الصرافة والزمزمة مهنتان يتوارثهما المكيون من جيل إلى جيل

الصرافة والزمزمة مهنتان يتوارثهما المكيون من جيل إلى جيل

الصرافة وتوفير ماء زمزم للحجاج مهنتان تتوارثهما عائلات مكية من جيل إلى آخر مع فارق أساسي بينهما، حيث تحقق الأولى أرباحا كبيرة نتيجة تغيير العملات مع توافد نحو مليوني شخص من الخارج، فيما تقدم الثانية مجانا.
ويقول عادل الملطاني شيخ الصرافين في مكة لوكالة الأنباء الفرنسية: أحرص على توريث مهنتي لابنائي من بعدي ولن أفرط فيها أبدا''، مشيرا إلى أنه رغم الطابع الوارثي لمهنة الصرافة، فإن العاملين فيها يحرصون على اللحاق بركب التطور التقني والمؤسساتي الذي تفرضه الظروف الاقتصادية اليوم.
ويوضح ''قبل أكثر من 60 عاما كانت العملات المعدنية المتداولة هي الفرنك الفرنسي، أو الريال العثماني، إلى جانب الذهب والفضة فقط''. وأضاف ''لم يكن هناك أكثر من ثلاثة أو أربعة صرافين حينذاك أشهرهم الكعكي والملطاني والعمودي وبازيد. وهي مهنة تتوارث من الآباء إلى الأبناء''.
وتتمركز غالبية مكاتب الصرافة حول الحرم المكي.
ويشير إلى أن ''العملات الرئيسة في الحج كانت الهندية والباكستانية والإندونيسية، لكن الحجاج يصلون هذه الايام حاملين الدولار أو اليورو، فيما يحمل معظم حجاج الدول العربية عملات بلدانهم التي يتم تحويلها إلى الريال السعودي''.
ويتابع الملطاني ''هناك العديد من محال الصرافة التي انتشرت في الفترة الأخيرة بشكل واسع، الأمر الذي دفع بمؤسسة النقد العربي السعودي (المصرف المركزي) إلى أن تفرض قيودا وأنظمة جديدة لتنظيم المهنة''.
ويتوقع ''انخفاض مجموع ما سيصرفه الحجاج خلال الموسم الحالي 20 في المائة مقارنة بالموسم السابق لتصل المبالغ إلى نحو خمسة مليارات ريال (مليار و333 مليون دولار)'' بسبب ''تأثير الاضطرابات السياسية التي تعيشها بعض الدول العربية وانعكاس ذلك على انخفاض أعداد القادمين منهم لأداء المناسك''.
ولفت إلى أن ''حجم الصرف اليومي في مكة والمدينة وجدة يراوح بين 35 و45 مليون ريال (9,33 إلى 12 مليون دولار)''.
يشار إلى أن مؤسسة النقد السعودي تطلب من البنوك التجارية ومكاتب الصرافة خصوصا تلك التي لديها فروع في المنافذ الحدودية ومنطقة مكة والمدينة، توخي الحيطة والحذر من محاولة البعض تصريف عملات مزيفة.
ويعاقب كل من يتم ضبطه بتزييف أو تقليد النقود أو جلبها أو ترويجها بالسجن والغرامة المالية التي تصل إلى 500 ألف ريال.
من جهته، يقول مصلح الجميعي صاحب محال الغزة للصرافة، إن ''هذه المهنة كانت في الماضي بدائية، كما أن عدد الحجاج كان قليلا. لذا فإن عمليات الصرافة كانت محدودة''.
ويضيف لفرانس برس ''اختلفت الأمور اليوم، فالوسائل التقنية أصبحت السائدة فهناك آليات لكشف العملات المزورة''.
ويشير الجميعي إلى أن ''أعداد الحجاج اليوم كبيرة، وعمليات الصرافة ضخمة يوميا (...) هناك نحو 22 مكتبا للصرافة يقوم أصغرها حجما بصرف مليون ريال (266 ألف دولار) في حين تسجل عمليات الصرافة في بعض المكاتب الكبيرة 20 مليون ريال (5,33 مليون دولار) يوميا''.
ويضيف ''إن حجاج عديد من الدول الإفريقية والهند وباكستان يحملون شيكات سياحية كانت تستخدم قبل 20 عاما''.
ويختم قائلا ''نتسلم عملات تداولها محدود مثل العملة الفيتنامية، وعملات بعض الدول الإفريقية، وبما أنها ليست مدرجة في بورصة العملات، فإننا نتابعها من خلال الشركات الكبيرة''.
من جهة أخرى، تتوارث عدد من العائلات المكية تقديم ماء زمزم للحجاج مجانا ويطلق عليها تسمية ''الزمازمة''.
ويقول عبد الله الدويري رئيس مكتب الزمازمة سابقا لفرانس برس ''هناك أكثر من 120 عائلة مكية من الزمازمة توارثت خدمة الحجاج، واليوم تفرعت هذه الأصول وبات عددها يتجاوز ألفا من أولادهم وأحفادهم''.
ويضيف دويري (57 عاما) المتقاعد ''إن مهنة الزمازمة لم تعد اليوم كما في السابق نظرا لتنظيمها. فقبل نحو 35 عاما كانت كل عائلة تقدم سقيا زمزم لجنسية معينة، فيما يقتصر دور النساء على زيارة الحجاج المرضى في المستشفيات وتقديم الماء لهم''.
ويوضح أن ''مياه زمزم كانت تستخرج من البئر وتجمع في خلاوي (غرف صغيرة) وتوضع في الزير (وعاء من الفخار لحفظ الماء باردا) ثم يؤخذ الماء إلى الحرم في الحصى الذي يمثل مكان الطواف في الوقت الحالي. وكان كل زمزمي له حصوة محددة يأتي إليها الحجاج ليقدم لهم الماء''.
ويروي حادثة حصلت قبل 14 عاما لبعض ''الحجاج الفرنسيين من أصل جزائري شربوا مياها اعتقدوا أنها زمزم، وبعد عودتهم إلى فرنسا اصيبوا بتلوث، حينها تم التحقيق معنا في الأمر واتضح أنهم اشتروا هذه المياه من الطرقات ولم تكن زمزم. وهذا أمر يجب أن يتنبه له القادمون من الخارج''.

الأكثر قراءة