دعم المؤسسات الصغيرة للتوظيف فاشل
كان الأسبوعان الماضيان حافلين بفعاليات داعمة للمؤسسات الصغيرة وشباب الأعمال والريادة. ينظر إلى هذه الأنشطة على أنها أقوى أداة لمحاربة البطالة. لكنني أقول بلغة واضحة إن الدعم لن يجلب توظيفا ولا سعودة لها قيمة واعتبار في ظل نظم الإقامة والاستقدام. لقد سبق أن قال لي أحد كبار مسؤولي وزارة العمل إن دعم وتطوير المؤسسات الصغيرة هو في بلادنا أداة لتوظيف غير المواطنين.
يقول رئيس لجنة شباب الأعمال في جدة إن شركات شباب الأعمال تعد صمام الأمان الرئيس لقضية البطالة. في الوقت نفسه نقرأ في صحفنا عن بعض أصحاب المؤسسات الصغيرة وشباب الأعمال أن صعوبة الحصول على تأشيرات للاستقدام (للعمل طبعا) هي من أكبر معوقات أعمالهم. تصريحات وآراء متناقضة!
التأشيرات واستقدام اليد العاملة ليست معوقا في الدول التي نضرب بها المثل في الازدهار الاقتصادي، إلا في حدود ضيقة جدا.
نشرت جريدة ''الشرق الأوسط'' في عدد الأحد 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2010، عن كشف مسؤول في مجلس الغرف التجارية الخليجية عن توجه تكاملي بين دول المجلس ستخصص له استراتيجية صناعية، تركز على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ويشارك عدد من المختصين في التمويل لتقديم مرئيات بديلة للتمويل. ومعروف أن شح أو صعوبة الحصول على تمويل من أكبر عوائق تطور المؤسسات الصغيرة. ما الفائدة من حل هذا العائق طالما أن ثمرات التوظيف تذهب غالبا لغير المواطنين؟ هذا يناقض استراتيجية التوظيف واستراتيجية الصناعة واستراتيجية تطوير المؤسسات الصغيرة في كل قطاع.
المشكلة أو الفرضية التي أطرحها أن كل برامج الدعم تفيد فائدة محدودة جدا في تطوير الموارد البشرية الوطنية في ظل الإدمان على الاستقدام. هذه عقبة كبرى لم تناقش في الاستراتيجيات والمنتديات المخصصة للمؤسسات الصغيرة وشباب الأعمال.
عندما يتكلم مواطن (أو مجموعة مواطنين) عن فتح منشأة صغيرة، فهو عادة يفكر وبصورة تلقائية في أحد اتجاهين، لأنه يرى أنها الأنسب لتحقيق مصالحه وتعظيم أرباحه: الأول توظيف غير مواطنين لأداء كل أو جل الأعمال التنفيذية تحت إشرافه وإدارته. والاتجاه الثاني الحصول على ترخيص لمنشأة، مع تسليم إدارة وتشغيل المنشأة إلى غير مواطنين مقابل عمولة أو مبلغ ثابت دوريا.
هذه النقطة تدخلنا إلى مشكلات في المحور الخاص بالموارد البشرية في استراتيجية أي قطاع. عادة ما تقول الاستراتيجيات إن الموارد البشرية هي الثروة الحقيقية للمملكة، لذا فإن التنمية البشرية وصقل المواهب من أهم الأهداف لتحقيق الرؤية الشاملة للقطاع.
حسنا، نحو 90 في المائة من العاملين في المنشآت الصغيرة من غير المواطنين.
تطرح الاستراتيجيات القطاعية عدة رؤى لتفعيل برامج تنفيذية للقوى البشرية، ومنها برامج لبناء القدرات المهارية. ولكنني أقول بلغة بالغة الصراحة إن كل هذه البرامج والأفكار لا قيمة لها في ظل أنظمة الاستقدام والإقامة الحالية.
طبعا أصحاب العمل يسعون إلى توظيف غير المواطن لأسباب كثيرة، ولكنها تنتهي في النهاية إلى أمر واحد: نظام الإقامة والاستقدام. هذا النظام يقوي الطلب على توظيف عمالة غير ماهرة رخيصة مستوردة. وتبعا لذلك كان سوق العمل مشوها، يعاني من تجزئة segmentation.
في ظل الأنظمة والسياسات الحالية، سيكون من الوهم ومن أحلام اليقظة لو توقعنا نجاح المنشآت الصغيرة في علاج البطالة أو نجاحا قريبا من نجاح شركات كأرامكو وسابك. وقد تعرضت في مقالات سابقة إلى مقترحات للحل. وبالله التوفيق،،،