مزيداً من التحرك في إدارة أصولنا الأجنبية

حسنا فعلت مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما'' بنشر تقرير ''وضع الاستثمار الدولي للمملكة''، بصافي يبلغ تريليون و851 مليارا، و978 ريالا بنهاية 2010، وهو ما يعادل 110 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وهو من الأهمية بمكان، حيث يعكس قدرة الاقتصاد السعودي على مواجهة التحديات المستقبلية بما فيها انخفاض أسعار النفط، ويتيح للمملكة استخدام سياسات مالية ونقدية أكثر قوة وصلابة إن أرادت ذلك. فالتقرير يعكس الكثير من الحقائق التي يمكن استعراضها في التالي:
أولاً: خلال الأزمة العالمية ارتفعت الخصوم الأجنبية بنحو 84 في المائة بين 2007 و2010، منها 639.187 مليار ريال في صورة استثمارات أجنبية مباشرة في الاقتصاد السعودي وبنمو 132 في المائة للأعوام نفسها. ويشير ذلك إلى أن السعودية - في عز الأزمات العالمية - استقطبت استثمارات ضخمة وشكلت وجهة استثمارية موثوقة وجذابة للاستثمارات الأجنبية.
ثانيا: انخفضت الاستثمارات الأجنبية في الأوراق المالية السعودية في سندات الدين بين 2008 و2010 بنسبة 58 في المائة، ويعود ذلك إلى شح إصدارات السندات والصكوك الحكومية وتدني إصدار الصكوك والسندات من القطاع الخاص. بينما هناك ارتفاع ملحوظ بنسبة 55 في المائة في سندات الملكية، منها ما هو مستثمر في سوق الأسهم السعودية، حيث وصلت سندات الملكية الأجنبية المستثمرة محليا إلى 11.691 مليار ريال.
وتعد هذه الأرقام متدنية عطفا على حجم الاستثمارات السعودية خارجيا في (سندات الملكية وسندات الدين) التي وصلت إلى 586.289 مليار ريال بنهاية 2010. ويعني ذلك أن علينا عمل المزيد لجذب الاستثمارات والتدفقات الأجنبية في الأوراق المالية السعودية بالإسراع بفتح سوق الأسهم للاستثمار مباشرة، وتشجيع الشركات السعودية على الاقتراض من الخارج بإصدار المزيد من الصكوك والسندات.
ثالثا: ارتفاع الأصول السعودية المستثمرة في الخارج من نحو 1.838.397 تريليون ريال في 2007 إلى 2.649.667 تريليون ريال في 2010، وبنسبة ارتفاع 44 في المائة بسبب ارتفاع أسعار وعائدات النفط. وهي مستثمرة في سندات دين وأسهم بحصة تشكل نحو 22 في المائة من إجمالي الأصول، بينما تشكل حصة الاحتياطيات نحو 63 في المائة، وحصة الاستثمارات الأخرى 11 في المائة، منها قروض بلغت 10.755 مليار ريال، وهذه القروض لا تمثل شيئا يذكر من إجمالي الأصول. إن توزيع الأصول السعودية على هذا النحو يعكس التحفظ الشديد في إدارة الاستثمارات، التي تعد مبررة - في هذه الفترة بالذات - لمرور الاقتصادات العالمية بأزمات متتابعة.
ورغم أهمية التقرير في قدرته على خلق جو من الارتياح على متانة الاقتصاد المحلي، وصلابة الاستثمارات الخارجية، إلا أننا نتطلع إلى مزيد من الأرقام حول تلك الاستثمارات، تتمثل في توزيعها الجغرافي، والعائدات المتحققة والمتوقعة. ونتطلع في الوقت نفسه لوضع تلك الاستثمارات بما فيها استثمارات الصناديق المتخصصة مثل صندوق الاستثمارات العامة، وكذلك الشركات الاستثمارية الحكومية الأخرى تحت منظار واحد يتمثل في إنشاء صندوق سيادي أو هيئة لإدارة الاستثمارات الحكومية تمكنها من اتخاذ رؤية استثمارية موحدة تساهم في زيادة العائد من تلك الأصول، وتحقق توزيعا استثماريا أفضل مما هو عليه الحال الآن، خصوصا أن تضافر جهود خبرات استثمارية من عدة قطاعات سيحقق رؤية أفضل. وسيمكن في الوقت نفسه، مؤسسة النقد العربي السعودي، من اتخاذ سياسات نقدية مستقلة عطفا على أن مهمتها ستركز على إدارة الاحتياطيات المتعلقة بسعر الصرف والعملة التي أصبح ضرورة رفع قيمتها أمام الدولار مطلبا مستقبليا يجب التفكير فيه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي