المؤتمر نجح في نشر ثقافة الجودة لرفع كفاءة النظام التربوي ومخرجاته

المؤتمر نجح في نشر ثقافة الجودة لرفع كفاءة النظام التربوي ومخرجاته

أكد تربويون وخبراء في التعليم العام نجاح المؤتمر الدولي الأول للجودة الشاملة في التعليم العام الذي نظمته وزارة التربية والتعليم الأسبوع الماضي، منوهين بأن المؤتمر سعى من خلال جلساته وورش العمل المصاحبة له وحلقات النقاش إلى نشر ثقافة الجودة، وتنمية الوعي بأهمية مفهومها لدى صانعي القرار في مؤسسات التعليم العام، وذلك من خلال التأكيد على ممارسات الجودة وتطبيقاتها والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة، للإسهام في رفع كفاءة النظام التربوي وجودة مخرجاته.
ويرى الخبراء خلال حديثهم لـ''الاقتصادية'' أن أهداف المؤتمر جاءت منسجمة مع الرغبة الجادة لوزارة التربية والتعليم في المملكة للبحث عن الأفكار الجديدة، والمبادرات والابتكارات التي تسهم في تطوير جودة التعليم العام، والتركيز على الفرص التحسينية فيه، وتوجيهه نوعيا نحو تعزيز الاقتصاد المعرفي والاستثمار في الإنسان.
وأشار المهتمون بالجانب التعليمي خلال رصد ''الاقتصادية'' لآرائهم حول المؤتمر، إلى أن ''التربية'' أحسنت صنعاً باستضافة المتحدثين والمتخصصين العالميين في مجال الجودة في التعليم، وعدد من الخبراء من الجامعات ومراكز البحوث وممثلي المنظمات الدولية، لاستعراض أفضل التجارب والممارسات العالمية الناجحة في مجال تطبيق الجودة الشاملة في التعليم العام، وعرضها كخبرات ناجحة يمكن الاستفادة منها في تطوير النظم الداخلية للجودة الشاملة في التعليم العام، ويثمنون للوزارة رؤيتها الاستراتيجية نحو تفعيل الشراكة المجتمعية لدعم جودة التعليم العام في المملكة.

بداية، أكد الدكتور أحمد آل مفرح نائب رئيس لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي في مجلس الشورى، أن المؤتمر سار في الاتجاه السليم نحو التعليم الحقيقي للمخرج التعليمي، وأن برامج الجودة أيا كانت هي أدوات مهمة لمعرفة الإجراءات والعمليات التي تدور في أي مؤسسة.

المؤتمر جاء في الوقت المناسب
وقال آل مفرح:'' إن مؤتمر الجودة جاء في الوقت المناسب، فقد حقق عددا من المكتسبات، أولاها: التوطئية الفكرية لموضوع الجودة من أصحاب التجربة، وهي فلسفة وبنية أولية لانطلاق نحو الجودة المنشودة من خلال أوراق العمل، والجانب الثاني، من خلال ورش العمل، وقيام المختصين في برامج الجودة لوضع بعض الأسس لتطبيق الجودة، وهو تطبيق عملي لبعض أنواع الجودة في مؤسسات التعليم في المملكة، والجانب الأخير، هو خليط من التجارب العالمية والعربية والسعودية، وهي تجارب عملية لبعض الرواد المميزين في الجودة''.
وأضاف نائب رئيس لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي في مجلس الشورى:'' إن هذه الركائز الثلاث هي التي بني عليها المؤتمر، الذي ساهم في نشر ثقافة الجودة، خاصة أن الجودة في التعليم العام لم تكن بالشكل المطلوب، ولعل هذا المؤتمر يكون لبنة أساسية لانطلاقة نحو برامج الاعتماد المدرسي، واعتمادا لبرامج لتعليم العام، وإدخال مفاهيم الجودة في التعليم، التي تؤدي إلى المخرج الذي نتطلع إليه، وهو الطالب''.
ويرى آل مفرح أن هناك إشكالية في قصور الأنظمة المالية والإدارية التي لا تساعد على تطبيق معايير الجودة المثالية في المملكة، كغياب الترخيص لمهنة التعليم (رخصة مزاولة التعليم)، وغياب الحوافز الكبيرة لحث من يعمل في التعليم على التحسن، وضعف أدوات المسألة والمحاسبة الحازمة في هذا المجال، وكذلك ضعف ما يخصص لتدريب وبرامج التنمية المهنية للمعلمين والمعلمات، مشيراً إلى أن هذا المؤتمر مثالي ولا يمكن أن يتدخل في مثل هذه القضية، داعياً مسؤولي ''التربية'' في المؤتمرات المقبلة أن يخصصوا محورا لتطوير الأنظمة الإدارية والمالية.

قدم حراكاً تربوياً
وأوضح آل مفرح أن مؤتمر الجودة حقق عددا من الأهداف، التي وضع من أجلها، فقد ترك أثرا جيدا من خلال جمع الخبراء في العالم، كما أنه وضع حراكاً تربوياً أثناء المؤتمر بين المختصين والممارسين والأكاديميين، وكذلك استطاع نشر ثقافة الجودة.

فعَل الحكومة الإلكترونية
ويبين آل مفرح أن المؤتمر اختط خطاً جديدا في إدارة المؤتمرات، واستخدام الأمثل لتقنية الإنترنت والنقل التلفزيوني، وقال:'' أسجل إعجابي بهذا المؤتمر، وطريقة إدارته، وأنه فعل باقتدار الحكومة الإلكترونية، الأمر الذي يدعو إليه خادم الحرمين الشريفين''.
وناشد آل مفرح وزارة التربية والتعليم لتكرار مثل هذه المؤتمرات، والتركيز على النوعية، ومشاركة الكوادر الوطنية في تقديم أوراق العمل، ونشر تجاربهم الناجحة، فهم لا يقلون عن أقرانهم من الدول الأخرى.

فيها مهنية عالية
من جانبه، اعتبر الدكتور خالد العواد عضو مجلس الشورى ورئيس دار مسارات للدراسات والتطوير، الموضوعات المطروحة وورش العمل في المؤتمر أن فيها مهنية عالية، وتمليك للفكرة والمعرفة والمهارة لوكلاء التغير، من المعلمين ومديري المدارس والطلاب.
وعد العواد استفادة منظمي المؤتمر من التجارب العالمية، وتحويل الخبرة إلى أرض الواقع ميزة من مزايا المؤتمر، منوهاً بأن المؤتمر يجمع بين الجانب الفكري في مجال الجودة، وبين التجارب العالمية، وهو أسلوب جيد.
وقال عضو مجلس الشورى:'' إن المؤتمر بداية جادة في تحقيق الجودة في التعليم، وسيكون هناك مشروع عملي للجودة، وآمل أن تصمم المدرسة وتطبق فيها معايير الجودة، وأن يشارك من يعملون في المدارس, معلمون، ومشرفون، وأولياء الأمور في برامج الجودة''.
واعتبر الخبير التربوي ورئيس دار مسارات للدراسات والتطوير اهتمام وزارة التربية والتعليم بالجودة دليلاً على نجاحها في تجاوز العقبات.

الجودة في التعليم العام.. آمال وتطلعات
ويرى الدكتور محمد عدنان السمان خبير معتمد في تطبيق منهجية الإدارة بالجودة الشاملة في المؤسسات التعليمية، أن المؤسسات التعليمية رافد مهم في نهضة المجتمعات، حيث إنها معنية بأساس البنية البشرية لأي المجتمع ، فالطالب هو محور العملية التعليمية والتربوية، وعند تركيز المؤسسات التعليمية على ذلك فهي تسهم إسهاما مباشراً في تجويد المنتج، وجودة المخرجات، مما يترتب عليه ظهور جيل واع متعلم يحقق للأمة آمالها، ويقود دفة تنميتها إلى أعلى المراتب.
وقال الدكتور السمان :'' إن من أدبيات الإدارة المعاصرة أن الجودة تعني منظومة من ممارسات كاملة يولد كل منها آثاراً جانبية إيجابية، وقد خطت وزارة التربية والتعليم بإقامتها المؤتمر الدولي الأول للجودة الشاملة في التعليم العام خطوة حقيقية في تعزيز مفهوم الجودة وجعله واقعاً تطبيقياً''.

مقترحات لتفعيل الجودة
وأضاف:'' إنني في هذا المقام أتطلع بعد ختام هذا المؤتمر إلى المقترحات التالية: تكوين رابطة ( علمية – تربوية ) لخبراء الجودة في المؤسسات التعليمية، وفتح قنوات للتواصل معهم والإفادة منهم، وشمول تطبيق مفهوم الجودة للإدارات المساندة للعملية التعليمية، كالتدريب التربوي، والنشاط الطلابي، والتوجيه والإرشاد، والتوعية الإسلامية، وتقنيات التعليم، وضع مواصفات ومقاييس لتطبيقات الجودة في التعليم العام، وبثها في الميدان التربوي، وإقامة ورش عمل لتبادل الخبرات التطبيقية للجودة بين الإدارات التعليمية، وإصدار مجموعة من الإصدارات الورقية والإلكترونية تسهم في تنمية وتعزيز ثقافة الجودة في الميدان التربوي، وإقامة أيام تربوية في إحدى المؤسسات التربوية الرائدة، تمارس فيها تطبيقات الجودة من مرحلة الإعداد مروراً بتشكيل اللجان، وبناء الفرق، وصياغة الرؤى، ووضع السياسات والأهداف العريضة، وانتهاء بالتقويم وقياس الأثر''.
وقال سليمان الحامد, مشرف تربوي في تعليم الرياض، إن حرص مسؤولي التربية لاستعراض تجارب تلك الدول الممارسة للتجارب يدل على رغبة الوزارة في الاستفادة منها، وأن تكون بين أيدي رجال التربية والتعليم في المملكة، وهذه من أكبر الهدايا التي تقدمها الوزارة لأبنائها، نعم من هنا تبدأ الجودة، فإن تقف مكانك فلن تتغير أو تتقدم لكن العالم يجري ويتطور ويجرب ويفشل وينجح ويقيم ثم يختار الأجود، بعد هذا المؤتمر-وأنا تربوي- أتمنى نشر هذه التجارب ليس بتعميم مهم وعاجل !! وإنما بحقائب تدريبية يتم نشرها في مناطق المملكة، مع متابعة الجودة في تدريب تجارب الجودة الدولية''.
ويشدد الدكتور خالد الشايع المشرف التربوي والمهتم بالجانب التربوي، على أن الجودة مبدأ أصيل ومنهج رشيد لا تستغني عنه المجتمعات البشرية في سائر أمورها، مبيناً أن في نصوص الوحيين ما يدل على ضرورة الإجادة والإتقان، لتحقيق أعلى درجات الجودة في سائر المجالات التعبدية والحياتية، مؤكداً أن وزارة التربية أجادت بإقامة مؤتمر الجودة للاستفادة من هذه التجارب المميزة.
من جانبه أكد عزيز السبيعي المتخصص في الإدارة التربوية، أن المؤتمر يعد خطوة رائدة تحسب لوزارة التربية والتعليم، فأولى خطوات الإصلاح والتجديد والتطوير في التعليم تبدأ بتطبيق معايير الجودة الشاملة، فكما هو معلوم فإن هذا التطبيق لا بد أن يرتبط بتخطيط استراتيجي بعيد المدى، ولا بد أن يكون للقطاع الخاص دور محوري في هذه التخطيط.
وبين السبيعي أن عقد المؤتمر في مثل هذا الوقت خطوة مهمة نتمنى أن تتبعها خطوات ومؤتمرات أخرى، مؤملا أن يتم التركيز على دور المعلم في عملية التطوير والجودة بأن يكون دوره محوريا في هذه العملية، وبالتالي تعهده بالدعم والتدريب والتشجيع، مع إيجاد شراكة حقيقية مع التعليم العالي.

الأكثر قراءة