لألمانيا وأخواتها.. الحل في عملة شقيقة لليورو
لأني كنت من أوائل الذين ساندوا اليورو، أعتبر الآن أن ضلوعي في هذا الموضوع هو أكبر خطأ مهني ارتكبته. لكن لدي بالفعل حل للأزمة المتصاعدة.
هناك ثلاثة أسباب دفعتني إلى تغيير موقفي. الأول، أن السياسيين أخلفوا جميع وعود معاهدة ماستْرِخْت. فقد سُمِح بدخول اليونان إلى منطقة اليورو لأسباب سياسية. ليس هذا فحسب، لكن القاعدة الأساسية، التي تنص على أنه ''لا يجوز لأي بلد عضو أن يتجاوز العجز السنوي لميزانيته 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي''، خُرِقت أكثر من 100 مرة. ولم تُطبَّق الرسوم الإلزامية العقابية قط. وفوق هذا كله، مُسِحت الفقرة التي تنص على أنه ''لا يجوز الإنقاذ'' في أعقاب أول صفقة إنقاذ قُدِّمت إلى اليونان.
الثاني، أن اليورو ''المفصل على مقاس واحد يناسب جميع الأحجام'' تبين أنه عملة ''من مقاس واحد لا يناسب أي حجم''. ولأن من السهل الاستفادة من أسعار فائدة أدنى بكثير من المستويات الألمانية، تمكن السياسيون في اليونان من تكويم ديون هائلة. وكان البنك المركزي الإسباني يراقب تصاعد فقاعة العقارات دون أن يكون بمقدوره رفع أسعار الفائدة. ولأن بلدان ''الجنوب'' حرمت من قدرتها على تخفيض أسعار صرف عملاتها، فقدت هذه البلدان قدرتها التنافسية.
والثالث هو أن اليورو، بدلاً من توحيد أوروبا، يزيد من الاحتكاك بين البلدان. فالطلاب في أثينا، والعاطلون عن العمل في لشبونة، والمحتجون في مدريد، لا يشتكون فقط من إجراءات التقشف التي تتبعها حكومات بلادهم، وإنما يحتجون كذلك ضد مستشارة ألمانيا، أنجيلا ميركل. فضلاً عن ذلك، يعمل اليورو على توسيع الهوة بين البلدان الواقعة ضمن منطقة اليورو والبلدان الموجودة خارجها. وبطبيعة الحال، ستكون رومانيا سعيدة بالانضمام إليها، لكن هل يعتقد الجميع أن بريطانيا، أو السويد ستجد ما يجذبها للانضمام إلى ''اتحاد للتحويلات المالية''؟ في هذه الأثناء يعمل الاستياء من اليورو على جرجرة قبول الاتحاد الأوروبي نفسه.
وبدلاً من التصدي للأسباب الحقيقية، يصف السياسيون أدوية مضادة للألم. إن مريض اليورو يعاني من ثلاثة أمراض مستقلة: الأول، نتيجة للأزمة المالية كثير من البنوك لا تزال تعاني من عدم الاستقرار. والثاني، الآثار السلبية على القدرة التنافسية لبلدان ''الجنوب''، بما في ذلك بلجيكا وفرنسا، بفعل السعر المرتفع لليورو فوق قيمته الحقيقية. والأخير، المستوى الهائل من الديون المتراكمة على بعض بلدان منطقة اليورو. وسيكون من المضلِّل الادعاء بأن هناك طريقاً سهلاً للخروج. لكن يُعتَبر من عدم الإحساس بالمسؤولية أن يقال إنه لا توجد بدائل، لأن البدائل موجودة.
إن النتيجة النهائية للخطة الأصلية – ''الدفاع عن اليورو مهما كان الثمن'' – ستكون ضارة بجميع الأطراف. فقد أدت صفقات الإنقاذ إلى دخول اليورو في المسار الزلِق، المسمى انعدام الإحساس بالمسؤولية في اتحاد التحويلات المالية. وحين يكون كل بلد مسؤولاً عن ديون جميع البلدان الأخرى، فإن ذلك يعني أنه لا يوجد بلد مسؤول. وسيتركز التنافس بين السياسيين في منطقة اليورو على من الذي يستطيع الحصول على أكبر حصة على حساب الآخرين. والنتيجة واضحة: مزيد من الديون، وارتفاع التضخم، وتراجع مستويات المعيشة. ومن المؤكد أن القدرة التنافسية لمنطقة اليورو ستتراجع وراء المناطق الأخرى في العالم.
يرى جورج سورس، من باب الخطة الاحتياطية، أنه ''لا داعي للوقوع في الفوضى'' عند الإعلان عن إعسار اليونان وعجزها عن السداد، أو أن يؤدي ذلك إلى خروج اليونان من منطقة اليورو. لكن إعسار اليونان، أو خروجها من منطقة اليورو ينطوي على مخاطر عالية لا يمكن الإقدام عليها. أولاً، في أثينا، ثم في لشبونة، ثم في مدريد وروما، سيقتحم الناس البنوك بمجرد تسرب الأنباء عن ذلك. واللجوء إلى العملية المعروفة ''بالحلاقة''، أي إجراء حسم من القيمة السوقية للأوراق المالية ومخاطرها السوقية، لن يكون من شأنه تحسين القدرة التنافسية لليونان. إذ سرعان ما سيضطر اليونانيون للذهاب إلى الحلاق مرة أخرى. لكن لاحظ أننا نتكلم الآن كذلك عن البرتغال وإسبانيا وإيطاليا، وأخشى أننا سنتكلم خلال فترة قريبة عن فرنسا.
هذا هو السبب في أننا بحاجة إلى خطة بديلة عن الخطة الاحتياطية. تتلخص هذه الخطة في خروج النمسا وفنلندا وألمانيا وهولندا من منطقة اليورو وخلق عملة جديدة تُبقي اليورو في مكانه. إذا تم إعداد هذه الخطة وتنفيذها بعناية، فمن الممكن أن تحقق النفع وتفي بالغرض، لأن اليورو منخفض القيمة من شأنه تحسين القدرة التنافسية لبقية البلدان وتحفيز النمو الاقتصادي فيها. بالمقابل، ستتأثر الصادرات من بلدان ''الشمال''، لكن ستكون معدلات التضخم فيها متدنية. ومن الممكن أن تنضم بعض البلدان الموجودة خارج منطقة اليورو إلى هذا الاتحاد النقدي. وفي رأيي أن من الممكن أن تكون هناك عضوية مرنة بين الاتحادين، ويتوقف ذلك على الأداء.
ويتطلب تطبيق الخطة البديلة معالجة أربع مشاكل كامنة بصورة مستقلة. لا بد لنا من إنقاذ البنوك وليس البلدان. إن تثبيت استقرار البنوك على مستوى كل بلد ينبغي أن يحل محل المظلات الأوروبية الحالية. وفي كثير من الحالات، يتطلب هذا تأميماً مؤقتاً للبنوك. ثانياً، لا بد لألمانيا وشركائها في عملة جديدة التخلي عن قسم لا يستهان به من ضماناتها الرامية إلى المساعدة في إعادة تمويل اليونان والبرتغال والبلدان الأخرى. ولأن معظم هذه الأموال ضاعت وانتهى الأمر، يعتبر هذا سعراً مقبولاً لشراء ''تذكرة الخروج''. ثالثاً، لا بد أن يكون هناك بنك مركزي أوروبي جديد يقوم على نسق البنك المركزي الألماني، ويفضل ألا يتولى إدارته شخص ألماني. وينبغي ألا يطلق على العملة الجديدة ''المارك الألماني''. رابعاً، ستكون آليات الدخول شبيهة بالآليات اللازمة لدخول منطقة اليورو. لاحظ أنه طالما كان من الممكن تشكيل عملة واحدة بين 17 عملة، يُفترَض أن يكون من الممكن كذلك تشكيل عملتين من عملة واحدة.
لن تكون هذه الخطة سهلة، لكننا بحاجة إلى التركيز على إنقاذ أوروبا، وليس إنقاذ اليورو. وهذا يتطلب إيماناً قوياً وشجاعة فائقة من ميركل. والمفارقة أن العون يمكن أن يأتي من الجنوب، حيث أخذ الناخبون يشعرون بالملل من محاضراتها حول ما ينبغي عمله. وبالنسبة للشمال وللجنوب، نهاية المصاعب أفضل من مصاعب بلا نهاية.
الكاتب الرئيس السابق لاتحاد الصناعات الألمانية، وانضم إلى أكثر من 50 من زعماء الأعمال الآخرين في تحد قانوني للمحكمة الدستورية الألمانية ضد صفقة الإنقاذ المقدمة إلى اليونان.