فلتكن مساكن ميسرة.. لكن جديرة بأهلها أيضا!
ضمن مشاريع الإسكان المنتشرة في أرجاء البلاد، مال بعض المطورين إلى ركوب موجة الإسكان الميسر، وأود هنا الإشارة إلى أن تصاميم تلك الوحدات، وحتى بعض التصميم الحضري للمجمعات السكنية. حيث يعرض المطورون نماذجهم باتت أشبه ما يكون بصناديق ومكعبات داخل أسوار تحيطها من كل جانب وكأن ''التيسير'' يستلزم إلغاء الجوانب الجمالية في التصميم أو يستوجب عزل الوحدة وأهلها عن المحيط الذي تقع فيه. بل إن المعضلة في مشاريع كهذه لا تقف عند حد التشويه الجمالي وتشويش التواصل الاجتماعي المعتاد وإنما تظهر سلبياتها بعد حين، حيث يصعب معها تفادي الضرر. علما أنه قد سبقتنا دول عديدة في تجارب الإسكان الميسر وكان حريا بنا الإفادة منها بما يناسب واقعنا ومجتمعنا، ليس كأفراد مستقلين وأسر فقط بل كمجتمع صغير يقطن ذلك المجمع السكني. حيث وضعت تلك التجارب في اعتبارها تكوين مناخ مجتمعي سوي داخلها.. الأمر الذي كان ينبغي احتذاؤه في مشاريع الإسكان، سواءً الخاصة أو تلك التي تنفذها الدولة لكي تحقق الترابط المأمول بين السكان من النواحي الأمنية والاجتماعية وكذلك التكافلية.
قد يتطلب الأمر السماح للمطورين، على سبيل التشجيع في أن تكون ضمن هذا المجمع السكني وحدات متنوعة من المساكن بين الكبيرة والمتوسطة والصغيرة أو حتى تلك المتصلة (دبلوكس) وكذلك الشقق بمقاسات مختلفة. وأن يسمح للمطورين أيضا بتبني أفكار جديدة تخدم أصحاب الاحتياجات الخاصة وأغراض أخرى مشابهة مقابل ترخيصات من قبل الدولة كالزيادة في الارتفاعات والأدوار أو المساحات أي نظير تخصيص أجزاء من مشاريعهم لهذا الغرض الاجتماعي السامي أو ذاك.
إن اتحاد مبادرات الدولة مع المخلصين من المطورين في هذا الاتجاه الإنساني والحضاري سوف يؤدي ليس فقط لتحقيق المصالح المتبادلة التي تعود بالنفع على الجميع بل سيحقق هدفا أسمى هو تأصيل روح التكافل الاجتماعي في مدننا وتعزيز التقارب بين فئات المجتمع وتقليص تلك الفجوات الاجتماعية وسيادة الحس الإنساني المشترك ودعم علاقات الجوار وألفة المكان المبنية على التواصل مع الآخر والإحساس بمسؤولية جماعية.. وذلك كله حتما لما فيه خير الجميع.