عمل الطلاب خلال الإجازة.. تهيئة لسوق العمل

فترة الإجازة الصيفية أو إجازة نهاية العام التي تستمر مدة أكثر من شهرين، خصوصًا عندما تضم إليها إجازة شهر رمضان، حيث يقضيها كثير من الطلاب دون فائدة تذكر إلا من خلال الراحة من عناء فترة الدراسة والاختبارات، ثم تكون معاناة كثير من الأسر الاجتماعية بسبب الفراغ لدى الشباب، وعدم الاستفادة من هذه الفترة الطويلة.
الحقيقة أن مسألة الاستفادة من هذه الإجازة يختلف فيها كثير من الطلبة بمختلف مستوياتهم الدراسية، حيث يستفيد منها البعض من خلال الاستمرار في التعلم من خلال القراءة والانخراط في بعض الدورات التدريبية الصيفية لتنمية المهارات واكتساب مزيد من المعرفة وغيرها. ومن فرص الاستفادة من هذه الإجازة مسألة العمل خلال هذه الفترة في أي من الأعمال المتاحة غالبًا في سوق العمل، خصوصًا في بعض القطاعات التي تشهد احتياجًا خلال فترة الصيف مثل السياحة، وبعض الأعمال الأخرى.
عند النظر إلى سوق العمل المحلية خلال فترة الصيف قد لا نجد في الوضع الحالي دراسة واسعة ودقيقة لهذه السوق على الأقل فيما ينشر من خلال وسائل الإعلام المختلفة، بناء على دراسات علمية اقتصادية، فهذه السوق تمثل متغيرات، حيث إن بعض القطاعات تنشط خلال هذه الفترة، في حين أن قطاعات أخرى تشهد نوعًا من الركود، في حين أن كثيرًا من الموظفين الرسميين يفضلون التقدم بطلب إجازاتهم خلال هذه الفترة، ما يجعل مجموعة من الشركات تشهد نوعًا من الركود، ليس بسبب قلة فرص الاستثمار والنشاط، لكن لعدم وجود ما يكفي من موظفيها الرسميين خلال هذه الفترة. ويبقى التساؤل هو: هل سوق العمل المحلية مهيأة لإتاحة فرص العمل للطلاب، خصوصًا ما بعد الثانوية من طلبة الجامعات وطلبة الدبلومات المهنية؟
من خلال متابعة بعض الأخبار الصحافية نجد أن هناك اهتمامًا من بعض المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بعملية التنسيق بتوفير فرص العمل للطلاب، وهذا بلا شك له دور كبير في توفير فرص للشباب خلال هذه الفترة، للحصول على عائد مادي وإن كان محدودًا، والشعور بالمسؤولية وتهيئة الشباب لسوق العمل، إضافة إلى جوانب اجتماعية تتحقق من خلال إشغال الشباب بما يعود عليهم بالمنفعة.
فرص العمل في السوق تواجه مجموعة من العوائق ومعالجتها قد تساعد على توفير فرص للشباب في هذه المرحلة، التي تشترك في المسؤولية جهات متعددة منها القطاعان الحكومي والخاص، إضافة إلى المجتمع والشباب، فمن ذلك:
أولا: أن الدراسات باحتياجات سوق العمل خلال هذه الفترة من كل عام لم تنشر بعد بشكل علمي يتيح فرصة للجهات المتخصصة وذات العلاقة من الترتيب والتنسيق بالشكل المناسب لتوفير فرص العمل، وتوجيه الشباب لذلك. ففي الوقت الذي يشهد فيه قطاع السياحة نشاطًا في بعض المدن، نجد أن هناك قطاعات أخرى تشهد نشاطًا في هذه الفترة والفرصة متاحة للعمل فيها، لكن لا توجد دراسات تؤكد أو تنفي ذلك.
ثانيًا: عدم تنظيم سوق العمل التي تشهد مجموعة من المخالفات، منها القوى العاملة السائبة، التي أصبحت تستحوذ بلا منازع على أكثر فرص العمل الموسمية، وذلك باحترافية عالية تحد من فرص الشباب في العمل.
ثالثًا: تهيئة الشباب لسوق العمل الموسمية، خصوصًا في الصيف، وذلك يفترض أن يكون من خلال أنشطة لا صفية في مراحل التعليم الثانوي والجامعي، بغرض تهيئتهم لسوق العمل.
رابعًا: ثقة القطاع الخاص بالشباب خلال فترة الصيف، حيث إن هناك انطباعًا سائدًا لدى بعضهم أن كثيرًا من الشباب ليس لديه مستوى كافٍ من الالتزام والمسؤولية لشغل هذه الوظائف، لذلك قصر فترة العمل قد يجعل الشاب أقل حرصًا واهتمامًا بالعمل.
خامسًا: نوع الوظائف المتاحة غالبًا، حيث إن كثيرًا منها قد لا تجد الشباب يقبل عليها لأسباب اجتماعية، مع أن هذه الوظائف تعد مؤقتة ولا تعكس المستوى الاجتماعي للشاب، بقدر ما يتحقق له من تدريب والتهيئة لتحمل مسؤولية العمل.
هذه بعض الأسباب التي تتطلب معالجة لها بما يخدم مصلحة الفرد والمجتمع، حيث إن عمل الشباب خلال هذه الفترة لا ينظر إليه فقط على أنه بغرض تحقيق عائد مادي، بقدر ما هو مسألة لها أبعاد اجتماعية وتعليمية وتربوية.
والخلاصة أنه لا بد أن يكون هناك عمل مشترك بين قطاع التعليم بمختلف مستوياته، والجهات الحكومية ذات العلاقة مثل وزارة التجارة والعمل وغيرها من القطاعات الحكومية التي تحتاج إلى موظفين أيضًا، إضافة إلى مساهمة القطاع الخاص، كما أن على وزارة الاقتصاد والتخطيط أو مراكز الأبحاث في قطاع التعليم العالي مسؤولية دراسة أسواق العمل الموسمية في المملكة، بما يعطي تصورًا واضحًا للمجتمع للاستثمار وتوفير فرص العمل خلاله، كما أن على المجتمع مسؤولية كبيرة في تغيير المفهوم السائد لبعض المهن، خصوصًا ما يوفر منها فرصًا كبيرة للكسب للشباب، التي تسيطر عليها في الغالب قوى العمل الأجنبية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي