حدود جديدة للخطر العالي والمكافأة العالية
توجد نظريات كثيرة تتحدث عن أفضل الطرق لإدارة محفظة من الأصول الخطرة، لكن ترجمة هذه النظريات إلى واقع عملي ليست سهلة جداً.
تقول الحكمة التقليدية إن طيفاً منوعاً من أصول الأسهم، في فئات مختلفة من الأصول وفي أسواق مختلفة، ينبغي أن يعطي عوائد عالية جداً لمحفظة أقل تنوعاً. لكننا نعرف الآن أن هذا ليس صحيحاً دائماً – وبخاصة في الأسواق التي تعاني مستويات عالية من الخوف. إن المستثمرين الخائفين يتصرفون كالقطيع ويبيعون طيفاً من الأصول المنوعة بغض النظر عن الأساسيات الجوهرية.
لقد دفعت ظاهرة الهروب من الخطر هذه البعض إلى أن يقترحوا طريقة بسيطة للتحول فيما بين الصناديق التي تسترشد بمؤشر ستاندار آند بورز 500 (الأصول الخطرة) وسندات الخزينة الأمريكية (الأصول الأقل خطورة) باستخدام التحليل الفني لتحديد متى يتم التحول، أي التحول من محفظة استثمارية تتسم بالخطورة إلى محفظة خالية من الخطورة. لكنني شخصياً لست متأكداً من إمكانية نجاح هذا مع معظم المستثمرين.
ويأتي هجوم آخر على النظرية التقليدية الخاصة بالمحافظ من البيوت الاستثمارية، مثل بيمكو، التي ترى أنه يتعين على المحافظ أن تعالج عوامل الخطر الأخرى، كالتضخم. ومرة أخرى، فإن هذه فكرة معقولة – لكن يصعب تطبيقها عملياً.
ثم هناك الذين يؤكدون أن الأمر كله يتعلق بدعم التوجهات ذات المدى الطويل مثل ''ذروة الإنتاج النفطي'' أو ''عصر الندرة'' لجيريمي جرانثام، الأمر الذي يعني الاستثمار في السلع خلال السنوات العشر أو العشرين التالية. لكن ثمة تناقض هنا، لأن هذه الحجة في جوهرها رهان ضد العبقرية البشرية وضد قدرة أسواق المال على توزيع رأس المال بشكل عقلاني.
وحتى لو كنت ترغب فعلاً في الوصول إلى هذه التوجهات طويلة المدى، فإنك كثيراً ما تجد نفسك مقتصراً على فئات الأصول السائلة. مثلا، إذا كنت تعتقد أن شركات التكنولوجيا ستستحوذ على نمو اقتصاد الكربون الأحفوري، فينبغي عليك أن تستثمر في رأس المال المغامر. إن الأسواق الناشئة توفر قدراً كبيراً من النمو أيضاً – لكن الأبحاث تظهر أن ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي لا يترجم دائماً إلى ارتفاع في أسعار الأسهم وتوزيعات الأرباح. وفي الحقيقة أن بعض النمو المدوي يأتي من الاستثمار في الشركات قبل أن تدرج للتداول في أسواق الأسهم المحلية.
ومما يدعو إلى السرور أن بعض أصحاب المشاريع يحاولون الآن تطوير منصات تسمح للأنواع المغامرة بالوصول إلى هذه الفرص في مراحلها المبكرة في أسواق التخوم. ففي إفريقيا بدأ الاستثمار في شركات الأسهم الخاصة وفي رأس المال المغامر يصبح بالفعل أكثر سهولة بفضل موقع هومسترينغر www.homestrings.com. إن هذا الموقع منصة استثمارية تستند إلى الإنترنت، ويوجد مقره في الولايات المتحدة، لكنه يعمل في المملكة المتحدة كذلك، وتسمح هذه المنصة للمستثمرين الأثرياء بالوصول إلى الفرص الاستثمارية في القطاع الخاص عبر القارة. وهو من بنات أفكار المستثمر في وول ستريت الذي ترعرع في غينيا، إريك فنسنت جيتشارد.
يقوم جيتشارد وهو أيضاً من قدامى العاملين في البنك الدولي، بإدارة شركة لإدارة الأصول يوجد مقرها في نيويورك وتدعى جرافيتاس، تستثمر أموال المؤسسات في الشركات الإفريقية. لكنه سرعان ما أدرك أن كثيراً من المهاجرين الأفارقة الذين يعيشون في الغرب يرغبون في السير على خطاه.
يقول الرئيس التنفيذي لموقع هومسترينغز: ''هناك 40 مليار دولار سنوياً من التحويلات التي تتدفق من الغرب إلى إفريقيا – وهذا الرقم ينمو بنسبة 15 في المائة في السنة''.
إن المهاجرين أو اللاجئين ليسوا المستثمرين الوحيدين الذي يضخون الأموال في سوق التخوم النهائية. فقد بدأ كثير من المكاتب العائلية – وهي الأذرع الاستثمارية للشركات العائلية – وبعض المؤسسات المغامرة، بالانتقال إلى سوق بلغت فيها العوائد على المستثمرين المتنورين نسبة عالية تصل من 15 إلى 20 في المائة سنوياً خلال العقد المنصرم.
تركز منصة هومسترنيغز الإلكترونية بصورة مبدئية على العمل مع مديري صناديق شركات الأسهم الخاصة مثل أكتيس، لكنها ستتفرع إلى مجموعات تقوم بجمع الأموال للشركات المشتركة بين القطاعين العام والخاص، والاستثمار مباشرة في برامج الدين السيادية.
من المفهوم أن يقتصر هذا على شديدي المغامرة الذين يُعتبرون أيضاً ''مستثمرين مؤهلين'' - أي قادرين على إظهار خبرة احترافية، بموجب أنظمة المملكة المتحدة. لكن الحد الأدنى للاستثمار من خلال هذه المنصة هو مبلغ خمسة آلاف جنيه استرليني، وهو مبلغ معقول.
إنني ما زلت أعتقد أنك ربما كنت بحاجة إلى بضعة مئات آلاف الجنيهات للوصول إلى كامل طيف الاستثمارات، وأن معظم المستثمرين ما زالوا يميلون إلى التركيز على الشركات المدرجة. لكن إذا كنت متأكداً من أنك تريد أن تتعرض في وقت مبكر لقصة النمو الإفريقي، فإن فكرة هومسترينغز تبدو مبادرة مرحباً بها وعملية.
إن الاستثمار في الشركات ذات النمو العالي قبل طرح أسمهما للاكتتاب العام الأولي يعتبر أمراً بالغ الأهمية على صعيد تحقيق الأرباح من الأسواق الناشئة والرخيصة. لكن قيام مستثمرين من القطاع الخاص بذلك يعتبر من شبه المستحيل. لقد سبق لهذا العمود أن اقترح استخدام صناديق أسواق التخوم، لذلك أجد بعض العزاء في حقيقة أن أداءها كان جيداً نوعاً ما في ظل التذبذب الأخير. وحسب شركة أدفانس إميرجنع كابيتال المختصة في صناديق التخوم: ''كانت أسواق التخوم أقل تأثراً، حيث انخفض مؤشر MSCI للأسواق بنسبة تزيد قليلاً على 5 في المائة منذ نهاية آب (أغسطس). ومن الواضح أن التقييمات الرخيصة إبان فترة التذبذب هذه وتراجع السيولة التي توفرها تسببت في عزلها لدرجة ما''. وبالنسبة إلي، فإن هذه الأسواق ما زالت معقولة، وبخاصة الأسواق الموجودة منها في إفريقيا – طالما استثمر المرء في الأصول الصحيحة.