المداخل ويدس في طياتها الأهداف الحقيقية. وفيما يتعلق بكتاب «ملة إبراهيم» وبالولاء والبراء، قال الحميدي: «هو استخدم قضية الولاء والبراء لأن لها تعلقان: تعلق شعوري بالنفس والقلب بحب الإنسان وبغضه وطاقة الحب وطاقة البغض من أعظم الطاقات»، متفقاً مع مقدم البرنامج في أنها «تحريك للكوامن الشخصية أو بدافع البغض»، مضيفاً أن «القضية هي في حقيقتها لما يتكلمون في علم الاستراتيجيات الفكرية للتأثير دائماً أنت المتكلم أو المتحدث أو الذي له هدف يسلك مسلك المقدمة والنتيجة، مقدمة تفضي إلى النتيجة التي يريد .. أن يجند طاقات شبابية كثيرة لإحداث شرخ معين في المجتمع»، مضيفاً أنه «يقدمها باسم الموالاة والبراء وملة إبراهيم ويقيم الدنيا عليها ويقعدها ويجعلها إذا لم تكن في عدائية تامة حتى ربما مع أقرب الأقربين إليك، وهو ربما عند الله خير منك من علماء وفضلاء وصالحين وما يمكن أن تنفذ إليه، وبالتالي تجنده ليكون حرباً على أهله وأقاربه ومجتمعه، هذه المقدمة التي تفرز مثل هذه النتيجة لذلك تأتي قضية الولاء والبراء بطرح قضية يجب أن تكون في عدائية تامة وإلا ما تحققها».. وهنا تفاصيل ما دار في الحلقة:
المقدم: «فضيلة الدكتور نريد أن نتحدث في هذه الليلة عن بعض الأطروحات الموجودة في الساحة .. أطروحات فكرية .. هذه الأطروحات الفكرية تتخذ لبوسا إسلاميا وتستدل بالشريعة الإسلامية وبالنص الشرعي من الآية والحديث، ولكنهم يريدون من هذه الأطروحات أمرا ربما لا يظهر كثيرا للمجتمع وأفراد ه، نريد أن نتحدث عن هذه الأساليب وعن هذه الأفكار، وما مرادها من هذا الطرح؟»
الحميدي: «بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه والتابعين أما بعد، إذا أراد كل صاحب فكرة أو صاحب طرح فكري أو صاحب فتنة أن يؤثر في مجتمع ما فلا بد أن يدخل عليه من المدخل الفكري، ويختار القضية أو المنهجية التي يشترك في التأثر بها أفراد ذلك المجتمع، فلذلك المجتمع عندنا في هذه البلاد مجتمع متدين بطبعه محب للإسلام معظم للدليل الشرعي، يتأثر إذا قيل قال الله تعالى، إذا قيل قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإذا قيل قال الصحابي، قال العالم فلان، قال الكتاب الفلاني من الكتب المعلومة المعروفة يتأثر، إما تأثر كثير أو تأثر قليل، فيدخل عليه دائماً من هذه المداخل ويدس في طياتها الأهداف الحقيقية لأصحاب ذلك التيار أو ذلك الفكر الذي يريدون إحداث فتنة ما في هذا المجتمع، ونبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حذر قديما ونبه وخاف علينا مثل هذه المداخل فقال ـ صلى الله عليه وسلم – «أخوف ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان يجادل بالقرآن»، فجعل من أخوف ما يخاف على الأمة المنافق الذي له أهداف باطنية خبيثة في إحداث الشرخ وزعزعة فكر ودين واعتقاد هذا المجتمع ويظهر أهدافا أخرى ويستخدم مسمى الدين، مسمى الدليل، مسمى النصر، مسمى الكتاب، أقوال لبعض العلماء، أقوال لبعض الصحابة يجيد اختيارها وانتقاءها ليوظفها للهدف الذي يريد أن يصل إليه بعد ذلك».
#2#
المقدم: «ليس بيانا للشرح وإنما عملية انتقائية».
الحميدي: «إنما عملية انتقائية ونوع من المكيافيلية -إن صحت العبارة - الغاية تبرر الوسيلة فلا مانع عنده أن يستخدم آيات القرآن الكريم في غير ما أنزلت إليه، ولو كان في ذلك مضادة لله ونفاق مع الله سبحانه وتعالى قبل أن يكون فيه مرآة للخلق وعليم اللسان يحسن الكلام يحسن الكتابة ويحسن التأليف ويجادل بالقرآن. قال ابن القيم في هذا الحديث قال - عليه الصلاة والسلام - يجادل بالقرآن ولم يذكر أنه يجادل بالسنن، ولذلك غرض، ولأن السنن وظيفتها سنة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ توضح القرآن توضح عام القرآن وتخصصه وتبين مجمله وتقيد مطلقه وتبين بعض الأحيان ناسخه، نحو ذلك من أمور فيحتاج إليها ليستعان بها على فهم مراد القرآن، وقد قال الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -إذا جادلكم أهل البدع بالقرآن فجادلوهم بالسنن فإن القرآن حمال وجوه باعتباره عموميات وكليات يحتاج فيه إلى أمرين إلى السنة النبوية لتفسره. وقد قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في أول كتاب أو رسالة له: والسنة توضح القرآن وتفسره وتبينه. ونحتاج أيضا إلى فهم الصحابة وتفسيرهم ولغة القرآن لغتهم وهم أهل اللغة وأهل التنزيل وعليهم نزل وهم أعرف بمواقعه ومراداته وناسخه ومنسوخه ممن جاء بعدهم ولو كان من التابعين من بعدهم، فضلا عمن يأتي اليوم ليوظف نصوص الشرع خصوصا القرآن الكريم في غير مرادها، ولنأخذ مثالاً على ذلك كتابا كنت نظرت فيه وقرأته كتاب موسوم بـ «ملة إبراهيم» لشخص يدعى «أبو محمد المقدسي» وإن كان رأيي الخاص في هذا الكتاب أنه لا يقف خلفه شخص واحد بقدر ما هو ربما تيار معين أو ربما هو أشد من ذلك لإحداث نوع من الغرضية المقصود بها بالذات بالتحديد المجتمع مجتمعنا السعودي الذي نحن جزء منه، الذي نعيش فيه وشريحة الشباب على وجه الخصوص، نظرا لما طبع عليه الشباب من سرعة التأثر وكثرة الحماس، ولذلك سلك الكتاب مسلكاً معروفاً عند رواد الفكر ومتتبعي أنواع الأفكار وأنواع الفلسفات التي يقصد منها التأثير، وهو ما يسمى بالتلقين في اللاشعور، وهذا يسلكه الكثير من الأذكياء خاصة الفلاسفة، وهو أن يهيجك في البداية بما تحب أنت, أنت تحب نبي الله إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ ولا يوجد مسلم ولو كان ضعيف الإسلام إلا إذا ذكر له الخليل إبراهيم ـ عليه السلام - أشرق وأشرقت نفسه وسر خاطره الخليل إبراهيم «واتخذ الله إبراهيم خليلا»، وملة إبراهيم هي ملة الأنبياء جميعا، وإذا ذكر إبراهيم ذكر التوحيد وذكر صفاء الإسلام وذكر ميراث الكتاب وجعل الله في ذريته النبوة وذكرت مكة وذكرت الكعبة وذكرت المناسك كلها مرتبطة بهذه الشخصية العظيمة الجليلة نبي الله إبراهيم، فعندما يقال ملة إبراهيم، ثم يوظف هذا الاسم وما جاء في القرآن من مدحه والثناء عليه وكلنا نؤمن بذلك ونصدقه في أبينا إبراهيم ـ عليه السلام ـ أبي الأنبياء وإمام الحنفاء - عليه الصلاة السلام - وخليل رب العالمين - جل وعلا - عليه الصلاة والسلام ـ ونبينا محمد - عليه الصلاة والسلام - من ذريته وبُعث على ملته ولدعوته «وأوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين» وقال الله تعالى في خاتمة سورة الحج «ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس»، ثم يهيج المسلم في ذلك ملة إبراهيم، ثم يصاغ له أن ملة إبراهيم ضاعت وميراث الأنبياء بدد وتسلط عليه الكبراء وتسلط عليه الظالمون وميعوه، وهذا الكتاب وصاحبه أو من يوافقونه جاؤوا لإعادة الحق إلى نصابه ثم توظف كل النصوص في هذا الاتجاه ثم يهيج القارئ والسامع له حتى ينفتح اللاشعور عنده فيلقن الأهداف الحقيقية لا يلقن بها من بداية الكتاب، ولذلك وجهة نظري من خلال قراءة هذا الكتاب أن له هدفين».
«لكن لم يدخلها في أول الكتاب إنما أدخلها في أواخره عند شعوره بأن التهييج الذي تكلمنا».
المقدم: «حاول أن يتحدث مع المشاعر ويهيجها».
«أي نعم حتى فتحها فيلقن الهدفين الهدف الأول الدعوة إلى ما سماه السرية وإعداد تنظيمات سرية والتخطيط والإعداد داخل المجتمعات المسلمة لإحداث الشرخ باعتبار أن كل المجتمع بجميع هيئاته وأقطابه من ولي أمره إلى علمائه وقضاته إلى أبيه وأمه هذا الذي يقرأ هذا الكتاب».
المقدم: «أليس دين الله واضحا لماذا يدعو إلى السرية إذن.؟
الحميدي: «أحسنت لماذا يدعو إلى السرية، ولذلك عمر بن عبد العزيز أورد له الإمام البخاري أثراً جميلاً جدا في كتاب العلم وترجم عليه باب كتابة العلم وإظهاره». «عمر يقول تتبعوا حديث رسول الله كتب لأحد عماله أبو بكر بن حزم واجمعوه واكتبوه فإني خفت دروس العلم أي ذهابه وموت العلماء، علق البخاري ـ رحمه الله ـ هذا الإمام العظيم على أثر عمر بن عبدالله تعليقا عظيما قال وليفشوا العلم العلماء يفشوه يظهرونه وليقعدوا أي يقعدوا للناس ليعلموهم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا، لماذا إذا كان حق ملة إبراهيم وأنت تدعو إلى الصدع بها لماذا السرية ولماذا التخطيط داخل المجتمع هنا لإحداث الشرخ المطلوب؟»
« الدين الإسلامي أساساً، لأنه وصل إلى التهييج المطلوب فأحدث الشرخ فدعا إلى السرية ثم الخطوة الثانية كما نص عليها وهي الانقضاض على هذا المجتمع بفتنة وبقتل ابتداء حتى من الأب والأم الذي يرى من خلال الكتاب أنه استطاع أن يهدر حقوقهم على الابن بهذا التهييج باسم ملة إبراهيم وأدخل الهدفين الخطيرين ضمن هذا يسمونه في التلقين في اللاشعور».
المقدم: «فضيلة الشيخ أريد مزيد الإيضاح في هذا الجانب».
الحميدي: «أنا أرى أن الكتاب سلك هذا المسلك».
المقدم: «أريد مزيد الإيضاح في هذا الجانب عن بعض الأساليب والطرق لبعض التوجهات الفكرية التي توجه إلى المجتمع الإسلامي بهدف إدخال الباطل بلبوس الحق وتكلمتم عن بعض الأساليب منها الدعوة إلى السرية والدعوة إلى عدائية المجتمع الإسلامي، بل حتى عدائية أفراد الأسرة الأب والأم كما ذكرتم وطلبت منك إيضاحا لهذا الموضوع فتفضل بارك الله فيكم؟».
الحميدي: «هو مثل هذا الكتاب الذي تحدثنا عنه لا يراعي أولاً الأمانة في الاستدلال بالنصوص ولا حتى في الاستدلال بأقوال العلماء إنما يسلك مسلك الانتقائية وحتى المزاجية وإذا ما وجد في كلام العلماء ما يريد، تولى هو تفسير الأمور ولذلك لا تجد في كتابه نقلاً لتفاسير الصحابة لا تجد أي أثر لا لصحابي ولا لتابعي ولا لمترجم الأئمة في كتب العلم القديمة وإنما يختار مثلا من كلام العلماء الذين هم كثار في التأليف كابن القيم وكبعض أئمة الدعوة بعض المقتطفات». «الانتقائية ويختزلها حتى ويجتزئها حتى، حتى نكون واضحين يعني بأمثلة نقل مقطع للإمام ابن القيم وعزاه هو إلى كتاب بدائع الفوائد جزء (3) صفحة (69) قال هو يقول صاحب كتاب ملة إبراهيم قال العلامة ابن القيم لما نهاهم أي الله ـ عز وجل ـ عن موالاة الكفار، ويريد الآن أن يفسر ما هي الموالاة في ملة إبراهيم وأنها العدائية التامة لكل شيء». المقدم: «أعتقد أن محور الكتاب كله مسألة الولاء والبراء».
الحميدي: «نعم العدائية وإظهارها بأشد ما يمكن من عبارات ومواقف للكفر وأهله الذي رتب عليها ليس حتى الكفر الأصلي ولو اختصر على ذلك لكان معه نقاش فيه، وإنما رتب أن هذا الكفر المقصود اليوم ليس هو الكفر الأصلي الذي جاء إبراهيم لإبطاله كعبادة غير الله من الأوثان والأصنام وغيرها وإنما هو كفر المجتمعات الإسلامية التي نعيش فيها من حكومات وولاة أمر إلى الوالدين ليجعلها بمثابة أصنام قوم إبراهيم وأصنام التي يجب أن تكسر وتهدم ولا يبقى إلا هذه الفئة التي تقبل مثل هذا الكلام الذي هو الهدف الحقيقي الذي أخفاه داخل مسمى ملة إبراهيم ووظف حتى ملة إبراهيم على هذا الهدف الخطير».
المقدم: «كنا ننقل كلام ابن القيم».
الحميدي: يقول ابن القيم - بحسب نقله - لما نهاهم الله عن مولاة الكفار اقتضى ذلك معاداتهم والبراء منهم ومجاهرتهم بالعدوان في كل حال انتهى هكذا يقول صاحب هذا الكتاب أي كلام ابن القيم انتهى هذا من بدائع الفوائد جزء (3) صفحة (69) نرجع إلى الموضع الذي نقله».
«إن معنى موالاة الكفار التي نهى الله عنها هي المعاداة الصريحة والبراءة والمجاهرة بالعدوان في كل حالة وفي أي وقت مع أي كافر، دون مراعاة أقسام الكفار، دون مراعاة معاهدات، دون مراعاة مصالح دون مراعاة أي شيء، قدرة أو عدم قدرة ضعف أو عدم ضعف، اللي هي ما يذكره كل علماء الإسلام حتى كما تحدثنا في حلقات سابقة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مارسها مع أصناف الكفار سواء كانوا محاربين أو مستأمنين أو معاهدين أو غير ذلك، نجد أن ابن القيم في كلامه إضافة هو اختزلها وتركها لأنها ما تخدمه بل تعود عليه حتى بنقض كلامه، إذا راجعنا الموضع عند ابن القيم في تفسير قوله تعالى: «لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين» من سورة آل عمران يقول ابن القيم، ومعلوم أن التقاة التي استثناها الله - عز وجل - ليست بموالاة، ولكن لما نهاهم عن موالاة الكفار اقتضى ذلك معادتهم والبراء منهم ومجاهرتهم بالعدوان في كل حال إلا ـ شوف الاستثناءات ـ الذين لم يذكرهم».
«هذه الذين لم يذكرهم اختزلهم إلا إذا خافوا من شرهم، فأباح لهم التقية وليست التقية بمولاتهم بشيء».
«كان المفروض يأتي بهذه العبارة ليكون كلام ابن القيم - رحمه الله - متزناً».
المقدم: «هو لو أتى به لنقض كلامه»
الحميدي: «نقض كلامه، لأنه في كل حال لا توجد استثناءات فصار هو الآن رسالة غرضية واضحة، وليس فقط انتقائية غرضية ليحمل خطأه هو في الفهم على كلام ابن القيم الذي لو سمعه لما قبله ولا ما وافق عليه في موقع آخر هذه مجرد أمثلة، والمواضع يعني متعددة نقل كلام لأحد علماء أئمة الدعوة ـ رحمة الله عليه ـ وهو من كتاب « الدرر السنية» الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن ـ رحمه الله ـ يقول: سُئل عن الهجر فأجاب الهجر المشروع هذا جواب الشيخ إسحاق بن عبدالرحمن ـ رحمه الله ـ يقول الهجر المشروع قد قام الدليل لا قبل أن أذكر كلامه هو الذي نقله، ثم نذكر ما اختزله ما قاله صاحب كتاب ملة إبراهيم يقول ومعنى العداوة كما أن أصل البراءة المقاطعة بالقلب واللسان والبدن وقلب المؤمن لا يخلو من عداوة الكافر وإنما النزاع في إظهار العداوة هذا نقله انتهى عند كلمة في إظهار العداوة».
«النقل كما هو موجود في «الدرر السنة» في الموضوع نفسه الذي هو أحال إليه أجاب الشيخ إسحاق الهجر المشروع قد قام الدليل عليه، وأشار جل من السلف إليه، وهو مراتب وله أحوال وتفاصيل وهذه كلها ما ذكرت على القلب واللسان والجوارح، قال الله تعالى عن الخليل « وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي» ، وقال تعالى عن أصحاب الكهف « وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله « وقد هجر النبي - صلى الله عليه وسلم - الثلاثة وقصتهم مشهورة وقد ذكر ابن القيم في الهدي في فقه القصة ما يكفي وأصل الهجر الترك والفراق والبغض، وشرعاً هو ترك ما نهى الله عنه ومجانبته والبعد عنه وهو عام في الأفعال والأشخاص فكما ترى فيه تفصيل، كما يقول الشيخ إن هناك تفصيل وهناك تنوع وهناك اختلاف حتى يقع على القلب على اللسان وعلى الجوارح فهو نقل العبارات التي يراها تخدمه وحذف من قبلها ومن بعدها ما لا يخدمه في ذلك، بل ويمارس ذلك حتى مع النص الشرعي فيأتي بآيات من القرآن ما أحد يستطيع يقول إنما هي صحيحة آيات لكن موضع الاستشهاد عليها ليس صحيحا فهو يقرر وجوب مبادأة المشركين والكفار بالعداوة وإظهارها في وجوههم وإعلانها لهم وتحمل ما يحصل من جراء ذلك، ويستشهد مثلا بآية شعيب على سبيل المثال وشعيب نبي كريم بعثه الله لقوم يدعوهم إلى الله فقومه هم الذين بادأوه بالعداوة حتى قالوا له «لنخرجنك يا شعيب من قريتنا والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال: أو لو كنا كارهين «أي كارهين أن نعود في ملتكم قد افترينا على الله كذبا أن عدنا في ملتكم هو الآن المهدد هو المضغوط عليه من قبل قومه لكي يترك ما يدعو إليه من توحيد الله ويعود إلى أصنامهم وأوثانهم وهو يدافع ذلك ويأباه ويعلن صبره واحتسابه في ذلك، وكذلك قصة أصحاب الكهف هم سبعة فتية في مجتمع كامل لا يؤمنون بالله ولا يعبدون إلا أصناما فآمنوا « قالوا ربنا رب السموات والأرض» فخافوا على أنفسهم ضغط قومهم وإجبارهم أن يعودوا في ملتهم فهربوا منهم وآواهم الله إلى الكهف وجرى من قصتهم ما جرى لهم، بل وقلت له قبل قليل إذا لم يجد في كلام العلماء ما يريد أن يوظفه في تفسير الآيات لجأ هو إلى تفسيرها».
«باجتهاده وفي كلام الصحابة ليس في كلام حتى غيرهم ما ينقض قوله من جذوره وأذكر مثلا على ذلك واضحا جدا في قصة إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ إبراهيم قال الله تعالى عنه في شأنه مع أبيه على وجه الخصوص « فلما تبين له ـ أي لإبراهيم ـ أنه ـ أي أبوه ـ عدو لله تبرا منه إن إبراهيم لأواه حليم» يخبر الله تعالى عن الخليل أنه لما تبين لإبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن أباه آزر عدو لله تبرأ منه، هذه تحتاج إلى مراجعة كلام الصحابة وتفاسيرهم هو ألغاه فقال هو من عنده دعا إبراهيم أباه وقومه فلما أصروا على أصنامهم أعلن البراءة منهم وعداوتهم ابتداء من أبيه وقومه بعد ذلك نراجع تفاسير الصحابة نجد أن عبد الله بن العباس الصحابي المشهور بالتفسير إمام التفسير الأول اللي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم ـ وهو ابن عم رسول الله وترجمان القرآن كما يقال عنه نجد له تفسير رواه الطبري في التفسير بسندين صحيحين بطريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال فلما تبين له قال استغفر إبراهيم لأبيه استغفر له يعني طلب له المغفرة، فلما مات أبوه مشركا تبرأ منه فترك الاستغفار له ففي كلام ابن عباس قضيتان تنقضان كلام صاحب هذا القضية الأولى إبراهيم استمر متلطفا مع أبيه داعيا له إلى الإسلام، مستغفرا له على معنى حتى لا يفهم أحد أن استغفار إبراهيم لأبيه أنه يطلب من الله أن يغفر لأبيه وهو مشرك وقد علم إبراهيم كما علم كل مؤمن أن الله لا يغفر للمشرك، لكن يطلب من الله يغفر لأبيه بأن يهديه للإسلام ليتحقق فيه موجب المغفرة فيغفر الله له فاستمر يستغفر له ويدعو له ويدعوه هو ويصبر على مجافاة أبيه ومبادأته له بالعداوة إلى أن مات أبوه فلما مات أبوه تبين عند ذلك لإبراهيم أنه خلاص انتهى أمره لا رجاء مات مشركا مصرا على وثنيته فلا معنى للاستغفار له بعد ذلك، هنا تبرأ منه بمعنى أنه ترك الاستغفار له ورجاء هدايته بعد موته وبعدها هاجر إبراهيم من أرض قومه بعد موت أبيه وساح في الأرض إلى أن استقر به القرار في فلسطين».
المقدم: هو يقرر في كتابه ـ طال عمرك ـ أنه أنزل المجتمع المسلم منزلة المجتمع الكافر الأصلي وأنزل المسلمين كأنهم كفار»
الحميدي: «هذه القضية الكبرى، هذه انفرد بها هو»، «ولذلك أريد أن أنبه هنا أنه هو أكثر من النقل، وهذه أذكرها للأمانة وللدفاع عن العلماء حقيقة حتى لا يحملوا أوزاراً ما أرادوها ولا قصدوها هو يكثر من النقل هو يكثر من كلام الإمام محمد بن عبد الوهاب وهو كلام طيب ومبارك في الخطر الشركي وضلاله والبراءة من الشرك وأهله، ومتفق عليه ولا يجادل فيه أحد ومن كلام أئمة الدعوة من أبناء الشيخ محمد وأحفاده يكثر من ذلك، ثم كل هذا بعد ذلك وظفه لهدفه هو الخطير».
«ومنهم هؤلاء المشركون الذي تحدث عنهم العلماء هؤلاء والتي تتحدث عنهم الآيات وليتحدث عنهم إبراهيم الخليل صاحب الملة الأولى ـ عليه الصلاة و السلام ـ من هم؟ هم عباد الأصنام والأوثان وجعلوا مع الله آلهة أخرى وعبدوها من دون الله ورفضوا عبادة الله الواحد الأحد هو نقل هذا كله فجعله على المجتمعات المسلمة حكومات وقضاة وعلماء ومحاكم وأفراد وشعب، كل من يعيش في هذه الدولة وهذا البلد أو يتوظف في هذه الوظيفة فهو من هذه الأصنام والطواغيت التي يجب عنده أن ُتعامل كما عامل إبراهيم أصنام قومه بالتحطيم والتكسير والإبادة والقتل ولو باستخدام السرية والتخطيط إلى آخره، كما تحدثنا عنه فيقرأ القارئ كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكلام أئمة الدعوة ويكثر النقل ثم يقلب هذا على المجتمعات المسلمة فيظن الظن أن هذا يحمل على كلام محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ وكلام الشيخ إسحاق وكلام محمد بن عتيق ثم أخطر منه حتى أنه يحمل على كلام إبراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ ويحمل على القرآن نفسه الذي هو كتاب الله المنزل وهذا من أعظم ما يكون خطورة ليس في هدفه الغنوص فقط، بل في الجناية الكبرى على النص الشرعي والجناية الكبرى على الخليل إبراهيم عليه الصلاة السلام والجناية الكبرى على كلام العلماء سواء ابن القيم أو أئمة الدعوة أو غيرهم وبالتالي يخرج هو من الخطيئة ويصبح في مواجهتها إذا لم يتفطن إلى هذه المقاصد الغنوصية الخطيرة والتلقين في اللاشعور في هذا الكتاب على الخليل وعلى القرآن وعلى النبي محمد وعلى الأحاديث الشريفة وعلى أئمة السلف كلهم جملة وتفصيلا. وأضيف نموذج آخر أكثر في كتابه هذا في أكثر من موضع نقل عن مواقف وعبارات لإمام من أئمة السلف وهو الإمام سفيان بن سعيد الثوري هذا الرجل كانت له مواقف في زمنه من الخليفة أو الدولة في ومنها أيام أبي جعفر المنصور وتعرض لأذى كثير من الخليفة لأنه كان إماما صداعا للحق أماراً بالمعروف سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ قوالا بالحق لا يخشى في الله لومة لائم فأوذي وطرد وبقي إحدى عشرة سنة من حياته مشردا من قرية إلى قرية مطرودا بفعل ما وقع عليه من ظلم من الخليفة أبي جعفر المنصور وهو نقل هذه المواقف من حياة سفيان وقال سفيان هؤلاء الظالمين وقال سفيان ثم ترك موقف سفيان الحقيقي لأن سفيان إمام ومهتدٍ بهدي السنة ولا يحمل حتى الأذية التي حصلت له لشخصه على المواقف الشرعية بغرض الانتقام مثلا ويلبسها ليس هذا الموقف بموقف أئمة السنة كما يريد هذا سفيان نفسه هذا الذي حصل له من أبي جعفر المنصور حصلت في أيام أبي جعفر المنصور حركة خروج عليه حركة سياسية قام بها رجلان من أولاد إبراهيم بن حسن واحد يقال له اسمه محمد والآخر اسمه إبراهيم معروفة حركة محمد ذي النفس الزكية بقصد خلع خلافة أبي جعفر المنصور وإزالتها فجاءوا إليه وهم يعرفون أن سفيان له مواقف من أبي جعفر وتعرض لظلم فيظنون أنه سيفرح ليفرغ انتقامه وما وقع عليه من ظلم في هذه الحركة ضد أبي جعفر المنصور، فأبى أن يخرج معهم بل وعاد محذرا لهم وزاجرا لهم ومنبها وأن هذه فتنة حتى قال عبارته المشهورة في عنقي بيعة لإمام قائم قالوا قد ظلمك قال وإن ظلمني لأن جمع الكلمة حاصل الظلم الذي وقع علي حسابه عند الله ـ سبحانه وتعالى ـ وقد أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالصبر والاحتساب وليس هذا الآن أحمل وبالتالي يضيع أجري بالصبر لو جعلت هذا غرضا لي وأكثر من ذلك كان في زمن سفيان حركة رائجة للخوارج ودعوة وتأثر بها هذا لا بأس بذكره لأنه مفيد، وقد يكون يعني ربما يعني ما سمع سفيان في مثل هذه الأمور تأثر بها صديق لسفيان الثوري وعالم مثله وهو الحسن بن صالح بن حي الهمداني مشهور له تراجم كثيرة في الكتب ومن رجال الكتب الستة عالم تأثر بمثل ذلك متأثرا بما وقع من ظلم وما وقعت مخالفات معينة يراها من خلفاء بني العباس فاستقبل بعض فكر الخوارج فنتج من ذلك أن الحسن بن صالح بن حي امتنع عن حضور الجمع باعتبار أن الإمام القائم الذي تنعقد باسمه الجمع التغت شرعيته ثم لاحقا امتنع من حضور الجماعات في المساجد وصار يصلي وحده وامتنع من حضور الأعياد، فبدأت عنده نوع من الإقصائية لنفسه والانعزالية التي لو استغلت لكن انتفع بسفيان فأتاه سفيان الإمام هذا وهو تعرض لظلم أكثر مما تعرض له هو من قبل الخليفة أبي جعفر وحذره وأنذره وتاب على يديه الحسن ثم رجع مرة أخرى حتى أن سفيان هجره هجر هذا الرجل الحسن بن صالح بن حي لم يهجر الخليفة، وإنما هجر هذا فقيل لسفيان إنه قد تاب قال فما بال الجمع والجماعات ما يحضرها مع مجتمعات المسلمين لا أقبل حتى أراه حضر الجمع والجماعات»،
«بل توفي الحسن بن صالح على هذه الأفكار فامتنع سفيان عن حضور جنازته رغم أنه صديقه من أيام الطلب وأيام ما كانوا شبابا فقيل لسفيان لماذا ما تحضر جناته؟ قال أردت أن يرتدع غيره لأن ابن الحسن كان زاهدا هذا صالح بن حي وعابدا فخشي أن التيار الخارجي في ذلك الوقت يستغل شخصية الحسن وقبوله لبعض أفكارهم»، «وزهده وينطلق منها فرأى سفيان إلى هذا الحد انه امتنع من حضور جنازته والصلاة عليه لأجل ذلك ثم صلى عليه في داره صلاة غائب لحق المسلم فقط».
توظيف الولاء والبراء
المقدم: «فضيلة الدكتور يعني الكلام كثير جدا في هذا الموضوع، أنا أقرأ في مقدمة كتابه هذا عندما يأتي إلى الجماعة ككل إلى المجتمع ككل يقول إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله وبراءة من قوانينكم ومناهجكم ودساتيركم ومبادئكم النتنة براءة من حكوماتكم ومحاكمكم وشعاراتكم وأعلامكم العفنة.
أريد أن أسأل لماذا هذه المسألة العقدية مسألة الولاء والبراء التي يدخل منها فكريا نحو المجتمع .
الحميدي: «هو استخدام قضية الولاء والبراء لأنها لها تعلقان تعلق شعوري بالنفس والقلب بحب الإنسان وبغضه وطاقة الحب وطاقة البغض من أعظم الطاقات وهي توجه الإنسان ربما حتى للحرب والقتال بدافع الحب أو بدافع». «نعم أو بدافع البغض لكن القضية هي في حقيقتها لما يتكلمون في علم الاستراتيجيات الفكرية للتأثير دائما أنت المتكلم أو المتحدث أو اللي له هدف يسلك مسلك المقدمة والنتيجة، مقدمة تفضي إلى نتيجة النتيجة يريد أن يجند طاقات شبابية كثيرة لإحداث شرخ معين في المجتمع». المقدم: «لفكره الشخصي ليس لنصرة الإسلام».
الحميدي: «فيقدمها باسم الموالاة والبراء وملة إبراهيم ويقيم الدنيا عليها ويقعدها ويجعلها إذا لم تكن في عدائية تامة حتى ربما مع أقرب الأقربين إليك وهو ربما عند الله خير منك من علماء وفضلاء وصالحين وما يمكن أن تنفذ إليه، وبالتالي تجنده ليكون حربا على أهله وأقاربه ومجتمعه، هذه المقدمة التي تفرز مثل هذه النتيجة لذلك تأتي قضية الولاء والبراء بطرح قضية يجب أن تكون في عدائية تامة وإلا ما تحققها».
المقدم: «عدائية ومعلنة وعلى الواقع موجودة».
الحميدي: «هذا مدخل الخوارج في الحقيقة القدماء قبل قليل قرأت في مقدمة الكتاب أن براءة يأتي بالآية في شأن إبراهيم أنا براء منكم فينزلها على المجتمع المسلم ولاة أمره لمحاكم لأنظمة لمجتمع لأفراد بأجهزة بكلها». «عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ الصحابي الجليل نبه إلى هذا الاستخدام في النفسية الخارجية للآيات أعظم ما أنزل الله من آيات في مفاصلة الكفار والمشركين فتوظف لإحداث المقدمة هذه لدى المتلقي والسامع لهذا الكتاب والذي قلنا قبل قليل سيتلقى في اللاشعور ليعود بذلك بهذه الآيات على مجتمعه بل ربما في مراحل خطيرة إلى أبيه وأمه وأقرب الأقربين إليه، ابن عمر يقول عن الخوارج يقول هم شرار خلق الله في نفوسهم وفي أهدافهم ماذا صنعوا ما هي مداخلهم؟ قال يعمدون أو قال ينطلقون إلى آيات أنزلها الله في الكفار فيجعلونها على المسلمين، هذا ذكره البخاري ـ رحمه الله ـ عن ابن عمر في أول باب قتال الخوارج بعد إقامة الحجة عليهم، هذا هو المدخل هذه هي المقدمة ليصلوا إلى النتيجة التي أرادوها وقصدوها وذلك ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ لما ذهب ليناظر الخوارج بأمر علي بن أبي طالب وكانوا نحو ثمانية آلاف لبس ثيابا نظيفة عبد الله بن عباس الصحابي ابن عم رسول الله، يتمنى المسلم لو رآه اليوم مجرد رؤية ثم أتاهم فلما رأوه قادما إليهم في مكان في قرية اسمها هناك «حروراه» اعتزلوا فيها يريدون أي رؤوسهم أن يسقطوه حتى لا يسمع الباقين شيئا من كلامه لأنهم يعرفون ابن عباس وعلمه ومعرفته بمرادات القرآن قالوا نراك بيعت أخرتك بالدنيا، لأنه لبس ثوبين نظيفين يعني جميلين وتطيب قال لأني تجملت بما أمر الله أن نتجمل به بعت الآخرة كل خلاص انتهينا وصرت من أهل الدنيا يعني منطق غريب جدا هذا نوع من إحداث حاجز نفسي حتى لا يسمعون البقية لكلامه فلما ناظرهم ما وجد عندهم شيئا من العلم وإنما يأتون إلى آيات يفهمونها على مرادهم فيجعلونها هكذا على علي بن أبي طالب وعلى الصحابة فاستفاد من هذه المناظرة إن رجع ألفان منهم وبقي ستة آلاف مصرين وعليهم قامت الحرب في أيام علي في يوم النهروان».
الولاء والبراء .. بين مفهومين
المقدم: «فضيلة الشيخ أنت أستاذ العقيدة في جامعة أم القرى، أريد أن أسألك سؤالا ما دمنا نحن نتحدث عن هذا الكتاب وهو ذو محور يكاد يكون محورا واحدا وهو مسألة الولاء والبراء، ما الفرق بين مفهوم الولاء والبراء في هذا الكتاب وفق مفهوم مؤلف هذا الكتاب وبين مفهوم الولاء والبراء وفق الشريعة الإسلامية ما الفرق؟».
الحميدي: «الفرق كبير جداً قاعدة الولاء والبراء الشرعية لها جانبان، الجانب الأول أن يظهر المؤمن إسلامه وتوحيده وإنه لا يعبد إلا الله ولو غضب منه الكفار والمشركون هذا قاعدة أساسية، والأمر الثاني عدم الرضا والكفر بكل معبود سوى الله، ومعنى الكفر باعتقاده أن لا أحد غير الله يستحق أن يعبد تحت أي صورة من الصور وتحت أي مبرر من المبررات، ولو كان المعبود هذا ملكا حتى أو نبيا فضلا عن أن يكون صنما أو وثنا هذه هي القاعدة العظيمة». «مفهوم الكتاب عمد إلى آية واحدة في سورة الممتحنة وهي «قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله أي الأصنام والأوثان كفرنا بكم وبدأ بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحدة إلا قول إبراهيم لأبيه لاستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير» وأقام عليها وجوب أن يعلن الكفر في كل حال وكل وقت وبكر طريقة البراءة منهم وما هو هذا الكفر ليس كفر من يعبد الأصنام والأوثان وإنما هذا المجتمع المسلم الذي أنت تعيش فيه هو هذه الأصنام والأوثان». «ليس هذا فقط سورة الممتحنة بعد آية إبراهيم هذه جاءت آية أخرى فصلت في أحكام الموالاة وصنفت الكفار إلى أصناف ألغى هذا كله يعني بعد آية «ربنا عليك توكلنا وإليك المصير» ذكر الله آية وهي رقم (7) بعد هذه الآية مباشرة قال الله تعالى «عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم» قرأت تفسيرها أنا، راجعته عسى من الله متحققة ليست بمعنى الرجاء المعلق، هذا نص عليه ابن عباس أي أن الله سيجعل بينك وبين كثير من هؤلاء إلذين حاربوكم اليوم وقاتلوكم وقاتلتموهم مودة غدا أو بعد إذا وهكذا وقع كثير ممن يقاتلون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والصحابة في بدر وأحد عادوا فصاروا من أحسن أصحابه ومن أنصاره صبرا عليهم وانتظارا لرجاء هدايتهم وتحمل ربما في ظروف كثيرة شيئا حتى من أذاهم كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما أستأذن أن يطبق على أهل مكة الأخشبين قال بل أستأني بهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله والله قدير قادر على أن يقلب عدوك هذا إلى مواد لك ومحب لك إذا صبرت عليه، ومارست معه وسائل كثيرة في بيان الحق له ودعوته، وكنت وفيا له في تعاملك معه وكثير من الكفار كثير جدا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعده آمنوا وأسلموا رغبة لا رهبة لا بقتال ولا بحرب، وقد ذكرنا نموذجا من ذلك لما وقع صلح الحديبية أسلم بعده من الكفار أضعاف من أسلم خلال الحروب التي خاضها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من بدر وأحد والأحزاب وما بينها وما بعدها».
«الآية لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين ترجم عليها البخاري في الصحيح وذكر قصة أم أسماء وإفادتها على أسماء بنت أبي إفادتها على ابنتها وأمر النبي - عليه السلام - أن تصلها وغير ذلك من الأمور فيجب التفقير والتقسيم هذا ماهكذا تورد الأمور».
المقدم: «هو يقرر... يقول أنه لا بد لا بد من مجالدة الكفار على كل حال، أو هكذا يفهم مما أورده إذا أذنت لي أسمع ماذا يقول من كلام ما ورد من بعض الفقهاء يقول إذا أردت أن تعرف محل الإسلام من أهل الزمان يريد أن يضع علامة لأهل الإسلام فلا تنظر إلى ازدحامهم في أبواب المساجد ولا في ضجيجهم بلبيك، ولكن انظر إلى مواطأتهم لأعداء الشريعة يعني إذا لم تقاتل أعداء الشريعة غاض النظر عن كل أحكام الشريعة الإسلامية في هذا الجانب والتوزيع والتقسيم والتنويع فأنت لست من أهل الإسلام، ولست في مكان محل الإسلام إذا أردت أن تعرف محل الإسلام فانظر إلى مواطأتهم لأعداء الشريعة ثم يقول في مكان آخر إن كثيرا من الناس قد يظن أنه إذا قدر على أن يتلفظ بالشهادتين وأن يصلي الصلوات الخمس ولا يرد عن المسجد فقد أظهر دينه، وإن كان ذلك مع المشركين أو أماكن المرتدين وقد غلطوا في ذلك أقبح الغلط ينقل هذا كلام عن بعض الفقهاء وكأنه ينزل كلام هؤلاء الفقهاء منزلة النص الشرعي دون النظر إلى المكان الذي ذكرت فيه والمقصد الذي قصدت منه».
الحميدي: «كلامك الذي ذكرته عن الفقهاء هو كلام أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي».
«نترك كلام ابن عقيل الحنبلي وانظر إلى كلام الله نحن نحتج بالآيات، أنت تقول القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم ـ كل مؤمن كل مسلم شهد أن لا إله إلا الله وقام بفرائض الله له حظ ونصيب له حظ عظيم ونصيب عظيم قاتل أو لم يقاتل حارب أو لم يحارب جاهد أو لم يجاهد هذا مع الكفار الأصليين هذا ليس بكلامي سأذكر آية من القرآن وحديثا صحيحا في المتفق عليه من كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم - وبالتالي لا يقدم على كلام الله ورسوله شيء آية سورة النساء قول الله تعالى «لا يستوي القاعدون من المؤمنين» قاعدون من المؤمنين سماهم مؤمنين مع أنهم قاعدون «لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى» كل قعد في بيته أو جاهد المشركين الحقيقيين من الكفار أعداء الله المشركين الأصليين لكن كل الأمر أن المجاهد جاهد أعداء الله حق وصدق على منهاج الأنبياء أعظم درجة ولا شك في ذلك فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ودرجات منه ومغفرة ورحمة، تحت هذه الآية ترجم لها البخاري رحمه الله نذهب إلى أئمة السلف مصادر الإسلام الأولى، دواوين الإسلام الحقيقية الجامع الصحيح وأورد تحتها حديث أبي هريرة البخاري أخرج تحت هذه الأحاديث حديث أبي هريرة قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «مَن آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة جاهد في سبيل الله أو قعد في بيته أو قال قاعد في أرضه التي ولد فيها» قالوا يا رسول الله ألا نبشر الناس هذه بشرى عظيمة كل من شهد أن لا إلا إله إلا الله، وأقام الصلاة، وصام رمضان طبعا مع ملاحظة ما ذكر الزكاة والحج هنا لأنها لا تنطبق على كل مسلم، فالذي يزكي من عنده مال وقد يكون فقيرا لا مال عنده فتسقط عنه الزكاة أصلا، وقد لا يستطيع الحج إلى البيت، لأن الحج مقيد، أما الصيام والصلاة ففي الغالب يفعلها جل المسلمين وأكثرهم، بل كلهم، كما هو المطلوب، فإذا آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان، وأدى الزكاة، وحج إذا استوجبت عليه ذلك كان حقا انظر العبارة العظيمة يعني: أمر مقطوع به بوعد الله ورسوله أحقه على نفسه رب العالمين والله لا يخلف الميعاد، ولا أحد يستحق على الله شيئا - سبحانه وتعالى - لكن لكرمه وجوده جعله حقا على نفسه كان حقا على الله أن يدخله الجنة جاهد في سبيل الله أو قعد في أرضه التي ولد فيها قالوا ألا نبشر الناس قال لا دعهم يعملوا أي يجتهدوا أن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى، فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة أي أعدلها ثم تفجر أو تفجر أنهار الجنة، فالآية مع الحديث لا تقول لي ضجيج المساجد هذا يفرح أن يجتمع المسلمون ويصلون وكذا».
«أو كما قلت مارس هذا مع كلام سفيان ينقل بعضه، ويترك الجانب الآخر يحدث التوازن».