ميزانية التعليم.. بناء العنصر البشري يبدأ من المعلم
بحمد الله ميزانية عام 1433/1434هـ هي الميزانية الأضخم في تاريخ المملكة، حيث بلغت 690 مليار ريال بزيادة قدرها 110 مليارات ريال مقارنة بالعام الماضي، مع ايرادات متوقعة تقدر بـ 702 مليار ريال، وفائض قدره 12 مليار ريال، هذه الأرقام أرقام تاريخية للميزانية العامة في المملكة، حيث لم تشهد المملكة أرقاما تاريخية بهذا الحجم الذي يعكس قوة ومتانة الاقتصاد السعودي في ظل أزمة مالية يشهدها العالم اليوم بسبب أزمة الائتمان، خصوصا في الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية.
من خلال قراءة في الميزانية العامة للمملكة والقنوات التي أخذت النصيب الأكبر نجد أن قطاع التعليم بمختلف مستوياته حظي بنصيب الأسد بنسبة تصل إلى 24 في المائة، حيث بلغت ميزانية هذا القطاع لهذا العام 186.6 مليار ريال، بزيادة قدرها 13 في المائة على العام الماضي، في تأكيد على أن العنصر البشري يحظى بفرص أكبر للتعلم للارتقاء بالمستوى المعرفي في المجتمع.
حظي قطاع التعليم العام باهتمام كبير في الميزانية، حيث تم اعتماد بناء 742 مدرسة للبنين والبنات في مختلف مناطق المملكة، إضافة إلى الاستمرار في مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم ''تطوير''، الذي تبلغ تكلفته تسعة مليارات ريال، كما شهدت الميزانية استمرار خطط التوسع في التعليم العالي من خلال مزيد من المشاريع بمختلف الجامعات في مناطق المملكة، فما زالت هذه الجامعات تحظى بميزانيات لاستكمال مشاريعها التي تخدم العملية التعليمية فيها. كما أن في هذه الميزانية استمرارا لدعم برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي زاد عدد المنضمين إلى البرنامج على 120 ألف طالب وطالبة في مختلف مراحل التعليم العالي، في تخصصات تلبي احتياج الوطن. كما حظي قطاع التعليم الفني والتدريب المهني باهتمام كبير أيضا، بما يسهم في تخريج قوى عاملة جاهزة للانخراط في سوق العمل. إضافة إلى دعم بناء الجامعة الإلكترونية التي تسهم في توفير التعليم للجميع. ولا شك أن هذه البرامج استمرار في دعم خطة التنمية التي تستهدف بشكل رئيس بناء العنصر البشري.
من ملامح الميزانية كما سبق الاهتمام بالتعليم العام، وذلك واضح من خلال بناء المزيد من المدارس النموذجية للعملية التعليمية، وبرنامج تطوير، وتوفير كثير من التجهيزات التي تساعد على تطوير البيئة التعليمية للطالب. لا شك أن قطاع التعليم العام له أهمية كبيرة من جهة أن تأسيس الطالب في المراحل الأولى من عمره سيكون له أثر كبير في الارتقاء بمستوى الفرد في المجتمع، فالتعليم العام هو القناة الوحيدة التي لا بد أن يمر عليها المواطن قبل أن تتم تهيئته لخدمة الوطن، فالطبيب والمهندس والعسكري والمعلم والأستاذ الجامعي، والموظف في القطاع العام، والقطاع الخاص بشكل عام، يشتركون في مرحلة واحدة من حياتهم وهي المرور على التعليم العام.
هذا الاهتمام الذي يحظى به التعليم العام من خلال برامج وحراك مستمر لا يمكن أن يتم تجاهله، فالأرقام تتحدث، لكن من المهم في هذه المرحلة تعزيز الاهتمام بالمعلم، فهو ركن العملية التعليمية وركيزة أساسية فيها، فتطوير المعلم يسهل بشكل كبير بروز نتائج هذه الميزانية الضخمة على مستوى التعليم العام، فالمعلم هو الجسر بين الطالب والعلم والمعرفة والتربية والأخلاق والقدوة، وهو الذي يحول المادة الجامدة في الكتاب المدرسي إلى مادة لها روح يتقبلها ويستوعبها الطالب، وكي تتحقق النتائج المطلوبة بأعلى معايير الجودة لا بد أن يكون المعلم محورا رئيسا في عملية التطوير، لذلك لا بد من تعزيز فرص التدريب والتطوير للمعلم من خلال تطوير مهارات طرق التعليم وطرق التعامل مع الطالب، وبرنامج مستمر للاطلاع على ما يستجد في مجال التعليم، إضافة إلى الاستفادة من الخبرات من مختلف دول العالم للاستفادة من أفضل الممارسات العالمية في التعليم العام. وهذا يتطلب - بلا شك - جهدا كبيرا وبناء على المديين المتوسط والبعيد، إذ إن بناء العنصر البشري لا يمكن أن يتم في يوم وليلة، بل هو بناء شاق ومستمر وعملية تراكمية، لذلك من المهم أن تكون هناك استراتيجية واضحة ومعلنة ومستمرة لبرنامج تطوير المعلم.
فالخلاصة أن المعلم العنصر الأهم في عملية التعليم، خصوصا التعليم العام، حتى نرى نتائج متميزة لهذا الدعم الكبير الذي تقدمه هذه الميزانية الضخمة لقطاع التعليم العام، من المهم أن يكون لتطوير المعلم أولوية قصوى متزامنة مع تهيئة البيئة التعليمية من المدارس والمناهج وخدمات الدعم الذي يحظى به التعليم العام.