الفلكيون وخزعبلات زحل!!

لم تشهد الأمة الإسلامية توحدا في الصيام والإفطار مثل هذه السنة، حيث كان الصيام يوم 1 آب (أغسطس)، والعيد في 30 آب (أغسطس)، ولكن كثيرا من تصريحات من أدعو علمهم بأمور الفلك، مثل تصريح رئيس الجمعية السعودية للفلكيين، من أن عيدنا غير صحيح؛ لأنه مبني على رؤية غير صحيحة كما يدعي؛ لذا ومن باب الاختصار أود أن أذكر بعض النقاط والنصائح في الموضوع نفسه لعل فيها فائدة:
1) في يوم الإثنين 28 رمضان، صرح الباحث الفلكي محمد الروضان الشايعي لجريدة "الجزيرة" بأنه في الساعة 9:25 دقيقة من صباح يوم الإثنين، سوف يتحاذى القمر مع الشمس على خط طول 84.03 شرقا، وبالتحديد فوق مياه المحيط الهندي، وعند غروب الشمس عن منطقة الرياض يتأخر القمر عنها بمقدار أربع درجات ونصف الدرجة ويصبح هلالا يمكن رؤيته، حيث سيمكث نحو عشر دقائق بعد غروب الشمس، ويقع جنوب مغيب الشمس على بعد سبع درجات عرضية تقريبا، وعمره في تلك اللحظة 12 ساعة. هذا الكلام الموثق لم نسمعه مع الأسف من تلك الجمعية!
2) لدي قائمة حصلت عليها من أحد الأساتذة الأمريكان المهتم بالبيئة والفلك، فيها توقيت كامل لولادة القمر خلال جميع أشهر السنة الميلادية، فعلى سبيل المثال فإن ولادة القمر لشهر رمضان كانت في الساعة 18:54 في يوم 30 تموز (يوليو)؛ لذا لا يمكن رؤية الهلال في ذلك اليوم، وهذا ما حصل بالنسبة لخبراء رؤية الهلال، حيث شاهدوه في يوم 31 تموز (يوليو)، وكان يوم آب (1 أغسطس) هو أول أيام رمضان، أما في شهر شوال فيولد في يوم الإثنين الساعة 03:04 صباحا وسوف يرى الهلال في مساء نفس اليوم، وبناءً على تلك المعلومات الموثقة فإن جميع المراكز الإسلامية في أمريكا وكندا عيّدوا في يوم الثلاثاء 30 آب (أغسطس). فلا أدري ما رأي تلك الجمعية الموقرة؟
3) في الكثير من الدول الإسلامية وبناءً على حساباتهم المبنية على ميلاد الهلال، أجمعوا أن يوم الثلاثاء هو أول أيام عيد الأضحى، ففي تركيا لديهم الدقة العالية في تحري الشهر أعلنوا من بداية رمضان أن العيد سيكون يوم الثلاثاء، وحتى لا نذهب بعيدا، فتقويم أم القرى يعد من أدق التقويمات الإسلامية، نجده مطابقا في رؤية الهلال مع حسابات التقويمات الأخرى.
4) العجيب الغريب جدا في هذا الأمر، أن كوكب زحل والذي لم تتمكن مقربات (التلسكوب) الجمعية من مشاهدته، قد قدر أصحاب الرؤية المجردة من مشاهدته، هذه والله شهادة لهم من تلك الجمعية الموقرة على قوة ملاحظتهم، عندما ادعت أنهم شاهدوا زحل ولم يشاهدوا الهلال، حيث يعرف الداني والقاصي أن شكل زحل يختلف تماما عن الهلال، فالهلال يبدو للعين المجردة أكبر من زحل؛ لذا فرؤيته أسهل خصوصا، وهو ما أشار إليه الباحث الفلكي الشايعي وأكد أن الحسابات تدل على أنه يمكن رؤيته.
5) اشتهرت منطقة نجد منذ قديم الزمان بفن ومهارة رؤية الهلال، حيث تجد في كثير من قرى نجد وجود مرقب يستخدمه (الخبراء) في علم الفلك، بل إن بعضهم من شدة اهتمامهم بهذا الأمر لديهم ثقوب خاصة في البيوت، يتابعون من خلالها منازل القمر كل شهر. أتمنى ممن اعتبروا أنفسهم من المفتين في علم الفلك أن يقوموا بزيارة هؤلاء والتعرف على ما لديهم، فهم أشبه ما يكونون بالتراث الوطني، حيث يعتمد على رؤيتهم غالبية دول الخليج والعراق وغيرها من البلدان؛ لذا فالمفروض من الجمعية الموقرة أن تستثمر هذا الموروث وتطوره بالتقنية الحديثة.
6) مسألة أخرى لو أن المهتمين برؤية الهلال، لم يتمكنوا من رؤيته وأكمل الناس صيام الشهر، ما الذي يحصل؟ أنا متأكد أن الإخوة أصحاب الجمعية الفلكية سوف يفتون بأننا قد صمنا يوم عيدنا وأننا افترقنا عن الأمة الإسلامية! وأن أصحاب الرؤية من خلال العين المجردة، لم يتمكنوا من رؤية الهلال الذي يجب أن يرى في تلك الليلة.
7) أخيرا وليس آخرا، تعجب من المحطات الفضائية المنسوبة والممولة من هذا البلد، وكذلك بعض الصحف، ممن يسعى جادا في تضخيم الموضوع وإثارة البلبلة والتشكيك لدى العامة. فالكل يعلم أن قرار الصيام والأعياد، ليس قرارا سياسيا، أو أمر تستفيد من جهة دينية أو حزبية، بل هو أمانة وكل بها ولاة الأمر والمسؤولين، ويتحرون في ذلك ما يطمئن إليه عموم الناس في بدء شعيرة وعبادة مهمة، بعيدا عن التسييس والأيدولوجيات السياسية؛ لذا فإنه ومن منطلق مهنية الصحافة والإعلام، حبذا أخذ رأي فلكيين آخرين من طرفي الموضوع، حتى تكون الصورة أكثر وضوحا، وليس توظيف الخلاف للتشويش على الناس.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي