أين توجه اقتصادنا؟ هل يجب أن نتفاءل؟

تدور هذه الأيام رحى حرب اقتصادية سلاحها العملات لتلك الدول العظمى اقتصاديا، وعلى وجه الخصوص بين أمريكا وأوروبا من جهة وآسيا وخصوصا الصين من جهة أخرى. وهذا ليس بجديد في اهتمامات العالم، فقد بلغ الحال بسيطرة موضوع العملات على اجتماعات صندوق النقد الدولي طيلة هذه السنة وتحديدا الدولار الأمريكي و"الرنمينبي العملة الصينية". والسبب في ذلك مبدئيا هو الاعتقاد أو الرؤية في أوساط أسواق المال أن الدولار ضعيف جدا بينما يُرى أن العملة الصينية غير مرنة بل مفرطة في عدم الليونة. وهذا ما جعل رئيس الصندوق الدولي في تقديمه لرؤية الاقتصاد العالمي يقول إن تحقيق تعافٍ ونمو مستدام للاقتصاد العالمي لن يكون سهلاً بل يحتاج إلى عمليتين أساسيتين لإعادة التوازن الاقتصادي. أولهما داخلي وهو الاعتماد على الطلب الداخلي في الدول المتقدمة، والآخر خارجي وهو اعتماد أكبر على صافي التصدير الأمريكي إلى بعض الدول المتقدمة والطلب الداخلي في الأسواق الناشئة وتحديدا الصين. ودون الخوض في متاهات السياسات النقدية المعقدة أورد للمقارنة بعضا من نتائج استطلاعات رأي المديرين الماليين حول العالم التي تنشرها مجلة CFO ويقوم بإجرائها كلية إدارة الأعمال في جامعة ديوك Duke" University" الشهيرة في أمريكا ـــ وبهذه المناسبة وإن كان خارج الموضوع فقد تمنيت وطالبت سابقا أن يكون لجامعاتنا دور في مصادر المعلومات خصوصا الاقتصادية مثل نشر استطلاعات الرأي هذه ـــ وعلى أي حال فقد كشف الاستطلاع المذكور أن مستويات التفاؤل في رؤية المديرين الماليين في الولايات المتحدة الأمريكية حول تحسن الظروف الاقتصادية منخفضة وغير مبشرة على صعيد التوقعات الاقتصادية الأمريكية. بل إنهم يرون إبقاء احتياطات نقدية كاحتياطات للسيولة بسبب حالة عدم الاستقرار، بينما يرى نظراؤهم الآسيويون إنفاق مخزونهم النقدي على البحث والتطوير والاستثمار وزيادة الإنفاق الرأسمالي. أما الدول الأوروبية المشتركة في هذا الاستطلاع فهي أكثر تفاؤلاً من الأمريكيين وأقل من الآسيويين. وأيا كان الحال في تلك الرؤى هو ما يهم اقتصادنا المحلي والذي يصنف في خريطة الاقتصادات الناشئة والآسيوية منها. ورغم شح المعلومات الموثقة أو الصادرة من جهات حيادية وبقراءة للمحددات الأساسية في النمو الاقتصادي السعودي نجد أنها تشير إلى وجود تفاؤل حذر في تقديري وأن قوام ذلك التفاؤل في النمو الإيجابي هو البيئة التشريعية الصحيحة. وهذا مرده إلى طبيعة مقومات النجاح عادة في أي اقتصاد بضمان وجود سوق عادل تنظيمياً وتشريعياً سواء أكان ذلك السوق سوق العمل أو سوق الأسهم أو سوق العقار أو سوق الاستهلاك أو أي تصنيف يراه القارئ. ولعل من خصوصية بنيوية الاقتصاد السعودي في اعتماده الكبير على الإنفاق الحكومي يجعل من إيجاد التشريعات وتطبيقها حاجة أكثر إلحاحا وآنية من غيره من الاقتصادات والتي يقل فيها الإنفاق الحكومي كمحرك رئيس للتنمية المستدامة. ولذا فالتفاؤل وترجمة ذلك على الواقع سيكون مقرونا بصحة التشريعات واكتمالها وعدالتها في التطبيق لكي تستقيم الأسواق في تحقيقها للعدالة وتحقيقها للنمو الإجمالي وبشكل مستدام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي