المشكلة في علاج الإيدز.. مدى الحياة
هناك خمس مجموعات من الأدوية التي لها فاعلية في الحد من تكاثر فيروس الإيدز, وتحتوي هذه المجموعات على نحو 36 عقارا مختلفا مرخصا به، كذلك هناك على الأقل ست تركيبات تحتوي على خليط من عقارين أو أكثر الهدف منها تسهيل عملية تناول الأدوية. أثبتت أدوية الإيدز أنها توقف تكاثر الفيروس، وتقي الجسم خطره طالما تم تناولها بانتظام وحسب الإرشادات. المشكلة أن علاج الإيدز يجب أن يستمر مدى الحياة، وهذا يسبب عدة مشكلات منها الآثار الجانبية التي تختلف من شخص إلى آخر، ومنها تطور سلالات فيروسية مقاومة للعلاج، وهذان العاملان يتطلبان المتابعة المستمرة من قبل الطبيب لمراقبة الآثار الجانبية للعلاج، وإجراء تحليل مخبري يدعى العبء الفيروسي viral load لقياس كمية الفيروس في الدم، وكذلك تحليل آخر لقياس عدد كمية الخلايا المناعية من نوع CD4, وهذا العدد يعكس حالة جهاز المناعة. وطالما بقي الفيروس تحت السيطرة، وبقيت حالة الجهاز المناعي جيدة يستطيع المريض أن يعيش بصورة طبيعية، مثله في ذلك مثل المرضى الذين يعانون أمراضا مزمنة مثل السكري ممن يمكنهم العيش بصورة طبيعية طالما تم تنظيم مستوى السكر بصورة مثالية والانتظام في العلاج. في حالة تطور سلالات مقاومة لفيروس الإيدز أثناء العلاج، فيجب تغيير الأدوية التي يتناولها المريض. وهناك تحاليل مخبرية يسترشد بها الطبيب لاختيار بدائل من الأدوية المتاحة يكون الفيروس حساسا لها. حاليا يفضل بدء علاج الإيدز قبل أن يهبط عدد خلايا CD4 في الدم إلى أقل من 350 خلية في المليليتر، لتجنب حدوث عدوى انتهازية للمريض بسبب أنواع مختلفة من البكتيريا، مثل بكتيريا السل، أو الطفيليات والفيروسات الأخرى، أما إذا تأخر علاج المريض وحدثت إصابات ببعض أنواع العدوى الانتهازية، فيجب علاج هذه العدوى بالأدوية المناسبة لكل نوع منها. والخلاصة أن هناك الكثير من الأدوية التي تستهدف فيروس الإيدز نفسه وتمنع تكاثره، وكذلك الأدوية التي تستهدف الأمراض الانتهازية. والاستعمال الصحيح لهذه الأدوية ينتج عنه بقاء الإيدز تحت السيطرة كمرض مزمن محدود الأثر، بل إن نجاح أدوية الإيدز في وقف تكاثر الفيروس ينتج عنه اختفاء الفيروس من الدم, ما يساعد على وقف انتشاره من الشخص المصاب إلى أشخاص آخرين، وهكذا يصبح العلاج وسيلة للوقاية أيضا. وهذه النقطة على قدر كبير من الأهمية لمنع انتقال العدوى من الأم المصابة لطفلها، حيث يولد الطفل وينشأ دون إصابة بالعدوى ـ بإذن الله، وكذلك يتم تجنب الإصابة عن طريق الرضاعة من الأم المصابة. وبهذا انخفضت إصابات المواليد بصورة كبيرة، بل المأمول أن تختفي تماما. رغم كل ما تقدم ذكره من نجاح في علاج الإيدز، فإنه لم يتم الوصول إلى علاج يؤدي إلى زوال الفيروس من الجسم تماما، حيث يستغني المريض عن العلاج كلية، كذلك لم يحدث نجاح في إنتاج لقاح واق من المرض، وهذان الهدفان هما اللذان تطمح للوصول إليهما أبحاث الإيدز في المرحلة المقبلة، لكن يصعب التكهن بالفترة الزمنية المتبقية للوصول إلى ذلك.