زيادة رواتب العسكريين تعظم القوة الشرائية .. ومخاوف من ارتفاع التضخم

زيادة رواتب العسكريين تعظم القوة الشرائية .. ومخاوف من ارتفاع التضخم

اعتبر اقتصاديون ومختصون أن الزيادة في رواتب العسكريين ستساهم في زيادة القوة الشرائية للعسكريين وتأمين متطلباتهم المعيشية، بالشكل الذي يوفر لهم رغد العيش، مشيرين إلى أن تلك الزيادة تؤكد حرص الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين على توفير العيش الرغد لأبناء المملكة وبالأخص للعسكريين الذين يساهمون في حفظ أمن البلاد.
لكن الاقتصاديين حذروا من إمكانية ارتفاع التضخم، بالنظر إلى تجربة الزيادات السابقة، مطالبين بضرورة تأمين الرقابة الصارمة على الأسواق للحد من تلك الزيادات.
ولفت المختصون إلى أن زيادة رواتب العسكريين ستعمل في الوقت الحاضر على التصدي لغلاء المعيشة، وستضخ سيولة جديدة، ستحدث تحولات اقتصادية على مستوى الأسرة والفرد.
ورأى مختصون أن زيادة القوة الشرائية وتوفير السيولة والنفقة من الأمور الضرورية للأسرة والتي ستسهم في زيادة الترابط الاجتماعي، وتؤثر بشكل بالغ على جميع النواحي الاجتماعية حتى على مستوى الفرد.
وقال الدكتور محمد الجديد المستشار الاقتصادي إن الزيادة التي أقرت للقطاع العسكري مهمة جداً من الناحية الوطنية، وهي تنم عن حرص القيادة على توفير رغد العيش للعاملين في هذا القطاع، ودعمهم بالطريقة التي تساعدهم على تسيير أمور حياتهم.
لكن الجديد أبدى تخوف من تزايد التضخم بسبب تزايد القوة الشرائية واستغلال فئة قليلة من التجار له بزيادة أسعار السلع الاستهلاكية أو العقارات وغيرها، مطالباً بضرورة المراقبة الصارمة التي تضمن عدم حدوث مثل ذلك.
واعتبر المستشار الاقتصادي أن زيادة رواتب العسكريين في حال كانت بسيطة فسيكون مستوى التضخم معقولا، أما في حال كانت كبيرة فمن المحتمل أن ترفع من مستواه، بالنظر إلى تعاظم القوة الشرائية تبعاً لمقدار الزيادة.
ولفت الجديد أن الزيادة أيضاً ستفيد بشكل أكبر أصحاب الرواتب المتدنية من العاملين في القطاع العسكري، وسيكون لها تأثيرات إيجابية على حياتهم الاقتصادية، لمساعدتهم على مواجهة التحديات الاقتصادية وغلاء المعيشة، مشيراً إلى أن التأثيرات السلبية للزيادة ستكون هامشية ولا تقارن بأهميتها الوطنية.
وشدد الجديد على أن هناك بعدا إيجابيا مهما جداً ويتعلق باستطاعة رب الأسرة تأمين التزاماته وأسرته، والوفاء باحتياجاتهم، مما يساعدهم على العيش بسعادة.
من جانبه، أوضح إبراهيم العلوان المختص في الشأن الاقتصادي، أن الزيادة في رواتب الموظفين تعتبر من الأمور الضرورية للمواطنين في جميع القطاعات، وأن لها آثارا إيجابية في الاقتصاد، كون الدول تضخ سيولة للمواطنين والذي بدورهم يضخونها في السلع، والأمور الشرائية الأخرى وبالتالي تمكنهم من تأمين متطلبات الحياة، إلى جانب زيادة في الحركة الاقتصادية.
وأفاد العلوان بأن المسكن يعتبر من أهم الأمور لدى معظم المواطنين، وأن هذه الزيادة ستعمل على زيادة المقدرة الشرائية للعاملين في السلك العسكري، وزيادة حدهم الائتماني لدى البنوك، في الوقت الذي حذر فيه من زيادة مقبلة في الأسعار التي ستكون في بعضها مفتعلة، وأخرى منطقية وحقيقية. وأضاف: "الزيادات التي أقرتها الحكومة كان لها تأثير في الأسعار من حيث الارتفاع، لكن مع وجود رقابة قوية من قبل الجهات المعنية، ستكون الأسعار جميعها منطقية، وستكون الآثار الإيجابية أبلغ، وستنعكس على شريحة واسعة من أبناء المملكة".
وتابع: "الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين حريصة على تأمين الحياة الكريمة للمواطنين، من خلال تأمين السيولة التي تساعدهم على الوفاء بالتزاماتهم". من جهته، قال الدكتور منصور العسكر أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إن هذه الزيادة جاءت من بركات رمضان، وهي أمر مهم للقطاع العسكري الذي يتولى الذود عن حمى الوطن، وتساعد في تحسين مستوى معيشتهم بالشكل المناسب.
وأبان العسكر أن القرار الأخير لمجلس الوزراء سينعكس إيجاباً من حيث قوة الترابط الاجتماعي، بالنظر إلى زيادة النفقة داخل الأسرة، مقدماً شكره للقيادة على هذه المكرمة التي ستساهم في إسعاد العاملين في السلك العسكري.
من جانبه، يرى نجيب العيسى رئيس شركة مد العقارية، أن الزيادة للقطاعات العسكرية جاءت استشعارا من خادم الحرمين الشريفين لحجم المهام والمسؤوليات والتضحيات التي يقومون بها، وقال: "لا شك أن هذه المكرمة الملكية ستؤدي إلى تحسن المستوى المعيشي لآلاف الأسر، وهم بالفعل يستحقون الزيادة نظير المخاطر والصعوبات التي يلاقونها في عملهم على الدوام".
وأكد العيسى، أن هذه الخطوة لا شك أنها ستؤدي إلى تحريك الاقتصاد في معظم السلع الاستهلاكية، وستؤدي إلى انتعاش كبير في السوق المحلية، مشيرا إلى أن الحديث عن ارتفاع في الإيجارات يقوم به بعض ضعاف النفوس مع أي زيادة لا يخلو من الصحة، وتابع: "زيادة الإيجارات تتأثر بمستويات التضخم في البلاد، أعتقد أن أصحاب الوحدات السكنية هم أكثر الناس حرصا على تأجيرها، ربما هناك البعض يبالغون في الأسعار وهذا الأمر ليس من مصلحتهم ولا مصلحة القطاع العقاري ككل، لا بد من مراعاة قدرة المواطنين على الاستئجار ومراعاة تخفيض أسعار مواد البناء مثل الحديد والأسمنت وغيرها".
في السياق ذاته، أوضح عبد الله بن سعد الأحمري رئيس اللجنة العقارية في غرفة جدة، أن هذا القرار جاء في وقت كانت أسر العسكريين تتطلع إليه من ولاة الأمر ليكون رافدا لهم وداعما في حياتهم المعيشية، وقال: "هؤلاء هم ذوو الدخل المحدود، ولا يملكون أي مصادر دخل أخرى بخلاف رواتبهم، وعلينا الأخذ بعين الاعتبار غلاء المعيشة الذي وصل إلى نسبة ملحوظة في جميع المواد الغذائية والاستهلاكية، وأثر سلبا في دخول هؤلاء المواطنين".
وتمنى الأحمري، أن يكون هناك وعي وإدراك لدى رجال المال والأعمال والتجار وأصحاب المصانع، بحيث لا تكون الزيادة الأخيرة مؤشرا لفتح المجال للتلاعب في الأسعار، وأردف: "لو نظرنا إلى دخل محدودي الدخل وما ينفقونه على الاستهلاك، نجد أنه بالكاد يكفي لسد رمق هذه الأسر، نتمنى أن نرى رقابة شديدة من وزارة التجارة والصناعة على الأسعار، خصوصا المواد المدعومة من الدولة التي تدعم السلع الأساسية؛ لأن هدف الحكومة إسعاد شعبها وتوفير المواد الضرورية كافة لهم؛ لذلك يجب أن يكون أصحاب الدخل المحدود خطا أحمر يجب ألا يمس معيشتهم".
ولفت رئيس اللجنة العقارية إلى أن العسكريين هم العيون الساهرة على الحدود وفي المناطق كافة يحفظون الأمن للجميع، وقال: "يفترض على كل القطاعات التمويلية والاقتصادية دعم هذه الفئة اقتصاديا واجتماعيا، فكل أموالنا وتجارتنا وعائلاتنا ما كانت لتنعم بالأمن والأمان لولا هؤلاء الرجال المرابطين". من جهته، أشار الدكتور واصف كابلي، رجل أعمال، إلى أن الزيادة الأخيرة للعسكريين جاءت في وقت يظهر فيه احتياج كبير لدى معظم الأسر، وستقوم هذه الأسر بسد الثغرات والوفاء بالالتزامات المترتبة عليهم.
ولفت كابلي إلى أن الزيادة لن تنعكس على الأسواق التجارية، بل على وضعية الأسر أنفسها، وفيما يخص زيادة الأسعار مع أي زيادة للمواطنين، وصف كابلي هذا الكلام بأنه غير منطقي، وأضاف: "أسواقنا التجارية مفتوحة والمنافسة فيها على أشدها، إذا فكر تاجر في زيادة الأسعار فإنه المتضرر الوحيد؛ كون بقية التجار لن يفعلوا مثله للتنافس الموجود بينهم، وأعتقد أن من يروج لمثل هذا الكلام كمن يحضّ على منع الخير أو يقول لا تزيدوا المواطنين لئلا ترتفع الأسعار". وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وجَّه لدى لقائه أمراء المناطق في قصر السلام في جدة البارحة الأولى، بالارتقاء بمستوى الخدمات التنموية والمعيشية للمواطن والمقيم، وأقرّ مجلس الوزراء في جلسته أمس الأول برئاسة الملك زيادة رواتب الأفراد العسكريين من رتبة جندي إلى رتبة رئيس رقباء، والضباط من رتبة ملازم إلى رتبة لواء، وذلك وفقا لسلم الرواتب المرفق بالقرار.
فيما أكد خالد البسام الأستاذ المشارك في كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة الملك عبد العزيز، أن شريحة العسكريين كبيرة وزيادة الرواتب ستسهم في زيادة إنفاق الأسر، وكذلك ستسهم في زيادة الإنفاق الحكومي. وتخوَّف البسام من زيادة أسعار السلع بعد زيادة الرواتب للعسكريين، مضيفا أن أسعار السلع ستزيد من جديد، مشيرا إلى ضرورة توجه الحكومة نحو وسائل وأدوات تخفيض أسعار السلع.

الأكثر قراءة