حقوق إنسان .. أم قفز على الأديان؟
تتكاثر منظمات حقوق الإنسان وتتعدد مشاربها وارتباطاتها السياسية، وهي منظمات وجمعيات أصبحت من الكثرة بحيث لا يمكن التفريق بين منظمة هدفها الدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة أخرى تقوم بدور مساند لسياسات دول وقوى وتنظيمات ذات أهداف سياسية.
وعديد من هذه المنظمات تعتمد في تقاريرها على ما يردها من ناشطين أو معارضين سياسيين، وغالباً تركز على الدول التي تتفاعل مع ما تنشره من بيانات، فتتابع أي حدث فيها مهما كان عابراً، في حين تغض الطرف عن انتهاكات جسام تجري في دول أخرى، رغم ما ينشر على مواقع اليوتيوب من صور صادمة لهذه الانتهاكات.
وإذا كانت معظم هيئات ومنظمات حقوق الإنسان لا تخلو من التسييس، إلا أن هناك منظمات تحمل طابعاً أبعد من ذلك، بحيث تتبنى قضايا تتصادم مع الشرائع السماوية، بل تتصادم مع الفطرة الإنسانية السليمة، وتبرز في مقدمة هذه المنظمات "منظمة العفو الدولية "، فهذه المنظمة التي تحتفل هذا العام بمرور 50 عاماً على إنشائها، تقف موقف المعارض والمناهض لعمليات الإعدام، وتسعى بكل جهدها لدفع الدول إلى إلغاء عقوبة الإعدام، وتنشر إحصاءات لما يجري من عمليات إعدام، دون تفريق بين إعدام مجرم حكم عليه الشرع أو القانون بالقصاص، وإعدام معارض سياسي دون محاكمة، كما تقود المنظمة حملة للسماح بعمليات الإجهاض، بل تعتبر زواج المثليين حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، وتدين وتناهض التشريعات التي تحول دون هذا الزواج.
جانب حقوق الإنسان كما قرره ديننا الإسلامي غائب عن الساحة، رغم ما يشكله المسلمون من نسبة كبيرة من سكان هذا العالم، ولهذا أصبح المسلمون تحت سطوة منظمات وجماعات حقوق الإنسان الغربية، التي تمارس ضغوطاً شديدة لفرض رؤيتها على دول العالم، بما فيه العالم الإسلامي، دون النظر إلى ما يشكله ذلك من تعارض واضح مع تعاليم الدين.
ما تقوم به هذه المنظمات لا يقابله رؤية إسلامية فاعلة لحقوق الإنسان، تُطرح بقوة من قبل منظمة إسلامية عالمية لحقوق الإنسان، تكون بعيدة عن التسييس أو الطائفية أو التحزب، وتتناول انتهاكات حقوق الإنسان من منظور إسلامي بحت، فتتابع الحالات، وتنشر التقارير، وتصل إلى وسائل الإعلام المختلفة بقوة ووضوح، وتواجه تلك المنظمات التي تنتقد إعدام قاتل أو مغتصب، في حين تتعامى عن مذابح تتعرض لها شعوب.
أعرف أن هذه المنظمة لو قامت لن تكون بقوة المنظمات الغربية، وأنه لو افترضنا وجود هذه المنظمة، ورأينا بياناتها تدين دولا تسمح بالزواج المثلي المتنافي مع جميع الشرائع السماوية، فلن ترتعد فرائص تلك الدول، لكن وجود هذه المنظمة مهم لتحقيق التوازن وإيجاد صوت يدافع عن حقوق الإنسان التي شرعها الله.