مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية
منذ صدور الأمر الملكي الكريم بإنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة في مطلع جمادى الأول من العام الماضي استبشر الجميع بدخولنا منظومة الدول النووية التي تستخدمها للأغراض السلمية؛ إذ تواجه المملكة طلبًا متزايدًا للطاقة الكهربائية والمياه المحلاة سواء للاستخدامات السكانية أو الصناعية والتجارية. في ظل تناقض المخزون العالمي من النفط والمواد الهيدروكربونية الناضبة.
وقد وجد الأمر الملكي الكريم صدىً دوليًا إيجابيًا، إذ لا تخفى التوجهات السلمية للبرنامج النووي السعودي، ولذا فقد تسارعت الجهات الدولية تخطب ود القائمين على البرنامج للظفر بحصة في تنفيذه، كما عكس اختيار ثلاثة متخصصين ذوي تأهيل في هذا المجال، وعلى رأسهم الوزير السابق هاشم عبد الله يماني الذي يحمل درجتي الدكتوراه والماجستير من جامعة هارفرد العريقة، ويرفده متخصصان يحملان الدرجة العلمية ذاتها بالمرتبة الممتازة، وهو ما يعكس الاهتمام الفائق الذي توليه القيادة لهذا البرنامج الناشئ، ويؤكد غنى المملكة ليس بمواردها المالية فحسب، بل بأبنائها ذوي التأهيل العالي والخبرة العريقة الذين يشغلون مواقع وظيفية متعددة، كما سينضم إليهم طلائع الشباب السعودي الطموح والمؤهل، سواء من خريجي برنامج خادم الحرمين للابتعاث أو من خريجي الجامعات السعودية.
اليوم وقد مضت مدة زمنية ليست قليلة؛ فإننا لا نجد لهذا البرنامج أثرًا سواء من خلال موقع على شبكة الإنترنت أو الأخبار والتغطيات في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وهنا ينبغي أن نؤكد أن هذا المشروع ليس سرّيًا، وهذا الأمر واضح ومعلن، لذا كنا نتوقع إعلانًا أو إيجاد وسيلة لاستقبال طلبات الراغبين في الالتحاق بالعمل في هذا البرنامج، سواء من ذوي الخبرة في القطاعات الأخرى أو من الخريجين الجدد، كما نتوقع تنفيذ مسار خاص لمدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث؛ ليلبي الحاجات المتخصصة والدقيقة للمجالات الدراسية في جامعات عالمية محددة. كما نتوقع قريبًا أن نستبشر ببرنامج زمني محدد يتضمن بدء الإنشاءات وموعد انتهائها وتاريخ التشغيل التجريبي والإنتاج الفعلي للطاقة. وكل ذلك وأكثر منه ممكن إذا عرفنا حنكة القيادة في اختيار القائمين على هذا المشروع، إلا أن أخشى ما تخشاه أن تفت البيروقراطية لدى الجهات الحكومية في عضد القائمين على المشروع، وتمدد ما يمكن إنجازه في أسبوع إلى أشهر ويتأخر الإنجاز سنوات.
إننا في حاجة إلى برنامج عمل واضح ومعلن، يتضمن خطة إجرائية تشتمل على إطار زمني محدد لمراحل تنفيذ المشروع منذ اختيار الاستشاري وحتى بدء الإنتاج، كما يجب الكشف عن التخصصات الدراسية المطلوبة ليتوجه الطلاب لدراستها، وكذلك قائمة بكل الوظائف المتاحة ليتقدم لها المواطنون؛ إذ نتمنى أن يقتصر العمل في هذا المشروع على المواطنين السعوديين إلا في حالات استثنائية فيمكن الاستعانة بخبراء أجانب.