الأوروبيون يدعون لتغيير نظام الأسد .. وبوادر حرب أهلية
دخلت الأزمة السورية منعطفات لافتة أمس داخليا وخارجيا، فبينما أعلن عن مقتل 30 شخصا في حمص بسبب ''اقتتال بين مؤيدين للنظام ومعارضين''، وهو ما يمثل بداية شرارة لحرب أهلية، دعا وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إلى تغيير نظام الرئيس بشار الأسد الذي ''أمعن في القمع والقتل''، في حين أعلنت قطر عن سحب سفيرها في دمشق وأغلقت سفارتها التي تعرضت إلى رشق بالحجارة قبل أيام.
وبلغ عدد القتلى في حمص 30 قتيلا سقطوا في اشتباكات بين السكان في مدينة حمص في وسط البلاد خلال الأيام الثلاثة الماضية في أول اقتتال داخلي من نوعه منذ اندلاع الاحتجاجات.
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الاشتباكات بين موالين ومعارضين لنظام الأسد بدأت بعد ظهر يوم السبت بعد مقتل ثلاثة شبان مؤيدين للنظام كانوا قد خطفوا الأسبوع الماضي وأعيدت أشلاؤهم إلى ذويهم. وقال المرصد في بيان ''أكثر من 30 شهيدا مدنيا قتلوا خلال الـ 24 ساعة الماضية في مدينة حمص''.
من جانبهم، دعا عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين أمس إلى تغيير النظام في سورية مع استمرار القمع، بينما طالب وزير الخارجية البريطاني وليام هيج باستقالة الرئيس بشار الأسد إذا لم يجر إصلاحات في بلاده.
وقال وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي أمس إن الاتحاد يمكن أن يشدد العقوبات على حكومة الأسد خلال أيام بسبب الحملة التي تشنها على احتجاجات مطالبة بالديمقراطية.
وفرض الاتحاد الأوروبي بالفعل عقوبات منها تجميد الأصول، وحظر سفر على الأسد ومسؤولين آخرين. واستهدف الشركات التي تتعامل مع الجيش بسبب الحملة التي تقول جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان إنها أدت إلى مقتل أكثر من 1500 مدني منذ بدء الاحتجاجات في آذار (مارس) الماضي. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج قبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في بروكسل ''الموقف مازال خطرا للغاية، بل يتدهور. يجب على الرئيس الأسد أن يطبق إصلاحات أو يتنحى''. واستطرد ''بالقطع سيكون هناك وقت لفرض مزيد من العقوبات ونحن في حاجة لأن نناقش الآن متى سيكون ذلك''.
وصرحت كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بأن موقف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حرج. واستطردت ''علينا مواصلة الضغط''. وتضغط الولايات المتحدة وفرنسا عضو الاتحاد الأوروبي من أجل فرض عقوبات أشد، واستصدار قرار من مجلس الأمن يدين حملة الأسد على المتظاهرين، لكن روسيا تعطل ذلك.
من جانبها، دانت فرنسا مرة أخرى أمس، أعمال العنف في سورية ودعت نظام الرئيس بشار الأسد إلى ''البدء دون تأخير في عملية انتقالية ديموقراطية'' في بلاده. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في بيان ''إن النظام السوري مسؤول منذ آذار (مارس) عن مقتل أكثر من 1500 مدني عبر اعتماده سياسة الهروب إلى الأمام من دون مخرج''.
وأضاف المتحدث أن ''أعمال العنف في سورية التي أوقعت من جديد عشرات القتلى في الأيام الأخيرة غير مقبولة''، و''تدين فرنسا مرة أخرى بأقسى العبارات استمرار التجاوزات ضد المتظاهرين المسالمين''.
وأكد المتحدث مجددا تأييد باريس فرض عقوبات إضافية على المسؤولين في النظام، وطالب بـ ''الإفراج الفوري عن كل السجناء'' وبينهم علي العبد الله المدافع عن الديموقراطية والذي أفرج عنه قبل بضعة أشهر فقط وأعيد سجنه أخيرا. وتشهد سورية منذ أربعة أشهر حركة احتجاج ضد نظام الرئيس بشار الأسد الذي رد بقمع دموي وأدى إلى توقيف أكثر من 12 ألف شخص ونزوح آلاف آخرين بحسب الناشطين في مجال حقوق الإنسان.
إلى ذلك، قال دبلوماسيون أمس، إن قطر سحبت سفيرها لدى سورية وأغلقت سفارتها بعد هجمات على مجمع السفارة شنها مؤيدون للرئيس السوري بشار الأسد. وأضافوا أن السفارة في حي أبو رمانة في دمشق أغلقت الأسبوع الماضي عندما تعرضت لهجوم مرتين.
في شآن آخر، منعت السلطات السورية دخول صحيفتي ''الأخبار'' و''السفير'' اللبنانيتين القريبتين من دمشق وحزب الله، إلى أراضيها بسبب الاستياء من تغطيتهما للأحداث الجارية في سورية، على ما ذكرت الصحيفتان أمس. وقال مسؤول في إدارة التحرير في صحيفة السفير طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس ''لقد أبلغنا بهذا القرار قبل يومين''. وأضاف ''تنشر صحيفتنا مقالات مع النظام السوري وضده، لكن يبدو أن هذا الأمر لم يعد يروق لهم بتاتا''.
وأوضح أن الصحيفة باتت ممنوعة تماما من دخول الأراضي السورية، سواء من خلال الأعداد التي تباع في الأسواق أو تلك التي ترسل مباشرة إلى المشتركين، فيما كانت السلطات تكتفي في الماضي بمنع توزيع الأعداد التي تحظرها الرقابة بسبب عدم رضاها عن مضمون معين.
كما ذكر المصدر أن مراسلة للصحيفة كانت دخلت الأراضي السورية أخيرا لتغطية الاحتجاجات، طردت من سورية ''لأسباب أمنية'' كما أبلغتها السلطات، علما أن مقالاتها كانت تصنف في خانة المؤيدة للسلطة إلى حد كبير. وأعلنت صحيفة الأخبار التي تنتهج خطا معاديا للسياسة الأمريكية وقريبا من حزب الله، أنها منعت هي الأخرى من التوزيع في الأراضي السورية. ودأبت الصحيفتان لدى بدء التحركات الاحتجاجية في سورية في منتصف آذار (مارس) الماضي، بشكل عام على التقليل من شأن الأحداث وتبنت في كثير من الأوقات الرواية الرسمية للسلطات السورية لجهة وجود ''مؤامرة'' و''عصابات أصولية مسلحة''. لكن مع تطور الأحداث واشتداد القمع، بدأ يتسع في الصحيفتين الهامش المعطى لأخبار المحتجين وآرائهم.