كارثة «براعم الوطن» تطرح إلزامية تأمين مسؤولية الحريق على المنشآت

كارثة «براعم الوطن» تطرح إلزامية تأمين مسؤولية الحريق على المنشآت

فتحت كارثة مدرسة "براعم الوطن" التي وقعت في جدة أخيرا باب ملف الحاجة إلى إلزامية تطبيق تأمين مسؤولية الحريق على المؤسسات ذات الطابع الإداري والتجاري وعلى رأسها المنشآت التعليمية، وذلك بهدف التزام أصحاب تلك المنشآت بتوفير وسائل السلامة تعاطيا مع متطلبات وثائق التأمين، فضلا عن تحمل شركة التأمين الأضرار الناتجة عن تلك الحوادث بشريا وماديا.
وأوضح لـ "الاقتصادية" الدكتور فهد حمود العنزي عضو مجلس الشورى والخبير التأميني، أن أهمية إلزام هذا النوع من التأمين على المنشآت التجارية والمباني المدرسية تحديدا تنبع من كون تلك الجهات تضم عددا كبيرا من منسوبيها، وكذلك زيادة عدد المتعاملين معها أو الموجودين فيها بشكل لافت، وهو ما يرفع درجة خطر الحريق، في الوقت الذي لا تتوافر فيه لدى أصحاب هذه المنشآت وفورات مالية تمكنهم من تعويض المتضررين منها وتجاوز خسائرهم واستعادة نشاطهم، لا سيما أن غالبية ملاك هذه الفئة من المؤسسات هم من صغار المستثمرين.
ودعا الدكتور العنزي الجهات المعنية وعلى رأسها مؤسسة النقد باعتبارها المشرفة على قطاع التأمين إلى ضرورة تشكيل لجنة لدراسة تطبيق نظام تأمين مسؤولية الحريق على المنشآت، وإشراك ممثلين عن شركات التأمين، الدفاع المدني، وزارة الشؤون البلدية والقروية، أمانات المناطق، ومجلس الغرف السعودية، إضافة إلى الهيئات المهنية ذات العلاقة، والخروج بصيغة محددة يتم رفعها إلى الجهات العليا في البلاد من أجل صدور نظام تشريعي ملزم بالتطبيق.
وقال: «إن هذا المطلب يسهم في حماية الأرواح والممتلكات ـ بإذن الله ـ وكذلك الحفاظ على المقومات الاجتماعية والاقتصادية للوطن وتخفيض الهدر الاقتصادي والحد من المشكلات الاجتماعية الناتجة عن توقف المشايع بسبب تعرضها للحريق».

29870 حريقا في السعودية
يدعم أهمية إلزامية تطبيق تأمين مسؤولية الحريق على المؤسسات الإدارية والتجارية ارتفاع معدل حوادث الحريق في المملكة، حيث تؤكد إحصاءات الدفاع المدني وقوع 29870 حادث حريق في السعودية خلال العام الماضي، خلفت خسائر مادية تقدر بنحو 211 مليون ريال، إضافة إلى أكثر من 1160 حالة إصابة ووفاة. وتعد كارثة "براعم جدة" واحدة من 298 حادث حريق شهدتها المباني التعليمية في المملكة خلال العام الماضي.

تماس كهربائي وعبث أطفال
بحسب إحصاءات الدفاع المدني أيضا فإن 35 في المائة من الحرائق التي تقع في المملكة تنتج عن تماس كهربائي، و27 في المائة تنتج عن عبث الأطفال وهما أكبر مسببين للحوادث في السعودية، بينما توزع النسبة الباقية على جملة من الحوادث الأخرى وبنسب متفاوتة.

397 مليون ريال تعويضات
وبين الخبير في شؤون التأمين بأن دور التأمين يأتي كوسيلة من وسائل إدارة المخاطر، حيث يتم تحويل المخاطر الناتجة عن الحريق إلى شركات التأمين التي لديها القدرة المالية للتعويض عن الخسائر الناتجة عن حوادث الحريق، فشركات التأمين العاملة في المملكة قامت، على سبيل المثال، بدفع تعويضات قدرها 397 مليون ريال عام 2010 في فرع تأمين الحريق والممتلكات.

توقف العمل بسبب الحريق
وتضم الوثيقة القياسية لتأمين الحريق توفر الحماية من الأضرار الناتجة عن أخطار الحريق، والصواعق والانفجار، كما توفر تغطية إضافية للأخطار الطبيعية كالزلازل والفيضانات، العواصف، الانهيار الأرضي، البرد، الأنشطة البركانية، الشغب، الاضطرابات الأهلية، التخريب والإرهاب، ارتطام السيارات، سقوط الطائرات، أضرار المياه، والرشاشات، والأضرار العمدية، وتوفر شركات التأمين أيضاً تغطية إضافية لتأمين فقد الأرباح الناتج عن توقف العمل بسبب الحريق.

الطرف الثالث
نبه الخبير التأميني إلى أهمية تأمين المسؤولية المدنية تجاه الطرف الثالث الناتجة عن الحريق، إذ يعد من أهم أنواع التأمين التي تفتقدها المنشآت والمباني في المملكة. فوقوع الحريق في مدرسة أو فندق أو مبنى مخصص للشقق السكنية أو مركز تجاري يترتب على مالكه مسؤولية قانونية في حال تعرض أي من الموجودين في تلك المواقع للوفاة أو الإصابة أو تعرض الممتلكات المجاورة للضرر. أما في حالة تطبيق هذا النوع من التأمين فإنه يشكل ضمانة لحصول المتضرر على حقه بغض النظر عن القدرة المالية لصاحب المنشأة.

انخفاض التكلفة
يقول الخبير: "في بعض الحالات قد يتمكن صاحب المنشأة من إعادة تأهيل المبنى بعد الحريق، حيث يمكن حصر الأضرار المادية، لكن في المقابل هناك صعوبة في معرفة مدى حجم الأضرار المتوقع حدوثها للغير في حالة التسبب بإصابات أو وفيات أو تلف للممتلكات، وهذا ما يزيد الحاجة إلى هذا النوع من التأمين الذي يتميز بانخفاض تكلفته إذا ما قورنت بأنواع التأمين الأخرى".

حماية للأفراد والمؤمِّن
في السياق ذاته طالبت مصادر في سوق التأمين الجهات الحكومية المعنية بضرورة فرض إلزامية التأمين ضد المسؤولية المدنية الناتجة عن أخطار الحريق داخل السعودية، باعتباره من المسائل الملحة في الوقت الحالي ولا سيما في المباني التجارية لأنه بشكل عام يوفر الحماية لأفراد المجتمع ويضمن تعويضهم عن الإصابة أو الضرر الناتج عن الحريق، بحيث يمكن للمؤمِّن إذا ترتبت عليه مسؤولية تجاه الغير بمبالغ متفق عليها قد تصل لعدة ملايين.

ربط التغطية التأمينية بالتزام المؤمِّن
فيما يتعلق بأن التأمين ربما يجعل أصحاب المنشآت يتجاهلون وسائل الأمن والسلامة من الحريق مستندين إلى وجود تغطية تأمينية تدفع عنهم مسؤولياتهم، قالت المصادر "إن هذا التأمين بعكس ما يعتقده البعض يحقق أعلى درجة من الأمان والسلامة، إذ إن شركات التأمين لديها خبرات كبيرة في إدارة المخاطر مثل خطر الحريق ويمكنها وضع آليات فعالة بالتنسيق مع الدفاع المدني تتعلق بتطبيقات وسائل الأمن والسلامة في المباني وتضمن في الوقت نفسه إلزام أصحاب تلك المباني بالتقيد بالتعليمات، من خلال ربط منح التغطية التأمينية بمدى التزام طالبي التأمين بها".
وتابعت المصادر: "تقوم شركات التأمين برفع سعر التأمين أو ترفض منح التغطية التأمينية نهائيا للذين لا يتقيدون بتوفير وسائل الأمن والسلامة من الحريق، في المقابل تمنح شركات التأمين مزايا إضافية للمؤسسات الأكثر التزاما بتلك بتعليمات السلامة والتي تقلل حوادث الحريق إلى أدنى مستوى ممكن".

سرعة إعادة التشغيل بعد الحريق
تشير المصادر إلى أن التأمين يسهم أيضا في تيسير عمل المنشآت التجارية ويساعد على سرعة إعادة تشغيلها بعد الحريق، حيث إن وقوع الحريق مع وجود أضرار للغير وفي ظل عدم توافر الملاءة المالية سواء لدى صاحب المنشأة أو الطرف الآخر المتضرر سوف يحد من قدرة جميع الأطراف على إعادة ممارسة نشاطهم من جديد. لذلك فإن التعويضات التي تسددها شركات التأمين تخفف العبء المالي عن صاحب المنشأة وبالتالي يمكنه العودة سريعا لممارسة نشاطه بعد وقوع الحريق.

الأكثر قراءة