حاربوا التضخم وازرعوا الفلفل
لو طلب منك أحدهم أن تحارب التضخم فأنت ربما تقتنع بأهمية هذا الطلب, أما أن يطلب منك زراعة الفلفل في منزلك لأن ذلك هو السبيل لمحاربة الغلاء في الأسعار فأعتقد أنك عندئذ ستكون أمام خيارين. إما أنه يبادرك بالمزاح و إما أنه إنسان ضليع في علم الاقتصاد يبذل شتى الطرق حتى المستهجن منها للتخفيف من حمى الارتفاع المتواصل في الأسعار.
قبل أسبوعين نشرت رويترز خبرا مفاده أن رئيس اندونيسيا يدعو مواطنيه لزراعة الأغذية في حدائقهم لكبح جماح التضخم . دعم ذلك تصريح وزيرة التجارة التي أعلنت أن لديها ما يقارب المائتي نبتة من الفلفل الحار في أصص الزهور. الفكرة رغم غرابتها في الظاهر لكنها تحرك في داخلنا الكثير من التساؤلات . أليست الأسعار مرتبطة بشكل أساسي بالعرض و الطلب ؟ فإذا كنا قادرين على توفير الكمية الكافية من المنتج للمستهلك بغض النظر عن النهج المتبع للوصول للهدف فإن الأسعار لابد و أن تتأثر.
ربما كان تطبيق تلك النظرية مصحوبا ببعض الصعوبات لدينا حيث لا تتوفر لدينا المياه بوفرة كما هي الحال هناك. لكن هذا القول مردود بحكم أننا أساسا نقوم بزراعة النخيل بدرجة دفعت ببعض الخبراء الزراعيين للمطالبة بعدم التوسع في هذا المجال. قبل فترة وجيزة تابعنا الارتفاع الغير مسبوق في أسعار بعض المنجات في أسواقنا. و نحن هنا لن أدعو لزراعة تلك الخضروات في منازلنا بقدر ما ندعو للتفكير في حلول خلاقة لمشاكلنا.
و رغم إعجابي بالفكرة من عدة جوانب, لكنني أقول إن الأمن الغذائي ومحاربة التضخم تبدأ منازلنا. فالأسلوب الاستهلاكي الذي ننتهجه سبب أساسي في الارتفاع غير المسبوق للأسعار. كما أنني لا أجد ما يمنعنا من استبدال بعض السلع بأخرى نحن في أمس الحاجة إليها. الأفكار الخلاقة والجديدة غالبا ما تكون غير مقبولة عند طرحها. وهذه الأفكار كغيرها يمكن أن تصنع الفرق إذا ما كانت مقترنة بدراسة مستفيضة للإمكانات المتاحة و الأهداف المطلوبة .