انتشار السلع المقلدة .. مسؤولية من؟!
تنتشر في أسواقنا السلع المقلدة بدءا بالملابس الرديئة التي تحمل علامات تجارية وهمية إلى قطع غيار السيارات المقلدة التي يصعب تمييزها من القطع الأصلية، ثم ألعاب الأطفال التي لا تتوافر بها أصول السلامة أو الجودة والمتانة، مرورا بمواد البناء والأدوات الصحية المقلدة. هذه السلع المقلدة والبضائع الرديئة تباع بأسعار باهظة مقارنة بسعرها في المنشأ الذي لا يتجاوز ريالات قليلة أو مقارنة بالسلع الأصلية، مما يوفر لضعفاء النفوس من التجار أرباحا سريعة وفاحشة على حساب جيوب المواطنين المساكين.
إن انتشار البضائع المقلدة والرديئة فيه إهدار لثروات المجتمع وتبديد مقدرات التنمية وأموال الناس، ناهيك عن المخاطر التي يمكن أن تسببها هذه السلع الرديئة التي لا تتوافق مع المواصفات السعودية أو العالمية. فالأدوات الصحية المقلدة تتسبب في أعطال كثيرة وضياع أوقات الناس في الصيانة والإصلاح. وأستغرب كثيرا لماذا تذهب السلع الصينية- على سبيل المثال- ذات الجودة عالية إلى الأسواق الأمريكية والأوروبية، في حين تجد السلع الرديئة والمقلدة طريقها لأسواق الشرق الأوسط عموما والخليجية خصوصا.
هنا يبرز في الذهن العديد من التساؤلات، لماذا تكون أسواقنا مرتعا لهذا النوع من السلع؟ ما أسباب انتشار هذه البضائع في أسواقنا؟ ومن المستفيد من هذه الفوضى؟ وهل يُعقل أن يحدث هذا الانتشار دون علم الجهات المسؤولة؟! لا أستطيع المجاملة هنا! إن غياب الرقابة الصارمة والعقوبات الرادعة تقف وراء هذا السيل الجارف من السلع المقلدة التي تنتشر في الأسواق كافة. ويضاف إلى ذلك جشع التجار وعدم شعورهم بالمسؤولية تجاه مجتمعاتهم، وكذلك كثرة العمالة الوافدة التي تسعى للكسب السريع من خلال توزيع هذه السلع وبيع لحوم الميتة بجرأة غير معقولة، ربما امتثالا للقول: ''من أمن العقوبة أساء الأدب''. وربما يكون من الأسباب- أيضا- احتكار استيراد السلع الأصلية من قبل مجموعة محدودة من رجال الأعمال الذين لا يكفيهم هامش ربح معقول؛ مما يضطر الكثير من الناس لقبول السلع الأرخص، وهذا الأمر يشجع تدفق السلع المقلدة والرديئة.
لذا لا يكفي فقط رقابة الأسواق وممارسة العقوبات، وإنما العمل على إنهاء الاحتكار المزمن على توريد بعض السلع كقطع غيار السيارات ومواد البناء والأدوات الصحية، خصوصا والماركات المعروفة عموما. ويبقى في الذهن تساؤل محير: ما الجهة المسؤولة عن مراقبة انتشار هذه السلع والبضائع الرديئة؟ أهي الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس؟ أم الجمارك؟ أو وزارة التجارة؟ أم هذه الجهات مجتمعة؟ وثم أتساءل باستغراب: هل قام أحد المراقبين من هذه الجهات بزيارة واحدة لأسواقنا؟ أم أنهم يقبعون وراء دفء مكاتبهم، ويكتفون بزيارة مخابز ''التميس'' في الصباح الباكر لشراء الأرغفة الكبيرة لتناول الفطور الجماعي؟! أليست حملة واحدة تكفي للكشف عن الانتشار المحموم للسلع المقلدة؟! والأمر كذلك وبهذا السوء، يبدو أن المواطن يعلق الأمل في مجلس الشورى للوقوف وقفة جازمة لتحديد المسؤولية وحماية المواطن من السلب المكشوف لجيوب المواطنين وثرواتهم.