قادة التقنية الطموحون يدعون إلى ثقة عمياء طويلة الأجل

قادة التقنية الطموحون يدعون إلى ثقة عمياء طويلة الأجل

لم يشعر جيف بيزوس، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، بالحرج من السخرية من ''وول ستريت'' حتى قبل أن يتم تقدير حصته الشخصية في الشركة بسعر مرتفع للغاية. ولكن منذ انهيار شركات الإنترنت- حين تم توبيخ شركته بسبب إنفاق المال بشكل مفرط على الاندفاع المتهور للنمو - حتى التحرك الأخير إلى الحوسبة السحابية، تلقى بيزوس نصيبه من الضربات.
وردا على سؤال في اجتماع المساهمين السنوي في الشهر الماضي، لخص فلسفته على هذا النحو: ''نحن على استعداد لأن يُساء فهمنا لفترات طويلة من الوقت''. وقال: إن المهم هو ألا يتمكن النقاد من إبعادك عن خطك المرسوم: ''جزء كبير من الحكاية التي نرويها لأنفسنا بخصوص ماهيتنا هو أننا على استعداد للابتكار. نحن على استعداد للتفكير طويل الأمد''.
من الأسهل قول هذا حين تكون تتمتع بالنجاح. خذ مثلا مايك لازارديس وجيم بالسيلي، الرئيسين التنفيذيين المشاركين لشركة ريسيرتش إن موشن التي تصنع أجهزة البلاك بيري. فقد حاولا تقديم دفاع مماثل يقوم على فكرة ''فقط ثقوا بنا'' في الآونة الأخيرة عند الإعلان عن آخر نتائج سيئة للشركة، وأسكتهما انخفاض أسهم الشركة بنسبة 21 في المائة.
تمس تعليقات بيزوس معضلة كبيرة للمستثمرين في شركات التقنية. كيف تضع إصبعك على الشركات التي لها رؤية حقيقية وقدرة على البقاء لفترة طويلة لإيجاد أسواق جديدة؟
وأصبح هذا السؤال أكثر إلحاحا مع وصول مجموعة جديدة من شركات التقنية في الأسواق العامة، كل منها لديه طموحات كبيرة، وفي بعض الحالات، خسائر كبيرة. انظر إلى أوجه الشبه بين ''أمازون'' في أيامها الأولى وشركة جروبون. فقد بدأت ''أمازون'' ببيع الكتب وأنشأت منصة على الإنترنت ونظام توزيع مكلفا بهدف الانتشار في جميع أنحاء هذا المجال. وكان من شأن هذه الاستراتيجية إحداث ''خسائر تشغيلية كبيرة'' ''من شأنها أن تزيد بشكل كبير عن المستويات الحالية''، كما حذرت الشركة في وقت إدراج أسهمها في السوق.
ولم تكن تمزح. فبحلول عام 2000، بعد ثلاث سنوات من الإدراج، تكبدت خسارة تبلغ 1.4 مليار دولار على عوائد بلغت 2.76 مليار دولار. وبعد أن كاد ينفد صبر بعض المستثمرين، حققت الأرباح أخيرا في عام 2003.
''جروبون''، التي بدأت ببيع ''صفقاتها اليومية'' على الإنترنت، تسير على مسار مماثل، حيث تبني لنفسها منصة طموحة بالقدر نفسه على الإنترنت. ''وستزيد التكاليف على نحو لا يستهان به'' مع اتساع نطاق منتجاتها، وحجم منصتها التقنية، وقوة مبيعاتها، كما حذرت في نشرة إصدار الاكتتاب. وبالنظر إلى كونها بدأت من خسارة العام الماضي تبلغ 400 مليون دولار، يجفل المرء من التفكير بنوع الخسارة التي قد تتكبدها في المستقبل.
كيف تميز إذن الشركة التي تسير على مسار تدمير القيمة من الشركة التي لديها الرؤية والانضباط للنجاح؟ وبالنظر إلى الإغراءات الواضحة للحصول على الأرباح في الأوقات الجيدة، كيف تميز بين الرؤساء التنفيذيين العازمين على إثراء أنفسهم وبين أولئك الذين لديهم القدرة على البقاء لفترة طويلة؟
مكافآت الرؤساء التنفيذيين ليست سوى جزء من الصورة، ولكنه جزء مليء بالعبر. تزعم ''أمازون'' أن منح الرؤساء التنفيذيين 95 في المائة من رواتبهم على شكل أسهم يشجعهم على التركيز على قيمة المساهمين على المدى الطويل.
هذه الحجة غير مقبولة بصورة عامة. وفي كتابه الأخير ''إصلاح اللعبة Fixing the Game''، يقول روجر مارتن، عميد كلية روتمان للإدارة في جامعة تورنتو الكندية: إن المكافآت المستندة إلى الأسهم أعطت الرؤساء التنفيذيين الكثير من الحوافز للتلاعب بالنظام عن طريق رفع التوقعات بدلا من إيجاد قيمة حقيقية.
إلا أن الكثير يعتمد على طريقة فعل ذلك. فلم يتم أبدا إعطاء بيزوس مكافآت تستند إلى الأسهم من قبل ''أمازون''، ومنذ انهيار شركات الإنترنت منحت الشركة رؤسائها التنفيذيين الآخرين أسهما مقيدة، وليس خيارات الأسهم التي قد تبدو مثل رهان على ارتفاع قيمة الأسهم. وباع بيزوس عددا كبيرا من الأسهم - ولكن عن طريق الحفاظ على نهجه طويل الأمد، تطلب منه الأمر أكثر من عشر سنوات لتخفيض حصته من 41 في المائة إلى ما دون الـ20 في المائة.
ومن ناحية أخرى، تبدأ ''جروبون'' بعلامة سوداء ضدها حتى قبل أن تصل إلى ''وول ستريت''. فقد تم بالفعل استخدام نحو 942 مليون دولار من مبلغ 1.1 مليار دولار الذي جمعته من القطاع الخاص لمكافأة أوائل المستثمرين - وهذا بالنسبة لشركة تعمل منذ عامين فقط.
وبطبيعة الحال، فإن المال هو جزء فقط من هذا. فالثقافة التي يوجدها رئيس تنفيذي مثل بيزوس هي الشيء الذي يحدد في النهاية فيما إذا كان الآخرون في الشركة سيركزون حقا على المدى الطويل، وهذا شيء يصعب على أولئك خارج اللعبة تقييمه.
وكما قال بيزوس للمساهمين: شركات التقنية التي تفشل في اختيار موقع لنفسها للدخول إلى أسواق جديدة ستضطر إلى إجراء مراهنات خطيرة للحاق بالركب.
وبالنسبة للرئيسين التنفيذيين المشاركين لشركة ريسيرتش إن موشن، اللذَين فعلا الكثير لإطلاق ثورة الهواتف الذكية ولكنهما يسارعان الآن متأخرين للحاق بركب أحدث التطورات التقنية، لا شك أن هذا الوصف ينطبق على الشركة إلى حد كبير غير مريح.

الأكثر قراءة