75 مليار ريال إيرادات سنوية لخزينة الدولة من رسوم الأراضي البيضاء
وافق مجلس الشورى على أن تُعد وزارة الشؤون البلدية والقروية لائحة تنظم الضوابط والآلية اللازمة لفرض رسوم سنوية على الأراضي البيضاء التي تقع ضمن النطاق العمراني، والمهمة الآن هي مسؤولية وزارة الشؤون البلدية والقروية لإعداد الدراسة وتقديم المقترحات.
ولا شك أن لهذا القرار أهميته الكبيرة اقتصادياً وأمنياً وتعليمياً وصحياً وهو حل لأكبر مشكلة يواجهها المواطن اليوم وهي السكن.
وهذا القرار مهم أيضا لمجلس الشورى، حيث إنه يضع مصداقية المجلس على المحك، خصوصاً أن كثيرا مما نقرأه في المنتديات وفي ردود أفعال قراء الصحف المحلية على هذا القرار هو التشكيك في قدرة المجلس على خدمة المواطن وتطبيق مثل هذا القرار، وهذا القرار عند تطبيقه سيُثبت للمشككين عكس ذلك بإذن الله.
#2#
وفي المقابل، فإنه في حالة عدم تطبيقه أو التأخر في تطبيقه، فإن الأضرار ستكون وخيمة.
أما أهميته الاقتصادية فتكمن في إدخال هذه الأراضي البيضاء إلى العجلة لاقتصادية التي ستسّرع من حركة التنمية، وتساعد على انخفاض أسعار الأراضي، وبالتالي انخفاض التضخم، وإيجاد سكن بسعر مناسب، كما أنها ستضيف دخلا إضافيا للدولة من هذه الرسوم يمكن أن يُستغل لنزع ملكيات بعض هذه الأراضي لبناء مساكن جديدة.
وهذا يعني مزيدا من المشاريع العقارية، التي ستباع منتجاتها بأسعار منطقية، ما سيساعد المطورين العقاريين على توسيع أعمالهم، وتوظيف سعوديين في هذا المجال.
كما أن القطاعات الأخرى ستستفيد، مثل مصانع الأسمنت والحديد والأدوات الكهربائية والأنابيب وشركات المقاولات والنقل وغيرها الكثير، وهذا سيساعدهم على التوسع وتوظيف مواطنين والحد من البطالة.
كما أن هذا القرار سيضطر رؤوس الأموال المجمدة في العقار، التي تقدر بنحو 400 مليار ريال إلى الاستثمار في الصناعة والتجارة كبديل.
أما أمنياً، فإنه لا شك أنه عندما تكون الأسرة مستقرة في منزل تمتلكه، فإن ذلك سيساعد على زيادة دخل الأسرة بتوفير مبلغ الإيجار، ما سيساعد في تربية الأبناء تربية سليمة والتركيز على تعليمهم، وهذا سيحد من الجرائم الجنائية، والأخلاقية، وقضايا الرشوة، والفساد الإداري.
#3#
إيجابيات أخرى لتطبيق القرار:
أما بالنسبة للتأثير المباشر لهذا القرار في ميزانية الدولة وفي أسعار العقار وفي وزارة الإسكان، فإن له تأثير إيجابي لا يُقّدر بثمن. ومن آثاره أنه سيزيد من ميزانية الدولة، التي من الممكن أن يُخصص جزء منها للإسكان.
ولتقدير المبالغ التي ستنتج من هذا القرار، فإن التقدير سيكون، وبحسب ما ذكرنا في مقالات سابقة، كالتالي: بحسب دراسة هيئة تطوير مدينة الرياض، فإن مساحة الأراضي غير المطورة داخل النطاق العمراني في مدينة الرياض فقط هي 4150 كيلو مترا مربعا أي نحو أربعة مليارات متر مربع تشمل الأودية والجبال، لذلك سنفترض أن 60 في المائة من هذه المساحة هي صافي المساحة الصالحة للسكن أي إجمالي مساحة 2.5 مليار متر مربع. ولو فرضنا فرض رسوم قدرها عشرة ريالات على المتر وهي أقل من نسبة الزكاة الشرعية، فإن الرسوم السنوية ستكون نحو 25 مليار ريال فقط لمدينة الرياض، يضاف إليها 50 مليارا لمدن المملكة الأخرى، الإجمالي هو 75 مليارا سنوياً على أقل تقدير.
أما بالنسبة لتأثيره الإيجابي في وزارة الإسكان فإنها تستطيع أن تستخدم جزءا من هذا الدخل لبناء المساكن، ونزع الملكيات. كما أن هذا القرار سيلعب دورا رئيسيا في تخفيض أسعار العقار بشكل كبير، ما سيساعد المواطن على شراء مسكن من المطورين العقاريين، وليس من منتجات وزارة الإسكان، ما سيخفف من العبء على الوزارة.
وهذا شيء طبيعي، حيث إن المعروض من الأراضي سيزيد، خصوصاً أنه لا يوجد ندرة في الأراضي. فلو قسمنا المساحات أعلاه إلى فلل وعمائر سكنية متعددة الأدوار بمساحة 650 مترا للقطعة فسنوفر ما يزيد على ثمانية ملايين وحدة سكنية، وهذا العدد يزيد على حاجتنا إلى السكن 100 سنة قادمة. والطريف في الأمر في هذا القرار، أن من تسبب في الأزمة هم من سيكون مسؤولين عن حلها بدفع الرسوم أو بتخطيط أراضيهم وبيعها.
#4#
سلبيات عدم تطبيقه أو تأخيره:
أما بالنسبة للأضرار الناتجة عن عدم تطبيق هذا القرار فهي خطيرة للغاية، فبالإضافة إلى أنها ستكون عكس الآثار الإيجابية أعلاه، فهي ستضر أيضا بالتعليم والصحة لعدم توافر أراض لبناء مدارس أو مستشفيات. وخير مثال على ذلك هو إعلان وزارة الصحة في الصحف المحلية قبل عدة أسابيع، الذي تستجدي فيه تجار العقار لشراء قطعة أرض بمساحة 300 ألف متر مربع في غرب الرياض. والأكيد أن هذه المساحة ستكون لإنشاء مستشفى.
ومستشفى بهذا الحجم سيعالج ما لا يقل عن نصف مليون مراجع سنوياً، ورغم عظم الأمر والحاجة الماسة، إلا أن الوزارة لم تجد أرضا. ولا أشك أن التعليم لديه المعاناة نفسها. والسؤال هنا، هل علاج نصف مليون مواطن سنوياً أو إنشاء مدارس لتعليم نصف مليون طفل أهم أم زيادة ثروات تاجر؟
أما بالنسبة لتأثير هذه القرار في أسعار العقارات، لا شك أنه سيخرج علينا في الإعلام من سيقول إن أسعار العقار ستستقر بسبب القرار أو أنها سترتفع، حيث إن التاجر سيضيف أسعار الرسوم على سعر العقار وهذا ما اعتدناه منهم، ومن حقهم أن يفعلوا ذلك في حالة استندوا إلى حقائق وأرقام ودراسات، وليس على ''خبرتهم''، التي بدأنا نشك فيها.
ولكن لدحض مثل هذه الادعاءات، وبالإضافة إلى ما كتبنا في المقالات السابقة عن العقار، وبالإضافة إلى تقرير البنك السعودي الفرنسي وتقرير هيئة تطوير مدينة الرياض وتصاريح البناء الصادرة من أمانة مدينة الرياض، دعونا نستعرض بعض المعلومات الإضافية الصادرة حديثاً من هذه الجهات وهي تتمة لما سبق من تقارير.
البنك السعودي الفرنسي: ذكر البنك السعودي الفرنسي في تقريره الصادر في 9 مايو 2011 ما يلي: ''ويعد تعزيز قدرة المواطنين على شراء المساكن مسألة حاسمة. فالكثير من السعوديين يتقاضون أقل من ثمانية آلاف ريال سعودي شهرياً، ما يعني أن أسعار العقارات السائدة حالياً تجعل شراء المساكن بعيداً عن متناولهم''.
كما أضاف التقرير ''ومع أن أسعار العقارات مرشحة للاستمرار في الارتفاع في المديين القصير والمتوسط، إلا أن إمكانية توافر وحدات سكنية إضافية في السوق قد تدفع العديد من السعوديين إلى تأجيل قرار عمليات شراء المساكن لسنة أو سنتين، على أمل أن تستقر أو تنخفض أسعارها''.
هيئة تطوير مدينة الرياض: في العدد رقم 63 لعام 2011 ذكرت أن هناك مشاريع حيوية تسابق الزمن تقدر مساحتها بما يقارب من 4.5 مليون متر مربع، وهي كما تم تفصيلها في الجدول المرفق لأغراض سكنية وتجارية ومكتبية وفندقية. كما أن هناك مباني حكومية كبيرة يتم إنشاءها لم نذكرها في هذا التقرير، ما يعني الاستغناء عن بعض المباني المؤجرة وبالتالي زيادة العرض. تصاريح البناء: موضح في الجدول المرفق كمية مساحات الأراضي التي تم تشييدها في 1430 والمتوقعة في 1431 و1432 بإجمالي مساحة 69.1 مليون متر مربع، مع ملاحظة أن تصاريح الإنشاء تشمل المساحات المذكورة في تقرير مجلة تطوير.
وزارة الإسكان: بناء 500 ألف وحدة سكنية
وهنا نرى أن كمية المعروض حالياً من المكتبي، وما هو تحت الإنشاء من العقار السكني والمكتبي ستكون كبيرة جداً، وستساعد على توازن العرض والطلب وستؤثر لا محالة في أسعار العقار، أما بالنسبة لتوقعي سابقاً بهبوط العقار 50 في المائة وبموجب هذه المعطيات أتوقع أن يزيد الهبوط على هذه النسبة، وربما يبدأ خلال عام 2012، وسيصل إلى ذروته في عام 2014، وأتوقع أن أزمة السكن سَتُحل- بإذن الله- خلال سنتين إلى ثلاث سنوات، ولن نسمع بها في المستقبل، بإذن الله، إذا ما استمر دعم الدولة في حل الأزمة، وهذا المؤكد، بإذن الله.
وفي الوقت نفسه أؤيد ما جاء في تقرير البنك السعودي الفرنسي بارتفاع الأسعار على المديين المتوسط والقصير، وأعتقد أن قرار تأجيل شراء مسكن، كما ذكر التقرير هو قرار صائب. فإضافة إلى احتمال هبوط الأسعار، فإنه من المؤكد سيكون هناك خيارات عديدة ومنتجات إسكانية جديدة.
أما بالنسبة لمن يتوقع بأن التجار سيضيفون الرسوم على سعر العقار، نقول له: عندما تُوفر وزارة الإسكان والقطاع الخاص مساكن، ويزيد أو يتوازن العرض مع الطلب خلال سنتين، من سيلتفت لصاحب الأرض البيضاء، سواء أضاف الرسوم على سعر البيع أم لم يضفه؟ كما أن مثل هذه الرسوم مطبقة في كثير من دول العالم، وكان التأثير إيجابيا.
ولأهمية هذا القرار وتأثيره في الأسعار، آمل من مجلس الشورى بأن يُطبق هذا القرار قبل تطبيق قرار الرهن العقاري لتفادي تضرر المواطن عند هبوط الأسعار.
كما أقترح على ملاك الأراضي البيضاء ببيع ما لديهم والاستثمار في الصناعات التي ذكرناها أعلاه أو في أسهم المصانع ذات العلاقة للاستفادة من هذه الطفرة العمرانية التي ستنتج عن هذا القرار ولتفادي الخسارة من جراء هبوط أسعار العقار، والأهم من هذا هو المساهمة في تنمية البلد وحل مشكلة إخوانهم من المواطنين.
فالهدف هنا ليس خسارة الاقتصاد والناتجة من خسارة التاجر أو المواطن، بل الهدف هو الوصول إلى توازن في العرض والطلب يستفيد منه الطرفان، وبالتالي يستفيد منه اقتصاد البلد.
إن هذا القرار، رغم الصمت الإعلامي تجاهه، لهو قرار تاريخي يصب في مصلحة الوطن والمواطن وله فوائد لا تعد ولا تحصى، وما ذكر أعلاه، إنما هو جزء من هذه الفوائد، كما أن هذا القرار مهم جداً لمجلس الشورى لدحض كل من يشكك في قدرته على إقرار ما فيه مصلحة الوطن والمواطن، كما أن سلبيات القرار محدودة، حيث إنها تتلخص في إيقاع الضرر البسيط على تجار لا يتجاوز عددهم المائتين، ولكن في مقابل مصلحة 25 مليون مواطن، وفي مقابل مصالح مصانع وشركات عديدة.