دولار ضعيف و«فائدة صفرية» ينذران بموجة تضخم جديدة في المملكة

دولار ضعيف و«فائدة صفرية» ينذران بموجة تضخم جديدة في المملكة
دولار ضعيف و«فائدة صفرية» ينذران بموجة تضخم جديدة في المملكة

حذر اقتصاديون ومحللون سعوديون من موجة تضخم جديدة قد تطول الاقتصاد السعودي، ويمكن أن تعيده للسيرة التي انتهجها خلال عامي 2008 و2009 عندما لامس مستوى التضخم في المملكة حينها حاجز 12 في المائة، وذلك بفعل إصرار أمريكا على إبقاء أسعار الفائدة عند مستوياتها الصفرية لعامين مقبلين، وإبقاء الدولار ضعيفا، إلا أنهم استبعدوا أن يبلغ التضخم المحلي تلك المستويات التاريخية.

وقال المحللون لـ''الاقتصادية'' إن التضخم يعود إلى الظهور الآن في مختلف أنحاء العالم رغم الأضرار التي تتعرض لها الأسواق الأوروبية ومساوئ الدين الأمريكي، خصوصا في اقتصادات الأسواق الناشئة كالصين والهند والبرازيل ودول الخليج، مشيرين إلى أن تلك الدول تستعد بالفعل لنوبة خطيرة من التضخم.

وحذر المشاركون في هذا التقرير من التراخي في التعامل مع هذه المشكلة لما يمكن أن تسببه من خطورة بالغة عندما يبلغ ذلك مرحلة ''التضخم المفرط''، موضحين أن التضخم الحالي والذي لم يتجاوز 4.8 في المائة يتسم بقاعدة أعرض مما يبدو في الظاهر، بفعل الزيادات السنوية في أسعار المواد الأولية بسبب السياسة النقدية الأمريكية وأسعار العقار المحلية.

وفي هذا الصدد قال لـ''الاقتصادية'' الدكتور عبد العزيز الغدير، محلل اقتصادي إن تمديد الفائدة الصفرية في أمريكا منح المضاربين في أسواق العالم موجة من التفاؤل والأذن للاستمرار في المضاربة على أسعار السلع الأولية، مبينا أن ذلك من شأنه أن يرفع أسعارها وأن يحدث ضغطا كبيرا على التضخم خصوصا في الأسواق الناشئة.

وزاد ''ارتفاع أسعار المواد الأولية سيكون له أثره البالغ في الدول الناشئة والتي لا تعاني ركودا اقتصاديا.. سيدعم ذلك مسار التضخم''.

ويؤكد الغدير أن السياسة الأمريكية المتبعة حاليا والمتمثلة في العمل على إبقاء الدولار ضعيفا تنذر بمزيد من المخاطر التضخمية على الاقتصاد السعودي والاقتصادات الناشئة بشكل عام، ويضيف ''أمريكا تقول للعامل سوف أستمر في الاقتراض دون دفع فوائد.. بمعنى آخر هي تقول شكرا على القرض الحسن لعامين إضافيين''.

وبين المحلل الاقتصادي أن الخيارات المتاحة أمام المملكة لمواجهة أي موجة تضخم جديدة هي خيارات محدودة للغاية، مشيرا إلى أنه قد لا يكون لدى مؤسسة النقد أو الجهات المعنية أي مرونة للتعامل مع هذا الأمر، فهناك فقط إمكانية التأثير على القطاع العقاري والإيجارات، وهي خيارات مكلفة وكذلك التعامل مع سلة عملات وذلك لن يحدث إلا عند بلوغ الأمر مرحلة ''التضخم المفرط'' الذي ينتج عنه قلاقل اجتماعية أو سياسية.

وتابع ''قد يكون الاقتصاد السعودي شبيها بالاقتصاد الألماني أو بعض الاقتصادات الأخرى القوية ولكنها متضررة بسبب سوء الآخرين..''.

#2#

تركي بن عبدالعزيز الحقيل، المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك السعودي الفرنسي، من ناحيته يقول إنه و نظرا إلى الضغوط الناجمة عن ارتفاع أسعار المساكن وتضخم أسعار الأغذية بنسبة 6.9 في المائة من مستويات العام الماضي وتضخم أسعار السلع والخدمات بنسبة 6.3 في المائة، لذلك أتوقع أن يصل متوسط معدل التضخم في السعودية إلى 5.6 في المائة في 2011 مقارنة بـ 5.3 في المائة في 2010، رغم أن متوسط نسبة التضخم في النصف الأول من عام 2011 وصل إلى 4.8 في المائة مقارنة بـ 4.9 في المائة في نفس الفترة في العام الماضي.

وتوقع الحقيل أن يصل حجم الإنفاق العام السعودي في العام الجاري إلى 842.4 مليار ريال سعودي، وهو ما يُمثّل مستوى جديدا المتوقع يتجاوز الميزانية العامة المعلنة للعام الجاري بنسبة 45 في المائة، مشيرا إلى أن ذلك يعد أعلى نسبة من نوعها في ثلاثة عقود.. وهذا ما لا شك فيه أن ينعكس على نسبة التضخم.

وأضاف ''ونظراً إلى السيولة الإضافية الضخمة التي ستُضَخّ في الاقتصاد السعودي، قد تزداد الضغوط التضخّمية، لا سيما في الأشهر الأخيرة من هذه السنة، الأمر الذي قد يرفع معدّل التضّخم العامّ في المملكة إلى 5.6 في المائة كما ذكرت''.

واستبعد المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك السعودي الفرنسي، أن يكون للأحداث الجارية في أمريكا مثل خفض التصنيف ومشاكل الديون السيادية في أوروبا تأثير كبير في الاقتصاد السعودي؛ حيث إن النمو يأتي من مستويات الإنفاق الحكومي المرتفع التي يمكن تحملها بكل سهولة.

وتابع ''نتوقع أن تسجل المملكة فائضا ماليا قدره 61.7 مليار ريال مع إنفاق قدره 842.4 مليار ريال مع أصول خارجية تقدر بأكثر من 470 مليار دولار''.

وقال ''التأثير قد يأتي من أسعار النفط حيث فهي حلقة الوصل بين الاقتصاديات العالمية والاقتصاد السعودي في الوقت الراهن.. حيث فقدت أسعار النفط نحو 14 في المائة من مستوياتها خلال الأسابيع الماضية، لكن مع كل هذا, تعتبر الأسعار الحالية مريحة جدا للاقتصاد السعودي لتجنب أي عجز مالي.

وكان مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة في المملكة قد سجل في حزيران (يونيو) 2011 ارتفاعاً مقارنة بنظيره من العام السابق بنسبة 4.7 في المائة بسبب الارتفاع الذي طرأ على سبع من المجموعات الرئيسة المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة في مؤشراتها القياسية. وأوضحت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في تقريرها الشهري حينها أن مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة لحزيران (يونيو) الماضي بلغ 134.2 نقطة مقابل 133.7 لشهر أيار (مايو) عام 2011. ويعكس ذلك ارتفاعاً في مؤشر شهر حزيران (يونيو) بنسبة 0.4 في المائة قياساً بمؤشر شهر أيار (مايو).

وعزت المصلحة ذلك إلى الارتفاع الذي شهدته أربع من المجموعات الرئيسة المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة في مؤشراتها القياسية وهي مجموعة الترميم والإيجار، والوقود والمياه، التي ارتفعت 1.0 في المائة، ومجموعة الأطعمة والمشروبات التي ارتفعت بنسبة 0.5 في المائة، إضافة إلى ارتفاع مجموعة التأثيث المنزلي بنسبة 0.3 في المائة ومجموعة التعليم والترويح بنسبة 0.1 في المائة.

الأكثر قراءة