البطالة في دول الخليج.. الصدود عن الحلول الاستراتيجية يعجّل بانفجارها
أدت تداعيات الأزمة المالية العالمية وتفاقم أزمة البطالة في عدد من الدول وما صاحبه من تسريح للموظفين طال أكبر قطاعات العمل العالمية، إلى وجوب إعادة النظر في السياسات الخاصة بتنمية الموارد البشرية وإيجاد حلول باستطاعتها استيعاب الطلب الكبير للوظائف من قبل طالبي العمل.
وباعتبار العولمة والانفتاح الاقتصادي أبرز عناوين العصر الحديث فإن التكامل الاقتصادي بين الدول أضحى حاجة استراتيجية ملحة يفرضها النمط العالمي الموجود المتمثل في الكيانات والتكتلات الاقتصادية الدولية التي تكاد تبرز كحلول وحيدة لأزمة البطالة التي نعيشها.
دول الخليج العربي كغيرها من مناطق العالم تمر بمشكلات اقتصادية عدة تكاد تكون البطالة أبرزها على الإطلاق. ولعل المؤثرين القويين اللذين يزيدان من تفاقم هذه المشكلة هما زيادة النمو السكاني المستمر الذي يعتبر الأعلى في العالم، حيث يبلغ من 3 إلى 5.3 في المائة سنويا، وسيطرة العمالة الأجنبية على أغلبية الوظائف والمهن المتاحة.
وفي حين من المفترض أن تقابل النمو السكاني زيادة مماثلة في الفرص الوظيفية نجد أن سوق العمل الخليجية لا تسير وفق هذا المنطق، حيث يزيد استقدام العمالة الوافدة مع الزيادة الخطيرة لنسب البطالة. ورغم الحلول التي قامت بها بعض وزارات العمل في الخليج لمواجهة خطر البطالة، إلا أن أيا منها لم يسهم في معالجتها آنيا أو حتى رسم طريق واضح للمعالجة الجذرية مستقبلا، يستثنى من ذلك النشوة التي تعيشها سوق العمل السعودية جراء إقرار نظام ''نطاقات''، الذي يرى فيه بعض المتخصصين أنه سيكون علاجا شافيا وحازما لمشكلة البطالة.
ورغم اشتراك الدول الخليجية في عدد من النقاط الرئيسة التي من الممكن أن تكون أساسا قويا وسببا رئيسا لنجاح مشروع الشراكة أو التكامل في التنمية البشرية، وأقصد بذلك اللغة والثقافة الاجتماعية والدين، إلا أن العمل المشترك في هذا الإطار التنموي لم يصل إلى مستوى الحدث الذي نعيشه في الحقبة الزمنية الحالية، التي يبرز فيها التغيير على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
نسبة البطالة في الدول الخليجية
من الواجب هنا أن نشير إلى أن الأرقام والإحصائيات الخاصة بنسب البطالة في الدول الخليجية متأرجحة ولا يمكن التنبؤ بصحتها لأسباب عدة، أهمها تهاون الجهات المسؤولة في الكشف عن البطالة الحقيقة لأسباب تتعلق بتقييم أدائها وخططها ومحاولة التنصل من هذا الملف، الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحمله أي وزارة خليجية وحدها لأسباب تتعلق بتقليدية المقترحات والحلول وبيروقراطية العمل التي تسير عليها. لكن ضبابية تلك النسب والأرقام يجب ألا تكون حاجزا نقف أمامه دون تناول قضية البطالة وتقديم بعض المقترحات والحلول بناءً على عينة مما تنشره الجهات ذات العلاقة عن مستويات البطالة.
في المملكة قدرت نسبة البطالة بـ10.5 في المائة - بلغت بين الذكور 6.9 في المائة وبين الإناث .28.4 في المائة - وإذا ما تطرقنا إلى الحلول التي قامت بها المملكة لمواجهة البطالة فإننا نجد الخلل كبيرا ويكمن في بلوغ إيرادات إحدى أهم الجهات المستقلة والموضوعة لمواجهة أزمة البطالة ودعم السياسات الرامية إلى سعودة الوظائف ملياري ريال، لكن صندوق تنمية الموارد البشرية يقر ويصرح بأن ذلك المبلغ لا يدعمه وجود استراتيجية وطنية واضحة لتنمية الموارد البشرية (صحيفة ''الرياض'' 14 مارس 2009)، ورغم التركيز الواضح في التجربة السعودية على دعم رواتب السعوديين في القطاع الخاص من خلال سياسة الصندوق المتدرجة في الدعم إلى أن التجربة وقفت أمام مشكلتي التسرب الوظيفي وعدم التزام منشآت القطاع الخاص ببنود اتفاقيات الدعم الموقعة مع الصندوق.
وإذا ما تناولنا أهم السلبيات في تجربة التوطين السعودية فإننا نجد أولاها تتمحور في اللوم المستمر لمنشآت القطاع الخاص في الدور الذي يلعبه في مكافحة البطالة، في حين أن جزءا من مشكلة البطالة يتحملها طالب العمل من خلال عزوفه عن بعض المهن وتنقلاته بين الوظائف في فترات متقاربة، إضافة إلى عدم التزامه بأنظمة العمل والعمال فيما يخص آليات الاستقالة وترك العمل. وإذا ما اعتبرنا أن سياسة التوطين في السعودية بدأت مع القرار رقم 50 بتاريخ 21/4/1415هـ فإننا أمام تجربة يقارب عمرها 17 عاما، وهو ما يعني وجوب الالتفات إلى فئة طالبي العمل وسن بعض الأنظمة والقوانين التي من شانها أن تكافح حالة ''اللامبالاة'' تجاه الفرص الوظيفية وحفظ حقوق القطاع الخاص من الضرر الواقع على خطوط الإنتاج في بيئات العمل، ولعل إقرار ما تسمى ''القوائم السوداء'' لطالبي العمل سيحد ويقلل من تلك الفوضى التي تؤثر كثيرا في تركيبة سوق العمل السعودية.
في الكويت تكاد نسبة البطالة في حدود السيطرة، فقد بلغت 6 في المائة عام 2009، لكن هذه النسبة الرسمية لا تجد قبولا لدى بعض خبراء التنمية البشرية باعتبار أن البطالة تتجاوز ذلك الرقم.
ولعل التجربة الكويتية في البطالة مشهد منسوخ من التجربة السعودية، لكنه متأخر عنها بعض الشيء، ما أقصده هو وجود نحو 60 ألف موظف وموظفة غير كويتيين في القطاع الحكومي؛ ما يجعل هناك إجراء قد يتخذ بإحلال تدريجي لعدد 60 ألف مواطن ومواطنة كويتيين، هذا الإحلال سيعطي سوق العمل الكويتية ''فرصة أخرى'' للتعامل مع قضية البطالة. لكن هذا الحل سيكون وقتيا، خصوصا إذا ما علمنا أن قطاع التعليم في الكويت يسهم في دخول نحو 27 ألف خريج وخريجة سنويا لسوق العمل. وهو ما يعني أن المرحلة القادمة لسوق العمل الكويتية ستشهد تكدسا كبيرا لطالبي العمل الكويتيين يواجهه نمو غير كاف في خلق فرص العمل. وبالنظر إلى الحلول المقترحة لمواجهة البطالة في سوق العمل الكويتي نجد أن أول المقترحات يتمثل في إعادة النظر في التشريعات التي شوهت السوق وخلقت سوقا موازية للتوظيف الوهمي، ويقصد بذلك الاستغلال الخاطئ أو التلاعب الذي تعمد إليه بعض القطاعات الخاصة فيما يخص الدعم المالي الذي تقدمه الدولة لتوظيف العمالة الوطنية.
في البحرين ظلت نسبة البطالة لفترة من الزمن في حدود 4 في المائة، لكن هذه النسبة أيضا لا تجد دائما قبولا لدى المتخصصين في التنمية البشرية في البحرين، حيث يعتبر الكثيرون أن هذه النسبة لا تعبر عن واقع البطالة. وخلاصة القول في وضع البطالة في البحرين أن الأسباب الرئيسة التي تسهم في تفاقم البطالة هي عدم وجود فرص العمل أو خلقها بالتوازي مع عدد الداخلين الجدد من المواطنين لسوق العمل، كما أن عدد العمالة الأجنبية في البحرين - تقدر نسبتها في القطاع الخاص بنحو 81 في المائة من القوى العاملة و11.5 في المائة في القطاع العام - يسهم في تضييق الفرص الوظيفية التي قد تتاح للمواطنين.
وفي قطر - الدولة التي تبلغ مشاركة عمالتها الوطنية في إجمالي قوة العمل أقل من (8 في المائة)، وتزيد نسبة مشاركة العمالة الوافدة على 92 في المائة من إجمالي قوة العمل يكاد تحوي سوق العمل هناك أقل نسبة للبطالة في دول الخليج بل تتجاوز ذلك لتصبح الأقل في الشرق الأوسط بنحو 0.3 في المائة، ولعل العدد السكاني والنمو الاقتصادي اللذين تشهدهما قطر يساعدان كثيرا على ابتعادها عن شبح البطالة لفترة من الزمن. وتعيش قطر حتى عام 2011 تعيينات طالبي العمل ضمن الوظائف الحكومية، ورغم الوضع المثالي الذي تشهده قطر، إلا أن ذلك لم يمنعها من استحداث سياسة ''التقطير''، وهي عملية إدماج المواطنين وبمختلف المؤهلات والتخصصات في سوق العمل. ونستطيع القول إن سياسة التقطير التي اتبعتها قطر تأتي كخطوة استباقية مبكرة لمعضلة البطالة التي لا يستبعد الخبراء أن تطول هذا البلد بسبب النمو السكاني الذي يعتبر من أعلى المعدلات عالميا، حيث شهدت نمو سكانيا يقدر بـ16.1 في المائة خلال الفترة من 2004 -2008.
وفي الإمارات الدولة التي تواجه تغييرا ديمغرافيا خطيرا - يعبر عنه قائد عام شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان بـ''الورطة'' ويزيد بوصف الخطر التي تعيشه دول الخليج بـ''تآكل المواطنين الخليجيين''- بلغت نسبة البطالة بحسب هيئة تنمية الموارد البشرية في الإمارات 13 في المائة بوجود نحو 21 ألف مواطن عاطل عن العمل. ورغم أن البعض من الاقتصاديين يعتبر البطالة في الإمارات بطالة اختيارية لأسباب تتعلق بالرفاهية التي يعيشها طالب العمل الإماراتي، إلا أن تأكيد ذلك تنقصه الدراسة والبحث.
وفي عمان تبلغ البطالة نسبة 12 في المائة، كما تبلغ نسبة العاملين في القطاع الخاص من العمانيين 30 في المائة فقط، وهو ما يعني وجود فرص عمل وفيرة للمواطنين، لكنها تبدو بأجور ضعيفة، الأمر الذي يسبب منافسة العمالة الوافدة للمواطنين في هذه الوظائف. لكن الحق أن السلطنة عملت كباقي دول الخليج على مواجهة البطالة ببرامج الدعم، فقد أنشأت صندوق ''سند'' بهدف توطين الوظائف، كما يسهم الصندوق، إضافة إلى ذلك في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة. لكن ''التعمين'' في عمان يواجه الخطورة الكامنة في دخول نحو 50 ألف مواطن لسوق العمل سنويا، وهو ما يضع القطاعات الحكومية والخاصة أمام مهمة صعبة في استيعابهم.
وأمام هذا الملخص البسيط لقضية البطالة في دول الخليج يجب الاعتراف بأننا أمام مشكلة لا تقبل أنصاف الحلول، كما أنها مشكلة تتضخم مع مرور الزمن ولا تتجاوب - على المدى البعيد - مع الحلول الآنية أو التخديرية. الأمر الآخر في هذه القضية هو تشابه المشكلات التي تفرز البطالة في دول الخليج وهي الاستقدام المفتوح وغير المقنن للعمالة الوافدة، الدخول السنوي لأعداد كبيرة لسوق العمل من المواطنين، ومنافسة العمالة الوافدة بأسعارها الرخيصة للعمالة الوطنية. هذه المسببات المتشابهة للبطالة في الدول الخليجية تجعل التوحد مطلوبا في مواجهة هذا الخطر.
العمالة الوافدة في الخليج ..
الهوية أيضا في خطر
عند الحديث عن البطالة بلغة الجمع في الدول الخليجية فإن العدد الكبير للعمالة الوافدة يجعلنا نتجاوز هذا المحور - البطالة - إلى ما هو أكبر وأخطر من ذلك، ونقصد بذلك الخطر الداهم الذي يواجه الهوية الخليجية.
يكفي أن نعلم ببلوغ عدد العمالة الوافدة في الدول الخليجية عام 2005، 12 مليون عامل وفي عام 2009 قفز العدد إلى 16 مليون عامل. تراوح جنسيات هذه العمالة بين 70 و120 جنسية وتتكلم نحو 50 لغة ولديها 600 مدرسة خاصة بجالياتها. كل هذه الأرقام المخيفة والمؤثرة في الجانب الديمغرافي في دول الخليج تأتي على الرغم من مرور سنوات على السياسات المعلنة لدول الخليج للسيطرة على حجم العمالة الأجنبية، وهو ما يعني صراحة عدم جدوى السياسات المتخذة في هذا الإطار.
ورغم الجهود وتحمل التكاليف الباهظة التي دفعتها الدول الخليجية لمعالجة البطالة، إلا أن تلك الحلول لا تتعدى أن تكون حلولا ترقيعية، وكان مصيرها مزيدا من الاضطراب المتزايد في تركيبة سوق العمل، فمخرجات التعليم ونسبة البطالة منذ سنوات عدة في تزايد مستمر، وتقابل كل ذلك زيادة مفرطة في جلب العمالة الوافدة، ولعل هذه الناحية تكفي للقول والاستدلال بأن الحلول المطروحة لا تتواكب ولا تصل إلى مستوى الحدث الذي نعيشه، بل هي متأخرة كثيرا وتأتي نتائجها في كثير من الأحيان لتزيد وتكرس ألم البطالة ببعديها الاقتصادي والاجتماعي.
أهمية التكامل الخليجي في تنمية الموارد البشرية
قبل كل شيء يجب أن نشدد ونؤكد أن التكامل الخليجي في تنمية الموارد البشرية أضحى حاجة ضرورية وملحة الآن أكثر من أي وقت مضى ويجب أن ينطلق مفهوم هذا التكامل من نقاط عدة، أبرزها العمل على إيجاد قواعد لمعلومات سوق العمل تكون متاحة لجميع قطاعات العمل الخليجية. ولعل عدم توافر المعلومة لا يقف فقط أمام تكامل خليجي في تنمية الموارد البشرية، بل يقف أمام أي حلول مقترحة لمعالجة البطالة.
وبناءً على هذا التكامل يجب أن تتعامل الدول الخليجية مع ذاتها ككتلة واحدة وأن تنظر إلى البطالة ونسبتها وطرق معالجتها ضمن هذا الإطار. هناك عدد من الخطوات التي من المفترض أن تأتي تحت هذا التكامل، أهمها على الإطلاق توحيد برامج ومناهج التدريب التقني والمهني واستحداث الأنظمة والآليات المناسبة للاختبارات المهنية، إضافة إلى ذلك من المهم أن تتفق الدول الخليجية على آلية محددة لاستقدام العمالة الأجنبية تميل هذه الآلية إلى التقنين من الاستقدام، فوجود هذا العدد الكبير للعمالة الوافدة من شأنه منع اختراق العمالة الوطنية للوظائف. كما أن من المهم في الإطار التنظيمي أن يشمل العاملون الخليجيون بنظام التأمينات في البلدان التي يعملون فيها.
تنقل العمالة الخليجية بين بلدانها
إن التكامل يجب أن يكون مطمعا للدول الخليجية لسبب رئيس هو تماثل هذه الدول في الدين واللغة والثقافة، وهو ما يسهم في دفع عجلة التكامل نحو النجاح. ويجب علينا في هذا الإطار الإشارة إلى أن موضوع تنقل العمالة الخليجية بين دولها هدف رئيس لهذا التكامل وللتقليل من نسبة البطالة فالتنقل له عدد من الإيجابيات، أولها توسيع سوق العمل الخليجية وخلق فرص العمل. لكن هذا المقترح الإيجابي يقف أمام تطبيقه غياب المعلومات المهمة بين أسواق العمل، كما أن ارتباط المواطن الخليجي بأسرته ومجتمعه ووطنه يقف عائقا أيضا أمام تنقله لوظيفة خارج وطنه. ويوضح الجدول المرفق أحدث الإحصائيات لعدد العمالة الخليجية المتنقلين بين دول الخليج.
ومن خلال الجدول الذي يوضح أعداد العمالة المتنقلة بين الدول الخليجية نجد أن التنقل لا يمثل أساسا في التوظيف في تلك الدول لأسباب ذكرناها سابقا. ومن الملاحظ في الجدول أن الإمارات تعتبر أكثر الدول قصدا من مواطني دول الخليج، حيث يقصدها 4814 مواطنا خليجيا، كما أن أكبر عدد لتنقل العاملين بين الدول كان بين السعودية والكويت بنحو 12661 عاملا. ويعتبر الرقم الإجمالي لتنقل العمالة الخليجية لا يتناسب مع الأرقام والنسب الخاصة في البطالة، كما أن التنقل لم يستغل اقتصاديا لتقليل نسبة البطالة في دول المجلس.
ورغم أهمية التنقل في خلق فرص العمل لأسباب تتعلق بتنوع طالبي العمل واختلاف أهدافهم تجاه الرواتب والمميزات، إلا أن الحديث عن تنقل العمالة الخليجية بين دولها يعتبر حديثا نسبيا، وهو ما يفسر لنا ندرة الدراسات التي تتناول هذا الموضوع. لكنه قد يكون مع ذلك خيارا مهما في المستقبل القريب.
التدريب التقني أحد حلول البطالة
عند الحديث عن البطالة يذهب بعض المسؤولين والمتخصصين في دول الخليج إلى اعتبار أعداد العمالة الأجنبية كاملة هي عبارة عن فرص وظيفية شاغرة، وهذا القول أو الرأي مجانب للصواب لسبب رئيس هو أن عددا كبيرا من المهن التي يعمل بها هؤلاء العاملون لا تعتبر هدفا لطالب العمل الخليجي على مدى سنوات قادمة، بل إن الأعراف والعادات الاجتماعية تقف صدا منيعا أمام أي اختراق للعمالة الخليجية لهذه الوظائف أقصد وظائف عامل النظافة، الخادمة المنزلية، وغيرها. ويكفي أن نعلم بأن عدد العاملات في مهنة خادمة منزلية في السعودية وحدها قد بلغ مليونا ونصف المليون ومن الصعوبة بمكان أن يعد هذا النوع من الوظائف هدفا لطالبي العمل على الأمد القريب.
برامج التدريب التقني والمهني في الخليج تمثل أحد الحلول المجدية لمشكلة البطالة. فنسبة كبيرة من العمالة الأجنبية في الدول الخليجية هي عمالة فنية أو تقنية، والملاحظ أن أغلبية هذه العمالة تتدرب في التخصصات التي تعمل فيها بعد مجيئها، بمعنى أنها لا تملك تأهيلا مهنيا يوازي التأهيل التي تملكه مخرجات التدريب التقني والمهني في الخليج، التي تمارس تدريباتها وتطبيقاتها على أحدث الأجهزة والمعدات وفق أنظمة أكاديمية ومهنية تتناسب مع المهن المعروضة في سوق العمل، وهو ما نستطيع أن نعتبره ردا على بعض الآراء التي يقول بها أصحاب العمل ممن يعتبرون تأهيل الشباب الخليجي - خريجي برامج التدريب التقني - دون المستوى.
وفي هذا الإطار أستطيع القول إن برامج ومخرجات التدريب التقني في الخليج تعتبر مثالية إلى حد كبير، لكن محور النقاش الدائر في وسائل الإعلام حول ضعف تلك المخرجات قد لا يكون مرده التأهيل المهني والتقني نفسه بقدر ما يمكن أن نعتبره عوامل ثقافية واجتماعية أخرى تخص تكوين الشاب وأسرته والمجتمع الكبير ونظرته إلى العمل وطبيعته، وقبل ذلك حاجته إليه وقابليته.
خلاصة القول
إن نظرة الدول الخليجية نحو البطالة يجب أن تنطلق من اعتبار رصد المعلومات، تقنين الاستقدام، التكامل في سياسات التنمية البشرية بين الدول، ودعم برامج التدريب التقني، من أهم الحلول الاستراتيجية لبداية سياسة تقليل نسب البطالة.
إن عاقبة التأخير في تطبيق الحلول ستكون وخيمة أمام الأعداد الكبيرة الداخلة لسوق العمل الخليجية سنويا، وهو ما يجعلنا نؤكد أن ما نفكر في تطبيقه اليوم سيكون من الصعب إنجازه إذا تم تأجيله للغد.