دليل خبير لقوانين المتاهة لمطلق صفارة الإنذار المقبل

دليل خبير لقوانين المتاهة لمطلق صفارة الإنذار المقبل

دخلت كلمة ''إطلاق الصفارة'' قاموس المفردات قبل عشر سنوات حين أصبحت شيرون واتكنز، في مجموعة إنرون للطاقة، وسينثيا كوبر، في مجموعة وورلدكوم للاتصالات، شخصيتين مألوفتين في الصحافة. وقد نبهت هاتان المرأتان إلى وجود نشاطات شائنة في الشركتين الميتتين اللتين كانتا تعملان فيهما. وجرّت ''إنرون'' في أعقاب انهيارها شركة المحاسبة، ''آرثر أندرسون''، كما أنها فرّخت حتى مسرحية حول ذلك.
خلال الفترة الأخيرة، أعطى برادلي بركنفيلد، وهو مصرفي خاص سابق في بنك يو إس بي السويسري واشنطن، مادة غزيرة حول كيفية مساعدة مدير الثروات هذا للأثرياء الأمريكيين من ذوي الحسابات الخارجية، على التهرب من الضرائب. وفي هذا العام، استقطب ''يوليوس باير''، وهو بنك سويسري أصغر حجما، اهتماما عالميا بعد أن سلّم جوليان أسانج، مؤسس موقع ويكيليكس، هذا الموقع الذي يتزعم شفافية المعلومات، قرصين مدمجين تظهر فيهما قوائم لمئات من المتهمين من كبار الشخصيات بأن لديهم حسابات مصرفية غير معلنة.
يأتي الآن دليل ''خطوة بخطوة'' لمطلقي الصفارات. وفي مزيج من الروايات، والتاريخ القانوني، وخلاصة وافية للقوانين ذات العلاقة، ودليل عملي، يحاول ستيفن كوهن أن يوجه كلا من مطلقي الصفارات المنتظرين، ومسؤولي التقيد في الشركات، خلال ما يطلق عليه ''المتاهة''.
إن كوهن مؤهل جيدا لكي يعمل دليلا؛ إذ أمضى أكثر من 25 عاما في تخصصه في تشريعات مطلقي الصفارات عبر شركته القانونية، كما كان المدير التنفيذي للمركز الوطني لمطلقي الصفارات في الولايات المتحدة.
على الرغم من أن هذا الكتاب مكتوب للأمريكيين، إلا أنه يظهر المدى الذي وصلت إليه عالمية تشريع مطلق الصفارة. ولدى الأمم المتحدة، والمجلس الأوروبي، مواد تشجع الأفراد على الإدلاء بالمعلومات. كما أن الغرامات بملايين الدولارات التي دفعتها شركات أوروبية، مثل ''إيني'' الإيطالية، و''ديملر'' الألمانية، في العام الماضي تطبيقا للقانون الأمريكي الخاص بممارسة الفساد الخارجي، تسلط الضوء على مدى اتساع تطبيق هذه التشريع الأمريكي.
يورد كوهن في كتابه أن ''إطلاق الصفارات'' حقيقة من حقائق الحياة في الوقت الراهن''، وذلك في وصفه ''لثورة مطلق الصفارة التي اجتاحت القوى العاملة الأمريكية''.
من المخيب للآمال أن هذا الكتاب لا يتناول الجانب الأخلاقي من إطلاق الصفارات، كما لا يركز على شرح تناقضات المصالح المحتملة في الجانب المتزايد من التشريع الذي يقدم جوائز مالية لأولئك الذين يدلون بالمعلومات. وبدلا من الصورة الرومانسية كعامل وحيد يقاتل بقوة ضد رأس المال الشيطاني، فإن بالإمكان أن يعبر عن وجهات نظر مطلقي الصفارات محامون من أصحاب الألسنة الطليقة، وأن يتم تمويلهم من خلال صفقات طارئة متفق عليها فيما يتعلق برسوم الأتعاب.
إن المياه الأخلاقية أشد وحلا في حالة مثل حالة بريكنفيلد – ربما يفسر ذلك لماذا يتم ذكره إلا مرة واحدة في كتاب كوهن. ويقضي هذا المصرفي السابق في ''يو بي إس'' عامه الثاني من فترة حكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة، بعد اعترافه بمساعدة العملاء على التهرب من الضرائب، وإخفاقه في إقناع وزارة العدل الأمريكية بنبل دوافعه إلى ذلك.
يشكل كوهن وغيره حملات لإطلاق سراح بريكنفيلد – الذي أخفق في الحصول على تعويض، على الرغم من وجود تشريع أمريكي حديث يقدم لمطلقي الصفارات ما يتراوح بين 15 و30 في المائة من الأموال المستردة.
يمكن أن تكون المكاسب السياسية مذهلة: دفع ''يو بي إس'' 780 مليون دولار لتسوية التهم الجرمية. وتم الحصول على أموال إضافية لم يعلن عن كميتها من زبائن سابقين يتم التحقيق معهم في المحاكم، ومن أولئك الذين تجنبوا الإدانة من خلال التطوع بالقدوم إلى المحاكم.
يلمع هذا الكتاب في وضع الهيكل القانوني الحالي بالغ التعقيد. ويشير كوهن إلى قوانين لحماية، بل وحتى مكافأة الأفراد الذين يقدمون معلومات تعود حتى إلى عهد الرئيس أبراهام لنكولن – أي إلى زمن بعيد عن قانون سارابانز – أوكسلي، وهو التشريع الأمريكي القاسي الذي ولد نتيجة لأزمتي ''إنرون''، و''وورلدكوم'' – وكذلك تشريع دود – فرانك الحديث الخاص بالقطاع المالي.
بينما تم تعديل القوانين، وتوسيع شمولها، برزت الفوضى من خلال الاختلاف بين المواد الاتحادية، وعلى مستوى الولايات. وفوق كل شيء، كشفت أحكام المحاكم من حين إلى آخر ثغرات، أو جعلت التشريع موضع تساؤل. ولم يقل عدد القوانين عن 55 قانونا منفردا على المستوى الاتحادي التي تضم مواد متعلقة بإطلاق الصفارة، إضافة إلى مجموعة قوانين على مستوى الولايات. ولكن لا يوجد أي تعريف موحد لمعنى ''مطلق الصفارة''. ويذكرنا كوهن بأن ''القوانين التي تحمي مطلقي الصفارات مربكة، كما أن في الكثير منها ثغرات''.
بينما يتكون معظم الكتاب من 21 قاعدة رئيسة على مطلق الصفارة دراستها قبل التقدم بمعلوماته، فإن الثلث الباقي يتكون من قائمة تفصيلية تدقيقية لتشريع مطلق الصفارة. وإن أكثر مصادر المفاجأة هي الملاحظة في ''القاعدة رقم 11'' للحذر ''من الخطوط الساخنة''.
أصبحت الشركات بعد قانون سارابانز – أوكسلي ترزح تحت عبء ضخم من وضع إجراءات تقيد فعالة، وقابلة للتحقق من صحتها. ومن الصعب، في أيامنا هذه، العثور على أي شركة كبيرة لا تفاخر بسياستها ''عديمة التسامح بخصوص ذلك، وقنواتها الفعالة غير المعلن عن مصادر معلوماتها لكي يتمكن الموظفون من ذوي المخاوف والشكاوى من التقدم للإدلاء بالمعلومات.
إن كوهن، على أية حال متشكك، وبالذات من قلة القواعد التي تحمي الموظفين، وتناقض المصالح المحتمل بين أولئك الذين يتلقون تلك المعلومات.

الأكثر قراءة