أمريكا تدرس عدة ثورات عالمية لمساعدة مصر على الانتقال نحو الديمقراطية

أمريكا تدرس عدة ثورات عالمية لمساعدة مصر على الانتقال نحو الديمقراطية

أجرى مسؤولون كبار في البيت الأبيض دراسة تناولوا فيها عدة ثورات وتحولات سياسية جرت في العالم لاستخلاص عبر منها يمكن أن تساعد مصر على القيام بانتقال منظم ودائم نحو الحكم الديمقراطي.
وقال مسؤول كبير لوكالة الأنباء الفرنسية إن مستشاري الرئيس باراك أوباما في السياسة الخارجية درسوا عمليات انتقالية جرت في آسيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية لتقييم مستقبل مصر بعد سقوط الرئيس حسني مبارك المفاجئ نتيجة تظاهرات شعبية حاشدة. وتأتي هذه المراجعة لسوابق تاريخية لأحداث مصر في وقت يبدي معلقون سياسيون أمريكيون قلقهم حيال إمكانية أن تسيطر جماعة الإخوان المسلمين على السلطة في مصر في سيناريو شبيه بالثورة الإسلامية الإيرانية. غير أن عددا من المسؤولين والمحللين يرون أن نماذج أخرى من انتقال السلطة في بلدان مختلفة مثل إندونيسيا وتشيلي وكوريا الجنوبية قد تكون أكثر ملاءمة لمصر. وقال مايكل ماكفول مدير قسم روسيا وأوراسيا في مجلس الأمن القومي والخبير في عمليات الانتقال السياسي الديمقراطي إن "كل بلد حالة فريدة والمقارنة يمكن أن تكون خطيرة". لكنه لفت في المقابل إلى أن دراسة تاريخية لعمليات انتقال سياسي ماضية يمكن أن تعطي إطارا عاما يلقي ضوءا على التحدي المصري.
ودرس المسؤولون كيف خرجت عدة دول من نظام متسلط دكتاتوري ودخلت مراحل انتقالية حاسمة أفضت إلى إقرار دستور ديمقراطي وإجراء انتخابات وقيام مؤسسات ديمقراطية.
ورفعت نتائج الدراسة إلى توم دونيلون مستشار أوباما في الأمن القومي، ومن الواضح أن استخلاصاتها كانت خلف تشديد واشنطن على ضرورة لزوم انتقال سياسي منظم و"لا رجوع عنه" في مصر.
لكن لم يتضح حتى الآن في ظل الغموض الذي ما زال يلف الوضع في مصر، ما إذا كان الجيش سيدعم فعلا التحول الديمقراطي الذي يطالب به العالم لهذا البلد.
كما يطرح سؤال عما إذا كانت الثورة المصرية التي قامت على الشباب وناشطي الإنترنت وتغذت من ثلاثين عاما من التطلعات في ظل حكم مبارك، ستتقبل النصائح الصادرة عن الخارج وستأخذ بدروس الماضي. وقال توماس كاروذرز من معهد كارنيغي إنه من المفيد استخلاص العبر من التاريخ "طالما أننا نفترض أن مصر لن تكون إندونيسيا ولن تكون إيران".
غير أن إندونيسيا تبقى حالة لافتة بنظر واشنطن كدولة ذات غالبية إسلامية اعتمدت الديمقراطية بعد طرد الديكتاتور سوهارتو.
وأوباما الذي عاش في إندونيسيا أربع سنوات حين كان فتى، يرى في العملاق الآسيوي الناشئ نموذجا سياسيا إثر تحول هذا البلد من "حكم قبضة الحديد إلى حكم الشعب". غير أن أكبر بلد مسلم في العالم من حيث العدد ليس النموذج الوحيد بنظر واشنطن.
وقال مسؤول أمريكي كبير إن "الحالات الأكثر فائدة على حد اعتباري تعود إلى نهاية الثمانينيات، في الفلبين وكوريا الجنوبية وتشيلي".
وفي الفلبين أطاحت ثورة مدنية - عسكرية مشتركة الدكتاتور فرديناند ماركوس وأحلت ديمقراطية ثابتة ولو أنها ملطخة بالفساد.
وفي تشيلي اضطر الدكتاتور السابق بينوشيه المدعوم من الولايات المتحدة تحت ضغط الإرادة الشعبية إلى إجراء استفتاء عام 1988 قاد إلى عملية دستورية وانتخابية.
وفي كوريا الجنوبية المتحالفة مع الولايات المتحدة، أطاحت حركة احتجاجية مطالبة بالديمقراطية بنظام عسكري متسلط لبدء عملية انتقالية قادت إلى انتخابات مباشرة.
كما درس المسؤولون الأمريكيون خروج بولندا برئاسة الزعيم التاريخي ليخ فاليسا من الحكم الشيوعي وقيام الجمهورية التشيكية برئاسة فاكلاف هافيل بعد انهيار حلف وارسو.
غير أن الخروج إلى ديمقراطية حقيقية يبقى عملية محفوفة بالمخاطر وغير مضمونة النتائج، وتتطلب من أجل أن تحظى بأكبر فرص نجاح أن تتضافر فيها جميع شرائح الرأي العام.
وهذا يعني بالنسبة لمصر أن تسلك القوات المسلحة والمجتمع الأهلي وأحزاب المعارضة والمواطنون العاديون الاتجاه ذاته.
وقال مسؤول كبير إن "العنصر الجوهري هو ألا تشعر بعض المجموعات بأنها مهمشة في العملية. فإن حصل ذلك، سوف تعرقل هذه المجموعات العملية".
كما رأى المسؤول أن الحكمة تملي على مصر "حصر أجندة التغيير"، مشيرا إلى أن السعي لتحقيق الكثير من المهام في آن قد يسقط الإجماع الضروري.
يبقى أن مصر تفتقر إلى عنصر أساسي في معظم الثورات الشعبية، وهو شخصية كاريزماتية تجسد التوق إلى التغيير، مثل كوراثون أكينو في الفلبين.
غير أن كاروذرز أشار إلى أنه في حين أن وجود زعيم يمكن أن يعطي "لحمة اجتماعية سياسية مفيدة" لحركة ما، فإن الحركة الإصلاحية في تشيلي نجحت رغم أنها كانت تفتقر إلى نقطة ارتكاز مناهضة للحكومة.

الأكثر قراءة